لا تزال مشكلة «الزيادة السكانية» تمثل أهم التحديات للدولة، بعد أن تجاوز عدد السكان عتبة الـ 102 مليون نسمة.
موضوعات مقترحة
وأفاد تقرير صادر لـ"الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء" إلى أن مصر تزيد سكانيا مليون نسمة كل 221 يوما، ويوميا 4625، بزيادة 118 مولودا جديدا كل ساعة وكل دقيقة 3 أطفال وكل 19 ثانية في مولود جديد.
ولفت التقرير إلى أن مصر تحتل المركز الأول بين الدول العربية والثالث بين الدول الإفريقية والـ 14 بين دول العالم من حيث عدد السكان.
وأوضح التقرير أن محافظات الصعيد الأكثر إنجابا منها بني سويف والمنيا وسوهاج وأسيوط والأقصر، ومعدلات الإنجاب في سوهاج أسرع من الشرقية والدقهلية، وأقل المحافظات في معدلات الإنجاب بورسعيد ودمياط والدقهلية.
وفي وقت سابق، أكد الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، أن الزيادة السكانية تشكل عبئا ثقيلا على الدولة ولابد من التنظيم للمواجهة، وأن العبء الأكبر هو تكرار الحمل، والذي يقع على الأسرة ويؤدي إلى عدم الاهتمام بالأطفال، مبينا أن الشكل السكاني في مصر هرمي، ومتوسط المواليد في مصر 2.5 مليون نسمة سنويا.
وأضاف أنه لابد من التخطيط بين الرجل والمرأة قبل الإنجاب لمواجهة الزيادة السكانية، كما أنه لابد من مساهمة الجمعيات الأهلية في التوعية بخطورة الزيادة السكانية.
ولا يزال السؤال مطروحا.. كيف يمكن محاصرة مشكلة الزيادة السكانية؟ هذا ما تجيب عليه "بوابة الأهرام" في السطور التالية...
دعم سياسي للسيطرة على الزيادة السكانية
وفي البداية، يقول الدكتور عاطف الشيتاني، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعي، والمقرر السابق للمجلس القومي للسكان، إن مشكلة الزيادة السكانية لها عقود طويلة مصر حاولت كثيرًا للسيطرة على الزيادة السكانية، وكان الاهتمام يتزايد في أوقات ويقل في أوقات أخرى، ولكن الآن هناك «دعم سياسي» غير مسبوق، وهناك نشاط ملحوظ هذه الفترة.
مشروع تنمية الأسرة
وتابع: قد إطلاق الرئيس لـ"مشروع تنمية الأسرة " الذي كان بداية لبرنامج يفترض أنه يعمل على عدة محاور كنا أهملناها فترة طويلة وهي «التنمية» وليس تنظيم الأسرة فقط، فـ«التنمية البشرية» وإعلاء قيمة الفرد ودعمه والاتجاه إلى محو الأمية وتعليمه حتى التعامل مع «الرقمنة»، ونجد مثال لذلك «برنامج تكافل وكرامة»؛ حيث أن المستفيدين منه يتعاملون معه وهم من الأساس من "أسر فقيرة" ولكنها تتعامل مع ماكينات الصرف الآلي والتكنولوجيا الحديثة، لافتًا أن الرهان على وعي المواطن مع التحديات التي تقابله.
حقائق وأرقام حول الزيادة السكانية
ونوّه الشيتاني، أن هناك حقائق يجب الاتفاق عليها وهي أن الزيادة السكانية ستظل موجودة فترة، ولا يمكن أن يتناقص عدد السكان، ولكن لا يمكن أن تلغيها لأن استقرار السكان يكون بحسب السيناريوهات الافتراضية والتي يمكن أن نصل إليها بجهود جبارة خلال السنوات العشر القادمة ويمكن أن تصل إلى عشرين أو ثلاثين عاما، فمثلا في عام 2050 يمكن أن نصل لمتوسط طفلين لكل أسرة، لذلك كل عام لابد أن نتوقع أن تكون هناك زيادة، مضيفًا نجد على الجانب الآخر، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ونتائجه الموجودة على موقعه الإلكتروني أن معدل المواليد يتناقص سنويا وكل هذه إشارات جيدة أنما ليست كافية لذلك من المهم أن مصر يكون لها هدف محدد ومعلن للتحرك من خلاله، وبالفعل نحن من قبل ثورة يناير كان هناك هدف معلن هو طفلين لكل أسرة وكان من المفترض أن نحققه أو لو نُفذت الخطة التي تم إطلاقها في 2008 وكانت تنتهي في 2015 ولكن الخطة لم تكتمل والآن هناك خطة جديدة تم إطلاقها 2014 .
الدكتور عاطف الشيتاني
النمو السكاني أحد معوقات التنمية
ومن جانبه، يوضح الدكتور مجدي خالد، مستشار إقليمي للسكان والصحة الإنجابية، والمدير الأسبق لصندوق الأمم المتحدة للسكان، أن معدل النمو السكاني يعد أحد «معوقات التنمية»، لذا لابد من أن يكون هناك سيطرة على هذا الأمر، فليست الدولة وحدها يقع عليها هذا العبء ولكن أيضا على المواطن مساعدة الدولة في ذلك، فالدولة تقوم بعمل كافة محاور التنمية، فنجد المبادرة الرئاسية لـ"تنمية الأسرة المصرية" فالدولة تفعل ما تتطلبه ونحتاجه للتنمية.
وتابع: وعلى الجانب الآخر لابد أن يستفيد المواطن من جهود تلك التنمية التي تقوم بها الدولة ويكون لدية وعي وثقافة الأسرة الصغيرة، لذا لابد من التوعية بأهمية تنظيم الأسرة خاصة في المناطق المحرومة من الخدمات وتفعيل برنامج تنظيم الأسرة لجميع فئات السيدات، فالزيادة السكانية تلتهم ثمار التنمية.
الدكتور مجدي خالد
كيف تؤثر الزيادة السكانية على الجانب الاقتصادي؟
ومن الناحية الاقتصادية، يرى الدكتور وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن عناصر الإنتاج في الاقتصاد لها تقسيمات عديدة أهمها أن العملية الإنتاجية تحتاج إلى مواد خام وعمالة ورأس مال وتنظيم، لذا فلابد أن يكون هناك توازن بين عناصر الإنتاج والعمالة، ومصر تمتلك بالفعل وفرة شديدة في عنصر العمالة. كما أن لديها من الموارد الطبيعية قدر جيد؛ ولكن المشكلة الحقيقة تتمثل في «عنصر رأس المال» والتنظيم، لافتًا أن سوق العمل في مصر يدخله نحو 800 ألف وافد جديد سنويا، وهو الأمر الذي يحتاج إلى رءوس أموال ضخمة لخلق فرص عمل في ظل أن تكلفة فرصة العمل أصبحت تصل إلى نحو 500 ألف جنيه، بالتالي من المهم إذا كانت الدولة تعمل على تحفيز الاستثمار وضخ استثمارات حكومية كبيرة فأنه يتعين أيضا التخفيف من زيادة السكان حتى تتناسب مع سرعة التنمية؛ بحيث يكون هناك قدرة على الشعور بثمار التنمية التي تتحقق، فضلا عن أن الدولة المصرية لديها إستراتيجية متكاملة للحد من الزيادة السكانية ولكن من المهم تطبيق تلك الإستراتيجية بصورة مرنة وبإجراءات تتناسب مع الواقع الفعلي للمجتمع.
الدكتور وليد جاب الله