الجوع العاطفي دفع محمد عادل ليقتل نيرة أشرف، وأشعل نار الهم في نفس أحمد عميرة، وجعله ينهي حياة أماني الجزار، فهناك أشخاص مصابون بالجوع العاطفي أو ما يسمى بالجوع الوهمي، ولا تختلف حالته المرضية كثيرًا عن الإنسان الجائع أو المعدم، وهذا وفقًا لتوصيف خبراء علم النفس، ويتولد ذاك الجوع من الشعور بالحرمان العاطفي على مدار مراحل الطفولة، وقد يقتل الحرمان النفسي صاحبه.
ويتهامس شخص مع جاره بأن الجوع العاطفي له تعريف آخر، وأقول له كلامك صحيح، ويوضح التعريف أنه رغبة تسوق صاحبها إلى تناول مأكولات سكرية ومالحة ودهنية بكميات كبيرة، وأكدت أبحاث نفسية أنها عبارة عن رغبات عاطفية، ولا تعكس الإحساس بالجوع، وأنها مجرد استجابة لمشاعر خادعة بالجوع، تضطره للانغماس في تناول الطعام، وهذا ما يتبعه إحساس بالندم.
ولمزيد من البيان فإن الشخص الجائع نفسيًا أو عاطفيًا عندما تتأجج بداخله الحاجة العاطفية، أو يشعر بالخواء النفسي، يحاول بكل ما أوتي من قوة الاقتراب من شريكه الرومانسي بصورة لافتة للنظر، ويستهدف بذلك - دون أن يشعر - استنزاف الطاقة العاطفية للضحية أو لشريكه الرومانسي، ويلح على ضحيته للتواصل المستمر بطريقة استفزازية، ظنًا منه أنه يشبع جوعه العاطفي.
وتثبت آراء علماء النفس أن مشاعر الجائع النفسي تجاه شريكه، ليست حبًا، وإنما أسلوب لمحاصرته، ومحاولة لسلب مشاعره للاستحواذ عليها، ولا يحترم في هذا حدود العلاقة، ولا يقدر شريكه الرومانسي، ودائمًا يميل إلى الكذب.
والجوع العاطفي أو الحرمان النفسي يؤثر مباشرة على الصحة العقلية، وهؤلاء الجوعي النفسيين عانوا حرمانا في طفولتهم من مشاعر الأمومة ومشاعر الأبوة، ولم يجدوا حضنًا دافئًا يحتويهم خلال مراحل نشأتهم.
والجائع المعدم يتطابق سلوكه كثيرًا مع الجائع النفسي أو المحروم عاطفيًا، والمنقطع عن الطعام لعدة أيام متواصلة يرديه قتيلا، كما قتل الجوع العاطفي أحمد عميرة بيديه، وكاد أن يقضي على محمد عادل، ولكنه فشل.
وليس بمستغرب أن الجائع النفسي يسعى لقتل ضحاياه بعد استنزافه لمشاعرهم، وكيف الحال إذن بمن هو جائع للطعام؟ فقد يتعمد القتل والسرقة حتى يبقي على حياته.
وأوجعت رؤوسنا منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) بالحديث عن استخدام أساليب محددة لخفض معدل الفقر والقضاء على الجوع، وأولها توفير أنشطة اقتصادية متعددة، وهو ما يوفر للأفراد فرص حرية العمل والإبداع، أما انحسار العمل في مجال واحد فيزيد الوضع تأزمًا، ويظهر هذا جليًا في انكفاء الفلاح على الزراعة وحدها، مما يسبب تأزم الفقر خاصة في الدول الإفريقية.
وحينما يحدث تزاوجًا بين الصناعة والزراعة، يسمح للفلاح اقتحام مجال تصنيع منتجاته الزراعية، وبالتالي يضاعف من موارد المزارعين الاقتصادية، والمزارعون يشكلون أغلبية سكان الدول الفقيرة، وحين النظر إلى الصين نرى أن الزراعة لا تشكل سوى نسبة 7% من إجمالي الناتج القومي.
أما الوسيلة لوأد الجوع العاطفي، وذلك عبر توافر جميع الإمكانات لأفراد الأسرة، التي بمقتضاها تمنع الأب من الهروب من واجباته، والتي تلزم الأم بأداء ما ينوط به المجتمع لها من مهام أسرية، وأخيرًا يجب أن يرفع الدخلاء أيديهم عن الأسرة المصرية، وأن يسخر الأزهر الشريف قواه دفاعًا عن استقرارها.
Email: [email protected]