رسولنا الكريم.. وأخلاقنا الجميلة سوريا غنيم تكتب: أكتوبر شهر العزة والكرامة والنصر .. توافق هذا العام مع أغلى ذكرى وأهم مناسبة على قلوبنا.. ذكرى مولد رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي بشرنا بالانتصارات.. ذكرى مولد الهدى.. والرحمة المهداة من رب العزة سبحانه وتعالى لإنقاذ البشرية من الشرك والضلال.. والذي بعثه الله خصيصا لأجل أن يتمم مكارم الأخلاق.. وفي أخلاقه صلى الله عليه وسلم الحق سبحانه تعالى قال مادحاً وواصفاً خُلق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم (وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4.
وعندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام قالت: "كان خلقه القرآن"، والقرآن الكريم وضع لنا قبل ١٤٤٤ عاماً دستوراً وميثاقاً ربانياً لحسن الخلق التى يجب أن يسير على نهجها كافة البشر بشكل عام.. لقوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " سبأ 28.. وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الانبياء:107، وللمسلمون بشكل خاص، وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) سورة الأحزاب 21. وعلينا ألا ننسى ونتذكر دائماً أن من أهم وأجل دساتير وميثاق أخلاقنا الجميلة هو ما وضعه لنا القرآن الكريم بشكل محدد وقاطع.. واضح وصريح.. وهو ما قاله لقمان لابنه فى القرآن الكريم.. قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّـهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ* وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ* يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ* وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) سورة لقمان آية.. 13-19.
نصائح واضحة تحدد حسن الخلق، وتؤكد على الأسلوب والطريقة التى يجب أن تكون عليها أخلاقنا الجميلة لكى يرتقى ويعلو المجتمع بحسن الخلق. وهذه الخلق جعلها الله سبحانه وتعالى في أنبيائه.. الصفات والأخلاق التي أمرنا أن نقتدي بها.. لتأثيرها في استقامة البشر.. والله عز وجل اصطفى الأنبياء على البشر.. واصطفى أنبياءه أولي العزم من الرسل.. ليكونوا القدوة.. وتفضيل إنسان على آخر لا يكون إلا بحسن الخلق. والله عز وجل قبل ١٤٤٤ عاماً فى القرآن الكريم منع وحرم السخرية وهي ما نطلق عليها هذه الأيام "التنمر"، وهذا التحريم يرجعه الله إلى أنه ربما يكون الإنسان الذي تسخر منه أفضل منك.. وأمرنا بهذا صراحة قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات 11. والقرآن وضح لنا الأخلاق التي كان عليها الأنبياء والمرسلون.. من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. والتيسير على الناس.. الاقتداء. ومعكم نذكر ما قاله الحق سبحانه وتعالى فى خلق أنبيائه قال تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف 157. - عن نوح عليه السلام قال تعالى: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) الإسراء : 3. - وعن إبراهيم: قال: (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) النحل121.
- عن سليمان عليه السلام قال: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص30. - وقال عن أيوب عليه السلام: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص 44. - وقال تعالى عن يحيى عليه السلام: (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا) مريم:13. والله تعالى أثنى على أنبيائه إسماعيل وإدريس وذي الكِفل فقال تعالى: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ*وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) الأنبياء..85-86. وقال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات.. 102.
- ولأهمية وقيمة خلق العفة قص لنا قصة يوسف عليه السلام.. قال تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) يوسف 24. هكذا نرى أخلاق رسولنا الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام.. وأخلاق الرسل والأنبياء والصالحين من قبله.. تلك أخلاقنا الجميلة التى أرسل بها الله الرسل والانبياء لتكون النهج الذي نسير عليه، والقدوة التي يحتذي بها.. وكل عام وأنتم بخير فى ذكرى ميلاد الهادي الأمين.. صاحب الخلق العظيم. [email protected]