Close ad

خدمة "تكدير" العملاء!

29-9-2022 | 12:02

انتهجت مصر نهجًا رائعًا صوب الرقمنة؛ وهو بلا شك أمر غاية في الأهمية؛ حتى وإن كنا لسنا المتصدرين؛ ولكن السير وفق تلك السرعة جيد؛ شريطة تعديل بعض الأمور؛ التي تُعظم بكل السبل تحقيق أقصى درجات الفائدة الممكنة.

قصدت منذ يومين تقريبًا؛ موقع بوابة مصر الرقمية؛ طالبًا بعض الخدمات؛ وتم التعامل بسلاسة ونمط جيد؛ لم أشعر معه بالإرهاق الذهني؛ وأشهد بأن المعاملة الإلكترونية تمت وفق أفضل ما يكون.
فأين المشكلة؟

وقد تكون تلك المشكلة مر بها عدد من القراء؛ حينما استعصى علي فهم أمر ما؛ فتوجهت للاتصال بالرقم المرفق؛ لأسأله عن موعد ظهور نتيجة تنسيق طلاب الشهادات المعادلة، فما كان من المجيب أن قال لا يوجد عندي معلومات أكثر من المتاحة على الموقع الإلكتروني، وحينما قولت له إن تلك المعلومة ليست متاحة على الموقع لم يغير الإجابة؛ وحينما قلت له؛ إنني كنت آمل أن ييسر الاتصال ما عجز عنه الموقع؛ أيضًا لم يغير الإجابة.
 
أشفقت على المجيب؛ وأدركت أننا نعاني أزمة في تبسيط الحياة؛ بل أحيانا نتفنن في تكديرها؛ دون داعٍ؛ فإذا كان الموقع يشمل كل البيانات المتاحة والمسموح بتداولها؛ و إذا كان المجيب عن الاستفسار لا يحمل أي إجابة ممكنة غير التي يبينها الموقع؛ فما يمكن أن يقدمه الاتصال؛ غير صب اللعنات على الشباب القائم على الخدمة؛ في الوقت الذي قررنا فيه تعجيزه تمامًا!؟
 
أي منطق هذا؟ إنه منطق من قرر إحباط هؤلاء الشباب؛ وكذلك تكدير العملاء، أفهم أن يكون الموقع شاملاً لكل البيانات؛ دون اللجوء لخدمة العملاء؛ التي نلجأ إليها في أضيق الاحتمالات؛ إلا أنه في تلك الحالة؛ حالات أخرى؛ سنجد أنفسنا مضطرين للتعامل مع خدمة "تكدير" العملاء؛ لسبب مهم ورئيسي؛ يعمل على ضرورة تكدير العملاء؛ وهنا الأمر لا يتعلق بالسخرية؛ بقدر ما هم تعبير عن واقع مرير جدًا؛ وأعيد أننا أنجزنا تقدمًا مبهرًا بكل المقاييس في مجال الرقمنة؛ ولكنه سيظل تقدمًا منقوصًا؛ ما لم نعالج تلك الشوائب الكارثية؛ التي تهيل التراب على هذا الإنجاز الرائع.
 
عدد غير قليل تعرض لانقطاع خدمة الإنترنت؛ وحاول التواصل مع خدمة العملاء؛ وسمع تلك الإجابة المستفزة؛ جار تحديث البيانات؛ وفور الانتهاء ستعاود الخدمة نشاطها مرة أخرى.
 
ولن تسمع أي إجابة قد تهدئ من روعك تتعلق بتحديد موعد عودة الخدمة؛ باعتبار أن ذلك الموعد هو من الأسرار الخطيرة التي لا يُسمح بمعرفتها؛ رغم أنه أحيانًا قد يستمر انقطاع الخدمة لأيام طويلة!
 
مع كل اتصال ستسمع نفس الإجابة؛ التي ترفع مستوى ضغط الدم لدرجة مزعجة؛ لا يهم؛ المهم أن السيستم قد تم تصميمه لتكدير العملاء؛ وبنظرة لدول قريبة منا بدأت تنميتها بعدنا بعقود؛ لن تجد فيها هذا الهزل بأي حال من الأحوال؛ ومن المؤكد أنك لن تسمع "أقفل الراوتر وافتحه تاني" ويمكن مراجعة أي من أصدقائنا بالخارج للتأكد.

أما التعامل مع خدمة عملاء عدد كبير من البنوك أو شركات تجمع تحت لوائها شريحة ضخمة جدًا جدًا من العملاء؛ فحدث ولا حرج، وأكاد أشفق على شبابنا العاملين بخدمة العملاء من كم التعجيز الذي يتعاملون به.
 
فلا بدائل متاحة لهم تمكنهم من خدمة العميل؛ ولا نظام إلكتروني سلس يجعل التعامل من خلاله متعة تستحق التكرار والمداومة عليها.
رفقًا بنا فإننا نستحق نظامًا إلكترونيًا أفضل بكثير؛ لاسيما أننا نمتلك القدرات والإمكانات التي تؤهلنا لذلك؛ فمتى نستمع بالحصول على خدمة إلكترونية مبهرة بالدرجة الكاملة غير المنقوصة؟
 
سؤال أتمنى أن تحمل الأيام المقبلة إجابة شافية له؟
 
،،، والله من وراء القصد

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.

الأكثر قراءة