.. حين يكون الحديث عن الصحة فلا شك أننا أمام أهم القضايا، وحين يكون الحوار عن أوجاع المصريين فالمؤكد أننا أمام قضية تستحق التوقف عندها لأنها باتت تؤرق المجتمع المصري كله.. كما أنه حين يكون المتحدث هو الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق والعالم المصري الكبير في مجال الطب فإننا أمام قيمة وقامة كبيرة وحديثه في ملف الصحة هو حديث العالم بأدق تفاصيل هذا الملف الأهم في مصر.. أنها الصحة التي قيل عنها أنها تاج فوق رءوس الأصحاء لا يراه إلا من فقدها.. وهي أيضًا ثروة الإنسان وأغلى ما يملك.. وقال عنها الإمام علي بن أبي طالب: "العافية إذا دامت جُهلتْ وإذا فُقدت عُرِفتْ" وخير الدعاء "اللهم إنا نسألك العفو والعافية"..
موضوعات مقترحة
.. هكذا هي الصحة وتلك هي أهميتها التي نحاور الدكتور أشرف حاتم حول قضاياها وأوجاعها بحثًا عن علاج وسعيا وراء تشخيص دقيق من طبيب وعالم ومسئول يشعر بأنينها ويستشعر أزماتها.. بهدوءه المعهود وعلمه اللامحدود تحدث الدكتور حاتم عن محاور الملف وتفاصيل القضية بصراحة كاشفة للثغرات ومحددة للمشكلات، فجاءت إجاباته عن قائمة الأسئلة التي حملناها إليه في عيادته بالمهندسين على وقع أنين المرضى تحمل في مجملها ما يمكن وصفه بـ "روشتة" علاج لأم القضايا في مصر ..
اعترف الدكتور أشرف حاتم أن هناك تقصيرا في الخدمة الصحية، إلا أنه بعث برسالة طمأنة للمصريين بتحسن الخدمة حين يكتمل تطبيق التأمين الصحي، كما كشف عن حزمة قوانين ستناقش أمام مجلس النواب في دورته المقبلة، كما أشار إلى أسباب تعثر تنفيذ قانون نقل الأعضاء فيما كشف عن أسباب هجرة الأطباء وسبل مواجهتها، كما تطرق إلى الزيادة السكانية والمعوقات التى تحول دون تحقيق نتائج إيجابية مرضية فيها، كما تناول الحوار الدور الرقابي للبرلمان على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنيين .
كما حملت إجابات الدكتور أشرف حاتم تشخيصًا دقيقا لموقف وباء كورونا في مصر ومخاوف عودته بقوة مرة أخرى وكذا موقف جدري القرود وذلك في حديث مطول حول الأوبئة وأسبابها فيما تضمن الحديث أساب ظاهرة السوق العشوائي للدواء وكذا نقص المستلزمات الطبية وتأثيرها على الخدمات العلاجية .
كثيرة هي المحاور التى دار حولها الحوار وعديدة هي الأسئلة التي طرحناها على الدكتور أشرف حاتم إلا انه بأدب جم وبإنسانية الطبيب جاءت إجاباته كالتالي:
من الجائحة العالمية نبدأ حوارنا، ما موقف فيروس كورونا في مصر ؟
نحن في أواخر سبتمبر، وأيضًا في نهايات الموجة السادسة، والحمد لله كانت أغلب الحالات فيها من المتحور "أوميكرون"، الذي يُعد أخفّ متحورات الفيروس، فكانت العدوى بالجهاز التنفسي العلوي، وليس الرئة، لذلك جاءت الأعراض بسيطة، وتشبه أعراض الإنفلونزا؛ حيث التهاب الحلق، والرشح، وتكسير في الجسم، وارتفاع بسيط في درجة الحرارة، وكانت أغلب الإصابات خفيفة، وتعافت من تلقاء نفسها، أما كبار السن، ومن لديهم عوامل خطورة كإصاباتهم بأمراض مزمنة، فكنا نعطيهم مضادات للفيروسات، و99% من هذه الحالات كانت تستجيب للعلاج خلال خمسة أيام، ولذلك تراجعت مدة العزل في الموجة السادسة لـ"كورونا" من 10 أيام إلى خمسة أيام فقط .
الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق
هل يعني ذلك أن الفيروس بات مأمون المخاطر؟
بالطبع لا، برغم أننا في نهاية الموجة السادسة الآن، وأن إصابات هذه الموجة كانت بسيطة، وغير مُقلقه، إلا أن الفيروس لا يزال موجودًا، ولا يجب أن نتعامل معه باستهانة، كما أننا كأطباء نتوقع عودة ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس مع دخول فصل الشتاء، وموسم الإنفلونزا، ونأمل أن تظل الإصابات بسيطة، وألا يفاجئنا الفيروس بمتحور جديد.
هذا يؤيد توقعات منظمة الصحة العالمية بظهور طفرات جديدة للفيروس خلال أسابيع؟
نعم، بالرغم من أننا أمام فيروس جديد ليس لدينا خبرة في التعامل معه، ومع متحوراته التي يفاجئنا بها كل فترة، إلا أننا نتوقع استمراره في التحوّر، والأهم هنا ليس تلك السلالات الجديدة التي يفرزها الفيروس من وقت لآخر، وإنما طبيعة هذه السلالات، إذ نأمل أن تظل من نوعية "أوميكرون" التي نشهدها الآن في الموجة الحالية، فبالرغم من كثرة إصاباتها، إلا أن جميعها إصابات خفيفة، لا تستدعي دخول الرعاية المركزة، أو حتى دخول المستشفى .
الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق
هل كشف "كورونا" عن ضعف الوعي الصحي في مصر خاصةً أن هناك من لم يحصل على جرعات اللقاح المضاد للعدوى حتى الآن؟
نسبة المُقتنعين بالتطعيم في العالم كله، لا تزيد على 60% ولكن ما حدث أن السلطات الصحية في العالم اشترطت على المواطنين – كما فعلت مصر- عدم دخول المؤسسات، والمصالح الحكومية، إلا بتقديم شهادة تفيد حصولهم على التطعيم، لكنهم كانوا أكثر تشديدًا في ذلك، حتى إن بعض المطاعم في فرنسا، وأمريكا، وأوروبا، اشترطت هذه الشهادة، فكان التطعيم في هذه الدول إجبارًا للناس، وهو ما جعل نسبته لديهم تصل لأكثر من في 90% أما نحن في مصر، فلم نُجبر الناس على التطعيم بهذا الحد الذي طبقته دول العالم، ومع ذلك فقد وصلت نسبة التطعيم لدينا نحو 60% وهذا جيد، لأن بقية المواطنين حصلوا على مناعة مجتمعية من الإصابة نفسها، لكن، كما قُلتِ، نحن لسنا في غِنى عن زيادة الوعي بثقافة "الوقاية خير من العلاج"، ودور الإجراءات الاحترازية في تقليل احتمالية إصابتنا بأي عدوى فيروسية وليست فقط عدوى "كورونا".
وماذا عن جدري القرود وموقفه في مصر ؟
أولًا، لا علاقة لفيروس جدري القرود بفيروس كورونا المستجد، جدري القرود ينتقل عن طريق التلامس الجنسي اللصيق أثناء العلاقات غير الشرعية، هذا الفيروس منتشر أكثر بين المثليين، ولذلك لم يُسجل إصابات في مجتمعنا المصري: "قد تظهر حالات لبعض القادمين إلى مصر من الخارج، ولكن لم تُسجل مصر إصابات لهذا الفيروس بين المقيمين حتى الآن" وان شاء الله لا يحدث ذلك .
هل الإجراءات الاحترازية لـ"كورونا" حصانة من أي عدوى أخرى؟
هي حصانة فعلا من عدوى فيروس كورونا، ومن أي عدوى أخرى تنفسية، ويجب أن تكون أسلوب حياة لنا، ولأبنائنا، بأن نداوم على ارتداء للكمامة، وغسيل اليدين، والتباعد الاجتماعي، أما فيروس جدري القرود، فإجراءات الوقاية منه تتطلب التباعد الجنسي الذي يحدث للأسف بين المثليين، وفي العلاقات غير الشرعية ولذلك ينتشر هذا الفيروس في أوروبا أكثر .
الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق
ننتقل إلى قطاع الصحة.. ما تقييم حضرتك للخدمة الصحية المقدمة للمواطن المصري؟
الخدمة الصحية لدينا نوعان، الأول هو الخدمة الصحية المقدمة في العيادات الخارجية، مثل الكشف، وهذا النوع 80% منه يُقدمه القطاع الخاص، والأهلي، ليس الحكومي، والثاني هو الخدمة الصحية المقدمة في المستشفيات، مثل العمليات الجراحية، والطوارئ، وهذا النوع 80% منه تُقدمه المستشفيات الحكومية، أو الجهات التابعة للحكومة كالمستشفيات الجامعية.
للأسف لا يوجد تنسيق بين الاثنين- الكشف في العيادات الخاصة، وإجراء العمليات في المستشفيات الحكومية-، المواطن المصري بحسب آخر إحصائية ينفق على الخدمة الصحية أكثر من 70% من ماله الخاص، وقد يكون موظفًا، ولديه تأمين صحي، أو قرار علاج على نفقة الدولة، لكن بُطء الإجراءات، بل وتعقيدها في أحيان كثيرة، يدفعه - رغمًا عنه- نحو الخدمات الصحية الخاصة، متكبدًا تكلفتها، وتكلفة العلاج، في سبيل إسعاف صحته، فكان الحل الوحيد، والذي سبَقنا العالم كله إليه، هو التأمين الصحي الشامل، الذي وجّه رئيس الجمهورية بتطبيقه في مصر .
وما شكل الخدمة الصحية المقدمة للمواطن من خلال منظومة التأمين الصحي الشامل المُنتظرة؟
سيحصل على الخدمة الصحية بجودة أعلى، وبإجراءات سريعة، ومُيسره، وبمجهود يكاد يكون منعدم، إضافة إلى عدم تكبد أموال طائلة من ماله الخاص على هذه الخدمة .
الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق
بلسان المواطن المصري .. كم خطوة يمر بها للحصول على الخدمة الصحية؟
الخطوة الأولى: يذهب فيها المريض إلى طبيب الأسرة الخاص به، الذي يتعامل معه منذ سنوات طائلة، ويعرفه وأفراد أسرته معرفة جيدة، ويخضع للكشف عنده، وهذا الطبيب بدوره سيقوم بتشخيص الحالة، ووصف العلاج المناسب، وإذا كان المريض بحاجة إلى مراجعة أخصائي، أو استشاري، أو إجراء عملية، سيقوم طبيب الأسرة - الذي اختاره المريض من البداية- بتحويله إلى الأخصائي، أو الاستشاري، أو المستشفى المناسب لحالته .
الخطوة الثانية: يتلقى فيها المريض رسالة هاتفية للذهاب إلى الأخصائي، أو الاستشاري، أو المستشفى - في حال إجراء جراحة- كما ستوضح الرسالة اسم الطبيب، أو المستشفى المُحول إليها المريض، والمكان، وموعد الذهاب.
الخطوة الثالثة: يذهب فيها المريض حسب الموعد، والمكان المُحدد في الرسالة للحصول على الخدمة الصحية، دون عناء، أو انتظار، وبعد ذلك يصرف العلاج بكل سهولة، لتتحول منظومة الصحة في مصر بعد تطبيق التأمين الصحي الشامل إلى قطاع مُنظّم للعلاقة بين المريض، والطبيب:" التأمين الصحي الشامل هو أملنا لتحسين الخدمة الصحية المُقدمة للمصريين".
