تولى المجتمعات الشرقية فارق السن بين الزوجين أهمية خاصة، ويعد ذلك من الشروط الأساسية عند الاختيار، وهى غالبا ما تُرجح وجود فارق فى العمر بين الزوجين ويكون لصالح الزوج، وإن كانت هناك بعض الحالات تمردت على هذه الشروط ولم يقف عمر الزوجة أو الزوج عائقًا دون إتمام الارتباط وتكوين أسرة، ولكن يبقى التساؤل: هل فارق السن هو المحدد للعلاقة بين الزوجين؟ هذا ما تناولته دراسة حديثة أجراها باحثون فى جامعة إيمورى فى أتلانتا لمعرفة أى فارق سن أفضل لعلاقة زوجية ناجحة، وأيهما ضار ولا يؤدى إلى استمرارها.
موضوعات مقترحة
ظهر جليًا مدى تأثير فارق السن في طول العلاقة، وأى الأزواج لديهم أفضل فرصة لحياة زوجية سعيدة ودائمة بحسب (بريجيته الألمانية) وبينت الدراسة التى شملت 3000 مشارك أن خطر الانفصال يزيد مقارنة بالأزواج من العمر نفسه 3% فقط عند وجود فارق عمر سنة، وبنسبة 18% لدى وجود فارق بمعدل خمس سنوات، وبنسبة 39% لفارق فى العمر بين الزوجين بمعدل 10 سنوات، وأكدت الدراسة أن فارق السن 20 عامًا وأكثر يزيد نسبة خطر الانفصال بمعدل 95%.
وتعليقًا على هذه الدراسة تقول الدكتورة هالة يسرى أستاذة علم الاجتماع وخبيرة الاستشارات الأسرية: إن التوافق الفكري والثقافي والاجتماعي أهم من الفروق العمرية، فهى تعتمد بالدرجة الأولى على درجة التوافق والنضوج والتقارب الفكري والعاطفي والوجداني، وأنا أعتبرها المحدد الأساسي، فقد كانت هناك فروق عمرية بين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام والسيدة خديجة، فكانت تكبره بسنوات كثيرة، وفى اتجاه آخر حيث كانت السيدة عائشة تصغره أيضا بسنوات كثيرة، إذًا ليست الفروق العمرية هى ما يحدد إمكانية الزواج من عدمه، ولكن يجب ألا يكون هذا النوع من الزواج بهدف مادى صرف، فالزواج القائم على الماديات زواج غير ناجح على الإطلاق لذا أدعو المقبلين على الزواج- والحديث للدكتورة هالة يسري- إلى أن يبحثوا عن شريك حياة يتمتعون معه بحوار متصل وزواج مستقر ونضج قائم على تقارب فكرى بين الزوجين لكي يستطيعا معًا أن يحددا أهدافًا للأسرة، ويعملا معا طوال حياتهما لتحقيقه والتمتع بنتائج هذه الزيجة القائمة على القلب والعقل معًا.
وتقول الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري: إن الحياة الزوجية علاقة مقدسة تبنى على وجود التوافق النفسي والانسجام الفكري بين الطرفين ولن يتحقق ذلك إلا بالاختيار السليم منذ البداية وبخاصة فيما يتعلق بالفارق العمري المناسب بين الزوجين.
حيث أكدت بعض الدراسات النفسية والأسرية أن الفارق العمري المناسب بين الطرفين لا يتجاوز السنوات الست، لضمان نجاح واستمرار العلاقة وذلك يرجع لعدة أسباب: أن فارق السن الصغير بين الزوجين يساعد على وجود التفاهم والاهتمام المشترك بينهما، والحماسة في تحقيق الأهداف.
كما أنه يجنب الزوجين حدوث المشكلات مستقبلًا من حيث طريقة التعامل مع الأزمات والتحديات الأسرية، والصراع الناتج عن اختلاف التوافق الفكري والعمري.
وعلى النقيض فالارتباط بين الزوجين في ظل وجود فارق عمري كبير بينهما يتجاوز اثنى عشر عاما، قد يكون له ميزات ولكنها قليلة.
ففي كثير من الأحيان يلجأ الزوج الأكبر عمرًا إلى الاستحواذ على تفكير الزوجة التي تصغره بسنوات عدة مستخدمًا في ذلك التحكم والسيطرة ومحاولة تغيير أفكارها ومعتقداتها الشخصية.
أيضًا فارق العمر الكبير يجعل هناك اختلافا في الأهداف وطريقة التفكير والاهتمامات المشتركة، فالمرأة قد تشعر بالنشاط والحماسة لممارسة بعض الهوايات أو القيام بالسفر والرحلات، في حين أن الزوج يفضل الجلوس في المنزل مما يزيد من انعدام التفاهم والانسجام النفسي، فضلًا عن التخوف من عدم قدرة الزوج الأكبر سنًا على المشاركة في تربية الأبناء مما يجعل الزوجة هي التي تتحمل المسئولية كاملة في هذه الحالة.
وتضيف الدكتورة ريهام عبدالرحمن: أرى أن الفارق العمري المثالي بين الطرفين لا يستطيع أحد تحديده لأنه مرتبط بمدى الانسجام النفسي والفكري والعلمي والمادي بين الطرفين وهذا يتضح في قول الله تعالى(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ولم تُشر الآية إلي السن من قريب ولا من بعيد.