Close ad

الزراعة على ضوء القمر.. استخدمها قدماء المصريين من آلاف السنين.. والعالم يتوسع فيها اليوم

12-9-2022 | 20:13
الزراعة على ضوء القمر استخدمها قدماء المصريين من آلاف السنين والعالم يتوسع فيها اليوم صورة ارشيفية
إيمان محمد عباس

 بالرغم من أن الشمس تلعب دورًا هامًا في الزراعة ولها أهمية قصوى في تحديد المواقيت الزراعية المختلفة، إلا أنه ثمة جرم سماوي آخر له أيضاً بعض الأهمية فى الزراعة ألا وهو القمر، وقد فطن القدماء إلى أهمية الاستدلال بالقمر ومراحله ومنازله لتحديد المواقيت المثلى للزراعة وباقي العمليات الزراعية، ورغم أن الاتجاه الرسمي في الزراعة فى عصرنا الحديث يعتمد فقط على الشمس ومواقعها في (مواعيد المواسم الزراعية والعروات) ولا يأبه بالقمر ومراحله ومنازله فى تحديد مواقيت العمليات الزراعية المختلفة، إلا أنه ثمة اهتمام بالغ فى الدول الغربية اليوم بهذا النوع من الزراعة والذي بدأ عدد أنصاره يزداد يوماً بعد يوم، وغالباً ما نرى أن أنصار هذا الاتجاه فى الزراعة هم من أنصار الزراعة «العضوية» والتى لا تستخدم الكيماويات.

موضوعات مقترحة

"بوابة الأهرام" تستعرض كيف يمكن استخدام الزراعة القمرية وأهميتها من خلال خبراء.

تأثير الشمس علي الزراعة

قال الدكتور محمد علي فهيم أستاذ التغيرات المناخية ونظم الزراعة المستدامة بمركز البحوث الزراعية، إنه بالنسبة لاستخدام الشمس فى تحديد مواقيت الزراعة فالفكرة فى غاية اليسر، فعلى مدار السنة الشمسية تتحرك الشمس من موقع إلى موقع فى السماء وبذا تقترب أو تبعد عن الأرض مسببة بذلك فصول السنة المختلفة والتى تختلف فيها درجة الحرارة والرياح والمناخ بصفة عامة وبذا تؤثر على النباتات حيث تحتاج النباتات إلى ظروف مناخية معينة للإنبات والإزهار وكسر طور الكمون وإعطاء الثمار.

تأثير القمر علي الزراعة

وأضاف الدكتور  فهيم، أنه بالنسبة للقمر، فتأثيره على النبات يتخذ شكلاً آخر أقل وضوحاً من تأثير الشمس عليه، ولذا يتطلب ذلك منا دقة الملاحظة والمتابعة حتى نتبينه، مستكملا أنه من المثبت علمياً منذ عصر العالم نيوتن أن أى جسمين فى الكون يتجاذبان بقوة تتناسب مع كتلتيهما وتتزايد باطراد مع اقتراب الجسمين من بعضهما البعض، أى بقصر المسافة بينهما، وبما أن الأرض والقمر جسمين يسبحان في الكون، فإنه تنطبق عليهما تلك النظرية ويؤثر كل منهما على الآخر بقوة جذب محسوبه، ورغم أن كتلة الشمس تفوق كتلة القمر بكثير، إلا أن تأثير جاذبية القمر على الأرض أقوى من تأثير جاذبية الشمس عليها بسبب قرب القمر من الأرض بشكل كبير.

وأكد أستاذ التغيرات المناخية، أن العلماء فسرت  ظاهرة المد والجذر التى تحدث فى البحار بأنها سبباً مباشراً لقوة جذب القمر والتى تجذب المياه فى البحار والمحيطات فينتج عنها ظاهرة المد والجذر كل يوم. إذاً، فهو مثبت علمياً بأن القمر يقوم باجتذاب المياه الموجودة فى الأرض فتصعد بشد القمر لها وتهبط بغياب القمر عنها بحسب مسيرة القمر فوقها كل يوم. ولكن ليست المحيطات والبحار فقط هى التى تحتوى على المياه فكل الكائنات الحية بهنا نبسة من الماء. يقول الله تعالى فى القرآن: "وجعلنا من الماء كل شىء حى". والنبات من الأشياء الحية وبه نسبة من الماء تختلف من نبات إلى آخر.

وأشار الدكتور محمد علي فهيم، إلي أنه أثناء هذه المراحل التى يمر بها القمر خلال الشهر القمرى يختلف تأثيره على الأرض وعلى المياه الموجودة بالأرض فيتزايد أو يتناقص جذبه للمياه الموجوده فى الأرض بحسب الحجم الظاهر من القمر وبحسب إتجاهه صعوداً أو هباطاً أى هل هو يتزايد أم يتناقص.

