- الماشية تزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بنسبة تصل إلى 18%
- "مزارع الدواجن الذكية" ضرورة ملحة فى ظل الظروف الراهنة للتغيرات المناخية
يشهد الإنتاج الحيوانى فى المرحلة المقبلة تحديات كبيرة تتعلق بالتغيرات المناخية - ويذكر الخبراء أنه رغم أن الإنتاج الحيوانى سيكون ضحية للتغيرات المناخية المتوقعة، إلا أنه أيضاً عامل هام فى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وأن الإدارة الذكية ووضع استراتيجية واضحة للتخفيف والتكيف، ضرورة ملحة فى ظل الظروف الراهنة، لإحداث التوازن بين الأمن الغذائى والبيئة.
تقول الدكتورة لمياء مصطفى رضوان أستاذة تربية الدواجن - كلية الزراعة جامعة عين شمس، أن القطاع الزراعى من أكثر القطاعات التى سوف تتأثر سلبياً بظاهرة التغيرات المناخية، كما أن الإنتاج الحيوانى سيواجه تحدياً عظيماً نتيجة التنافس على الموارد الطبيعية فى ظل ندرة المياه، وكمية الأعلاف ونوعيتها، وأضرار الإجهاد الحرارى مما سيؤدى إلى انخفاض الإنتاجية والكفاءة التناسلية والمناعة، وارتفاع نسبة النفوق لقطعان الحيوانات والطيور الداجنة، ومن جهة أخرى نجد أن الماشية تزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى(GHG) ، وتشكل ما يصل إلى 18% من إجمالى الانبعاثات، وبالتالى يلعب قطاع الإنتاج الحيوانى دوراً مهماً فى زيادة تدهور الأراضى، وتلوث الهواء والماء، وتقليل التنوع البيولوجى، وهنا يظهر التحدى الذى يواجهه قطاع الإنتاج الحيوانى، ويتطلب الحفاظ على التوازن بين الإنتاجية والأمن الغذائى والبيئة.
أكثر البلدان
وتضيف أن مصرمن أكثر البلدان عرضة لتأثيرات ومخاطر تغير المناخ، ومتوقع حدوث انخفاض فى الإنتاج الحيوانى بنسبة 25 % على مدار القرن الحالى نتيجة لتغير المناخ العالمى.
وتشير أنه كان ينظر إلى قطاع الثروة الحيوانية فى البداية على أنه ضحية للتغيرات المناخية، ولكنه أيضاً مساهم فى انبعاثات غازات الدفيئة العالمية المتسببة فى الاحتباس الحرارى مثل ثانى أكسيد الكربون (CO2) والميثان، وأكسيد النيتروز.
وغاز الميثان يؤثر على الاحتباس الحرارى بنسبة 28 مرة أكبر من ثانى أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروز، الناتج عن تخزين السماد الطبيعى، واستخدام الأسمدة العضوية وغير العضوية، لديه إمكانية زيادة الاحتباس الحرارى العالمى بمقدار 265 مرة أعلى من ثانى أكسيد الكربون.
وتوضح د. لمياء أن صناعة الدواجن تساهم بشكل منخفض فى إحداث التغيرات المناخية مقارنة بقطاعات الثروة الحيوانية الأخرى (الأبقار والجاموس) حيث إنه لا ينبعث من الدجاج غاز الميثان، ولكن ينبعث منه فوسفات وثانى أكسيد الكربون أقل من الحيوانات الأخرى المنتجة للحوم. بالإضافة إلى المميزات الأخرى لصناعة الإنتاج الداجنى من سرعة دورة رأس المال وإمكانية زيادة كثافة التربية، مما يجعل صناعة الدواجن بشقيها (إنتاج لحوم الدواجن والبيض) أكثر أنظمة إنتاج البروتين الحيوانى كفاءة من الناحية البيئية.
ورغم هذا فإن تربية الدواجن هى أحد المجالات التى أصبح فيها تطبيق مبادئ انترنت الأشياء، والبرمجيات ضرورة ، خاصة فى حالة التحكم فى غازات الاحتباس الحرارى(GHG) ، والتى يجب إدارة مستوياتها وفقاً لسياسة المناخ فى الاتحاد الأوروبى .
فهناك عوامل متعددة تؤثرعلى غازات الاحتباس الحرارى مثل تكوين النظام الغذائى، ونسبة تحويل العلف، وإنتاج السماد الطبيعى؛ وهذه العوامل تؤثر جميعها، بشكل مباشر أو غير مباشر، على المعلمات البيئية من درجة الحرارة والرطوبة وغازات تكوين الهواء والأمونيا (NH3) وثانى أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O).
المزارع الذكية
وهنا تظهر أهمية المزارع الذكية للإنتاج الداجنى لمراقبة المعلمات الرئيسية فى عنابر قطعان الدواجن مثل: تركيز الأمونيا NH3 الذى يجب ألا يتجاوز 20 جزءاً فى المليون، وتركيز ثانى أكسيد الكربون الذى يجب ألا يتجاوز 3000 جزء فى المليون، ودرجة الحرارة الداخلية التى يجب أن لا تزيد على 28 درجة مئوية، والرطوبة الداخلية يجب ألا تتجاوز 60%، كذلك عدد ساعات الإضاءة وشدتها، التى تعتبر عاملاً هاماً يؤثر فى مستوى الإنتاج على حد سواء لقطعان الدجاج اللحم ودجاج البيض.
أيضاً التحكم المعلوماتى فى كمية ونوعية الأعلاف تبعاً لعمر القطيع ونوع الإنتاج، ومعايير استهلاك المياه ومعدلات الإنتاج والتكلفة من خلال سجلات ألكترونية ورقمنة للبيانات فى المزرعة.
وتضيف أن مزارع الدواجن الذكية تعتبر ضرورة ملحة فى ظل الظروف الراهنة للتغيرات المناخية لكنها تواجه عديداً من الصعوبات، مثل صعوبة تحديد الطريقة الصحيحة لمعالجة البيانات، وعدم وجود لوائح قانونية تتعلق بكيفية معالجة البيانات.
كما أن ملكية البيانات أصبحت موضوعاً ساخناً، يثير التساؤلات حول احتفاظ مالكى المزارع بها، أو مشاركتها من أجل تعزيز التنمية الشاملة لقطاع الدواجن الذكية؟ حيث يمكن استخدام البيانات المجمعة لتطوير أنظمة دعم القرار الدقيقة وأنظمة التحليل التى لا تقتصرعلى مزرعة واحدة معينة، وكيفية استخدام البيانات التى تم جمعها قبل وأثناء الإنتاج من أجل تحسين الإنتاج الداجنى بمصر .
السلالات المتأقلمة
وتقول الدكتورة كريمة غنيمى أستاذ الوراثة التناسلية- معهد البحوث البيطرية - المركز القومى للبحوث: أن هناك تحديات كثيرة فى مصر تواجه الثروة الحيوانية وتؤثرعلى الإنتاج بشكل ملحوظ نتيجة للارتفاع الحاد فى درجات الحرارة، مما يؤدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة تهدد الأمن الغذائى، ومن الضرورى إيجاد آلية لتخفيف الآثار الضارة للمناخ على الحيوان، وتقييم الأضرارعلى قطاع الثروة الحيوانية ووضع استراتيجية واضحة للتخفيف والتكيف مع المناخ من خلال:
- الاعتماد على السلالات المحلية المتأقلمة من الحيوانات، خاصة الجاموس المصرى والماعز والعمل على تحسينها.
- التنبؤ المبكر للأمراض والأوبئة الناتجة عن التغيرات المناخية.
- تكثيف الوعى المجتمعى بمخاطر التغيرات المناخية على الثروة الحيوانية.
- استخدام إضافات غذائية مثل البروبيوتك ومضادات الأكسدة وحامض السلسيلك للحد من التأثيرات الضارة لارتفاع درجات الحرارة.
- عمل تركيبات علفية تناسب تغيرات المناخ.
- استخدام استراتجيات غذائية معدلة بحيث يقدم العلف مرتين الأولى فى السادسة صباحاً والثانية فى الثالثة مساءً مع استمرار تقديم الماء البارد طول اليوم.
- تعديل نظم إلاسكان والرعاية بالمزارع بما يتلاءم مع الحد من تأثير التغيرات المناخية.
- تجنب التغذية أو التعامل مع الحيوان خلال الأجواء الحارة.
- التوسع فى استخدام الأعلاف غير التقليدية ورفع قيمتها الغذائية.
تغيرات فسيولوجية
ويقول الدكتور خالد البيومى أستاذ ورئيس قسم الدواجن- معهد البحوث البيطرية - المركز القومى للبحوث: إن ظاهرة الاحتباس الحرارى تؤدى إلى حدوث مشاكل فى الطيور الداجنة، حيث إنها تؤدى إلى تغيرات فى كيمياء وفسيولوجيا دم الطائر، وكذلك تؤثرعلى الأنسجة المناعية والمناعة الدموية، كما أنها تزيد من قلوية الدم، وتؤثر بالسلب على معدل التحويل الغذائى، وأخيراً فإنها تؤثر على خصوبة الذكور والإناث فى قطعان الدواجن.
ويضيف: تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى فى مزارع الدواجن تتم السيطرة عليها، إما عن طريق الطائر نفسه كرد فعل فسيولوجى لتقليل الآثار الضارة لها، أو عن طريق المربى للمحافظة على إنتاجية الطيور.
بالنسبة لرد فعل الطائر فسيولوجياً، ونظراً لأن الطيور لا تعرق فإنها تقلل من حركتها، وتزيد من حجم الأجزاء المعرضة للهواء، عن طريق فرد الجسم أو الأجنحة، لزيادة نسبة البخر، بالإضافة إلى حدوث ظاهرة اللهث، وذلك لخفض حرارة الجسم، مما يزيد استهلاك الماء لتعويض الماء المفقود نتيجة لذلك.
وخلال الفترة الأخيرة حدث تطور كبير فى الطرق التى يقوم به المختصون لتقليل تأثير ظاهرة الاحتباس الحرارى على الطيور، مثل طرق بناء العنابر، حيث أصبحت مغلقة بالكامل، ويتم التحكم فى كل شىء أوتوماتيكياً للوصل إلى بيئة مناسبة للحصول على أعلى إنتاجية، وكذلك تغيرات طبيعة وميعاد تغذية الطائر (وذلك فى العنابر شبه المغلقة أو المفتوحة)، حيث يتم رفع المعالف قبل ارتفاع درجة الحرارة بعدة ساعات، ثم العودة بعد انخفاض الحرارة بإتاحة كاملة للعلف حتى اليوم التالى، وأخيراً إضافة بعض المركبات التى تحتوى على بيكربونات الصوديوم (3 - 5 %)، كلوريد الأمونيم (0.3 – 1 %)، فيتامين C ، وكذلك مادة البيتايين لمعادلة التأثير الضارعلى الطيور، وخاصة الأعضاء الحشوية كالكبد والكلى، مع تبريد المياه بوضع قوالب الثلج فى الفترات الأكثر حرارة للمحافظة على استساغة المياه، والحفاظ على معدل الاستهلاك الطبيعى لها.