لم أكن أرغب في زيارة الجهات الحكومية؛ فهى عادة تتسم بأشياء لا أحبها؛ منها البطء؛ والروتين؛ وأمور أخرى تعرفونها أكثر منى؛ حتى جاء لى أحد المقربين؛ طالبا دفع ضريبة تعامل؛ ومكانها مأمورية المعادى بحسب ما هو مبين بالمطالبة التى وصلت.
ولأنى أملك خبرة سلبية من التعامل مع كل الجهات الحكومية منذ سنوات طويلة؛ أخذت أُرجئ ذلك المشوار مرات ومرات؛ وشعرت بثقله الشديد على قلبى؛ مثلما كنت أشعر بثقل مشوار تجديد ترخيص السيارة تماما.
حتى قررت خوض التجربة لإنهائها، وتوجهت لمأمورية الضرائب؛ وأنا محمل بمشاعر غير ايجابية؛ وتحفز؛ وما إن دخلت المكان؛ حتى تعرفت بأحد الشخصيات الهادئة؛ وحينما سألته عن كيفية قضاء مصلحتى؛ فكأن الرجل قد شعر بما تحمله نفسي؛ فاصطحبنى؛ وتوجهنا لإنهاء المعاملة؛ حتى دفعت الضريبة المطلوبة فى أقل من 5 دقائق تقريبا؛ وبهدوء و يسر كانوا لافتين للنظر؛ لدرجة أننى توقفت بعدها لفترة غير قصيرة أراقب ما يحدث؛ حتى تيقنت أن هناك تطورا مبهرا بحق؛ لا يمكن أن تخطئه غير عين المتربصين.
وحينها؛ توجهت للرجل الفاضل بعدد من الأسئلة؛ حتى أنقل الصورة للناس؛ وهذا واجب تحتمه المهنة، فاصطحبنى مرة أخرى لأقابل المسئولة؛ التى قابلتنى ببشاشة لم اعهدها فى مسئول حكومى، وأخذت تشرح لى؛ ما شهدته منظومة الضرائب المصرية من تطور رقمى رائع؛ كان غرضه التسهيل على المواطن باعتباره عميلا له كل حقوق العملاء فى أى مكان؛ و باعتباره أحد روافد الدخل المهمة؛ كل ذلك من أجل بناء جسور من الثقة بين الممول "العميل" و مصلحة الضرائب.
فالآن؛ يمكن لأي عميل الدخول إلى الموقع الإلكترونى الخاص بمصلحة الضرائب؛ ليسجل بياناته كاملة؛ ويصبح من تلك اللحظة عميلا للمصلحة؛ ثم من خلال الموقع يمكن له تقديم الإقرار الضريبي؛ وتحديد قيمتها؛ ومن ثم دفعها؛ مع طباعة إيصال الدفع؛ كل ذلك حتى يتم فحص إقراره الضريبي؛ هو هنا أمام احتمالين؛ الأول اعتماد الإقرار؛ وبالتالي التأشير بنهاية المعاملة؛ أو بظهور ما يبين أن الإقرار غير كاف؛ ومن ثم فعليه دفع الفارق.
هذا من خلال الموقع؛ أما من خلال المأمورية؛ فقد تقرر ضم كل الجهات الضربيبة في مكان واحد؛ سواء الضرائب على الدخل؛ أو ضريبة المبيعات؛ مما يعنى إنهاء كل معاملاتك الضريبية من مكان واحد؛ وبسلاسة سبق شرحها.
كل ذلك في مكان نظيف؛ منظم؛ وبه مقاعد مريحة للانتظار؛ ومن خلال التعامل مع موظفين يتسمون بالهدوء والاحترام؛ كل ذلك وأكثر شجعنى على نقل تلك الصورة الطيبة للناس.
بصدق هناك تطور مدهش يمس كل جوانت الحياة في مصر؛ بعضا منه ينمو بشكل مثير للإعجاب؛ مثلما يحدث مع منظومة الضرائب؛ وبعضا آخر؛ يحتاج لقليل من الوقت لتكتمل الصورة؛ أترك لحضراتكم وضع المثل المناسب.
إلا أنه الثابت بالنسبة لي؛ أننا وفق ما رأيت فى مأمورية الضرائب من سير للعمل دون تصنع أو تكلف؛ وبهدوء وسلاسة؛ حتى إننى سألت المسئولة؛ عن فكرة "السيستم واقع"؛ فكان ردها مفاجأة.
لسنا هنا في حاجة لذلك؛ فكل الموظفين مدربون و مؤهلون تماما للتعامل مع المنظومة الرقمية؛ وكل المعاملات واضحة و معروف تسلسلها، و بالتالي فلا مجال للتقاعس؛ هذا من جانب؛ أما الجانب الآخر؛ فهو نظام العمل الشفاف فيما بين الموظفين؛ و هو ما لا يسمح بظهور ما يعكر صفو العمل؛ أو العملاء.
وكان في الأخير أن لابد من توجيه الشكر للأستاذ محمد عبدالجواد مدير عام متابعة الفحص و الأستاذة أسماء العشري وكيل وزارة رئيس منطقة ضرائب القاهرة رابع؛ لأنهما نماذج مبشرة بالخير؛ فى مجتمع يسعي بدأب نحو تقديم الأفضل لناسه و أهله.
و أتمنى أن تكون كل مأموريات الضرائب بنفس تلك الهمة والنشاط؛ حتى يستفيد كل أبناء الوطن.
،،،، والله من وراء القصد
[email protected]