Close ad

3 سيناريوهات محتملة لتصبح كوريا قوة عظمى

5-9-2022 | 13:42

تعقيبًا على مقالي المنشور في "بوابة الأهرام" الأسبوع الماضي بعنوان: هل تصبح كوريا الجنوبية قوة عظمى؟ تلقيت رسالة إلكترونية من السفير عبدالفتاح عزالدين، أول قنصل عام لمصر في شنغهاي، وسفير مصر الأسبق في كوبا.

تتضمن الرسالة عددًا من الأسئلة، أهمها: "طرحتم ما يبرز القوة الاقتصادية لكوريا الجنوبية، واحتلال اقتصادها المرتبة العاشرة، ترى ما وضعها كقوة عسكرية؟ وهل تحالفها مع الغرب يخدم هذا النمو أم يعرقله؟! وما وضع كوريا الشمالية؟ هل السعي للوحدة معها أو تغييرها سيؤثر على مكانتها الدولية؟ وما هي السياسة الخارجية التي تعطي كوريا الجنوبية مكانة متميزة دوليًا"؟

الإجابة عن هذه الأسئلة القيمة تتطلب –بكل تأكيد- بذل المزيد من الجهد والرصد الدقيق، لمعطيات وأبعاد النمو المتسارع في كوريا الجنوبية، على مختلف الأصعدة والاتجاهات، وهو ما اجتهدت في الإشارة إليه في مقالات سابقة، وأعد سعادة السفير عز الدين -والقارئ الكريم- بإعطاء مزيد من الاهتمام لهذا الملف الحيوي، مستقبلا، لما يحتويه من دروس وعبر، يمكننا الاستفادة منها.

في إشارة سريعة لوضع كوريا الجنوبية كقوة عسكرية، أعلنت الحكومة في سول أنها تخطط لزيادة ميزانية دفاعها في العام المالي المقبل، 2023، بنسبة 4.6 في المائة، لتصل إلى نحو 42.4 مليار دولار، بهدف تعزيز نظام الدفاع "ثلاثي المحاور" لمواجهة تهديد الأسلحة النووية والصواريخ الكورية الشمالية.

يتألف النظام الدفاعي الكوري الجنوبي، الجديد، المكون من ثلاثة محاور ما يلي: القدرة على شن هجوم استباقي عند رصد إطلاق صاروخي وشيك، اعتراضات بعد الإطلاق، وهجمات انتقامية واسعة النطاق،  وذكرت وزارة الدفاع أنها خصصت أموالا لإدخال طائرات استطلاع مسيرة، وتطوير نظام دفاعها الجوي بشكل أكبر.

أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لكوريا الجنوبية، وتحالفها مع الغرب، لتصبح قوة إقليمية ودولية فاعلة، فقد طرح الخبير الياباني في الشئون الكورية، كيمورا كان، 3 سيناريوهات محتملة، لعلها تجيب عن جانب من أسئلة السفير عزالدين.

- السيناريو الأول: تتبنى كوريا الجنوبية لغة جديدة مع الحد من توسيع الأدوار الدولية، حيث من الواضح أن علاقة سول مع حليفتها واشنطن ستظل ذات أهمية قصوى لضمان أمنها، وربما تتبنى القاعدة السياسية المحافظة للإدارة الكورية سياسة الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، ولكن بدرجة لا تتأثر معها كوريا الجنوبية بالمناورات الدبلوماسية الأمريكية خارج شبه الجزيرة الكورية. 

حيث يبدو حاليًا أن الولايات المتحدة منشغلة بالكامل بقضية أوكرانيا وليست في وضع يمكنها من اتخاذ المزيد من الإجراءات العدائية ضد الصين، وهو ما يضع كوريا الجنوبية في وضع مثالي، حيث تحتاج سول فقط إلى "إيماءة" بسيطة لكي تلمح إلى استعدادها إلى التعاون مع أجندة واشنطن للضغط على بكين، بينما تظل هي نفسها تظهر بمظهر الطرف المحايد.

- السيناريو الثاني: تتبنى سول قدرًا أكبر من الأنشطة الاستباقية في القضايا الإستراتيجية الإقليمية، وهنا سوف تشكل الصين تهديدًا واقعيًا لكوريا الجنوبية ولاستقرارها الإقليمي. 

لذلك، يرى الخبير كيمورا أنه يجب على سول اتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل محدد وصريح، لأن الولايات المتحدة منشغلة -بشكل شبه كامل- بما يحدث في أوكرانيا وغيرها، فإذا ما استطاعت كوريا الجنوبية أن تلعب دورًا تكميليًا مؤثرًا، بينما تعالج الولايات المتحدة قضايا إستراتيجية أكثر إلحاحًا في أماكن أخرى، فقد تكسب كوريا الجنوبية ثقة الولايات المتحدة والدول الإقليمية.

يقول الخبير الياباني، كيمورا، إن الإدارة الكورية الجديدة، والمسئولون الكوريون البارزون، أعربوا-بالفعل- عن اهتمامهم بالمشاركة بنشاط في أطر تهدف إلى كبح جماح قوة الصين المتنامية بشكل مقلق، مثل أن تلعب دورًا في الحوار الأمني الرباعي "كواد" أو اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ، فإذا ما استطاعت سول أن تفعل ذلك بنجاح، فإن مكانتها الجيوسياسية في المنطقة سترتفع.

مع ذلك، يرى الخبير الياباني، أن الأمر سيتطلب توسيع نطاق أنشطة كوريا الجنوبية، الاقتصادية والعسكرية، وقد تفكر حكومة الرئيس يون صوك-يول في نشر قواتها العسكرية خارج المياه المحيطة بشبه الجزيرة الكورية، وإبراز قوتها في بحر الصين الشرقي، وبحر الصين الجنوبي، وفي جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ويمثل هذا السيناريو –الثاني- طريقًا لكوريا الجنوبية لتصبح "قوة إقليمية". 

يؤكد الخبير كيمورا، في تحليل نشره موقع نيبون دوت كوم باللغة العربية، انطلاقًا من التعليقات الأولية والإجراءات التي اتخذتها إدارة يون، فإن هناك احتمالًا قويًا بأن تكون هذه هي الإستراتيجية التي سيتم تبنيها في النهاية.

- السيناريو الثالث: الذي يمكن للإدارة الكورية الجديدة تبنيه سيكون أكثر طموحًا، حيث سيتعامل مع كوريا الجنوبية على أنها "قوة عظمى عالمية".

يقول الخبير الياباني: "سيتم النظر إلى مساهمات سول في إدارة الأزمة الأوكرانية على إنها مقياس للتأكد من قابلية هذا السيناريو للتطبيق في السنوات المقبلة. من المعروف أنه منذ قربت نهاية إدارة الرئيس الكوري الجنوبي السابق، مون جيه-إن، كانت سول تساير الدول الغربية الأخرى في معاقبة روسيا وقبول اللاجئين من أوكرانيا، ومع ذلك لم تظهر الإدارة السابقة أي استعداد للمشاركة بشكل أكبر، ومن المحتمل أن يكون افتقار كوريا الجنوبية –نسبيًا- إلى الاهتمام بما يحدث في أوروبا البعيدة قد لعب دورًا في هذا النهج الأكثر سلبية تجاه أوكرانيا.

ومع ذلك، إذا أريد لكوريا الجنوبية أن تصبح دولة مؤثرة وموثوق بها حقًا، فإن المشاركة النشطة ستكون ضرورية، على سبيل المثال، إذا استطاعت كوريا الجنوبية تقديم مساعدات عسكرية قوية لأوكرانيا - وهو ما فشلت اليابان والعديد من الدول الأخرى في القيام به - فإن التقدير الدولي لمساهماتها يمكن أن يرفع مكانتها بشكل كبير، ويضعها جنبًا إلى جنب مع دول مجموعة السبع.

يختتم الخبير الياباني، كيمورا، تحليله قائلا: "في كوريا الجنوبية، حيث لم تنته الحرب الكورية قانونًا وتم تجميدها –فقط- بموجب هدنة، فإن الرأي العام الكوري قد يكون متساهلا–نسبيًا- تجاه إرسال قوة عسكرية إلى الخارج، كما يدعي أحد المطلعين على الشأن الكوري الجنوبي إن القيادة السياسية في سول يمكنها التأثير على الرأي العام بشكل كبير لكسب التأييد فيما يتعلق بجدول أعمال أكثر استباقية في القضايا الدولية، ولعل هذا حقًا هو ما تطمح الإدارة الكورية الجديدة إلى تحقيقه".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: