تطلق الرئاسة المصربة للدورة الـ 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP 27 فى الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر المقبل فى شرم الشيخ عدة مبادرات إقليمية ودولية مهمة تركز على الدول النامية، خصوصا دول القارة الإفريقية، وقد حظيت هذه المبادرات بدعم من الوزراء الأفارقة. وتسعى مصر خلال المؤتمر إلى الحد من انبعاثات الكربون، وزيادة جهود التكيف وتوسيع نطاقها وتعزيز تدفقات التمويل المناسب.
تركز المبادرات المصرية على سبعة محاور:
< المبادرة الأولى: تستهدف الانتقال العادل للطاقة، الذى يشمل البلدان الإفريقية، ويضمن تسريع انتقال الطاقة بطريقة عادلة ومنصفة.
والمعروف أن الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما كان رئيسا للاتحاد الإفريقى ولجنة حكومات ودول إفريقيا، وتغير المناخ قام بإطلاق مبادرتين الأولى الطاقة الجديدة والمتجددة فى إفريقيا، والثانية المبادرة الإفريقية للتكيف، وسيتم إعادة إحيائهما مرة أخرى.
< المبادرة الثانية: تركز على توفير حياة كريمة للشعوب الإفريقية، من خلال التصدى لتأثيرات التغيرات المناخية، وهى مستمدة من مبادرة «حياة كريمة»، التى تهدف إلى تحسين حياة المجتمعات الريفية فى مصر، من خلال قدرة تكيفية أفضل.
< المبادرة الثالثة: تتضمن مبادرة المرأة والتكيف، وتهدف إلى تعزيز قدرات المرأة نحو بيئة أكثر مرونة، وتوفير المزيد من فرص العمل الخضراء فى هذا الصدد ، وسيتم تخصيص يوم كامل للمرأة فى الأيام غير الرسمية للمؤتمر ، حيث إن المرأة هى التى تتحمل هذه الآثار من توفير الماء والغذاء والمسكن والمواصلات.
< المبادرة الرابعة: تأتى فى مجال الزراعة ونظم الغذاء، وتهدف إلى النظر فى الممارسات الزراعية والنظم الغذائية فى إفريقيا والأمن الغذائي، وهى فكرة جديدة حيث لم يتم التطرق لمبادرات التغذية والصحة فى أى مؤتمر من مؤتمرات المناخ السابقة، وتنظر تلك المبادرة فى أسلوب التغذية الصحيح، وأسلوب التغذية للأطفال وتأثر أسلوب التغذية بارتفاع درجات الحرارة، وكيفية التكيف والتأقلم مع درجات الحرارة المختلفة
< المبادرة الخامسة: اصطلح على تسميتها بـ(AWARE) وهى مبادرة خاصة بالمياه، تهدف إلى وضع نظام إنذار مبكر وحماية المياه من تأثير تغير المناخ.
وتشمل المبادرة عددا من المحاور، تعنى بربط سياسات الموارد المائية فى كل دولة من دول العالم بالعمل المناخى، نظرا لإدراك الجميع بأن التغيرات المناخية تؤثر بشدة على قطاع المياه، أى أن كل دولة فى العالم، مطلوب منها أن تضع سياستها المائية متناغمة مع قضايا التغيرات المناخية.
وتدعو المبادرة إلى العمل على تحسين نظم الإنذار المبكر، تجاه الأزمات والكوارث فى مختلف دول العالم، لأن الظواهر المناخية والتغيرات، يصاحبها فى الغالب كوارث وأزمات وتحديات شديدة، مثل الجفاف والفيضانات وغيرها، وبالتالى يجب على كل دولة من دول العالم أن تعمل على وضع وتحسين نظم الإنذار المبكر، لاستباق أى آثار سلبية قبل حدوثها.
< المبادرة السادسة: تأتى فى مجال التنوع البيولوجى، حيث سيتم إطلاق مبادرة تهتم بحماية الحياة البحرية والنظام البيئى القائم على حلول الطبيعة، لربط تغير المناخ والتنوع البيولوجي، خصوصا أن قمة التنوع البيولوجى (COP-15) ستعقد فى مونتريال بكندا خلال شهر ديسمبر المقبل، من أجل اعتماد الإطار العالمى للتنوع البيولوجى لما بعد عام 2020.
