تحت شعار "لا حياء في العلم"، تتجه وزارة التربية والتعليم، لتدريس طلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية مادة التربية الجنسية، لتوعية الطلاب بالعنف الجسدي والتحرش، وكذلك التوعية بالانحرافات السلوكية التي انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة في الأفلام الكرتونية، لاسيما بعد ترويج "ديزني" للمثلية الجنسية والتحرش في محتوياتها المقدمة للأطفال.
وبدأت هذه الخطوة منذ العام الماضي، حيث خصصت وزارة التربية والتعليم، درسًا كاملًا عن التحرش في مناهج الصف الرابع الابتدائي لتوعية الأطفال، وفي بداية هذا العام كلفت الوزارة مستشاري المواد التعليمية بديوان عام الوزارة، بمراجعة كتب اللغة العربية والتربية الدينية بمراحل التعليم الأساسي الابتدائي والإعدادي، لتضمينها مفاهيم التربية الجنسية والعنف الجسدي والتحرش الجنسي، لتوعية الطلاب بهم.
وتم الانتهاء من طباعة كتب المراحل التعليمية المختلفة وتسليمها المديريات التعليمية، لذا سيتم إصدار نشرات من مكتبي مستشاري المواد التعليمية بكيفية تضمين المناهج الدراسية بمفاهيم التربية الجنسية والعنف الجسدي، وبجانب تضمين مناهج التعليم هذه المفاهيم، سيتم تكليف الزائرة الصحية والمعلمين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين بالمدارس، بالدخول للفصول لتوعية الطلاب بجميع المراحل التعليمية المختلفة من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية؛ سواء العام أو الفني، بهذه المفاهيم.
دول سمحت بتدريس التربية الجنسية
لم تكن مصر الدولة الأولى التي قررت تدريس مادة التربية الجنسية، حيث سمحت بعض الدول بتدريس هذه المادة في المناهج التعليمية لتوعية الطلاب، ونوضح هذه الدول وأسباب تدريسها لمادة التربية الجنسية، في السطور التالية.
تعتبر ألمانيا من الدول صاحبة هذه التجربة في السماح بتدريس مادة التربية الجنسية للطلاب، وتختلف المعلومات التي يتلقها الطلاب طبقًا لمراحلهم التعليمية المختلفة، كما أن نظام تدريس هذه المادة التعليمية يختلف من ولاية لأخرى ففي برلين، يبدأ طلاب الصف الأول في التعرف على الفرق بين الذكر والأنثى والأعضاء التناسلية، ومن ضمن المواضيع التي تطرحها مادة التربية الجنسية أيضًا الحديث عن مرحلة البلوغ والأمراض الجنسية والعنف الجنسي.
انتشار حوادث اغتصاب الأطفال في بريطانيا، كان دافعًا قويًا لإضافة بريطانيا تدريس مادة التربية الجنسية منذ 3 أعوام، ولم يجبر طلاب المدارس على حضور هذه الدروس الخاصة بهذه المادة التعليمية.
مازال طرح مادة التربية الجنسية بين الطلاب يثير الجدل في المغرب، فحسب دراسة أجرتها مؤسسة "سونرجيا" بشراكة مع "ليكونوميست" أوضحت أن 55% من المغاربة يؤيدون تدريس التربية الجنسية بالمدارس، لكن رفض ثلث المجتمع هذه الخطوة.
جدل بين أولياء الأمور لتدريس التربية الجنسية
قرار تدريس مادة التربية الجنسية، أثار حالة من الجدل بين أولياء الأمور، حيث أكدت بعض الأمهات لـ"بوابة الأهرام"، أن الأمر لا يحتاج لمنهج، لأنهم يكتفون بغرس المعلومات البسيطة داخل أطفالهن لحمايتهم من أي إيذاء جنسي يتعرضون إليه، لعدم إثارة وعي الأبناء إلى الناحية الجنسية، فيما رأى البعض الآخر ضرورة تدريس هذه المادة لتبسيط المعلومات للأطفال ورفع الوعي السليم بطرق جيدة.
"الرفض القاطع" هو جواب نادية محمد، أم لثلاث بنات، عن تدريس مادة التربية الجنسية بين التلاميذ، حيث قالت: "متعلمناش أي حاجة في الأمور دي، وبنحذرهم إن مينفعش حد يقرب منهم بس، لكن مينفعش يبقى منهج؛ لأنه كده بيلفت نظرهم لأمور لا تنساب عمرهم".
فيما تقول "حنان عبدالنبي" أم لفتاة وولد، "بعلمهم زي ما اتربينا إن ما ينفعش حد يلمسهم، وبتكلم معاهم عن السلوكيات الخاطئة وإزاي يدافعوا عن نفسهم"، وتؤكد أن فكرة تدريس المادة جيدة ولكن يجب أن يكون هناك مراعاة لسن الطالب حتى لا نلفت انتباه الأطفال لهذه الأمور.
وتؤكد مروة مجدي، أم لطفلة، أنها تؤيد فكرة تدريس مادة التربية الجنسية في المدارس، لأنه يجب أن يكون هناك توعية للإجابة على أسئلة الأطفال والمراهقين بشكل علمي وسليم، وهذا لا تستطيع الأسرة توفيره، ولكن دون منهج لأن هذا سيجعل الأطفال لديهم فضول للبحث بشكل غير مشروعة.
واختلف خبراء التربية حول أهمية تدريس مادة التربية الجنسية في المدارس، حيث أكد البعض أن التوعية بهذه الأمور لا يجب أن تدرس على شكل منهج، فهذا الأمر يجب أن يتولاه مدرس التربية الدينية، لأن الأطفال ليس لديهم وعي بهذه الأمور، فيما رأي البعض الآخر عكس ذلك، وقدموا تصويرًا يتضمن كيفية تطبيق هذه المادة التعليمية.
أهمية التوعية الجنسية للأطفال
يرى الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، أن من أهداف التعليم الأساسية هي معرفة الطالب بكل ما يدور حوله، لذا لابد من إضافة مادة تستهدف التوعية الجنسية للطلاب في عمر مبكر، وهناك إمكانية إضافة هذه المادة للمرحلة الابتدائية، باعتبارها المرحلة التي يبدأ فيها الطفل في استكشاف ما حوله، لذلك لابد من وجود منهج يجيب عن أسئلته بشكل علمي وسليم.
ويوضح الخبير التربوي، أنه يجب أن يضع المنهج علماء النفس والتربية الجنسية بالاستعانة بخبراء اللغة، وتدريس هذه المادة يساعد الأطفال من حماية أنفسهم من أي إيذاء جنسي قد يتعرضون له، وزيادة الوعي السليم بالأمور الجنسية للأطفال والمراهقين، لأن بعض الأسر تهمل توعية أبنائها في هذه الأمور، لذلك تأتي نشأة الطفل دون أي معرفة جنسية وهو ما يعرضهم لخطر التحرش لذلك لابد من تكاتف دور الأسرة مع المدرسة لبناء شخصية سليمة.
خطورة تدريس التربية الجنسية
ولكن هناك بعض الأخطاء التي قد تحدث أثناء تدريس مادة التربية الجنسية، مثل إساءة فهم الأمور أو عدم التدريس بمنهجية علمية، والذي يؤدي إلى خطر أكبر وهو اتجاه الطلاب إلى البحث وراء الموضوعات الجنسية بطريقة غير مشروعة مثل الحديث مع أصدقائهم بطريقة خاطئة أو البحث في الإنترنت.
التوعية دون منهج
فيما يؤكد الدكتور محمد عبدالعزيز أستاذ التربية بجامعة عين شمس، أن التوعية بهذه الأمور لا يجب أن تدرس في شكل منهج، فهذا الأمر يجب أن يتولاه مدرس التربية الدينية، لأن الأطفال في هذه السن ليس لديهم وعي بهذا الأمر إلا في حال تنبيههم، وبالتالي لا يجب لفت انتباههم لشيء لا يتناسب مع نموهم البدني، لذا يجب أن يكون هذا من خلال مدرس الدين سواء الدين المسيحي أو الدين الإسلامي.
ويشير "عبدالعزيز" إلى أهمية تدريس هذه الموضوع، ولكن هناك خطأ في الإجراء، وهذه التوعية يقوم بها الآباء في المنازل، خاصة مع ازدياد نسبة التحرش والفساد الأخلاقي وزحمة الطلاب داخل المدارس، لذلك يجب أن تطبق بشكل يناسب سن الطلاب، وأنه من الجيد أننا لمسنا هذه المشكلة، ولكن يجب معالجتها بشكل صحيح حتى تحقق الأهداف المرجوة منها، ويجب أن يقوم معلم التربية الدينية بتوعية الأطفال بهذه الأشياء دون ذكرها في الكتب حتى لا يتم غرس أفكار جنسية لأطفال لم يصلوا حتى مرحلة البلوغ، وأن يعلمهم مدرس التربية الدينية أن هناك مناطق خاصة لا يجب على أحد لمسها سوى الوالدين.