Close ad

الحقائق الغائبة فى أراضى «المغرة» بالصحراء الغربية

27-9-2022 | 13:52
الحقائق الغائبة فى أراضى ;المغرة; بالصحراء الغربيةالدكتور فوزي دياب
تحقيق - علاء عبد الحسيب
الأهرام التعاوني نقلاً عن

توصيات بالتوسع فى الزراعات الملحية.. وفترات سماح إضافية لتقنين أوضاع المخالفين

موضوعات مقترحة

التوافق على زراعة 16 تركيبا محصوليا بالمنطقة.. وتيسيرات جديدة فى سداد الأقساط

لجنة من مجلس الوزراء تزور المشروعات.. وتقارير أوصت بالتوسع فى الأنشطة السمكية

زيادة نسب ملوحة التربة يهدد 281 ألف فدان بالبوار.. ومقترح بتوصيل المياه العذبة للمنطقة

حالة جدل كبيرة سادت خلال الفترة الأخيرة بشأن مطالب العديد من مزارعى منطقة المُغرة فى قلب الصحراء الغربية، لمواجهة حزمة تحديات ومشكلات تواجه زراعات المنطقة، على رأسها إنقاذ الزراعات من نسب الملوحة الشديدة الموجودة فى التربة، والتى أثرت على الزراعات، وتسببت فى تلف العديد من المحاصيل بالمنطقة، أحد أهم المناطق المستهدفة ضمن المشروع القومى لزراعة واستصلاح الـ 1.5 مليون فدان، والتى تسند إداراتها بالكامل لشركة تنمية الريف المصرى.

استغاثات المزارعين انطلقت تحديدًا من منطقة جنوب شرق القطارة التابعة لمنطقة المغرة، وتحديدًا بالقرب من الكيلو 200 على طريق الضبعة الجديد، أحد أهم الشرايين الجديدة والواعدة التى نفذتها الشبكة القومية للطرق، تطالب بسرعة تدخل الجهات المسؤولة لحل الأزمات التى تواجه المزارعين، ودراسة مقترحاتهم بتوصيل المياه العذبة لهم من مشروع محطة معالجة مياه الحمام، أحد أهم مصادر الرى الرئيسية لمشروع الدلتا العملاق الذى تنفذه الدولة وتسهدف به زراعة 2 مليون فدان، إضافة إلى التوسع فى المنشآت الخدمية بالمنطقة خاصة أن العديد من المنتفعين أنفقوا آلاف الجنيهات لزراعة أراضيهم وتقنين أوضاعهم بشركة تنمية الريف المصري.

التحديات التى تواجه مزارعى منطقة المغرة يراها المنتفعين أنها تهدد آمال عشرات الشباب وصغار المزارعين الذى بدأوا استصلاح وزراعة مساحات كبيرة فى المنطقة وصلت لحوالى 281 ألف فدان، فى نفس الوقت طالبوا الجهات المعنية ممثلة فى شركة تنمية الريف المصرى بسرعة وضع تصور كامل لمواجهة أزمة الملوحة والتنسيق مع وزارة الزراعة لتشكيل لجنة مختصة من مركز البحوث الزراعية لقياس الملوحة فى التربة والتى تجاوزت نسبتها 6 آلاف و108 وحدات فى المليون، وهى وفقًا للأبحاث العلمية نسبة عالية جدًا، تؤثر على زراعة المحاصيل، وتمثل أيضًا تحديا كبيرا يعيق مزارعى أراضى المغرة عن سداد الأقساط المستحقة لهذه الأراضي.

«الأهرام التعاوني» علمت أن لجنة من مجلس الوزراء، زارت المنطقة.. وكشفت عن تفاصيل ما يحدث فى منطقة المغرة، حيث توصلت إلى أن العديد من تجارب الاستزراع السمكى بالمنطقة أثبتت نجاحها، خاصة تربية الأصناف البحرية التى يتم تربيتها واستزراعها فى مياه البحر، وقد أوصت اللجنة فى تقرير مفصل أن هناك العديد من التراكيب المحصولية ثبت نجاحها فى مساحات كبيرة بالمغرة منها محاصيل الخضر والفاكهة، خاصة المناطق التى انتهت شركة تنمية الريف المصرى من تخطيطها.

توجيهات رئاسية

عدد من الحقائق بشأن ما يحدث فى منطقة المغرة.. وكشف عنها فى البداية اللواء مهندس عمرو عبد الوهاب رئيس مجلس إدارة شركة تنمية الريف المصرى.. والذى أكد أن هناك توجيهات رئاسية لدعم مزارعى مشروع استزراع واستصلاح مناطق الـ 1.5 مليون فدان، وتوفير كافة الخدمات والمرافق والبنية التحتية المطلوبة لهم، وذلك للنهوض بالقطاع الزراعي، وسد الفجوة الكبيرة بين الاستهلاك والإنتاج فى مصر، وتوفير السلع الغذائية والمنتجات بأسعار مناسبة، وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتغيرة التى أثرت على أسعار العملات والسلع.

وأضاف اللواء عمرو عبد الوهاب، أن «المغرة» أحد أهم المناطق الواعدة بأراضى المشروع القومى الكبير الـ 1.5 مليون فدان، والذى يتم تنفيذ مراحله الأولى فى مناطق المغرة وغرب «غرب المنيا» والفرافرة، وتوشكى، والداخلة، باعتبار أن أبناء القطاع الأخضر هم القوة المنتجة للمحاصيل الزراعية ودعم القطاع فى مصر، وقد نفذت الشركة العديد من الإجراءات خلال الفترة الأخيرة لدعم مزارعى منطقة المغرة والتوسع فى الأنشطة الزراعية المختلفة، حيث كان على رأس هذه الإجراءات تبنى خطة تطوير ورصف عدد من الطرق الرئيسية والداخلية بالمنطقة لدعم المناطق المخططة. 

وأشار رئيس شركة تنمية الريف المصري، أن الشركة قررت منح المزارعين المنتفعين بأراضى المشروع القومى استزراع واستصلاح الـ 1.5 مليون فدان، وتحديدًا مزارعى المغرة، تيسيرات إضافية جديدة لدعم القطاع الزراعي، والتخفيف عنهم فى ظل التحديات والظروف الاقتصادية الصعبة التى يواجهها العالم، حيث قررت مد فترة سداد الأقساط المستحقة على المزارعين لمدة عام إضافى جديد للمزارعين الجادين بدون فوائد، إضافة إلى إلغاء الفوائد على فترات السماح على المنتفعين مع منحهم فترات سماح إضافية لتوفيق أوضاع الذى لم ينتهوا من إجراءات التقنين، لحين توفير المستندات البنكية والورقية المطلوبة فى إجراءات التقديم، خاصة فى بعض المناطق الشمالية بالمغرة.

مدرسة زراعية

وأكد أن إدارة شركة الريف المصرى بدأت العديد من إجراءات التطوير للبنية التحتية منذ فترة لأراضى مشروع منطقة المغرة، كما أنها تبنت خطة لإنشاء عدد من الطرق الجديدة والبوابات الخاصة بالدخول لخدمة الطريق ودعم المنتفعين، حيث تبنت الشركة إستراتيجية أخرى تحت شعار «التواجد على الأرض» منذ إطلاقها مراحل المشروع، وذلك لخدمة المشروع ومواجهة التحديات التى تواجه المزارعين بالمنطقة، وقد كانت هذه الإجراءات ممثلة فى إنشاء مزرعة نموذجية بمنطقة المغرة لتوعية المزراعين بكافة السياسات الزراعية الخاصة، تتضمن منظومة رى حديثة وأساليب متطورة للزراعة وطرق جديدة لتجهيز وتسوية الأرض، وهذا يمكن أن نطلق عليها «مدرسة زراعية» لخدمة مزارعى منطقة المغرة وتقديم كافة الفنون والممارسات التى تتعلق بالزراعة، موضحًا أن توجه شركة تنمية الريف المصرى ليس فى بيع الأراضى للمنتفعين بل لتطويرها والنهوض بالقطاع الزراعى فى المنطقة، وكافة مناطق مشروع الـ 1.5 مليون فدان.

وأوضح اللواء عمرو عبد الوهاب، أن الدولة ممثلة فى شركة الريف المصرى تستهدف إنشاء عدد من المشروعات بمنطقة المغرة، منها مشروعات لتجفيف الحاصلات الزراعية، ومناطق لوجيسيتية لتجميع وتعبئة المحاصيل وتسويقها ومشروعات التصنيع الزراعى أحد أهم القطاعات الناجحة والربحة، وقد أثبتت كافة التوصيات التى أجراها الباحثين والمختصين مستقبل المنطقة الواعد خلال الفترة المقبلة لتكون واحدة من أهم المناطق الزراعية الحديثة فى مصر.

من الناحية الأخرى، أكد عبد العاطى صالح، الخبير الزراعى وأحد مزارعى منطقة المغرة، أن أراضى المنطقة فرصة كبيرة لتحقيق التنمية الزراعية بمفهومها الواسع حال معالجة أزمة ملوحة المياه، كما أن المفترض أن شركة الريف المصرى تضع كل خصائص وظروف الأراضى والتربة التى يتم تخصيصها للمزارعين فى كراسة الشروط قبل طرحها للمنتفعين، حيث أن المزارعين دفعوا أقساط التعاقد وقيمة حفر الآبار وأنفقوا تكاليف كبيرة لتجهيز الأراضى ويواجهون الآن تحديات كبيرة فى زراعة المحاصيل بالمنطقة، قائلًا.. «ما الأزمة من تحميل جزء من تكلفة الحفر والتوصيل لخط المياه العزبة من مشروع تحلية ومعالجة المياه بالحمام على أقساط المزارعين»، عدد كبير من مزارعى منطقة الـ 281 ألف فدان لديهم استعداد تام للمشاركة فى تكاليف توصيل المياه العذبة إلى المنطقة». 

وأضاف الخبير الزراعي، أن استمرار تراكم الملوحة فى التربة لفترة أكبر سيساهم فى تلف التربة، وقتها سيكون علاجها صعب وبالتالى فإن سرعة التحرك لخلف بدائل أخرى تقلل ملوحة التربة فى أراضى المغرة قد يكون فرصة جيدة لدعم القطاع الزراعى بالمنطقة، باعتبار أن المياه المالحة قد تصلح لاستزراع الأسماك، وهى فرصة جيدة لتغيير نشاط هذا الجزء من أراضى المغرة بالكامل من أراضى زراعية لمشروعات استزراع سمكي، أو تنفيذ فكرة خلط المياه المالحة بالعذبة، والذى يقلل نسبة الملوحة فى التربة أو إنشاء محطات خاصة لتحلية المياه على حساب المزارعين، وقد خاض عدد من المنتفعين هذه التجربة وقرروا إنشاء محطات معالجة خاصة لكنهم اكتشفوا إنها مكلفة جدًا وتحتاج إلى ميزانيات ضخمة.

الموقف المائى لأراضى منطقة المغرة.. كشف عنها الدكتور أحمد فوزى دياب الخبير المائى بالأمم المتحدة، ورئيس الفريق البحثى لاستكشاف أراضى منطقة المغرة سنة 2015، حيث أكد أن الحقيقة المرة التى يغفلها الكثير فى ملف أراضى المغرة أن شركة الريف المصرى عندما قررت طرح أراضى على المنتفعين فى منطقة المغرة والبالغ إجمالى المساحة بها ما يقرب من مليون فدان، وضعت مخطط تفصيلى بالأماكن الصالحة للزراعة وفقًا لدراسات بحثية واضحة أشرفت عليها لجان بحثية من كبار الأساتذة والمختصين بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة والتى أوصت بالموافقة على ما يقرب من 70% من إجمالى المساحة، وهنا بدأت شركة تنمية الريف المصرى باعتبارها الجهة المسئولة عن إدارة أراضى استزراع واستصلاح الـ 1.5 مليون فدان فى التخطيط للمساحة المذكورة.

واضعو اليد

«شركة الريف المصرى حددت فى كراسة الشروط التى طرحتها على المنتفعين محددات المساحات ومواصفات التربة التى أوصت بها التقرير.. وبالفعل نجحت العديد من الزراعات هناك بعد نجاح توفيق ما يقرب من 16 تركيب محصولى أثبتت جدواها الاقتصادية بالمنطقة، إلا أن الأزمة فى هذا المنطقة تكمن عند عدد كبير من واضعى اليد الذين بدأوا النشاط الزراعى بالمنطقة منذ فترة، ولجئوا إلى شركة الريف المصرى بعدها لتقنين أوضاعهم، وقد أدرجتهم الشركة ضمن قائمة المتقدمين لطلبات التقنين رغم عدم تخطيط المنطقة، قائلًا: «نسبة الملوحة فى المساحات التى خططتها الشركة للمنتفعين بالمنطقة الجنوبية تبدأ من 2000 جزء فى المليون وحتى 3500 جزء فى المليون.. فى حين أن نسبة الملوحة فى المناطق الشمالية غير المخططة، والتى دخلت ضمن منظومة التقنين تببدأ من 4 آلاف جزء فى المليون وحتى 12 ألف جزء فى المليون، مما يصعب الزراعة بها».

وأشار رئيس الفريق البحثى لاستكشاف أراضى منطقة المغرة، أن منطقة المغرة التابعة للمشروع القومى الـ 1.5 مليون فدان واحة واعدة تضم بحيرة كبيرة ومخزون جوفى هائل يكفى لزراعة المناطق التى تم التخطيط لها، وقد أوصت الدراسات البحثية بحزمة توصيات بشأن الأنشطة الزراعية المطلوبة فى المنطقة، كان على رأسها أهمية التوسع فى إنشاء مشروعات المزارع السمكية البحرية لتربية واستزراع أصناف من الأسماك تتناسب مع هذه البيئة المالحة، منها أسماك الدنيس والقاروص والجمبري، وقد نجحت بالفعل مؤخرًا العديد من التجارب السمكية الناجحة بهذه المنطقة، مشيرًا أن أراضى ومنتجات منطقة المغرة تربت فى بيئة بكر بعيدًا عن التلوث، وبالتالى فهى فرصة لتصديرها إلى جميع أسواق العالم.

الزراعات الملحية

واستكمل الدكتور دياب، أن العالم يتجه مؤخرًا إلى الزراعة الملحية وهى أحد أهم الزراعات الشائعة خلال الفترة الأخيرة، خاصة فى ظل التغيرات المناخية التى طرأت على العالم، وهى نوع جديد من الزراعة التى أثبتت جدواها الاقتصادية فى العديد من دول العالم بنسبة ملوحة تصل لنحو 5 آلاف جزء فى المليون، قائلًا: «من المهم أيضًا نؤكد أن الزراعة الملحية لا تعنى فقط زراعة النباتات فأيضًا لاستزراع السمكى هو أحد أهم قطاعات الزراعة خاصة فى منطقة المغرة، والتى تم العديد من التجارب الناجحة وتتطلع إلى التوسع فى مشروعات الثروة اليوانية خلال الفترة المقبلة، مطالبًا بضرورة تبنى الزراعات الملحية والتوسع بها فى المناطق الجديدة فى مصر.

وعن مطالبات المزارعين بشأن توصيل المياه العذبة من مشروع محطة الحمام العملاقة إلى أراضى المغرة.. قال الدكتور دياب، أن من الصعب جدًا تحقيق هذا المطلب، خاصة وأن مياه هذا المشروع مخصصة لمشروع الدلتا العملاق، والذى تستهدف الدولة التوسع فى مساحاته إلى 2 مليون فدان، كما أن كميات المياه التى يتم معالجتها بهذا المشروع ربما لا تكفى احتياجات مشروع الدلتا، وبالتالى فإن مقترح توصيلها لأراضى المغرة سيكون أمر صعب بل يحتاج إلى قرار سياسي، موضحًا مقترحات التوسع فى الزراعات والأنشطة المحددة للمكان هى الضمانة الحقيقية لتحقيق الطفرة الزراعية المطلوبة بمنطقة المغرة، لتكون واحدة من أهم المناطق الزراعية الواعدة بالمشروع القومى استزراع واستصلاح الـ1.5 مليون فدان فى مصر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة