زهير حمدى: تونس مهمة جدا للاقتصاد العالمى
موضوعات مقترحة
أمل هريسى: «تيكاد 8» فرصة لتونس لاستعادة مكانتها وتأثيرها فى العلاقات الدولية
عثمان الحاج عمر: الشراكة ستنجح ولن يلتفت المشاركون إلى ما يحدث من حركة النهضة وحلفائها
لمياء كريم: يشارك بـ«تيكاد 8» ثلاثمائة شركة من اليابان
محمد كيلانى: حجم التمويلات المعروضة على المؤتمر يبلغ 2.7 مليار دولار
آمنة طرابلسى: 81 مشروعا يابانيا فى انتظار «تيكاد 8»
عبد الناصر لعراض: تنظيم هذه القمة يمثل حافزا من أجل التوجه التدريجى للشرق
تستعد تونس لاستضافة الدورة الثامنة لمؤتمر طوكيو للتنمية فى إفريقيا، وهو المعروف باسم “تيكاد 8”، الذى سيجمع دولة اليابان بعدد من الدول الإفريقية، وهو ما أكدته رئيسة الحكومة التونسية، نجلاء بودن فى المؤتمر، الذى أقامته تونس منذ أيام بدار الضيافة بقرطاج، وأعلنت فيه استعداد بلادها التام لاستضافة الدورة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولى للتنمية فى إفريقيا «تيكاد 8»، وبفضل التعاون البناء مع الجانب اليابانى والرغبة المشتركة فى جعل هذا الموعد محطة فارقة فى مستقبل التعاون الإفريقى - اليابانى، من أجل غد أفضل للشعوب، عن القمة وأهدافها وما ستقدمه للدول والشعوب العربية، «الأهرام العربى» استعرضت ذلك مع عدد من الخبراء خلال السطور المقبلة.
يتحدث د. زهير حمدى، الأمين العام للتيار الشعبى بتونس، قائلا: انعقاد القمة الإفريقية - اليابانية بتونس، هو حدث سياسى واقتصادى مهم جدا، وتونس مطالبة بالنجاح فى تنظيم هذه القمة شكلا ومضمونا، فهو أهم حدث تحتضنه بلادنا منذ سنوات، أما من حيث الرهانات، فهى اقتصادية أساسا، فاليابان من أهم اقتصاديات العالم وتطورت شراكتها مع تونس فى السنوات الأخيرة، وهى إحدى القوى الكبرى، التى يمكن بناء شراكة متكافئة معها على قاعدة رابح رابح، سواء فى مجال التكنولوجيا أو فى مجال البنية التحتية، وتونس فى أمس الحاجة لمثل هذه الشراكات.
ويضيف: كذلك سيشارك أغلب قادة الدول الإفريقية، فالقارة تشهد صعود عدة قوى اقتصادية من جهة، ومن جهة ثانية باتت وجهة القوى الاقتصادية الكبرى للاستثمار فيها، واليابان إحدى هذه القوى، وإفريقيا عموما تجربتها مع الغرب سيئة وفاشلة، أولا نحن كنا مستعمرات غربية، وكان هذا الاستعمار السبب الرئيسى فى تأخر القارة، وما عاشته وتعيشه من مآسٍ، وفشل الغرب فى إرساء شراكة ناجحة اقتصاديا ومتكافئة مع إفريقيا، وبالتالى تشكل القوى الأخرى مثل اليابان والصين والهند وروسيا والبرازيل، وغيرها فرصة لإفريقيا، ونحن معنيون بتعزيز ودعم هذه الشراكات.
ويتابع: لذلك تونس أمام فرصة، لتخطو خطوة نحو شراكة إفريقية ودولية جديدة، فتونس مهمة جدًا لكل قوة اقتصادية عالمية تريد شراكة مع إفريقيا وتونس، عليها إقناع إفريقيا بهذا الدور، وهذا يتطلب أولا النجاح فى هذه القمة، خصوصا فى فتح آفاق علاقات إفريقية واعدة، كذلك تونس، مطالبة حسب رأينا بتعزيز حضورها الدبلوماسى فى إفريقيا، وكذلك فتح خطوط جوية مباشرة لأهم العواصم الإفريقية، كذلك تعزيز شراكتها وتعاونها مع الجزائر ومصر وليبيا فى إفريقيا، خصوصاً وأن تونس تعد حلقة مفصلية فى مشروع الطريق والحزام، ونحن ندعو الرئيس لتشكيل لجنة لتنفيذ المشاريع المتعلقة به، فهى ستربطنا بإفريقيا بشكل كامل.
