دعوات وأمثال شعبية وحوارات جانبية تثار بشكل كوميدي وفكاهي سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو مابين الأفراد غير المقدرين أهمية تكاتف الأسرة في المجتمع؛ وهذا الاستخفاف تسبب في ظواهر مؤسفة؛ كظاهرة استقلال الفتيات بشكل مبالغ فيه ورغبتهن في العش وحدهن بعيدًا عن أسرتهن؛ وزيادة أعمال العنف في المجتمع؛ والتحريض على علاقة المودة والرحمة بين الزوجين مما يهدد الحياة الأسرية؛ فأين ذهبت الأسرة المثالية في مجتمعاتنا؛ التي تعتبر سكنًا لجميع أفراد الأسرة، والتي كانت تعتبر راحة لهم من هموم الحياة، عندما كانت تسود بينهم المودة والرحمة والتي كانت الأساس الذي ساعد على أن ينشأ أفرادها على التراحم فيما بينهم، فيسلم المجتمع من أذاهم حينما يخرجون إليه.
موضوعات مقترحة
الأسرة المثالية ومعرفة الحقوق والواجبات
في البداية تقول الدكتورة طاهرة مصطفى أستاذ علم التربوي والاجتماع، الأسرة المقصود بها أنها الدرع الحصين التي يتقوى بها أفراد الأسرة لأنها تعتبر الحماية والنصرة؛ لذلك فإن الوصول بالأسرة والعودة بها إلى المثالية وعودة المودة والرحمة؛ تتم من خلال أن يعرف كل فرد فيها مسئوليته ويقرها وينفذ كل فرد فيها واجباته، بداية من الزوج والزوجة؛ على أن تكون حقوق الزوجة واضحة وحقوق الزوج معروفة؛ وبذلك تبنى الأعمدة الرئيسية لسعادة عش الزوجية، وكذلك تعليم أبنائهم القيام بمسؤلياتهم.
لأنه في حالة إذ أنهدم ركن من أركان سعادة الأسرة مثل تقصير الزوجة في أداء واجباتها؛ أو أن يقصر الزوج في أداء ما عليه؛ هنا ستدب الخلافات في أساس الحياة الزوجية؛ وذلك بين الأزواج سواء غير المتعلمين أو المتعلمين؛ وبالتالي نتائج هذه الخلافات الزوجية لن يسلم من خطرها أي مجتمع.
ونتيجة لاشتعال الخلافات الزوجية والعائلية، تنهار الروابط الاجتماعية، لذا اهتمت الأديان بالحديث عن هذه الظاهرة؛ وتقديم الحلول الربانية لها، حفظًا من هدم لكيان الأسرة ، وحماية من انحراف أفرادها إلى التدهور والانحلال، وعدم استسهال وانسياق الزوجين إلى الطلاق وأضراره التي تعود بالسلب على الزوجين وبالأخص الأطفال وربما تعود بالضرر على أسر الزوجين نفسهما؛ لذلك من المهم عودة أساس الأسرة المثالية بهدف حماية الأطفال من الضياع؛ حتى نقضي على المظاهر المختلفة التي انتشرت بين الشباب الذي خرج إلى المجتمع محطمًا بسبب خلافات داخل الأسرة.
أهمية الأسرة في المجتمع
تابعت الدكتورة طاهرة مصطفى، أن الأسرة هي عماد المجتمعات حيث أنها ضرورية لبناء النفس؛ وأن تحيا حياة هادئة وسعيدة؛ وأيضا الأسرة تهدف إلى إبقاء النوع الإنساني؛ ويعتبر بناء الأسرة هو نوع من حماية المجتمع من الانحلال؛ حيث إنه يلبي المطالب النفسية والروحية والعاطفية؛ وذلك بهدف منع الانحلال والاختلاط غير المحمود.
لذلك فإن الحياة السعيدة تحصل من خلال الأسرة التي تبدأ من وجود تجمعا صغيرا، يبني أساس حياته ومعيشته على السعادة وبهدوء، ويسعى لتحقيق تعاونًا قويا، في التغلب على مشكلات المعيشة وتحقيق المكاسب؛ وتسود فيه المحبة والود والأنس والطمأنينة والسلام، ومقاومة كل أوجه التعثر والضعف والمرض؛ مع الأخذ بيد الأطفال نحو التربية السلمية التي تنجو بهم وبالمجتمع .
أيضا من أهمية التمسك بوجود أسرة مثالية؛ هي أنها تساعد على رعاية وحماية كبار السن من المعيشة بمفردهم لذلك تساعدهم وجود أسرة مثالية على أن لا يصبحوا مهملين في أعمارهم الكبيرة ، بدون عائل لهم أو مساعد يساعدهم في مرضهم وضعفهم والتخلص من متاعبهم وهمومهم.
دور الأسرة المثالية في تحمل المسؤولية
أردفت أستاذ علم التربوي والاجتماع، لابد من الاهتمام بتكوين الأسرة المثالية لأنها تساعد على نمو روح المسؤولية للعمل؛ وبتالي إثبات الذات أو الشخصية الخاصة وبتالي يكون لديها القدرة على أخذ القار السليم؛ ويصبح لديها روح طيبه تساعد على تعمير الكون؛ وكذلك يتعلم الفرد معاني التضحية والصبر وغرس جذور الأخلاق والفضيلة، وتحقيق معنى الحياة في مجتمع يفيد الوطن والإنسانية، وتحقيق التكافل الاجتماعي المادي والمعنوي الذي هو ضرورة حيوية ماسة لكل مجتمع، حيث يجعل الجميع بمثابة الجسد الواحد في العيش المشترك والتراحم والتعاطف المتبادل وإشاعة روح المحبة وبذل المعروف والتعاون على تقدم الحياة الاجتماعية والتحصين ضد السلبيات، والوقاية من التخلف والتعثر والقضاء على الجهل، والفقر، والمرض.
كما إن للأسرة من الأهمية في تنمية الطفل وبناء شخصيته؛ حيث يعود الفضل لتكوين أسرة مثالية في تشكيل شخصية الطفل وإكسابه العادات التي تبقى ملازمة له طوال حياته؛ لأنها الأكثر إحكاما من سائر العوامل التربوية الأخرى .
أسباب التفكك الأسري
وفي نفس السياق أشارت إلى أسباب التفكك الأسري؛ أنه يحدث بسبب فقد أحد الوالدين أو كليهما، أو الطلاق، أو الهجر، أو التعدد، أو غياب رب العائلة مدة طويلة؛ كذلك يحدث التفكك الأسري نتيجة عدم النضوج الانفعالي أو النفسي أو العاطفي لدى أي من الزوجين أو كليهما؛ وعدم وجود معرفة واقعية حول الزواج؛ من خلال وضع مثالي أو خيالي عن الزواج بصورة مبالغ فيها .
وكذلك ضعف إدراك البنت والولد حول مسئوليات الزواج وواجباته؛ أو في حالة عدم الانسجام نتيجة وجود اختلافات في مستوى الذكاء أو السن أو الدين أوالقيم والعادات والتقاليد.
أو بسبب عدم وجود أهداف مشتركة لدى الطرفين؛ وكذلك يعود التفكك الأسري إلى فشل الآباء في تدريب الأبناء على تحمل المسئولية؛ ومعرفة مسئولية الزواج.
مظاهر التفكك الأسري وأشكاله
ومن مظاهر التفكك الأسري كما أشارت الدكتورة طاهرة مصطفى، هو ظهور انحلال الأسرة تحت تأثير الانفصال أو الطلاق أو الهجر؛ وفي بعض الأحيان قد يستخدم أحد الزوجين حجة الانشغال الكثير بالعمل ليبقى بعيدًا عن المنزل وشريكه لأطول فترة ممكنة؛ وقد يحدث تفكك الأسرة بسبب استقلال المرأة الاقتصادي أو اعتماد الزوج على زوجته في الإنفاق على البيت؛ وبالتالي مع استقلال المرأة الاقتصادي الذي أصبح في كثير من المجتمعات أمرا عاديا يقبله الرجال، ولذلك تزداد نسب التفكك الأسري؛ ويظهر التفكك في حالة غياب المودة والرحمة بين الزوجين؛ مما قد يؤثر في مدى ونوعية العلاقات بين الزوج والزوجة؛ مما ينعكس؛ على وجود صراع الآباء مع أبنائهم.
ويتوقف قدر كبير من احتمالات تفكك الأسرة على مدى التسامح؛ وقد وجه الإسلام الزوجين إلى وقاية الأسرة من النزاع والتفكك إلى الانحلال؛ والوقاية تكون بحسن التربية وتحمل المسئولية، مع وجود التسامح عند الزوجين أو عند أحدهما إذا لم يمارس بطريقة واعية فقد يفضي إلى التفكك في الأسرة.
أيضا من الأسباب هو اندفاع النساء المتسرع للحصول على حقوقهن وممارستهن لها بشيء من التحدي؛ مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى رد فعل عند الرجال يأخذ صورة الإصرار على تحدي المرأة بشكل مبالغ فيه.
ومن أسباب تصدع الأسرة؛ هو أن يعيش الأفراد تحت سقف واحد، ولكن علاقتهم واتصالاتهم يبعضهم محدودة فيفشلون؛ ومن أكثر أسباب تصدع الأسرة هو حيرة المرأة وقلقها بين العمل المهني، وبناء بيت ورعايته، وكلاهما يستغرق نشاط المرأة.
الآثار المترتبة على التفكك
تضيف، أن هناك علاقة بين التفكك العائلي والسلوك الفاشل، أي أن العائلة المفككة تنتج أشخاصًا فاشلة أكبر مما هو عليه عند الأسر المثالية.
كما أن تفكك الأسرة يترك آثارا تظهر في تربية الأطفال وانحراف الأحداث والتخلف الدراسي وفي المستويات الخلقية، إلى جانب الصعوبات الاقتصادية؛ حيث إنه كلما ازداد تفكك الأسرة نقصت مقدرة المجتمع على الإنجاز في مجالات الإنتاج والخدمات؛ وزاد في نفس الوقت رصيد القوى البشرية القادرة على متابعة الحياة في الاتجاهات التي تهدم مصالح الجماعة العليا.
أيضا التفكك الأسري يعمد إلى تحطيم أفراد المجتمع وتصبح غير مترابطة؛ ويضعف تأثير المعايير الاجتماعية على جماعات وأفراد معينين؛ وقد يؤدي التفكك الاجتماعي أيضا إلى التفكك الشخصي كما هو في حالة المرض العقلي والاستخدام السيء للعقاقير أو السلوك الإجرامي، والمجتمع الذي تظهر فيه المشاكل الاجتماعية يقال له "مجتمع مفكك.
ويجد التفكك الأسري الناتج عن الفشل الذي يصيب أداء أحد الأبوين لممارسة مسئوليته تجاه الأسرة؛ وهذا يصبح عاملا مدمرا على الأطفال؛ لذلك فإن الصعوبات التي يواجهها الأفراد الذين تمت تربيتهم في أسر مفككة تفتقر إلى الحنان فتترك آثارا مدمرة؛ أدت إلى إصابة الأطفال بأمراض التخلف العقلي والأمراض العصبية وغيرها.
كما لا يملك الطفل الذي يعيش في أسرة مفككة إلا أن يعقد مقارنات مستمرة بين حياته والحياة الأسرية التي يعيشها الأطفال الآخرون؛ الذي تربوا في أسرة مثالية فينتابه الشعور بالنقص واليأس والإحباط، أو الحقد على الآخرين
وينتج عن التفكك الأسري حدوث التفكك النفسي للفرد الذي يحدث في الأسرة؛ التي يسودها جو المنازعات المستمرة بين أفرادها وخاصة بين الوالدين ولو كان جميع أفرادها يعيشون تحت سقف واحد، وكذلك يشيع فيها عدم احترام حقوق الآخرين،.
نصائح للأسرة للحماية من التفكك الأسري
وتنصح الدكتورة طاهرة مصطفى، كل أسرة أنه يجب على كل فرد في الأسرة أن يحافظ على ترابط الأسرة؛ ويبتعد عن كل ما يهدمها أو يسيء إليها؛ ويسعى للمحافظة على كيانها وتوفير الأمن لها سواء من ناحية الزوج أو الزوجة .
ومن النصائح ضرورة السعي إلى حل المشكلات عن طريق التفاهم والحوار بين الزوج والزوجة أو الوالدين والأبناء؛ والابتعاد عن العنف لأنه لا يعالج المشاكل بل على العكس يزيد من حجمها.
ومن المهم أن تلتزم كل أسرة بزيادة الوازع الديني لدى جميع أفراد الأسرة؛ والإقتداء بنبينا الكريم في طريقة معاملته مع زوجاته وبناته وجميع الخلق؛ لأن منهج النبي هو الطريقة الأفضل لحل مشكلات المجتمع.