Close ad

التدين والبطولة والمواطنة.. سمات الجندي المصري عبر العصور

3-10-2022 | 14:14
التدين والبطولة والمواطنة سمات الجندي المصري عبر العصورالجندي المصري
تحقيق: أحمد نور الدين - هناء عبد المنعم
الأهرام التعاوني نقلاً عن

ونحن نحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد.. ما أحرانا أن نتذكر معا حقيقة أن انتهاء المعركة العسكرية لا يعنى انتهاء معركة البناء والتنمية المستدامة فى بلادنا.. فمعركة السلاح مقرونة بمعركة البناء.. ومن ثم، هذا ما أكده علماؤنا فى احتفالنا معهم بهذه الذكرى الحبيبة على قلوبنا جميعا.. فأكدوا أن الشعب المصرى عظيم فى تدينه عبر العصور.. يتمسك بالله ويعتصم بحبله المتين.. والجندى المصرى أثبت ببطولاته.. وترسيخ قيم وروح المواطنة لدى أبناء المجتمع من سبل تحقيق التنمية.. وأغلى ما يملك المرء بعد دينه وطنه.. وأنه ما أشد حاجة الوطن إلى ثقافة المثقف.. وموهبة الموهوب.. ومعلومة المعلم.. ودقة المهندس.. وبراعة الطبيب.. وإخلاص الداعية.. وأنه لا مجال للكسل والتقاعس.. والفرد الذى لا يقدم لمجتمعه ووطنه شيئا وبال على أهله ومجتمعه ووطنه.. فكل عام ومصرنا الحبيبة وشعبها الطيب وجيشها المبارك بخير ومنعة وعزة.. والتفاصيل فى السطور التالية.

موضوعات مقترحة

تقول رحاب عبد المعاطى ماجستير التاريخ الاسلامى ومسؤول التمكين الثقافى بقصر ثقافة المطرية: صدق الله العظيم: «إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم»، إذ تحولت نكسة ١٩٦٧ إلى عزيمة ونصر، فلقد كانت النكسة اختبارًا أظهر قوة وعبقرية الجندى المصرى وكذلك صبر وتحمل المواطن المصرى وتصديه للأزمات، فانتصر فى أكتوبر ١٩٧٣، فالشعب المصرى عظيم فى تدينه عبر العصور، يتمسك بالله ويعتصم بحبله المتين، فالجندى المصرى أثبت ببطولاته أن النكسة كانت استثناء وليست قاعدة فى التاريخ المصري، فالبطل الذى حطم خط بارليف وهزم أسطورة الجندى الإسرائيلى الذى لا يقهر كفيل بأن يواجه كل التحديات لأنه يعيش فى كفاح وبناء رغم انتشار الأدواء وكثرة الأعداء، لذلك ستظل روح أكتوبر تسرى فى الدماء، وكما كانت الروح المعنوية العالية والإيمان الصادق بالله وتحمل الأمانة وأداء الواجب على أكمل وجه هى ضمن أسباب النصر، فإن نفس هذه الأسباب تصاحب الشعب المصرى ليتغلب على الصعاب مع ضيق ذات اليد وبساطة الإمكانيات فالمصرى مؤمن أصر على أن يكون طموحًا ويكون متقنًا لعمله محققًا كل إنجاز وتطور يفخر به ويبهر العالم ويؤثر فى الآخرين ويتأثر بهم ويضيف إليهم حتى يتحقق الخير والرخاء.

تحقيق التنمية الشاملة

ويقول الدكتور محمد حرز من علماء الاوقاف: من المعلوم لدى الجميع أن المجتمعات الناجحة تقاس قوتها بمدى تحقيق التنمية الشاملة فيها سواء التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والإيمانية والروحية، فالركود والتضخم والكساد والبَطَالة والفقر والجهل والمعاصى أمراض شيخوخية تؤدى إلى انتشار الفساد فى أركانه، وانطفاء الأمل بين شبابه، ومن ثم تكثر الانحرافات مثل: اليأس والانتحار والإحباط فى المجتمعات، وهذا يتنافى مع ما جاء به الإسلام الذى أمرنا بالقوة والعزة والمنعة قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، فكانت القوة الروحية، وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، فكانت القوة المادية، والتنمية حق من حقوق الإنسان، والتنمية تهيئة المتطلبات ومواجهة التحديات وهى التركيز على مواطن الضعف فى المجتمع ومعالجتها، فالتنمية تحتاج إلى مشقة وجهد وعمل مستمر من الجميع قال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، فلا تتحقق التنمية بضياع كثير من الوقت فى مشاهدة الأفلام والمسلسلات ومقاطع الإنترنت، ولا تتحقق التنمية بمنع الفقير حقه فى المال، ولا تتحقق التنمية بالتسول هنا وهناك، ولا تتحقق التنمية بالغش والتدليس فى البيع والشراء، ولا تحقق التنمية بالرشوة والاختلاس والسرقة والخيانة، ولا تحقق التنمية بالربا المحرم يا سادة.