وتستكمل الحديث، أمل هريسى، أستاذة العلوم السياسية، قائلة: تستعد تونس لاحتضان مؤتمر طوكيو الدولى الثامن للتنمية بإفريقيا، لسنة 2022، الذى سيشهد مشاركة رئيس الوزراء اليابانى وأعضاء حكومته ونحو 50 رئيس دولة وحكومة إفريقية، ورؤساء منظمات دولية وأكثر من 11 ألف مشارك، من مؤسسات يابانية وإفريقية من القطاعين العام والخاص، وخبراء دوليين، وممثلى المؤسسات المالية الدولية ويمثل مؤتمر “تيكاد 8” فرصة قيمة لتونس، لتجديد مكانتها وتأثيرها فى العلاقات الدولية خصوصا على المستوى الإفريقى، ومحاولة استرجاع مستواها المعهود، الذى شهد تراجعا لعدة أسباب، لعل أبرزها التحولات السياسية الداخلية للدولة التونسية، وتراجع المؤشرات الاقتصادية، اللذين أسهما فى تركيز الدولة على الشأن الداخلى، وتناست فى عدة مناسبات العمل على المستوى الدولى، وعلى توطيد علاقاتها الدولية وخلق جسور تعاون جديدة.
وتضيف هريسى: تعتبر تونس ثانى بلد إفريقي، يحتضن مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية بإفريقيا، بعد كينيا فى 2016، قربها من أوروبا جغرافيا يجعلها بوابة إفريقيا، كما صرح سفير اليابان فى تونس "شينسوكى شيميزو"، بالتالى هى المعبر الرئيسى للشركات اليابانية للوصول لإفريقيا، وجدير بالذكر بأن تونس تتميز بالمكانة الجغرافية وبالموارد البشرية، التى من شأنها أن تكون أولا مكسبا، لأى بلد شريك، وثانيا داعما لأى علاقات ثنائية، وثلاثية مما يجعل "تعاون تونسى يابانى جديد" يلوح فى الأفق، بالتالى مؤتمر "تيكاد 8”، هو فى الأساس فرصة لتونس لتوطيد علاقاتها مع الدول الإفريقية ومناسبة مهمة، بالنسبة للشركات التونسية لخلق وتحسين فرص العمل الإفريقى، بدرجة أولى، والإفريقى اليابانى بدرجة ثانية.
ويوضح عثمان الحاج عمر، أمين عام حزب البعث التونسى، قائلا: سوف تنجح تونس، ولن يلتفت المشاركون إلى ما قد تحدثه حركة النهضة وحلفاؤها من ضجيج، لذا تستعد الجمهورية التونسية لاحتضان قمة طوكيو الدولية للتنمية فى إفريقيا «تيكاد 8»، ومعلوم أن طوكيو، هى التى اختارت تنظيم النسخة الحالية فى تونس تحت شعار “أولويات التنمية فى إفريقيا بعد كوفيد-19”، وتُعتبر “تيكاد” من أقدم المنتديات المهتمة بإفريقيا، حيث دأبت اليابان على استضافتها منذ عام 1993، وتهدف من خلالها إلى معاضدة التنمية فى القارة السمراء عبر عقد شراكة مع المجتمع الدولى لتحقيق النهوض وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية بها.
وفى هذا السياق، قالت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، إن “هذه التظاهرة الاقتصادية ستؤسس لمحطة جديدة على درب الشراكة الإفريقية - اليابانية قوامها التنمية المتضامنة والمتكافئة من أجل تحقيق التعافى الشامل”، معتبرةً أن “التضامن الدولى قادر على الخروج بتونس نحو آفاق تهيئ لها أسباب وشروط إعادة البناء”، وأضافت “ستركز الدورة الحالية على ثلاثة محاور رئيسية تتمثل فى التنمية المستدامة والشاملة، والحد من الفوارق الاقتصادية، إلى جانب بناء مجتمعات مستقرة وأكثر صموداً وأمناً بالقارة الإفريقية، وستكون هذه القمة إطاراً نموذجياً لرفع سقف الشراكة الإفريقية - اليابانية وتحقيق الانتعاش الاقتصادى ودفع النمو، بما يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والأهداف المدرجة بأجندة التنمية 2063، للاتحاد الإفريقى، عبر توفير برامج مساندة مالية وفنية وتدابير تفاضلية، وبيئة استثمارية تشجع على ريادة الأعمال، وقادرة أيضاً على احتضان رواد الأعمال اليابانيين والأفارقة أو غيرهم، وتقديم نموذج للتعاون بين القطاعين العام والخاص لدى إفريقيا واليابان".
وتشمل القمة، لقاء على مستوى رؤساء الدول، والحكومات الإفريقية، ورئيس الحكومة اليابانية، وممثلى المؤسسات الدولية الشريكة فى التنظيم، كما سيتم تنظيم منتدى اقتصادى بمشاركة نحو 300 شركة يابانية وإفريقية وتونسية”، وعشرة آلاف مشارك دولى من مشغلى القطاع الخاص فى اليابان وإفريقيا، إضافة إلى عشرات الأنشطة الموازية من ندوات وورش عمل فى المجالات الاقتصادية والمالية والعلمية، وقد انطلقت بعض هذه الفاعليات، منذ الجمعة 19 أغسطس فى مدينة الثقافة بالعاصمة.
ويؤكد عمر، أن الهدف من القمة يمثل من وجهة نظر الحكومة التونسية الشراكة فى مختلف أبعادها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتحديد أولويات التنمية فى إفريقيا فى مرحلة ما بعد جائحة “كوفيد-19”، والحرب فى شرق أوروبا، ويضيف قائلا: أما من وجهة نظر اليابان فالقمة توفر فرصة للتلاقى بين الفاعلين الاقتصاديين، ورجال الأعمال من اليابان وتونس والبلدان الإفريقية، لدراسة الإمكانات المتاحة، والتأسيس لشراكات اقتصادية فاعلة، علاوةً على إتاحة الفرصة لاكتشاف المشاريع المزمع إنجازها على المدى القريب فى تونس، والنظر فى إمكانية تمويلها وتنفيذها عن طريق آلية الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وكذلك الفرص المتوفرة للرفع من حجم الاستثمارات اليابانية فى تونس، ويبلغ حجم الدعم الذى ستوفره اليابان فى هذه الدورة أكثر من 20 مليار دولار.
ويتابع: فاليابان تبدى اهتماماً كبيراً بإفريقيا، وتحذو فى ذلك حذو بلدان العالم المتقدم والقوى الاقتصادية الطامحة، إلى التوسع فى المساحات الواعدة بالنمو. وتمتاز طوكيو، التى تمثل ثالث أقوى اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة والصين، بحيازتها التكنولوجيا المتطورة، كما أن لديها الفرصة السانحة فى الوقت الراهن، لمساندة بلدان القارة الإفريقية التى تعانى هذه الفجوة الرقمية والتكنولوجية، التى تتسبب فى خسارتها موارد مالية طائلة”، وتشهد القمة حضور رئيس الوزراء اليابانى “فوميو كيشيدا”، فى زيارة تعد الأولى من نوعها إلى المنطقة، إضافة إلى منظمات عالمية تُعنى بالتنمية والاقتصاد، وبالطبع العديد من الرؤساء والمسئولين الأفارقة من الصف الأول فى السياسة والاقتصاد والمالية.
