متلازمة «الفومو» هي الخوف من أن يفوتك شيء ما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن «الفومو» مصطلح جديد، فإن الدوافع النفسية للشعور بهذا القلق قديمة للغاية، وأول من تناول هذا المصطلح هو الدكتور «دان هيرمان» في مجال التسويق الإستراتيجي.
وفي هذا العصر، وفي ظل مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت هي الصديق والرفيق، وقد وانغلق الإنسان على نفسه، وأصبح شغله الشاغل هو ألا يفوته شيء عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومتابعة «لايكات» وتعليقات الأصدقاء الافتراضيين.
نتوه في هذا العالم فيمضي بنا العمر، وفجأة نجد أنفسنا خاليي الوفاض، ولم نحقق أي شيء لأنفسنا، ونجد أن الشركات التي تصمم تلك المنصات تدرس سلوكيات مرتاديها، وبناء على فهم السلوك تعزز الروابط النفسية بين المستخدمين ومواقع السوشيال ميديا؛ ليصبح المستخدم مدمنًا إلكترونيًا.
فهناك جهاز في الجسم مسئول عن العاطفة والانفعال والذاكرة وغيرها، ويسمى هذا الجهاز «اللوزة الدماغية»، أو «اللوزة العصبية»؛ وهي جزء من الجهاز العصبي الموجود في الدماغ، وتتلخص وظيفة هذا الجهاز في اكتشاف الأمور التي تمثل تهديدًا لبقائنا، وأنه إذا لم نمتلك معلومات ومعارف حيوية متجددة أو انتابنا شعور بأننا لا ننتمي إلى أي مجموعة، فذلك يؤدي إلى اضطراب هذا الجهاز، ومن ثم الشعور بالتوتر والاضطراب.
فالأشخاص الذين يتناقص لديهم العلم بالأحداث، ويفقدون الاتصال بالآخرين، يظهر لديهم شعور بالقلق؛ ويظهر ذلك جليًا عندما ينفد شحن الموبايل، أو عندما يفقدون حساباتهم على «الفيسبوك أو تويتر أو إنستغرام أو سناب شات» لفترة معينة، فينتابهم الشعور بعدم الاستقرار النفسي والعاطفي، فهم لا يتصورون أنه يمكن أن تفوتهم الأحداث، وهذا يزيد قلقهم وتوترهم، ولن ينعموا بالهدوء، ويصبحون مدمنين إلكترونيًا، وينفصلون عن الواقع؛ ليعيشوا واقعًا افتراضيًا ويتركون أهدافهم وطموحاتهم في الحياة، ويقارنون أنفسهم بالآخرين، وذلك من خلال وسائل السوشيال ميديا، فينتابهم شعور بالإحباط وتدني الذات.
فالعالم الافتراضي يشبه الماء المالح؛ كلما شربت منه ازدت عطشًا، ويقول بعض العلماء إن أكثر الناس الذين يخافون أن تفوتهم الأحداث على مواقع التواصل تكون أجهزتهم العصبية عالية الحساسية للتغريدات المحيطة بهم؛ فهم أشخاص شديدو القلق والتوتر والانطواء.
فلابد أن ندرك أن ظاهرة «الفومو» هي مرض مزمن يتسلل إلى النفس البشرية ليصيبها بالمشاعر السلبية؛ من حقد وغيرة وكراهية وحسد، ولكن علينا أن نستمتع بالحياة وبالجلوس مع أحبائنا من أسرتنا الصغيرة، والكبيرة أيضًا.
مارس هوايتك وطور ذاتك ونمِ قدراتك وارتقِ في معاملاتك وأخلاقك، فهذا أفضل كثيرًا من اهتمامك بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة لحياة الآخرين، ولابد أن تعلم أنك إذا كنت منتبهًا طَوَال الوقت فلن تنعم بالهدوء ولو بعض الوقت.
ارجع إلى طبيعتك البشرية وفطرتك النقية الصافية التي خلقك الله عليها، وابتعد عن المقارنات مع الآخرين، وفكر في نفسك وكيف الوصول إلى أهدافك حتى تصل إلى قمة النجاح الذي يرضي طموحك.
ويقول الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ صدق الله العظيم.
* استشاري علم النفس والإرشاد الأسري والتربية الخاصة