وعن الهدف من التنمية الشاملة يقول فضيلته: التخلص من الفقر ومعالجته وهذا ما دعا إليه الإسلام ونبى الاسلام صلى الله عليه وسلم بل لقد استعاذَ النبى من الفقر، وجعله قرينًا للكُفر: «اللهم إنى أعوذُ بك من الكُفر والفقر»، بل جعل الاسلام للفقير حق فى مال الغنى للقضاء على ظاهرة الفقر فقال تعالى:(وَالَّذِينَ فِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25 ) فيا غنى تدبر وتصور، قال الله المصور جل شأنه: (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، والهدف من التنمية الشاملة التخلص من البطالة بتوفير فرص العمل، فلقد حثنا الإسلام على العمل ففى الحديثِ الصحيحِ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لئن يأخُذ أحدُكم حبلَه، فيأتى بحزمةِ الحَطَبِ على ظهره، فيبيعُها، فيكُفُّ بها وجهَه خيرٌ من أن يسألَ الناسَ أعطَوه أو منَعُوه) وقال عليه الصلاة والسلام: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده»، كما تهتم بضرورة تحقيق العدالة والمساواة فى توزيع الثروة القومية، وتسعى التنمية الشاملة لزيادة الإنتاج، ورفع مستوى المعيشة للأفراد، وهذا مما دعت إليه الشريعة الغراء، قال الله جل وعلا (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون).

سبل تحقيق التنمية

وحول سبل تحقيق التنمية يضيف الدكتور محمد حرز قائلا: هناك سبل، وطرق عديدة؛ لتحقيق التنمية فى شتى مجالاتها منها ضمان التربية والتنشئة الاجتماعية السليمة على مستوى الأسرة، والمدرسة، والإعلام، بما يتوافق مع تعاليم الإسلام التى تخدم الفرد والمجتمع لذا لما جاء رجل إلى عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- يشكو عقوق ولده، فدعا عمر بالولد ووبخه وناصحه، فقال الولد: «لا تعجل يا أمير المؤمنين، أليس لى حق على أبى كما له حق علي؟ قال: بلى، قال: فما حقى عليه؟ قال: أن يحسن اختيار أمك، ويسميك اسما حسنا، ويحفظك القرآن، قال الولد: فإن أبى لم يفعل شيئا من ذلك: أما أمى فهى أمة خرقاء اشتراها بدرهمين فولدتنى فسمانى جعلا، ولم يحفظنى من القرآن آية».فقال عمر للأب: «اخرج فقد سبقت ولدك إلى العقوق»، فالتربية الصحيحة على الأخلاق والمبادئ تنمية للفرد والمجتمعات ومنها: رفع المستوى العلمى والمعرفى لأفراد المجتمع، فالاستثمار فى العلم أفضل أنواع الاستثمار، لذا فقد قدم الإسلام العلم على العمل ورفع شأن العلماء العاملين على العابدين بغيرعلم قال رسول الله: «إن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» فالإسلام دين العلم حث عليه ورفع من شأن أهله فقد حض على العلم والتعلم، ولذا جاء الإسلام يحض على التنمية العلمية قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا فى المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من فى السماوات والأرض والحيتان فى جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر» فالاهتمام بالتنمية التعليمية سبب لنهوض بالأمم والمجتمعات.

ومن سبل تحقيق التنمية ترسيخ قيم وروح المواطنة لدى أبناء المجتمع، فمن المعلوم أن أغلى ما يملك المرء بعد دينه وطنه، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه؛ لأنه نشأ فيه وترعرع وتربى وشب على أرضه، وعاش حياته وذكرياته بحلوها ومرها، وهو موطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، فالعمل على تنمية الأوطان واجبة، ومنها: بث روح المحبة والاخاء والتعاون بين أفراده ليصبح المجتمع كله كالجسد الواحد وصدق النبى صلى الله عليه وسلم إذ يقول من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». ويقول النبي: «إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه»، ومنها: اتقان العمل فهو سبب لتقدم الامم فكم من أمم تقدمت بسبب اتقانها للعمل، وكم من أمم تأخرت بسبب عدم إتقانها للعمل لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه».

ويؤكد الدكتور إيهاب السعيد الداعية الإسلامى ومستشار تعليمى وتربوى: أن حرب اكتوبر حرب مهمة جدا فى تاريخ الكفاح العربى والمصرى واستعادة كل شبر من أرض سيناء المباركة، ومن حرب أكتوبر تبين أن الإنسان المصرى صاحب عزيمة نابعة من إيمانه بقدسية هذه الأرض العظيمة المباركة التى تجلى ربنا سبحانه وتعالى فيها لموسى عليه السلام (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعق فلما أفاق قال سبحانك إنى تبت إليك...) لقد كانت الحرب فى يوم العاشر من رمضان، والناس صائمون ومع ذلك بذلو ا جهد هم وحاربوا وهم صائمون، وكأنهم يستشعرون انه كلما كنت مع الله كان الله معك، وكلما رفعت ذكر الله رفع الله ذكرك فى الأرض والسماء، فكانت صيحات الله أكبر تجلجل الأرض تحت أقدام الصهاينة، وكما كانت غزوة بدر هى يوم الفرقان التى فرق الله بها بين الحق والباطل، وكانت أول انتصار للمسلمين على المشركين، فقد كانت حرب أكتوبر العاشر من رمضان سنة 1973 هى أول انتصار للشعوب العربية والإسلامية على الإسرائيليين فى العصر الحديث.

التنمية الاقتصادية

وفى حديثه عن التنمية الاقتصادية يقول فضيلة الدكتور د. خالد بدوى من علماء الأوقاف: إن الإسلام أولى اهتمامه بعملية التنمية الاقتصادية اهتماما كبيرا؛ وحث ديننا جميع أفراده على العمل والإنتاج؛ وقرر أن حياة الإنسان بدون عمل هى عقيم كحياة شجر بلا ثمر، فهى حياة تثير المقت الكبير لدى واهب الحياة الذى يريدها خصبة منتجة كثيرة الثمرات، فالإسلام لا يعرف سنا للتقاعد، بل يجب على المسلم أن يكون وحدة إنتاجية طالما هو على قيد الحياة، ما دام قادرا على العمل، بل إن قيام الساعة لا ينبغى أن يحول بينه وبين القيام بعمل منتج، وفى ذلك يدفعنا النبى صلى الله عليه وسلم دفعا إلى حقل العمل وعدم الركود والكسل فيقول: «إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة؛ فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها».

 كما حث الإسلام على اتخاذ المهنة للكسب فهى خير من المسألة، فعن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:»لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق منه تغنى به عن الناس؛ خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه ذلك، فإن اليد العليا أفضل من اليد السفلى وابدأ بمن تعول»، لذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب يهتم بالعمل ويرغب فيه فيقول: «ما من موضع يأتينى الموت فيه أحب إلى من موطن أتسوق فيه لأهلى أبيع وأشتري، وكان إذا رأى فتى أعجبه حاله سأل عنه: هل له من حرفة؟ فإن قيل: لا. سقط من عينيه. وكان كلما مر برجل جالس فى الشارع أمام بيته لا عمل له أخذه وضربه بالدرة وساقه إلى العمل وهو يقول: إن الله يكره الرجل الفارغ لا فى عمل الدنيا ولا فى عمل الآخرة»، وهكذا حث الإسلام على العمل والإنتاج؛ والسعى فى الأرض من أجل الرزق الحلال؛ فلو أن كل الطاقات المعطلة نزلت سوق العمل وأنتجت لتحققت التنمية الاقتصادية وأصبحنا فى رخاء وازدهار ورغد من العيش.

 أزمة الأمة

وحول أزمة الأمة يحدثنا فضيلة الشيخ مكرم محمد المدير العام بالأوقاف قائلا: أين النابغون فى أمتى؟ أمتنا مأزومة تعانى من قلة النابغين المخترعين الناشطين فى التخصصات التى تغير الحياة وتفيد الناس وتمكث فى الأرض، وأوطاننا تفتقر إلى إقران القول بالعمل الجاد فى مجال الادعاء، أوطاننا تشتاق إلى عرق الشباب بعد طموح ودراسة فى مجال الطب والتحاليل والهندسة والاعمار واستصلاح الصحراء والتصنيع لننتج ما نأكل وما نلبس وما نتزين به، إننا لفى بلاء مستطير إذ نستورد جل ما نلبس ونستهلك وكثيراً مما نأكل، إن لدينا ثروة بشرية يهتز لها السهل والجبال والبحار لو خُطِّطَ لها من أهل الذكر فى كل فن وعمل وعندها ستشرق الأرض بنور ربها، وهذا يفىء علينا خيرا طائلا وتشغيلا فوريا لهذه الطاقات المبعثرة.

مؤكدا أن الجد فى العمل دين وعهدة رحمانية وأمانة محمدية للمؤمنين من بنى آدم أودعها الشرع بمحكماته فى قلوب وعقول الأمة أفرادا ومجتمعات، ومهما رفعنا بنيان العمل ولو لأزمان قادمة على غير الدين، فإننا لن نفلح ولن نتقدم فى دروب العاملين خطوة واحدة كما فشلت الجهود فى سابق الأزمان، وذلك لأن الدين يربى الضمير والإتقان وإحسان العمل لوجه الله رب العالم

نحن نعمل ولكن بالألسنة اللاهبة، ذاك عمل هذه الأجيال، ومضت علينا أزمان وعملنا الذى نعمله بأيدينا ليس على المستوى المنشود، ومنذ عشرات السنين سمعنا مجرد سماعٍ وقلنا مجرد قول ما تناقلته الإذاعات فى سابق الأيام: «دقت ساعة العمل» فهل سمعها أهل البطالة؟ نرجو أن نرى للشباب فى مجال العمل وجها مشَرفا، ونسمع لهم ولحراكهم صوتا مُدويا، ونرجو لهم أن يقودوا ثورة العمل لا ثورة الكلام، وأن يتجمعوا حتى تدور المصانع المتوقفة، وليرفع الله عن الأمة البلاء ويعم الرخاء ويزيد العطاء.

قوة وإصرار وعزيمة

ويقول الدكتور يحيى المنسى عضو المكتب الفنى لوزارة الأوقاف بالشرقية: تمر الأيام والسنين ويظل نصر أكتوبر المجيد فخرا لنا، تاجا على رؤسنا، وساما على صدورنا، ففى السادس من اكتوبر عام ألف وتسعمائة ثلاث وسبعين كان توفيق الله سبحانه وتعالى لقواتنا المسلحة فى تتويج بلادنا والأمة العربية جميعها بتاج النصر، ورفع راية البلاد، فحققوا نصرا عظيما وجسدوا أصالة القوات المسلحة المصرية وعظمة ولائهم للوطن بما قدموه من تضحيات، وأثبتوا للعالم أنه لا تهاون مع معتدى مهما كان اسمه أو رسمه؛ وتجلت فى هذا اليوم قوة وإصرار وعزيمة القوات المسلحة المصرية فى قهر الصعاب وتحطيم آمال كل معتد على صخرة العزة والكرامة، كما تتجلى كل يوم تضحيات جيشنا الباسل وشرطتنا الابية وعظم وفائهم لوطنهم فى كثير من المجالات ومن اجلها محاربة الإرهاب، إذ يسجل ذلك تاريخا جديدا لوطننا ونصرا له، وان هذا يحتم علينا جميعا أن نكون خلفهم صفا متماسكا مترابطا، استمرارا لأمن وطننا واستقراره ورفعة له وتقدما وازدهارا.

كما إننا لا ننسى ابدا دماء الشهداء التى حفرت على جدار التاريخ المجد للوطن، لا ننسى أبدا من قدموا أرواحهم من أجل حرية وكرامة البلاد، من رووا بدمائهم أرض الوطن دفاعا عن الأرض والعرض، وتحقيقا لعزة البلاد، وكرامة العباد، ولا شك أن من أقل حقوق هؤلاء الشهداء علينا جميعا تخليد أسمائهم، وذكراهم، ليس فى سجلات التاريخ فحسب، بل فى كل قلب وعلى كل لسان، ليس من قبيل سرد البطولات التى قاموا بها فحسب، بل من أجل أن يكونوا أيضا نموذجا للاقتداء بهم، وحافزا للأجيال بعدهم على التضحية من أجل الوطن، ورفعته،وتقدمه، يقول الله جل وعلا (ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له فى أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى بحلية الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع فى سبعين من أهل بيته).

استثمار الطاقات البشرية ومشاركة الجميع

ويحدثنا فضيلة الشيخ ثروت سويف من علماء الأوقاف عن استثمار الطاقات البشرية ومشاركة الجميع قائلا: لابد ان نسعى فى الأرض، مستعملين للطاقات، ومستغلين للثروات، فيقول سبحانه: (هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) فاسعوا فى الأرض معمرين، وللوطن بانين، ولطاقاتكم ومواهبكم مستغلين، (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون)، باستعمال الطاقات، واستغلال الثروات، وتوجيه المواهب، والحفاظ على المكاسب أيها الأحبة.

مضيفا.. الوطن بحاجة إلى سواعد شبابه الفتية، وحماستهم القوية، وبحاجة إلى بصائر شيوخه الثاقبة، وحكمتهم الصائبة، وما أشد حاجته إلى ثقافة المثقف، وموهبة الموهوب، ومعلومة المعلم، ودقة المهندس، وبراعة الطبيب، وإخلاص الداعية، وما أشد حاجته إلى تمكين ثرواته المكنونة، وحسن استغلال موارده المبثوثة، إن ما نملكه من مقومات فردية قد تختلف وتتباين، غير أن لكل فرد منا تجارب وخبرات، ومواهب وطاقات، وقدرات وإمكانيات، ونحن مطالبون شرعا بحسن استخدامها، وجميل استغلالها، لما يعود علينا وعلى وطننا بالصلاح والمنفعة، والتمكين والرفعة، فلا مجال للكسل والتقاعس، والتخلى عن المسؤوليات، والتنازل عن المهمات، وإن ظن الجاهل ذلك تواضعا وزهدا، وحسبه محمدة وخلقا، إن الفرد الذى لا يقدم لمجتمعه ووطنه شيئا هو وبال على أهله ومجتمعه ووطنه، وكما قيل: «من لم يزد فى الحياة شيئا، كان زيادة على الحياة».

عنوان تقدم الأمة ودعامة نهضتها

ويقول الشيخ إبراهيم مراسى بركات من علماء الاوقاف: الشباب أغلى ما تمتلك الأمة، والأمة تمتلك كثيرا من المقدرات، مقدرات اقتصادية، ومقدرات عسكرية، ومقدرات جغرافية، ومقدرات إنسانية، وأغلى ما تمتلك الأمة المقدرات الإنسانية، وأغلى المقدرات الإنسانية هم الشباب، وإذا أردت أن تعرف مستقبل أى أمة فلا تسل عن ذهبها ورصيدها المالي، فانظر إلى شبابها واهتماماته، فإذا رأيته شبابا متدينا فاعلم أنها أمة جليلة الشأن قوية البناء، وإذا رأيته شبابا هابط الخلق، منشغلا بسفاسف الأمور، يتساقط على الرذائل فاعلم أنها أمة ضعيفة مفككة، سرعان ما تنهار أمام عدوها، فالشباب عنوان الأمة، كان الشباب قديما وحديثا فى كل أمة عماد نهضتها، وفى كل نهضة سر قوتها، وفى كل فكرة حامل رايتها: (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)، هم الذين حملوا راية الدعوة إلى الله، ورفعوا لواء الجهاد المقدس، فحقق الله على أيديهم النصر الأكبر ودولة الإسلام الفتية، لو تصفحنا السيرة النبوية لوجدنا كل من واجهوا جبابرة مكة وكسرى وقيصر هم الشباب، السابقون السابقون هم الشباب، انظر إلى الزبير بن العوام من العشرة المبشرين بالجنة كم عمره.. 15 سنة، وطلحة بن عبيد الله من العشرة المبشرين بالجنة كم عمره 16 سنة، سعد بن أبى وقاص 17 سنة، الأرقم بن أبى الأرقم 16 سنة يجعل بيته مقرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم فيه المسلمين ويربيهم على الإسلام لمدة 13 سنة رغم أن بنى مخزوم كانت تنازع بنى هاشم الشرف، الدعامة الأساسية لدين الإسلام على وجه الأرض هم الشباب أعمارهم تتراوح من 17 : 30، نعم الواحد منهم صغير السن ولكنه كبير فى العقل والهدف وكل شىء.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة