تحمل المقبرتين رقم 29 و 33 بمنطقة بني حسن بمحافظة المنيا عددا من المناظر الرائعة التي ترصد الحياة اليومية خلال الأسرة الحادية عشر الفرعونية، كالصيد البرى والبحري والزراعة؛ إلى جانب مناظر ممارسة الرياضة "المصارعة"، بالإضافة إلى المناظر الدينية مثل رحلة الحج لأبيدوس وغيرها، وهى تثبت بدون شك معرفة المصريين للمصارعة قبل أن ينسبها الرومان لأنفسهم.
موضوعات مقترحة
بدوره يقول المؤرخ والأثري فرنسيس أمين في تصريحات لــ"بوابة الأهرام" إن المصريين القدماء تمكنوا في ألعاب المصارعة والصيد والقنص والسباحة وغيرها، مضيفاً أن المصريين باعتراف أفلاطون كانوا يمارسون الحساب بالرياضة، حيث مازال المصريون يطلقون على الحساب اسم "رياضة"، مضيفًا أن المرويات التاريخية والأثرية الموثقة تثبت تمكن المصريين في الألعاب الفردية والجماعية.
أما وزارة السياحة والآثار فقد أعلنت بالأمس بدء الترميم لمقابر بني حسن،حيث تثبت مقابر الجبانة العلوية في بني حسن مهارة المصريين القدماء المعمارية، فقد نُحتت في الصخر بدقة عبر أدوات بسيطة مثل الأزاميل ذات الشفرات البرونزية التي ضُربت بمطارق خشبية.
هذه المقابر هي أماكن الراحة الأبدية لكبار المسئولين في هذه المنطقة، المقاطعة رقم 16 في صعيد مصر، حيث ازدهرت في عصر الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة حوالي 2055-1795 قبل الميلاد.
أعمال ترميم المقابر الفرعونية ببني حسن ويضيف أمين، أن المصري القديم أعطى للعبة مُسمى "سخمخ إيب" أي التي تُعطى سعادة للقلب، فيما قام الملك سيتي الأول بتدريب الأطفال والشباب على الرياضة ليخرج منهم جيل قوي محارب، حيث تُظهر النقوش الفرعونية الكثير من الألعاب التي كان يمارسها المصريون، مثل القنص والصيد، أو ألعاب القوة البدنية كالملاكمة وغيرها، حيث كان من العادة المتبعة المنتشرة في مصر استخدام الصقور والأسود في المعارك الحربية والصيد.
تفوق المصريون في الرياضة والألعاب الأوليمبية في كافة المناطق الأثرية، مؤكدا أن مصر القديمة عرفت الألعاب والكرات الجلدية، حيث تم اكتشاف مجموعة من الكرات الجلدية في دير المدينة، حيث كانت الكرة مصنوعة من جلد الحيوانات ومعبأة بالقش والبوص، كما دلت النقوش على تمكن الفراعنة في تقاذف الكرة باليد وممارسة السيدات للعبة؛ مما يدل على أن باكورة لعبة كرة اليد وجذورها مصرية خالصة.
وأكد أمين أن المصريين لم يقوموا بالشرح في ألعابهم؛ مما جعل الأثريين يقومون بالتخمين، وإجراء دراسات حول ممارستها، ومن ضمن المكتشفات الأثرية المهمة التي قام بتوثيقها زكى سعد، "لعبة كوزا لاوزا"، وهى اللعبة كانت تُقام في الريف المصري للقفز، حيث صورت الأطفال بينما يضعون أقدامهم جنبا إلي جنب، ويضعون أياديهم ليقوم آخر بالقفز وسط جمهور يتابع اللعبة ويقوم بالتشجيع.
وأضاف أن معظم الألعاب التي كان يلعبها الأطفال في قري مصر جذورها فرعونية قديمة، من بينها أيضا لعبة "التحطيب" التي أدخلت عليها تطورات فيما بعد، ومازال يمارسها المصريون في الريف المصري.
وأوضح أن مدن ومعابد هابو وسقارة والبرشا والأقصر وكذلك بني حسن بالمنيا تحوي الكثير من النقوش التي تثبت تمكن الفراعنة في الألعاب الفردية والجماعية، مؤكدا أن والت ديزنى مبتكر الأفلام المتحركة اعترف أنه اهتدى للأفلام المتحركة بعد مشاهدته لنقوش بني حسن التي أعطت 400 منظر للمصارعة تثبت تمكن الفراعنة في لعبة المصارعة، مضيفاً أن هناك قائمة بملوك فراعنة كانوا يمتازون بالتمكن في رياضات القنص وصيد الأسود، وهم كثيرون منهم تحتمس الثالث، ورمسيس الثاني الذي تُظهره النقوش وهو يتأبط أسدا أليفًا في معركة قادش، وغيرهم من الملوك المصريين.
وأعلنت وزارة السياحة والآثار مساء أمس أن فريق عمل من مرممي وأثريي المجلس الأعلى للآثار بدأ في أعمال ترميم المقبرتين رقم 29 و 33 بمنطقة آثار بني حسن بمحافظة المنيا للموسم الثاني على التوالي.
وقال الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن أعمال ترميم هاتين المقبرتين يأتي في إطار خطة الوزارة للحفاظ على تراث مصر الحضاري والثقافي، مشيرًا إلى أن منطقة بني حسن على وجه التحديد تحظى بأهمية أثرية وتاريخية كبيرة حيث تضم مجموعة من المقابر الهامة التي تزخر بالعديد من مناظر الحياة اليومية عند المصري القديم وكذلك مناظر الحياة الدينية والتي تعد بمثابة سجلا مرجعيا لحياة المصري القديم في تلك الفترة التاريخية.
ومن جانبه قال الدكتور عادل عكاشة رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر الوسطي، إن المقبرتين رقم 29 و 33 تعودان لعصر الأسرة الحادية عشرة من الدول الوسطي، وقد تم البدء في أعمال ترميمها في الموسم الأول في 2021-2022 وشملت أعمال التسجيل الفوتوغرافي لحالة المقبرتين بالداخل والخارج قبل وبعد وأثناء عملية الترميم، بالإضافة إلى أعمال التنظيف اليدوي والميكانيكي لإزالة الاتساخات من الجدران، وأعمال التنظيف الكيميائي لإزالة واستخلاص الأملاح، ومرحلة العزل والتقوية للطبقات، مشيرا إلى أنه استكمالا لأعمال الموسم الأول فقد بدأ فريق العمل في أعمال الموسم الثاني من الترميم والتطوير للانتهاء تماماً من أعمال التنظيف والعزل تمهيدا لافتتاحهما ووضعهما ضمن المقاصد السياحية التي يمكن زيارتها بمحافظة المنيا.
وأكد أن المقبرتين تحملان عددا من المناظر الرائعة من الحياة اليومية وبعض الحرف كالصيد البرى والبحري والزراعة إلى جانب مناظر ممارسة الرياضة "المصارعة" بالإضافة إلى المناظر الدينية مثل رحلة الحج لأبيدوس وصاحب المقبرة وأمامه مائدة القرابين، كما تحتوي حجرة الدفن بالمقبرة 33 على نقوش جنائزية هامة تمثل أجزاء من نصوص التوابيت ومتون الأهرام.
أعمال ترميم المقابر الفرعونية ببني حسن