كثيرًا ما يتساءل الناس عن سبب وقوع حادث ما؛ دائمًا تتجه الظنون صوب احتمالات كثيرة ومتنوعة؛ منها مثلا؛ سوء الطريق؛ أو سوء حالة السيارة؛ أو حدوث خطأ من الطرف الثاني الذي لا نعرفه؛ لكن قلما؛ تحدث أحدنا عن أن سبب الحادث؛ قد يرجع لجهل السائق بقواعد المرور؛ أو جهله بقواعد قيادة السيارات!
فهذه أضغاث أحلام؛ وهو أمر غير مقبول؛ أن يكون هناك احتمال لحدوث خطأ من طرفنا؛ وذلك قد يفسر كثيرًا من الأمور الواضحة؛ واضحة وتحتاج لتفسير؛ نعم؛ لأننا نتعامل معها باعتبارها غير واضحة. كيف؟
مثال بسيط؛ هناك مئات الملايين لصفحات التواصل الاجتماعي؛ نظرة بسيطة للغاية لعينة عشوائية منها؛ سوف تشاهد فيها كل درجات التعجب؛ وأحيانًا قد يسقط لسانك من فرط التعجب؛ وتنسى ما كنت تفكر به من هول الصدمة.
فقد تجد صفحة خاصة بشخصية متعلمة تعليمًا راقيًا ومتميزًا؛ ومع ذلك يتكلم صاحبها بالعامية؛ ولا ضير في ذلك؛ لكن الضير كل الضير في وجود أخطاء إملائية كارثية؛ ولم أتكلم عن الأخطاء النحوية؛ التي تومئ بأن المكتوب لا علاقة له باللغة العربية على الإطلاق.
تلك الأخطاء كفيلة بتبيان حجم الكارثة التي تحيط بنا من كل صوب وحدب؛ فقد قبلنا بهكذا مستوى تعليمي؛ ورضينا به؛ فما بالنا بأُناس أصحاب خبرات تعليمية أقل قليلا؛ أو أصحاب درجات تعليمية أقل كثيرًا!
ثم نتساءل ماذا حدث لنا؟
الإجابة بسيطة؛ أننا لا نحب أن نعترف بأخطائنا؛ وبتنا ندمن التغاضي عنها ونحب التعامل معها بكل رضىً؛ هكذا الحال؛ وهو يأخذنا إلى الغوص في تفاصيل ما لنا بها من سلطان؛ ومن تفاصيل لأخرى؛ دون أن نمعن النظر في لب المشكلة؛ فتنشأ دائرة وندور فيها ليل نهار؛ حتى باتت عادة لا مناص من ممارستها؛ ولكن الغريب؛ أنه ليس هناك ملل من التكرار؛ لأنه دائمًا نغرق في تفاصيل أكثر عمقًا!
تخيل لو اعترفنا أن هناك احتمالية لخطأ يخصنا؛ واعترفنا بذلك بوضوح؛ وسعينا بجهد نحو معالجته؛ من المؤكد أن نسبة تكراره ستكون قليلة للغاية؛ وربما لا يتكرر.
إنما تبرير الخطأ والدفاع عنه؛ أمر عجيب؛ يجعل تكراره أمرًا طبيعيًا؛ هذا القياس يصلح لإسقاطه بشكل تام على نواحٍ متعددة.
منها سوء حال النظام التعليمي؛ المصاب بعوار بين ويحتاج لحرفية التعامل معه إذا أردنا نهضة تعليمية متميزة؛ لأننا عندنا مشكلة في نظامنا التعليمي؛ لأنه يخرج شباب غير مؤهلين بالكفاءة المطلوبة لسوق العمل، وفي أحايين كثيرة يخرج شباب غير متعلمين من الأساس.
بصدق الوضع سيئ للغاية ويحتاج إلى إخلاص النوايا أولًا؛ ثم العمل بحسم صوب تقويم الخطأ؛ حتى نوقف نزيف الهدر من جانب؛ ونستغل ما نملك بأفضل شكل من جانب آخر.
هكذا تكون البداية؛ ودون ذلك سنسمع ضجيجًا ولكن دون أن نرى طحينًا.
،،، والله من وراء القصد
[email protected]