ويقول: بالتأكيد ستسعى حركة النهضة الإخوانية والأحزاب المؤتلفة معها إلى التفكير الجدى فى استغلال ذلك، والقيام بحملة سياسية على شاكلة ما قامت به نفس تلك الأحزاب، فى 2005 بمناسبة قمة المعلوماتية التى انعقدت فى تونس، فاستغلت وقتها خروج الشعب التونسى احتجاجا على دعوة وجهت للمجرم آرييل شارون، ورفضًا لقدومه لبلدنا بعد اقتحامة المسجد الأقصى وتسببه فى اندلاع انتفاضة الأقصى، استغلت ذلك ووظفته لصالحها فكونت وقتها “حركة 18 أكتوبر”، استعدادا لاقتطاف ثمار الضغط على النظام وقتها خصوصا العفو والاعتراف، ووصولا للمشاركة فى الحكم، و حركة النهضة خرجت علينا اليوم بدعوة القوى المؤتلفة معها “ضد الانقلاب” إلى الوحدة وتنظيم مقاومة موحدة لمسار الرئيس قيس سعيد، ولن تنجح النهضة هذه المرة، لأنه على عكس المزاج الشعبى الذى كان ضد بن على فى عام 2005، حيث يحظى الرئيس سعيد اليوم بدعم وتأييد شعبى مازال كبيرا وما يطلبه الشعب حقيقة هو طى صفحة النهضة مرة واحدة، للتفرغ لمعالجة أموره الحياتية الأخرى، فى مجال التنمية وتحسين ظروف العيش.
وتمضى فى الحديث الكاتبة التونسية، لمياء كريم، قائلة: القمة اليابانية ستدور فى قصر المؤتمرات بالعاصمة، والذى جهز بأحدث التجهيزات لاستقبال رؤساء الدول، وقد قام عدد من السفراء والوزراء بزيارة قصر المؤتمرات، للتأكد من أن مكان الندوة جاهز لإقامة ندوة طوكيو الدولية الثامنة، حول التنمية فى إفريقيا التى كانت محل متابعة السفراء من إفريقيا وبعثة دبلوماسية من اليابان، وينتظر أن تشارك ثلاثمائة شركة من اليابان وتونس وبقية الدول الإفريقية، وتعمل القمة على تعزيز الحوار بين كل الشركاء خصوصا بالنمو الاقتصادى، والاستثمار والتجارة والتنمية المستدامة والأمن البشرى، كما تجولت رئيسة الحكومة نجلاء بودن، يوم الثلاثاء 16 أغسطس فى زيارة تفقدية إلى مدينة الثقافة وقصر المؤتمرات بالعاصمة للإطلاع على آخر الاستعدادات لاستضافة تونس، لندوة طوكيو الدولية للتنمية.
أما محمد كيلانى، مؤسس الحزب اليسارى التونسى يقول: اليابان تدرك جيدًا، الوضع السيىء الذى عليه الاقتصاد التونسى والمالية العمومية، وأيضًا ما عليه الوضع السياسى والاجتماعى، خصوصًا أن وكالة التصنيف اليابانية رايتنغ آند أنفستمنت أعلنت عن توقعاتها بالنسبة للاقتصاد التونسى بأنه يراجع من B إيجابى إلى B سلبى مع آفاق سلبية. وترى الوكالة أنه تواصل النقاش بين الحكومة وصندوق النقد الدولى، وبرغم الاتفاق الحاصل بين الطرفين، بشأن الإجراءات لتحسين المالية العمومية، فإن إقدام اليابان على تنظيم “تيكاد 8” فى تونس برغم معرفته بحقيقة الأوضاع، التى تشهدها بلادنا، إدراكا منه أن اقتلاع مكان له فى تونس، ليس سهلا أمام “شركائها” التقليديين، الأمر الذى يدعوه إلى تقديم عروض مغرية، كأن يمكنها من مساعدات أو قروض طويلة الأمد لتمويل مشاريع منتجة بنسبة 0.2 %، كما وقع مع بعض البلدان الإفريقية، خصوصا أن ميزانية الدولة التونسية لسنة 2022 مازالت فى حاجة إلى 20 ألف مليار من الدينارات، كى تتمكن الحكومة من الإيفاء بتعهداتها.
ويضيف: لاسيما فى أن حجم التمويلات المعروض فى هذا المؤتمر يبلغ 2.7 مليار دولار، فى عديد من المجالات منها الصحة وصناعة السيارات والطاقات المتجددة، لتمويل المشاريع التى تتوفر لها شروط النجاح أكثر من غيرها من بين الـ 82 مشروعا المعروضة على المؤتمر. وهو مبلغ لم يصل حجم 4 مليارات دولار مساعدات، تم تخصيصها فى “تيكاد 4” لتطوير البنية التحتية للدول الإفريقية الأكثر فقرا، وأقل بكثير من حجم التمويلات التى رصدها “التيكاد 5”، التى بلغت 6.5 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للعديد من بلدان القارة، وتعزيز الموارد البشرية وتحسين بيئة التعليم. أما “التيكاد6”، فقد خصص استثمارات بقيمة 30 مليار دولار للقارة، وقد تسفر مداولات مؤتمر “التيكاد 8”، إلى ما هو أفضل حسب المشاريع المقدمة للمستثمرين، وحسب الضمانات التى يحصلون عليها، ويلمسون التى تقدمها الدول المشاركة.
ويضيف كيلانى قائلا: كما ينبغى أن ندرك أن اليابان ليس فاعل خير فى علاقته بإفريقيا أو بتونس، بل هو فى صراع مرير مع القوى العظمى، حتى الحليفة معه، حول مصادر المواد الأولية لصناعته وبضاعته، باعتباره بلدا يفتقر لها وفى حاجة لتوريدها من كل بلدان العالم، ثمّ حول دخول الأسواق العالمية، لذلك فهو يبذل جهدا أكبر اتصاليا، وفى البحث عن أيسر السبل التى يأخذ بها حصته مع الكبار، فهو يواجه فى إفريقيا عموم الدول الغربية التى استعمرت القارة فيما مضى ولها عملاؤها فيها، ويواجه أمريكا الإمبراطورية العالمية، التى تدخل البلد الذى تريد وكيفما تريد، والصين التى امتدت جذورها إلى جل بلدان القارة، بحيث أصبحت لها مصالح كبيرة تجمعها بها، بينما دخلت روسيا حديثا، مما جعل القارة السمراء تشهد ضغطا شديدا جراء الصراع “السلمى” اليوم بين الكبار، والذى قد يأخذ فى أى لحظة مجرى مواجهة عسكرية، كما هى الحال فى أوكرانيا، واعتبارا أن القارة تتمتع بثروات طبيعية هائلة لا تزال فى الطور الأولى لاستثمارها، ولها طاقات بشرية شابة نادرة فى قدرتها على البذل.
ويتابع: بما أن اليابان تدرك هذا الوضع، وهو فى حاجة إلى من بين يديه إمكانيات تساعده على النفاذ، وبإمكان تونس أن تكون بوابة إفريقيا من الجهة الشمالية لما لها من جيل جديد شاب مؤهل معرفيا وتقنيا، ومتأقلم مع التطورات الحاصلة فى العالم فى العديد من المجالات، يمكنه أن يصبح طاقة جاذبة ناجحة، إذا ارتبط بالعقل العملى الصارم للثقافة الآسيوية وبصورة خاصة لليابان والصين. وهو فى اعتقادى جانب لا يمكن لليابان أن يغفل عنه. وما من شك فى أن طوكيو كان لها فى السابق أفضلية فى العناية بالعلاقة التى تجمعها ببعض البلدان الإفريقية، مثل مصر وكينيا وإثيوبيا وتنزانيا وموزمبيق وجنوب إفريقيا والسنغال وتونس.
وللتأكيد على الاهتمام المتزايد بإفريقيا، نشير إلى أن عدد الشركات اليابانية العاملة فى إفريقيا ناهز الـ 800 شركة فى 2020. ممّا يؤكد أن أمام تونس وإفريقيا فرصة يمكن استغلالها على الوجه الأفضل.
فيما تقول آمنة طرابلسى: فى 2022، تعتزم تونس تقديم مشاريع استثمارية فى القطاع الخاص بقيمة 2,7 مليار دولار، خلال مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية فى القارة الإفريقية “تيكاد 8” الذى سينعقد ببلادنا اليوم وغدا 27 و 28 أغسطس 2022 ، و75 % من المشاريع المبرمج عرضها على الطرف اليابانى، تهم بالأساس قطاع الطب والصيدلة وقطاع الاقتصاد الأخضر والأزرق وقطاع الرقمنة والذكاء الاصطناعى وتكنولوجيات الفضاء، لافتة النظر فى هذا الصدد إلى أن المجالات الـ 3 تبرز ما تزخر به تونس من كفاءات وخبرات عالية، وتُبين أيضا قدرة الاقتصاد الوطنى على مواكبة التطورات وجاهزيته للعولمة، إذا ما توفرت الظروف الملائمة.
وتضيف: يبلغ العدد الإجمالى للمشاريع، التى سيتم طرحها أمام السلطات اليابانية لدراستها وتمكينها من تمويل، 81 مشروعا، موزعة بين قطاع الصحة والصيدلة وقطاع الرقمنة، والذكاء الاصطناعى والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة وقطاع البنية التحتية، والجانب اليابانى سيختار المشاريع المقنعة والجدية، وفقا لشروط محددة سلفا بغرض إنجازها على أرض الواقع، وقد وضعت اليابان ضمن «تيكاد 8» ميزانية إجمالية لكل الدول الإفريقية بقيمة 25 مليار دولار، مقابل 20 مليار دولار تمّ وضعها ضمن النسخة السابقة من المؤتمر الذى انتظم بطوكيو، خلال سنة 2019، وبالنظر لحجم الاعتمادات المالية المهمة، المرصودة للدورة الجديدة، ندعو الحكومة التونسية إلى انتقاء أفضل مشاريع القطاع العام، من حيث دراسة الجدوى والمردودية، حتى تنجح فى الحصول على تمويلات، ومن المتوقع أنّ تُحظى ما بين 20 و25 بالمائة من المشاريع التونسية على تمويلات، وهذا الرقم مهم، فى ظلّ المنافسة القوية من عدة بلدان إفريقية، على غرار كينيا والكونغو وجنوب إفريقيا.
ويتحدث عبد الناصر لعراض، عضو المكتب السياسى لحركة الشعب قائلا: تندرج قمم “تيكاد”، منذ التسعينيات فى إطار محاولة اليابان للعودة كفاعل دولى وازن، بعد انتهاء الحرب الباردة وتحررها من ضغط القطبية، وقد تسارعت وتيرة القمم فى العشرية الأخيرة وتضاعف معها حجم الاستثمارات والإعانات اليابانية فى إفريقيا، وأصبحت تستهدف منافسة التمدد الاقتصادى والسياسى الصينى فى القارة، وفق مقاربة مختلفة تعتمد على النوعية مقابل الكم وعلى الملكية المحلية مقابل نظام اللزم والاقتناء.
ويضيف: بالنسبة لتونس، تحتل الاستثمارات اليابانية المرتبة الثالثة بـ2,5 مليار دولار بعد إيطاليا وفرنسا، وبقدرة تشغيلية مباشرة تناهز الـ25 ألف موطن شغل، لكن هذه الأرقام، على أهميتها، تبقى قابلة للتطوير وبهامش كبير، إذن على الحكومة التونسية وكذلك شركات القطاع الخاص استغلال فرصة تنظيم قمة «TICAD8» بتونس للدفع من أجل الرفع من قيمة الاستثمارات، خصوصا فى مجالات الخدمات الطبية وتصنيع قطع غيار السيارات والطاقة الشمسية ونقل التكنولوجيا بصفة عامة، أما إستراتيجيا، قد يمثل تنظيم هذه القمة بتونس حافزا من أجل تنويع الشراكات فى العالم والتوجه التدريجى نحو الشرق، حتى لا تبقى البلاد منغلقة داخل المجال الحيوى الغربى، خصوصا أن الفضاء الأوروبى، يعانى منذ مدة من تراجع نسب النمو.