تُعد الشائعات من أشد الحروب وأقساها التي يشنها الأعداء ضد خصومهم، وتتمثل في بث الإشاعات الهادفة إلى النيل من تماسكهم وتشتيت صفوفهم، وبث الفتنة والفرقة بينهم، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو فيما بينهم.
وقد حرم الإسلام تداول الشائعات ونقلها لما يترتب عليها من مفاسد فردية واجتماعية ويسهم في إشاعة الفتنة، وعلى المسلم أن يحذر من نشر الشائعات والفواحش والأمور السيئة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ما حُكم جرائم الشائعات في الإسلام؟
وبهذا الصدد، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر لـ"بوابة الأهرام": إن جريمة الشائعات من الجرائم القديمة والمستمرة؛ لأنها من النقائص البشرية وهي محرم ومجّرمة وما خلا عصر من إطلاق شائعات من أصحاب نفوس مريضة، لا يراعون الأعراض والآثار المترتبة على الشائعات فقال الله سبحانه وتعالى« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، وقال جل شأنه « مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ»، قال الله عز وجل:« وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً».
ما هي خطورة ومدار الشائعات في الإسلام؟
وتابع: وأرشد الرسول إلى خطورة ومدار الشائعات وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم« كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع»، وقال أيضا «أَمْسِكْ عليك لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيتُك، وابْكِ على خَطِيئَتِكَ»، فهل يكب الناس في الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟، وقد عانى المسلمون كثيرا من الشائعات وصف القرآن الكريم مطلقو الشائعات بالمرجفين فقال تعالى«لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا»، و روى ابن هشام في السيرة أن جماعة من المنافقين كانوا يجتمعون في دار لإطلاق الشائعات على جند المسلم على عهد النبي لتخزيل الجيش الإسلامي وأرسل النبي إليهم طلحة بن عبيد الله وعاقبهم عقابا شديدا.
وأضاف كريمة، من هنا تجد التوعية بأضرار الشائعات من باب التدابير الوقائية الاحترازية وتغليظ العقوبات التعزرية من باب التدابير الزجرية قال الله تعالى فاعتبروا يا أولى الأبصار.
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر