القانون عبارة عن مجموعة من الأُسُس والقواعِد التي تحكُم المُجتمع وتعمل على تنظيمه، ويضع القواعِد التي تُحدّد حقوق الأفراد وواجباتِهم، ويضع الجزاء المُناسب في حال مُخالفة تلك القواعِد والأُسُس، وتتغير القواعد القانونيّة باستمرار؛ وذلك تبعًا لِلتطوُّرات والتغيُّرات التي تحدُث في المُجتمع، كما أن البعض يعتقد أن القانون هو التشريع، ولكن هناك فرق بينهما: فالقانون أشمل من التّشريع، إذ يُعد التشريع جُزءًا من القوانين التي يحكُم بها القاضي، حيث إنّ القانون يشمل كل ما يحكُم به القاضي من تشريع، أو عرف، أو قاعدة، أو حكم قضائي سابِق، وبذلك فإنّ كل تشريع قانون، وليس كل قانون تشريعًا، والتّشريع خاص أمّا القانون فعام، كما أن القانون يصدر من العُرف طبقًا للجرائم والظواهر المستحدثة كجرائم الإنترنت، أو الدِّين، أو أحكام قضائيّة سابِقة، أمّا التّشريع فيصدُر عن السُّلطة التشريعيّة، كما يجب أنْ يكون نص التّشريع مكتوبًا، فإذا لم يكُن مكتوبًا فهو ليس تشريعًا، أمّا القانون قد يكون مكتوبًا وقد لا يكون مثل الأعراف والقواعِد العامّة، يجِب أن يسعى التّشريع إلى تنظيم سلوكيّات الأفراد، وأن يكون موضوعه قاعدة قانونيّة، وأن تكون هناك رقابة من السُّلطة التّشريعيّة بعد إصدارها للتّشريع، ويجب أنْ يمُر التّشريع بمراحِل شكليّة كامِلة إلى أنْ يتم نشره، بخلاف الأعراف والقواعِد القانونيّة فهي لا تمُر بالمراحل الشكليّة، فالقانون وضع لحل مشاكل المجتمع ومعاقبة الجناة من خلال توقيع العقوبة عليهم التي نص عليها القانون، فهو الذي يضمن حقوق الإنسان ويفرض عليه بعض الواجبات، وحقوق الإنسان منحها الله سبحانه وتعالى للإنسان وليس الغرب كما يظن البعض! فالفكر الغربي يمنح الإنسان الحق لنفسه سواء تمثل الإنسان في سُلطة أو جماعة هو أساس القانون الذي يطبقه المجتمع! وحين يرى المجتمع او السلطة الحاكمة إن الإنسان من حقه أن يمارس عملًا أو يتمتع بحرية معينة يصبح ذلك قانونًا! ويصير بعد ذلك حقًا للفرد ! فعندهم الحق الذي يراه الإنسان لنفسه هو أساس النظام وحجر الأساس لوضع القانون! ولا يعلمون أن مبادئ حقوق الإنسان الحقيقية نص عليها القرآن منذ آلاف السنين؛ بل وضع أحكامها تفصيلًا لتناسب كل العصور والأزمنة، فحينما نص القرآن على حقوق الإنسان لم يترك مسألة عائمة؛ بل لم يترك مجالًا للعقل البشري أن يشعر بسلب حقوقه وحريته؛ بل وضع أساس الحرية بمعناها الحقيقي وليس ما يبتدعه الغرب! فالحرية بحق ألا تؤدي ممارسة الإنسان لحريته أن يتعدى على حريات الآخرين، وإلا أصبح هذا الإنسان منتهكًا لحقوق نفسه والآخرين، فحرية الإنسان تقف عند حدود حريات الآخرين، فالحرية هي قدرة الإنسان على التصرف إلا لمانع من أذى أو ضرر له ولغيره!
فمن خلال بحثي تبيّن لي أن كلمة قانون مشتقة من الكلمة اليونانية " canon" ومعناها "العصا المستقيمة"، فالهدف من القانون تحقيق الانضباط والاستقامة بغرض تحقيق الصالح العالم، فالقانون من الناحية العملية هو العلم الاجتماعي والذي يطلق عليه "Low" باللغة الإنجليزية، حيث يختص بالإنسان وبتصرفاته وسلوكه مع نظائره، فضلاَ عن أعماله وردود فعله، ويهدف القانون بشكل مباشر للحكم على الجماعات الإنسانية في القضايا المختلفة، حتى لا تصبح العلاقات بين الناس على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في حال من الفوضى ينظمها كل فرد وفق ما يحب ويرغب، وينظم القانون المعاملات بين الناس وبعضهم البعض.
فبمناسبة اليوم العالمي للقانون أحب أن أنوه أن الهدف من القانون هو تنظيم العلاقات بين المجتمع والتصدي للجرائم ومعاقبة الجناة، فالهدف من العقوبة الإصلاح من المتهم والقصاص للمجني عليه، ولكن الأهم هو الوعي بالقانون وأيضًا نشر القيم الأخلاقية بالمجتمع فلو تم ذلك لِما احتجنا لقانون؛ لأن وقتها ستصبح الأخلاق والقيم هي القانون، كما أنه من الأهمية معرفة الجميع للقانون وليس فقط من درسوا القانون من خلال كلية الحقوق، فأصل كل معاملاتنا وعلاقتنا يحكمها القانون، وكل المهن والوظائف سواء قطاعًا عامًا أو خاصًا يحكمه أيضًا قانون ويؤدي الجهل بالقانون إلى ضياع الحقوق، كما أن الله سبحانه وتعالى وضع لنا قانونًا وتشريعًا يحكم علاقاتنا مع بعضنا البعض ولم يترك مسألة سبحانه وتعالى إلا وتحدث عنها ووضع قانونًا لها، ثم يأتي القانون الذي وضعه بشر لتنظيم العلاقات ما بين البشر بعضهم البعض وينظم العلاقة ما بين المواطن والدولة والعلاقات ما بين الدول مع بعضها البعض.