وصلنا إلى عام 2022 ومازال آلاف البشر يموتون جوعًا بسبب ما يُسمى بالمناطق الأقل حظًا من الناحية الاقتصادية، أو ظروف الحروب التى خلّفت وراءها ملايين اللاجئين والمشردين فى شتى أنحاء العالم.. موت آلاف الجوعى من الأطفال والنساء والشيوخ جزء لا ينفصل عن أزمة هدر الطعام وسوء استخدام النعمة حيث تنتهى رحلة أكثر من 35% من السلع الغذائية إلى سلة القمامة وهى فى حالة جيدة، للتناول مرة أخرى.. كما أثبتت أحدث الدراسات معاناة 820 مليون شخص من الجوع بسبب هذا الهدر..«نصف الدنيا» رصدت أسباب الأزمة لإيجاد حلول من الخبراء والمتخصصين.
موضوعات مقترحة
منة شاهين صيدلانية احترفت العمل المجتمعى للحفاظ على البيئة ونشر الوعى بين الناس ومؤسسة تطبيق «تكية» كشفت عن بداية انطلاق التطبيق للقضاء على الجوع والحد من هدر الطعام فقالت: بدأت فى مبادرات خيرية ونزلت مع الروتارى لتوزيع الوجبات على المحتاجين فاكتشفت أن نسبتهم كبيرة، مقارنة بطاولات تمتلئ بالطعام الفاخر الذى لم يمس ويكون مصيره سلة القمامة، لذلك عكفت أنا وزوجى على عمل العديد من الأبحاث وجمع الدراسات العلمية لإنشاء منصة إلكترونية هادفة إلى الربح وخيرية فى الوقت نفسه، بمعنى أننا نكون وسيطا بين الفنادق والمطاعم الكبرى وبين المحتاجين بشكل يخضع لقواعد السلامة الغذائية.
وأضافت قائلة: من المؤسف أن نتيجة دراسة بحثية تقول إن ثلث ما يلقى فى سلة المخلفات من طعام صالح للتناول يسد جوع ملايين البشر، فضلا عن التلوث البيئى لكوكب الأرض الذى تسببه تلك المخلفات بعد تحلله الكيميائى، ووجدنا أن الأكل المهدر يقع فى المرتبة الثالثة بعد الصين وأمريكا.
يتكون فريق عمل «تكية» من 15 فردا، الفكرة مبنية على المستخدم الذى يوفر نقوده عن طريق قاعدة إدارية تُسمى (الفوز الثلاثي) أى أن ثلاثة يستفيدون، المستهلك والجمعيات الخيرية، والممول، والثلاثة يسهمون فى الحفاظ على البيئة والحد من الهدر ونساعد أكثر من 75 جمعية خيرية ونقدم لها الطعام مجانًا، كما أن لدينا 100 مورد طعام لديهم عشرات الفروع ويستفيد من التطبيق أكثر من 20 ألف مستفيد وساعدنا فى الحد من الهدر بمقدار 40 ألف وجبة فى عام 2021.
«تكية» صائد الجوائز الإقليمية والعالمية
وعن آلية عمل تطبيق «تكية» أشارت منة شاهين إلى أن التطبيق مثل أى تطبيق إلكتروني يتم تحميله على الموبايل، يحتوى على قسم بيع بأسعار زهيدة بتقديم وجبة فيها جميع العناصر الغذائية بشكل لطيف وصحى خاضع للرقابة الصحية، نوصلها إلى المستهلك، أو يشتريها ويتبرع بها إلى دور الرعاية والمحتاجين، وجزء منه بالمجان وموجه إلى الجمعيات الخيرية أيضا يحتوى التطبيق على خريطة للبحث عن أقرب مكان للحصول على الوجبات، وأضافت منة شاهين قائلة: إننا لا نتعامل إلا مع الفنادق والمطاعم الكبرى للتحرى عن سلامة الغذاء الذى لم يمس لأمانة توصيل الوجبات من دون تفشى أى مرض، لا نتعامل مع مخلفات البيوت من بقايا الطعام ولكن نقدم لهم الوعي، بنشر ثقافة الحد من الاستهلاك المبالغ فيه وطهى كميات لا تناسب الأفراد وبالتالى ينتهى إلى سلة القمامة.
واستكملت شاهين قائلة: إننا نتواصل كاستشاريين دوليين للمشاركة فى دعم فكرة عدم الهدر وإنشاء قوانين تساعد على ذلك وكسبنا جوائز كثيرة إقليمية ودولية أحدثها جائزة دبي، جائزة على مستوى الشرق الأوسط من أفضل التطبيقات لأفضل عام 2021، جائزة Women In Tech على مستوى إفريقيا كما تم اختيارى عام 2019 من أكثر الشخصيات المؤثرة فى مصر، ووصلنا إلى النهائيات فى الجوائز المصرية لأفضل مشروع إنسانى يخدم المجتمع وآخر جائزة، حصلنا على المركز الأول من Startup Egypt Forum وقابلنا الأمير تشارلز فى بريطانيا وقدم لنا التحية والدعم المعنوى للتطبيق وهو حاليا على نطاق مصر وقريبًا سيكون فى دبي.
هدر الطعام يهدد الكوكب والبيئة
أكد د. معز الشهدى رئيس شبكة بنوك الطعام الإقليمى لـ«نصف الدنيا» أن هدر الطعام كارثة عالمية تهدد كوكب الأرض تواجهنا ونحاربها منذ سنوات بحملات توعية وسَن القوانين، ولكن دعينا نعط مصر حقها فهى رائدة هذا المجال لتنفيذ مشروع الحد من الهدر فمنذ انطلاق فكرة بنك الطعام المصرى بنهاية عام 2005 لنشر الوعى وثقافة تناول ما يكفيك ولا تهدر الطعام، بفضل الله وصلنا بمحاضراتنا التوعوية إلـى 111 دولة تدعم وتنفذ نموذج بنك الطعام المصرى.
واستطرد قائلا: دعينا نتحدث بلغة الأرقام...فى عام 2011 تمت دعوتى إلى مؤتمر فى لبنان (توفير الأمن الغذائى فى العالم العربي)، وكانت أغلب المداخلات والنقاشات تؤيد فكرة زيادة الإنتاج، وبما أن بنك الطعام المصرى له رأى وتجربة مختلفة فطرحنا خلال المؤتمر الدليل التشغيلى عن كيفية التعامل مع فائض الطعام الذى لم يمس بطريقة علمية لجعله صالحا للاستخدام، وتم عرض الفكرة فى المؤتمر، وعلى هذا الأساس قرر البنك الدولى عمل دراسات علمية لحصر نسب الهدر من الطعام فكانت النتيجة صادمة ونسبها عام 2011 كالآتي: ما يهدر من الحبوب 43% من الإنتاج، و59% من المأكولات البحرية بمختلف أنواعها، 64% من الخضروات والفاكهة،25% من اللحوم البيضاء والحمراء، و21 % من منتجات الألبان.
مع الأخذ فى اعتبارنا كما ذكرنا أن الهدر ليس فقط طعاما..بمعنى أن عملية إنتاج الطعام تمر بمراحل عديدة وعلى هذا تم إهدار ساعات عمل، طاقة، النقل، التخزين، فضلا عن المجهود البشرى والسلع الغذائية.
وشدد د. معز الشهدى على أن الهدر يضر البيئة ويمس الاقتصاد، لو أخذنا متوسط أهم العناصر الغذائية للتغذية السليمة الخمسة، سنجدها تمثل 42% من الهدر، فبمقارنتها بنسبة الجوع فى العالم فى العام هى 12%، فكانت الرسالة ببساطة أنه لو الاستثمارات التى تدعم زيادة الإنتاج تم توجيهها للبنية التحتية التى تحافظ على عدم الهدر سينتهى الجوع..(ثلث ما يُهدر يقضى على الجوع فى العالم).
الاستغلال الذكي.. لبقايا فنادق الخمس نجوم
هدر أطنان من الطعام فى أوعية قمامة فنادق الخمس نجوم وغيرها، يأتى نتيجة لسلوكيات بعض الأشخاص، بملء أطباق الطعام أكثر من الاحتياج الطبيعى من البوفيهات المفتوحة لينتهى به المطاف إلى سلة المهملات ويجب التفرقة بين أمرين، الطعام الذى لم يُمس وفضلات الأطباق، الأول يتم تعبئته طبقا لقوانين السلامة الغذائية وتوزيعه على دور الأيتام المسنين وجمعيات خيرية، والمتبقى يتم توزيعه أيضا على المشردين فى الشوارع.
وتابع الشهدى قائلا: تم الاتفاق مع أكبر الفنادق وإقناع وزارات السياحة وغرف الفنادق فى العديد من الدول بتطبيق هذا الدليل التشغيلى وتصغير حجم الأطباق في الأوبن بوفيه، من 32 سم إلى 27 سم بمعنى توفير 5 سم لإنقاذ وجبات مهدرة وكانت النتيجة كالآتى: وفرنا 25% إضافية من عدد الوجبات التى تم إنقاذها، إضافة إلى تقليل وزن الأكل الذى كان يٌلقى فى سلة القمامة بنسبة 30 %.
ومن ناحية أخرى قال د. معز الشهدي: أطلقنا مبادرات توعوية لعدم الإهدار على جميع المستويات، أما بالنسبة إلى فضلات الأطباق، فقامت شبكة بنوك الطعام وبنك الطعام المصرى بدراسة علمية لتحويل فضلات الطعام من الأطباق إلى أعلاف وأسمدة لتربية الحيوانات والطيور والأسماك وتغذيتها لإعادة تدوير بقايا الطعام،وتمت الاستعانة بشبكة بنوك الطعام الإقليمية فى لجان وضع ومناقشة قوانين عدم الهدر فى العديد من الدول مثل فرنسا وإيطاليا والمكسيك ووضع مسودة القانون لمصر والدول العربية، بعد المحاضرات التى قدمناها ونجوب بها دول العالم لنشر الفكرة، وبالفعل شاركنا فى لجان لوضع قوانين عدم الهدر فى العديد من الدول، مثل فرنسا وكان قانونا خاصا بالسوبر ماركت أو أسواق البقالة فقط، وفى إيطاليا تمت إضافة الفنادق والمطاعم، أما عن مشاركتنا فى قانون دولة المكسيك فكانت مميزة، حيث تم تدشين قانون عدم الهدر بشكل عام عن الطعام والأدوية والإلكترونيات والملابس والأثاث، وتم تحديد غرامات حين المخالفة ومزايا عند التطبيق والالتزام.
وأشار إلى أن هدر كميات من الأطعمة أيضا تخرج من المنازل، ولكن هذه مرحلة قادمة يتم تجهيزها بإطلاق مبادرات للتوعية ونصائح لإعادة تدوير الأطعمة البائتة، والترشيد فى استهلاك مواد غذائية تصل إلى انتهاء صلاحيتها وغيرها.
نصائح للحد من هدر الطعام وإعادة تدويره
تشارك الشيف منال العالم سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة للبرنامج الغذائى العالمى فى الأردن بدعم مبادرة وقف الهدر عن طريق التوعية وإعادة تدوير بقايا الطعام لمنتجات صالحة للاستخدام مرة أخرى مثل الحليب المتخثر بتحويله إلى زبدة أو قشدة أو جبنة بيضاء مملحة، وغيرها من الوصفات التى تقدمها عبر صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك
للتنبيه على مسئولية مجتمعية لهدر الطعام فى المنزل أو التسوق، سلوك يجب تعديله بممارسات بسيطة نحقق نتائج مبهرة، حيث أثبتت البرنامج الغذائى العالمى فى أحدث دراسة يعانى حوالى يعانى 33 مليون شخص بنقص التغذية والجوع فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أغلبهم فى العراق، السودان، اليمن وسوريا، يجب علينا المساهمة فى الحد من هدر ست البيت من طهى الطعام والتسوق.
واتفقت معها الإعلامية المصرية وخبيرة التغذية هويدا أبوهيف حيث إنها تشارك رواد مواقع التواصل الاجتماعى من متابعيها عبر إنستجرام وفيسبوك نصائح ووصفات صحية لتدوير الأطعمة مع إرشادات عن التسوق السليم والكميات المناسبة للحد من الهدر، واستعانت بدراسة مفادها الآتي: ثلث الخبز المستخدم ينتهى للقمامة 4 من كل 12 حبة طماطم تفسد فى الثلاجة...كل شخص يلقى 50 كيلوجراما من الطعام المهدر فى القمامة، وعن حلها لأزمة الخبز البائت قالت: عند شراء الخبز يقطع لأجزاء حسب الاحتياج ويخزن فى الفريزر ثم تستخدمين المناسب فقط وترجعين المتبقى إلى الثلاجة، أو تقطيعه مربعات وتحميصه ثم تناوله مع السلطة.. أما الطماطم فيمكنك تخزينها فى صورة صلصة خالية من المواد الحافظة، كما أكدت ضرورة نشر ثقافة تناول ما يكفى سعة معدتك فقط.