الدكتور أشرف حاتم فى حوار مع مندوبة بوابة الأهرام
هل سيدفع المريض وقتها قيمة الكشف عند ذهابه لعيادة طبيبه الخاص ؟
لا، "ولا جنيه واحد"، فقط سيذهب لطبيبه الخاص، ويحصل على وصفة العلاج، ويعود لمنزله، أو يحصل منه على تحويل لأخصائي، أو استشاري، أو مستشفى: يارب ان شاء الله نكون زي العالم المتقدم في الخدمة الصحية المقدمة للمواطن".
وماذا عن المستشفيات داخل منظومة التأمين الصحي الشامل؟
كل المستشفيات ستكون متوافرة للمرضى داخل منظومة التأمين الصحي الشامل، المستشفيات الحكومية، والجامعية، والأهلية، ومستشفيات الجيش، والشرطة، والقطاع الخاص، ليذهب إليها المريض بدون تكلفة، ويتلقى خدمة صحية بأعلى جودة، له، ولجميع أفراد أسرته" إن شاء الله".
بما أن التأمين الصحي الشامل سيُذيب بيروقراطية الخدمات الصحية - في القطاع الحكومي- أمام المواطنين .. لماذا إذن تأخر في تطبيقه ؟
لا يُمكن قطف ثمرة قبل اكتمال نضجها، وإلا لن تفيد هذه الثمرة صاحبها، بل بالعكس، قد تضره، والتأمين الصحي الشامل كمنظومة جديدة عزمت الدولة المصرية على تبنّيها، وتطبيقها، لتحسين الخدمة الصحية المقدمة للمواطن، وتخفيف العبء المادي، والجسدي، والزمني، الذي يتحمله من أجل حصوله على الخدمة، يجب أن تكتمل قبل تطبيقها عدة أركان، كالبنية الأساسية، والمعلوماتية، وتدريب الفريق الصحي من أطباء، وصيادلة، وتمريض، وعلاج طبيعي، وإداريين، وحتى مُدخلي البيانات، ثم ربط كل ذلك يبعضه البعض، وكل هذا بحاجة إلى وقت حتى يخرج بالشكل المضبوط، أو بتعبير آخر "حتى تنضج الثمرة، وتُفيد صاحبها".
وكم من الوقت تحتاجه منظومة التأمين الصحي الشامل لتكتمل أركانها، ويبدأ العمل بها في جميع محافظات مصر ؟
حسب القانون الذي صدر في عام 2019 كان من المفترض أن تكتمل أركان هذه المنظومة خلال 15 سنة، لكن رئيس الجمهورية طلب أن يتم ذلك خلال 10 سنوات - رغم التحديات الاقتصادية العالمية- إلا أن سيادته مؤمن بالأثر الطيب لهذه المنظومة الذي يتمثل في تحقيق "حلم المصريين" بتوفير الرعاية الصحية الشاملة، والمتكاملة، لجميع أفراد الأسرة، وقد بدأ التطبيق التجريبي بالفعل على محافظتي بورسعيد، والأقصر، ومن المقرر أن يمتد التطبيق لمحافظات الإسماعيلية، جنوب سيناء، أسوان، والسويس، كمرحلة أولى، ثم إلى محافظات قنا، البحر الأحمر، مرسى مطروح، وغيرها كمرحلة ثانية.
بصراحة.. وبرغم جهود الدولة الموجهة نحو تحسين الخدمة الصحية للمصريين، هل لا تزال هناك معوقات أمام المريض للحصول على العلاج؟
أكيد، توجد بيروقراطية، وبعض المعوقات أمام المريض، أقساها المعاناة في إنهاء الإجراءات المطلوبة للحصول على خدمته، ولكن المواطن المصري يستشعر أيضًا تحسنًا ملحوظًا في الخدمة الصحية على مدار السنوات الخمس الماضية، منها إجراءات الحصول على قرار علاج على نفقة الدولة، وعلاج قوائم الانتظار في المستشفيات الجامعية، والمراكز المتخصصة، إضافة للمبادرات الصحية التي باتت تبحث هي عن المريض، مثل المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة .
بمناسبة قوائم الانتظار .. هل انتهت أم لا يزال هناك مرضى قيد انتظار دورهم لإجراء الجراحة المحددة لهم ؟
لن تنته قوائم الانتظار، ولكن انتهت فتراتها الطويلة التي كانت قاسية على المرضى، وفي أحيان كثيرة تهدد حياتهم، فبعد أن كانت الجراحات كجراحة القلب المفتوح، وجراحة المخ والأعصاب، وغيرها من الجراحات الكبرى تستغرق نحو 6 شهور ليحصل المريض على دوره في إجرائها بسبب كثرة عدد المرضى، باتت تستغرق أسبوعين على الأكثر، وهذا هو نجاح معالجة مدة قوائم الانتظار القاسية، لكن القوائم ذاتها لن تنته.
دخول المستشفيات العامة - تقريبًا - أصبح مغامرة صعبة، وفي المقابل العلاج الخاص ليس بمقدور المواطن البسيط، كيف ترى الحل إلى أن يتم اكتمال وتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل ؟
المستشفيات العامة تستقبل المرضى ممن لديهم تأمين صحي، أو قرار علاج على نفقة الدولة، وهو ما جعل عليها ضغط شديد، وخاصة المستشفيات الجامعية في المحافظات، لعدم قدرة غالبية المرضى على الذهاب للمستشفى العام، أو المركزي، وهذا الضغط الهائل جعل من دخول المستشفيات العامة مغامرة - كما تقولين -ولهذا السبب تُحوّل وزارة الصحة الآن أغلب المستشفيات العامة إلى مستشفيات تابعة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة التابعة لوزارة الصحة والسكان، كمحاولة منها لمساعدة المستشفيات الجامعية، فضلا عن أنها أفضل من المستشفيات العامة من حيث الإدارة، واللائحة :" لدينا خدمة صحية جيدة ولكن غير منظمة، لدينا أطباء، ومراكز صحية، وطبية، ومستشفيات، على أعلى مستوى، ولكن ليس لدينا نظام، وينقصنا فقط إدارة هذه المنظومة ".
لماذا الزيادة السكانية مشكلة بلا حل رغم جهود الدولة؟
لأن هناك فترة من بعد عام 2011 إلى 2017 سقطت فيها التوعية بقضية الزيادة السكانية، ومخاطرها، ليس على الدولة فقط، وإنما أيضًا على الأسرة، والطفل نفسه، ولم يُؤدِّ المجلس القومي للسكان دوره في رفع الوعي بهذه المخاطر كما ينبغي .
وهذا يأخذنا إلى التشريعات .. لماذا يواجه قانون زراعة الأعضاء عقبة في التنفيذ إلى الآن ؟
القانون صدر في عام 2010 وتأخرت اللائحة التنفيذية الخاصة به، ثم صدرت بعد تعديل في القانون في عام 2019 وبدأت اللجنة العليا لزراعة الأعضاء تجتمع من عامي 2020 و 2021، وبسبب جائحة فيروس كورونا، توقف كل شيء – كما حدث في العالم كله – والآن بعد أن بدأت المجتمعات تسترد وعيها من صدمة كورونا، وتُحصِّن مواطنيها من العدوى، باللقاحات، والتنبيه على اتّباع الإجراءات الاحترازية، بدأت اللجنة مواصلة عملها من جديد، فالتأخر كان بسبب الإعداد والتنظيم الجيد لهذه العملية الدقيقة، لضمان عدم وقع أخطاء سواء في التبرع، وطريقته أو حتى في اختيار المراكز الطبية .
غير الجائحة التي فرضت نفسها على العالم، ومصر جزء منه .. هل يواجه القانون عقبات أخرى في تأخر تنفيذه؟
نعم، والعقبة الأساسية التي تواجهها اللجنة تتمثل في زراعة الأعضاء من متوفى حديث، وقد تحتاج في تخطّيها مساعدة من مجلس النواب في بعض التعديلات التشريعية، ونحن جاهزون لدعمها في ذلك، لكن الأهم من وجهة نظري، هو رفع الوعي بالتبرع بالأعضاء - بعد الوفاة - خاصةً وأن الأزهر الشريف حثّ على ذلك استنادًا لقول الله تعالي :" ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا".
هناك تشريعات أخرى تخص قطاع الصحة صدَرت عن مجلس النواب، ولم تجد طريقها للنور .. لماذا ؟
تُسأل في ذلك الحكومة.
على سبيل المثال .. قانون تنظيم الإعلان عن المنتجات الصحية .. لماذا تأخر؟
هذا القانون حتى يصدُر يستلزم وجود لائحة تنفيذية خاصة به، واللائحة لم تصدُر حتى الآن، وعندما طالبنا بها السيد وزير الصحة، والحكومة، مُتسائلين عن سبب التأخر، علمنا أنهم يواجهون بعض المشاكل في المسميات الخاصة ببعض الأمور الموجودة في القانون، وأنهم يحاولون حلها مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، حتى يتسنى لهم إصدار اللائحة التنفيذية، أو تعديل بعض المسميات في القانون .
وماذا عن تأخر قانون المسئولية الطبية ؟
لدينا ثلاثة مشاريع قانون لقانون المسئولية الطبية، كل مشروع تقدم به 60 نائبًا بمجلس النواب، فشكّلنا لجنة مُصغّرة خلال الفصل التشريعي الماضي، وجمعت اللجنة الثلاثة مشاريع في قانون واحد، وإن شاء الله تجري مناقشته في بداية الدورة البرلمانية المُرتقَبة أول أكتوبر المُقبل، وبحد أقصى مع نهاية شهر أكتوبر يكون القانون قد عُرِض على الجلسة العامة للتصويت عليه .
هذا القانون يأخذنا لأسباب هجرة الأطباء .. كيف تراها من وجهة نظرك ؟
هجرة الأطباء ناتجة عن ثلاثة أسباب رئيسية، الأول حاجة الطبيب للتقدير المادي، لأنه من أجل أن يُصبح طبيبًا يظل مواصِلًا للمذاكرة من 15 : 18 ساعة في اليوم، لمدة 10 سنوات، حتى يتمكّن من بِدء حياته العملية :" المر تبات والتحفيز المادي للأطباء قليل جدا مقارنةً بالعالم كله ".
السبب الثاني، حاجة الطبيب لفرصة التعليم، والتعلُّم، من خلال الحصول على شهادات من جهات عالمية، وعلمية، تدعم مهاراته، وخبراته، وفُرَصه في الحصول على الشهادات المهنية - "الزمالات"، و"البورد"-.
السبب الثالث، حاجة الطبيب إلى الحماية داخل مكان عمله من مضاعفات الجراحات - المتعارف عليها في كتب الطب عالميًا - ولكن كثير من المرضى، وأُسرهم، يعتقدون خطئًا أنها ناتجة عن إهمال الطبيب، حتى أنهم يصفونها بالقتل الخطأ، وهو ما يجعل الطبيب مُعرِضًا عن إجراء الجراحات التي تحتمل مضاعفات أثناء وبعد إجرائها قد تدفع به إلى السجن - بسبب هذا الاعتقاد-.
وما الحل من وجهة نظركم ؟
بالنسبة للدخل المادي للطبيب، تعمل وزارة الصحة والسكان حاليًا بتوجيهات رئيس الجمهورية، على تحسينه، بحيث يحصل الطبيب على مقابل مادي مناسب، وكذلك الفريق الطبي كله .
وبالنسبة لفرص التدريب، والتعلم، أصدرنا في مجلس النواب العام الماضي قانون المجلس الصحي المصري، الذي سيُمكّن جميع الأطباء من فرص التدريب، والتعلُّم، حيث يُتيح لهم الحصول على "البورد المصري"، الذي يُتيح لهم فرص التخصص، ورفع مستواهم التعليمي، والتدريبي، والمهني.
وبالنسبة للخوف من مضاعفات الجراحات التي يظنها بعض المرضى وكذلك الأهالي قتلًا بالخطأ، فإن صدور قانون المسئولية الطبية المُرتقَب في نهاية شهر أكتوبر المقبل، سيعالج ذلك، ويضمن حماية الفريق الصحي بالكامل، وخاصةً الأطباء داخل مكان العمل .
كطبيب .. ورغم ظاهرة الهجرة التي تفرض نفسها وتعمل الحكومة على معالجتها كما ذكَرت حضرتك .. ماذا تقول للأطباء ؟
"لا شك في قدرات مهارات الطبيب المصري، وإلا ما فتحت له الدول العربية، والأجنبية العالمية، أبواب العمل لديها على مصراعيها، وليس لأحد أن يمنعهم حق البحث عن فرص لتحسين الدخل، والتعلُّم، والخبرات، فكلها طموحات مشروعة لأي طبيب يريد لنفسه النجاح، والتميز، لكننا نعمل الآن، ومنذ فترة، على إتاحة كل هذه الفرص لأطبائنا في مصر، ليعملوا في بلدهم أولًا، فهي أَولى بمشرطهم الطبي، ومهارته المتفرّدة، وخبرته التي يسعى العالم لالتقاطها ولذلك يُقدّم لها كل سُبل الدعم .
هناك مشاهد تُحمّلنا إليكم علامات استفهام .. من المسئول عن السوق العشوائي للدواء في مصر ؟
منذ عشرات السنوات ونحن نأمل في أن يكون لدينا - مثل العالم كله - هيئة للدواء في مصر، تكون هي المُنظِّم لسوق الدواء، ومنظومة القطاع الصيدلي كله، و الحمد لله صدر لها قانون رقم 151 لسنة 2019 وبدأت العمل في عام 2020 وهي المسئولة عن تنظيم عملية الدواء، سواء تصنيعه، أو استيراده، أو بيعه للمواطن، أو الآثار الجانبية، وكل ما يخص الدواء، ولدينا أمل كبير بوجود هذه الهيئة أن تكون مصر مركزًا لتصنيع الدواء لإفريقيا، والدول العربية، وبأعلى جودة، لأن مصر تُصنِّع بالفعل منذ الثلاثينيات .
الهيئة بدأت عملها في 2020 .. لماذا لا يزال السوق العشوائي للدواء عرضًا مستمرًا ؟
لم تستكمل الهيئة حتى الآن هياكلها، وخاصةً في المحافظات - ليس لديها فروع في جميع محافظات الجمهورية -، ولا تزال تستكمل لجانها التنفيذية، والمُفتشين المنوطين بالتفتيش على الصيدليات، والمخازن، والمصانع، وكل ما يخص الدواء.
شعبة المستلزمات الطبية أصدرت بيانًا قبل أيام أكدت فيه أن القطاع ينهار لعدم قدرتها على الاستيراد، وأنه على سبيل المثال "الجوانتي" الطبي غير موجود .. ما تعليقكم ؟
كل ذلك بسبب الأزمة الاقتصادية بقرارات البنك المركزي بغلق الاستيراد، وتوفير الدولار، لكن البنك المركزي أعاد فتح الاستيراد، وخاصةً للمستلزمات الطبية، والدولار بات متوفرًا، والحمد لله لم يعد هناك نواقص، هذا إلى جانب الهيئة المصرية للشراء الموحد، وهي أحد الهيئات الحكومية التي أنقذت مصر في فترة جائحة كورونا من نقص الأدوية، والمستلزمات الطبية، لأن الهيئة كانت تشتري من المُنتِج وتوفر السلعة في السواق سواء الحكومي، أو الخاص.
ما أهم التشريعات المرتقبة في الدورة الجديدة للبرلمان ؟
قانون المسئولية الطبية، قانون ممارسة مهنة التمريض، والصيدلة، والفنيين الصحيين.
المواطن يسألكم باعتباركم رئيسًا للجنة الصحة بمجلس النواب .. أين دور البرلمان في مراقبة القطاع الصحي، وضمان خدمة صحية مميزة ؟
- أرجو إبلاغه من خلال هذا الحوار الذي سيقرأ فيه الصراحة أننا خلال الدورة البرلمانية الماضية - فقط - كان لدينا نحو 480 طلب إحاطة عن خدمات، ومشكلات، في القطاع الصحي، قمنا بتوجيهها للمسئولين عن القطاع، بداية من وزير الصحة، ووكلاء الوزارة في المحافظات، ثم المحافظين، وتمت الاستجابة لأكثر من 50% من شكاوي النواب، الذين يحملون إلينا مشكلات دوائرهم .
- وقمنا بزيارات ميدانية للتأكد من تطبيق التأمين الصحي الشامل في محافظتي بورسعيد، والأقصر، وعقدنا جلسات استماع لبعض المشاكل، والأمراض، مثل أمراض الهيموفيليا بالدم، وبعض الأمراض الأخرى التي استلزمت أن نطلب من الحكومة، ومن التأمين الصحي معالجتها .
- وعقدنا جلسات مع الهيئات المستقلة التي تخدم قطاع الصحة، مثل الهيئة المصرية للشراء الموحد، وهيئة الدواء المصرية، والهيئات الثلاث للتأمين الصحي، وبالتزامن مع ذلك كانت هناك مشاورات مستمرة مع السيد رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الصحة، والتعليم العالي، بصفة مستمرة من أجل تقديم خدمات صحية أكثر، وأفضل، لكل مواطن مصري.
- وأقول لكل مواطن، لدينا 600 نائبًا في البرلمان، يمتلكوا أدوات لخدمتكم ومعالجة المشكلات التي تواجهكم، فيمكنهم عرضها علينا من خلال التقدم بطلب إحاطة أو اقتراح برغبة ليتم مناقشتها في لجنة الصحة بمجلس النواب لصالحكم ولصالح أبنائكم فضلًا عن الصالح العام لبلدنا الكبير .
قبل الختام، هل لديكم رسالة لشخص، أو جهة، تودّ أن تتوجه بها من خلال "بوابة الأهرام" ؟
نعم، للمواطن المصري، القطاع الصحي في الفترة الحالية يسير على الطريق الصحيح بخُطى ثابتة، وبتطبيق التأمين الصحي الشامل، الذي وجّه رئيس الجمهورية بتنفيذه في مصر، سينطلق قطار الخدمة الصحية الجيدة ليلتحق بالعالم المتقدم إن شاء الله.
أخيرًا .. دكتور أشرف حاتم، ما طموحكم لقطاع الصحة في مصر ؟
قطاع الصحة في مصر بوجود التأمين الصحي الشامل - إن شاء الله- والقوانين الجديدة الجاري العمل عليها، والمُرتقب صدورها، يجعلنا أمام نقلة نوعية، وطفرة غير مسبوقة، وأرى أننا بحاجة إلى جهاز قومي لتنظيم الصحة، بحيث يُحوِّل هذا الجهاز وزارة الصحة إلى مُنظِّم للقطاع الصحي، والخدمات، التي سوف تُقدَّم للمرضى من خلال منظومة التأمين الصحي الشامل، سواء كانت عن طريق القطاع الحكومي، أو الخاص، أو الأهلي، ليحدث كل ذلك بجودة عالية تحت مظلة الجهاز القومي لتنظيم الصحة الذي سنعمل الفترة القادمة على مشروع قانون خاص به، وإن شاء الله نرى مصر عن قريب في قطاع الصحة كما نحلم لها، ولكل فرد يعيش في كنفها .