يمر بنا الزمان ومع كل مرحلة من مراحل حياتنا تتعدد المواقف ننسى بعضها ونتذكر الأخرى، منها الذكريات الجميلة التي لا تنسى على الإطلاق مهما مرت بنا الأيام، نتذكر أشخاصًا موجودين في حياتنا أو رحلوا عنا، ولكن ذكراهم تظل في قلوبنا بكل ما قدموه لنا من مواقف رائعة لا تنسى.
فنحن البشر لا نستطيع محو الذكريات الجميلة، ولكن تظل محفوظة في العقل الباطن عندما نستدعيها نتذكرها ونتذكر الزمن الجميل، فطفولتنا البريئة من أجمل مراحل الحياة، وننتقل للشباب والنضوج والحيوية والطاقة والمشاعر والإحساس المرهف، والجميع مرت به في مرحلة الشباب العديد من التجارب، فيها ما كان مؤلمًا وحزينًا، وفيها ما كان سعيدًا مبهجًا.
وننتقل إلى مرحلة منتصف العمر، ونفتقد أشياء مع ضغوط الحياة، ونشتاق إلى ذكريات الماضي، ونتذكر ذكريات كأنها نجمة تضيء لنا أوقات الظلام التي تمر بنا.
لابد أن ندرك أن الأيام تستطيع أن تذيب الذكريات المؤلمة مثلما يذوب الملح في الماء، فهي ذكريات عالقة بين العقل والقلب، مع كل ألم وذكرى لحدث مؤلم في حياتنا نتعلم الكثير والكثير، ونرمم أنفسنا ونحاول أن نتخلص من الذكريات المؤلمة.
لا تجعل أي ذكرى مؤلمة تسيطر على حياتك؛ فإنها ستعطلك عن الوصول إلى السعادة، يمكنك أن تتخطى كل الصعاب وكل الذكريات المؤلمة في حياتك، ولكن عليك أن تتذكر دومًا أنك لا يمكن أن ترضي كل البشر، وحاول أن تقلص الأمور؛ فعندما تقلص المواقف تتقلص الآلام وتأخذ حجمها الطبيعي دون مبالغة أو تضخيم، ولا يكون رد فعلك أكبر من الموقف نفسه، واكتب همومك في ورقة باستمرار، ثم قم بتقطيعها؛ فهذه أفضل طريقة تخرج بها طاقتك السلبية؛ وذلك عن طريق التنفيس النفسي.
وأختتم مقالي بأن الصدقات والعطاء من أجمل الأشياء التي تزودك بالطاقة الإيجابية؛ فكلما تصدقت أكثر زادت طاقتك الإيجابية، ومع كل صدقة تخرجها بنفس راضية، تخرج معها الطاقة السلبية لديك.
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيم}.
اقرأ الكتب الإيجابية، وابتعد عن الفراغ المدمر؛ لأننا مثل المخزن نخزن كل الذكريات الجميلة والمؤلمة أيضًا، نتذكر الجميلة ونسعد بها لتنير حياتنا، ونتذكر المؤلمة، فتجلب إلينا كل الطاقات السلبيات، ولكن عندما تتذكر الآلام والأحزان تقرب إلى الله عز وجل فهو الذي سيهدي قلبك.
ثق بالله ولا تيأس من رحمة الله، فإن الله رحيم بعباده، وأكثر من الصلاة والنوافل، يقول تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}، وتأكد أن الله سيستجيب دعاءك فإن الله يحب العبد اللحوح وليس العجول، وبإذن الله وحده سيخلصك من كل الذكريات المؤلمة والحزينة.
لا تغفل عن ذكر الله في كل الأوقات فإن راحة النفوس وطمأنينة القلوب تكمن في ذكر الله، (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ)، صدق الله العظيم.
* استشاري علم النفس والإرشاد الأسري والتربية الخاصة