Close ad

الحجر الذي صحح كتابة التاريخ

29-9-2022 | 00:10

منذ أكثر من ٢٠٠ عام عُيّن الملازم المهندس الفرنسى بوشار في يونيو عام 1799 في كتيبة لسلاح المهندسين في مدينة رشيد، وكان من ضمن ضباط الحملة الفرنسية بقيادة نابليون التى غزت مصر عام ١٧٩٨، وفي مساء يوم 19 يوليو 1799، عندما كلُف بمهام تشييد تحصينات دفاعية على ضفة النيل الغربية، وأمر عماله بإزالة أنقاض أساسات إحدى القلاع المصرية القديمة، قلعة قايتباي، التي يرجع بناؤها إلى القرن الخامس عشر الميلادي، اكتشف رجاله كتلة حجرية من الجرانيت الأسود، يصل ارتفاعها إلى نحو متر، أما عرضها فهو 73 سنتيمترًا، وسمكها 27 سنتيمترًا.

كتلة حجرية  بنصوصها الثلاثة الواضحة وبحروف مختلفة، فمنذ ذلك الوقت شعر الضابط الشاب أنه وضع يده على "كنز لا يقدر بثمن".

وبعد أن هزمت القوات البريطانية الفرنسيين في مصر عام 1801، وأصبح الحجر في حوزة البريطانيين بموجب شروط معاهدة الإسكندرية فى عام 1801، تم نقله إلى لندن، وعرض  في المتحف البريطاني بشكل مستمر تقريبا منذ عام 1802، وكان الأثر الأكثر زيارة في المتحف البريطاني.

وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي، سادت الأوساط الفرنسية حالة من الهوس بالمصريات بعد نتائج البعثة العلمية التي صاحبت الحملة الفرنسية على مصر التي سلّطت الضوء على حجر رشيد المكتوب بثلاث لغات.

وقتئذ، سادت النقاشات والجدل بين الأوساط العلمية الفرنسية حول عمر الحضارة المصرية، وحول دور وطبيعة الكتابة الهيروغليفية، حتى ظهر جون فرانسوا شامبليون وهو أكاديمي وفقيه لغوي وعالم شرقيات فرنسي، والذى نبغ منذ طفولته في مجال اللغويات، حيث قدّم أولى أوراقه البحثية المنشورة حول فك رموز اللغة الديموطيقية سنة 1806م، وتقلّد في شبابه العديد من المناصب الفخرية في الأوساط العلمية، وعكف على دراسة اللغات الموجودة على حجر رشيد.

وبعد أن استطاع شامبليون فك رموز حجر رشيد تبين أن هذا الحجر عبارة عن مرسوم ملكي صدر في مدينة منف عام 196 ق.م. وقد أصدره الكهان كرسالة شكر لبطليموس الخامس؛ لأنه رفع الضرائب عنهم، وعليه ثلاث لغات الهيروغليفية والديموطقية والإغريقية.

وهذا يدل على أن هذه اللغات كانت سائدة إبان حكم البطالمة لمصر لأكثر من 150 عاما، وكانت الهيروغليفية اللغة الدينية المقدسة متداولة في المعابد، واللغة الديموطيقية كانت لغة الكتابة الشعبية (العامية المصرية)، واليونانية القديمة كانت لغة الحكام الإغريق.

وكان محتوى الكتابة تمجيدا لفرعون مصر وإنجازاته الطيبة للكهنة وشعب مصر، وهكذا منذ ٢٠٠ عام استطاع شامبليون فك شفرة اللغة الهيروغليفية عام 1822 م، ووضع أسس علم المصريات وأصبحت الهيروغليفية وأبجديتها تدرس لكل من يريد دراسة علوم المصريات.

* أستاذ بكلية طب الأزهر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
د. رضا عوض يكتب: عيد تحرير وتنمية سيناء

اليوم يمر أربعون عامًا على تحرير سيناء الحبيبه، أرض الفيروز، بوابة مصر الشرقية وأمنها وعمقها الإستراتيجي، والرباط التاريخي بين مصر وأشقائها العرب، صاحبة

د. رضا عوض يكتب: جذور الأزمة الروسية الأوكرانية

على مدى أشهر، ورغم أن روسيا نشرت حوالي 130 ألف جندي، مجهزين بكامل العتاد من الدبابات والمدفعية والذخيرة والقوة الجوية الجبارة، بالقرب من الحدود الأوكرانية،

الأكثر قراءة