وستكون هناك مبادرة خاصة بالتنوع البيولوجى والطبيعة، التى ستكون مهمة ليس فقط فى مؤتمر المناخ «COP 27» لكن أيضًا لمؤتمر التنوع البيولوجى «cop 15» لأنها ستكون بمثابة جسر بين المؤتمرين نظرًا للارتباط الكبير بين التغير المناخى والتنوع البيولوجى وتأثيرهما على الأفراد والبيئة، خصوصا أن مصر استضافت أيضا مؤتمر التنوع البيولوجى 2018.
< المبادرة السابعة والأخيرة: مبادرة للتوسع فى إعادة تدوير المخلفات فى القارة الإفريقية، باسم «مخلفات 50»، حيث تهدف هذه المبادرة إلى التعامل مع جميع أنواع المخلفات، من أجل الوصول إلى هدف 50%، لإعادة تدوير المخلفات فى إفريقيا بحلول عام 2050.
وقد حظيت مبادرة «مخلفات 50» بتوافق إفريقي، حيث تعتبر أول مبادرة إفريقية على الإطلاق تعالج مشكلة المخلفات من أساسها، وكذلك تحدياتها، كما أنها ضرورية ومهمة لأنها تغطى كلاً من محورى التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية.
والمعروف أن التخفيف يكون من خلال تقليل الانبعاثات للغازات مثل غاز الميثان وثانى أكسيد الكربون الناتج عن حرق المخلفات فى الهواء الطلق، بينما يتمثل التكيف فى معالجة مياه الصرف بشكل عام.
مبادرات للخارج
تتنوع المبادرات بين الطاقة والمخلفات والزراعة ونظم الغذاء وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين.
وكانت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، قد أشارت إلى برنامج «نُوفّي» الذى تم تصميمه ليربط بين الطاقة والغذاء والماء بهدف تلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد، الذى يخدم البلدان والأجيال المقبلة والعملية التنموية، مشددةً على ضرورة وجود قضية تغير المناخ فى قلب هذه القضايا.
وأشارت إلى أنه يمكن تحقيق كل هذا بشكل واقعى، إذا أصبح كل فرد على المائدة المستديرة فى قلب الحدث، وكان له دور فى المساهمة فى توفير الطاقة وتوصيلها إلى البلدان النامية، خصوصا داخل القارة الإفريقية، موضحة ضرورة التعاون لإيجاد حلول لأزمات الغذاء وتوفير الإمدادات الغذائية والطاقة، وحلول أيضًا لأكوام المخلفات بالدول المختلفة، والعمل على رفع الطموح ودعم عمليات التحول لدى دول بلدان القارة الإفريقية والبلدان النامية.
كما تطرقت ياسمين فؤاد إلى المبادرة الخاصة بالزراعة، التى تتضمن ركيزتين مهمتين، الأولى تتعلق بالتخفيف وتطبيق مفهوم الزراعة الذكية، والثانية تتعلق بالتكيف، وهى المحاصيل الزراعية ذات الجينات التى تتحمل ظروف الطقس القاسية، وهذا المبادرة تتناسب مع الجميع، سواء الدول النامية أم الدول المتقدمة.
أشارت وزيرة البيئة إلى أن ندرة المياه، تعد أحد أهم التحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط، موضحةً أن الموضوع له محورين، الأول يتعلق بتأثير تغير المناخ على ندرة المياه، والمحور الثانى يتعلق بزيادة التوعية بقضية التغيرات المناخية وضرورة مضاعفة الجهود التى تبذلها الحكومة وتوسيع النطاق، ليشمل الشباب والمرأة، خصوصا فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وليس فقط فى مجال ندرة المياه، لكن فى مجال الممارسات المستدامة لنا وللأجيال المقبلة، وكيف يمكن زيادة الوعى بإعادة استخدام المياه فى الزراعة أو الشرب
وتركز المبادرات العالمية التى ستطلقها مصر من خلال رئاستها للمؤتمر، على 3 مجالات مهمة، وهي: الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية؛ لما فى ذلك نوعية المياه، والبعد الاجتماعى للصيادين، وتحسين مستوى الحياة.
كما من المنتظر أن تطلق مصر مبادرة إعداد خريطة صحية للتغيرات المناخية، وذلك فى إطار استضافة مدينة شرم الشيخ لمؤتمر المناخ cop 27 ، حيث إن القطاع الصحى لم يسلم من تأثيرات تغير المناخ الذى يهدد البشرية والصحة العامة على مستوى العالم كله، كما أن تلك التغيرات تؤدى إلى تفشى أمراض خطيرة وأوبئة قاتلة تؤثر على صحة المواطنين، وعليه تسعى مصر إلى العمل مبكرا، من أجل وضع خريطة صحية تتماشى مع التغيرات الطارئة على البشرية
وتنظر المؤسسات الصحية على مستوى العالم إلى تغير المناخ، باعتباره أكبر تهديد للصحة العامة يواجه البشرية، فى الوقت الذى يعكف المختصون على التصدى للأضرار الصحية التى تسببها هذه الأزمة خلال الفترة المقبلة.
وتشمل التغيرات المناخية ظواهر عديدة يتبعها انتشار للأمراض والأوبئة مثل كوفيد-19 وجدرى القرود وغيرها من الأمراض المعدية، لذلك أطلقت الدولة معايير المستشفيات الخضراء والمستدامة فى مايو 2022.
مدن مستدامة
أما المبادرة الثانية الدولية التى تعمل عليها مصر، فهى مبادرة خاصة بالمدن المستدامة والمخلفات، ومن المنتظر أن تحدث فرقا فى المؤتمر، لأن معظم مؤتمرات المناخ تخشى الحديث عن موضوع المخلفات، نظرا لعلاقته بالبلاستيك ولكن الأمم المتحدة لديها حاليا تصديق واعتماد لأول قرار للحد من البلاستيك على مستوى العالم، وهناك اتفاقية خاصة بالبلاستيك، وهو أمر يحتاج زخما لكى تكون مصر رائدة فى الدخول فى موضوع المخلفات والبلاستيك، وربطه بتغير المناخ والتنوع البيولوجى، واحتسب مصر ميزة فى ذلك، نظرا لاستضافتها أيضا مؤتمر التنوع البيولوجى 2018.
مبادرات للداخل
أطلقت مصر على مدى الفترة الماضية عدة مبادرات خاصة بها، فى إطار التحضير لعقد مؤتمر cop 27 ، أولاها المبادرة الأم «تحضر للأخضر».
وهى أول مبادرة بيئية فى تاريخ مصر، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، ضمن إطار الإستراتيجية القومية للتنمية المستدامة «مصر 2030»، التى خرج من رحمها العديد من الحملات البيئية، حيث إنها استهدفت تغيير السلوكيات ونشر الوعى البيئى وحث المواطنين، خصوصًا الشباب على المشاركة فى الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، لضمان استدامتها حفاظًا على حقوق الأجيال المقبلة.
ثانيا حملة الرئة الخضراء لزراعة 100 مليون شجرة، ثالثا حملة «إيكو إيجيبت» للترويج للسياحة البيئية، رابعا حملة «رجع الطبيعة لطبيعتها» للتغيرات المناخية، خامسا حملة «بلولاجون» للتنوع البيولوجى.
وسيتم خلال المؤتمر طرح المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء والذكية فى محافظات مصر، كمُبادرة وطنية تؤكد دور مصر الريادى فى مجال التنمية المستدامة، فى إطار إستراتيجية «رؤية مصر 2030».
وكذلك سيتم تخصيص يوم بمؤتمر المناخ «COP 27» مخصص للعلوم والتكنولوجيا، وسيتم من خلاله استعراض آخر ما تم التوصل إليه من الأبحاث العلمية الخاصة بتغير المناخ، والتأكيد على أهمية توحيد شبكة المعرفة بين الجامعات المختلفة، فيما يخص الموضوعات الفنية لتغير المناخ.