كيف نستفيد من القمر في الأغراض الزراعية؟

وفي سياق متصل، قال الدكتور أحمد القناوي الباحث بالنظم الحيوية بمركز البحوث الزراعية، إنه يتم تقسيم الشهر القمرى إلى 4 أجزاء فقط. الربع الأول ينمو فيه القمر حتى يصبح هلالاً والربع الثانى يستمر الهلال فى النمو حتى يصل إلى مرحلة البدر التام. أما فى الربع الثالث من الشهر القمرى فيبدأ القمر فى التناقص مرة ثانية حتى يصير بدراً ويستمر فى التناقص فى الربع الرابع والأخير حتى يصل إلى مرحلة المحاق مرة أخرى. وتسمى مرحلة الربع الأول والثانى بمرحلة الصعود ومرحلة الربع الثالث والرابع بمرحلة الهبوط. ولكل مرحلة تأثيرها واستخداماتها فى مجال الزراعة.

واستكمل الدكتور أحمد الفناوي، أنه فى مرحلة الصعود ترتفع المياه فى التربة ولذا تكون هذه المرحلة مناسبة لإنبات المحاصيل وتصلح لزراعة المحاصيل الجديدة، وفى مرحلة الهبوط تنحسر المياه عن التربة فلا تستفيد منها إلا النباتات التى لديها بالفعل جذور عميقة بعض الشئ بداخل التربة. ففى الربع الثالث على سبيل المثال والذى، يمثل بداية مرحلة الهبوط، فإنه يفضل زراعة المحاصيل الجذرية مثل الجزر والبطاطس (البطاطا) على سبيل المثال حيث أن الجذور تأخذ فى الامتداد داخل التربة بعمق متتبعة للمياه التى تبدأ فى الهبوط داخل التربة مع تناقص القمر في أثناء فترة الهبوط.

وأضاف الباحث بالنظم الحيوية بمركز البحوث الزراعية، أنه  خلال الربع الرابع فتكون المياه قد انخفضت كثيراً عن سطح التربة ولذا لا يفضل القيام بزراعة محاصيل جديدة ويمكن استثمار هذه الفترة فى إزالة الحشائش الزائدة والتى يمكن أن تكون قد نمت خلال فترة الربع الثالث أو ما قبله كما يمكن بدء عمل أكوام الكومبوست فى هذه الفترة الرابعة أيضاً. أما فى الربع الأول والثانى فيمكن البدء فى زراعة المحاصيل التى تكون فوق التربة (المحاصيل الورقية والثمرية أى ليست محاصيل جذرية).

منازل القمر

واستطرد  الدكتور القناوي، انه بالنسبة لاستخدام مراحل القمر من المحاق إلى الهلال ثم إلى البدر الكامل ثم إلى الهلال ثم المحاق مرة أخرى خلال الشهر القمرى للاسترشاد بها فى تحديد مواقيت الزراعة فإن ذلك أمر يسير وليس به إى تعقيد. ولكن ثمة أمر آخر يمكن أن نسترشد به أيضاً لتحديد مواعيد الزراعة والعمليات الزراعية المختلفة، وهذا الأمر يعتمد أيضاً على القمر ولكن ليس على المرحلة التى يكون فيها القمر خلال الشهر القمرى وإنما على المنزل الذى يكون فيه القمر أى الموقع الذى يكون فيه القمر فى السماء.

وأشار الباحث بالنظم الحيوية بمركز البحوث الزراعية، إلي أنه فى حين تمر الشمس بالأبراج السماوية الإثنى عشر خلال العام الشمسي إلا أن القمر يمر خلال تلك الأبراج السماوية خلال شهر فقط. وبينما تحتاج الشمس إلى شهر كامل كى تنتقل من برج إلى آخر، يمكث القمر فى كل برج لمدة حوالى يومين ونصف اليوم فقط فى كل برج من الأبراج الإثنى عشر. وبمرور الشمس خلال تلك الأبراج على مدار العام، تتحدد فصول السنة ومواسم الزراعة والمناخ على الأرض. وكذلك بمرور القمر خلال تلك الأبراج الإثنى عشر يختلف تأثيره على النباتات فى الأرض. فهناك أبراجاً إذا نزل القمر بها يكون له تأثير إيجابي جداً على نمو المحاصيل وهناك أبراج أخرى لا ينصح بالزراعة خلالها حيث أن تأثير القمر فى هذه الآونة لا يكون موائماً لإنبات البذور أو نمو النباتات، وكل برج من هذه الأبراج الإثنى عشره له خصائصه التى تملى علينا نوع النبات الذى يزرع أثنائه أو نوع العمليات الزراعية التى تجرى خلاله مثل إزالة الحشائش أو بدء كومة الكومبوست أو إنبات البذور أو الامتناع عن الزراعة خلاله.


قال  الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ قال الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ
كلمات البحث
اقرأ ايضا: