الفيروز السيناوي الأنقى عالميًا يبحث عن تسويق جيد
موضوعات مقترحة
الحرفيون يطالبون بإنشاء مصانع مزودة بماكينات حديثة ومدارس لتعليم الشباب المهنة قبل اندثارها
السياح الصينيون مهووسون بأحجار الطاقة خصوصًا الروز كوارتز واللازورد
هي صناعة عمرها أكثر من ألف سنة، تركزت في منطقة الحسين، فحول مسجد سبط رسول الله الإمام الحسين رضي الله عنه، تجد حواري وأزقة قديمة تعج بالمصريين والأجانب الذين قصدوها من كل حدب وصوب بحثًا عن الأحجار الكريمة، والتي تمثل لهم علاجًا روحانيًا وعضويًا في بعض الأوقات، ما جعل المنطقة أكبر سوق للعلاج الروحاني والعضوي بالأحجار الكريمة كما يقول سكانها.
إذا قدر لك أن تسير في تلك الأزقة بين المحلات والفتارين، ستجد أحجارًا من كل شكل ولون، كل منها سيجذب انتباهك لاكتشاف الخلطة السرية داخلها، وكل نوع بجواره لافتة توضح فائدته العلاجية.. ستجد على جانبي الزقاق باعة يستقبلون الزوار ليكونوا دليلًا سريعًا لما يقصدونه داخل الحارة أو الزقاق، حيث تقدر عدد المحلات بكل حارة أكثر من 100 محل صغيرا وكبيرا، ويقدمون النصيحة بتوجيههم إلى المحل المطلوب... حتى أنك قد تجد أطباء صيادلة بالحارة متخصصين في تحديد نوع كل حجر وقدرته العلاجية، خصوصًا أحجار الطاقة التي يقبل عليها كثير من الناس.
«الأهرام التعاوني» اخترقت بعض تلك الحواري والأزقة، واستمعت إلى أهل صناعة الأحجار، وعرفت منهم سر حالة الإبهار التي تصيب الزائرين من "فاترينات" العرض الزجاجية التي تعرض ما يسر العين من جمال طبيعي لشكل الأحجار الملونة اللافتة للنظر، فيشعرون أنهم أمام متحف مرتب متناسق في شكل لوحة فنية ضخمة.
عمر منطقة الحسين من عمر الدولة الفاطمية التي حكمت مصر قبل أكثر من ألف عام، ومنذ وقتها والمنطقة بأزقتها العتيقة مقصدًا للأجانب والمصريين الراغبين في التنزه خصوصًا في شارع المعز لدين الله الفاطمي أول الخلفاء الفاطميون، وأيضًا التقاط الصور التذكارية أمام الآثار الإسلامية الشامخة تتحدى الزمن وتؤكد إبداع صانعيها، فضلًا عن شراء الإكسسوارات والتحف القيمة المصنوعة من الذهب والأحجار الكريمة والفضة والنحاس.
لذلك فالمنطقة من قديم الزمان مصدر رزق لشريحة كبيرة من المجتمع، ومعقل لمئات الورش المتخصصة في تلك الحرفة اليدوية التي احترفها المصريون منذ عهد القدماء حتى الآن، حيث تنتج عشرات الأنواع من الزخارف المطعمة بالأحجار وعظام الحيوانات والمشغولات النحاسية والفضية، يتم تصدير معظمها للخارج.
سوق الفضة
"تختلف أنواع الفضة بإختلاف العيار ودرجة النقاء والمتانة ودرجة تغيير اللون، وتنقسم إلى ثلاث أنواع أنقاها الإيطالي ثم التركي وفي النهاية يأتي النوع المصري".. هكذا بدأ محمد جمال توفيق وهو تاجر فضة عمره 56 عامًا حديثه معنا، و الذي حدثنا عن صناعة الفضة في مصر وأنواعها، وقال: "يوجد الفضة الإيطالي عيار(925) المستوردة من تايلاند، وهي الأغلى من نوعها، فالجرام يبدأ من 40 جنيه وذلك بسبب تكلفة الاستيراد، ولجودتها فهي مطلية بالبلاتين".
ويضيف الحاج محمد جمال قائلًا: "كما يوجد الفضة التركي عيار (925) المستوردة من تركيا ويبدأ سعر الجرام منها بـ 25جنيه، وهذا النوع الأكثر مبيعا خصوصا مع الرجال وهو مطعم بالنحاس في بعض المشغولات، وتشتهر تلك الفضة بلمعانها البراق، أما الفضة المصري عيار (800-900) يبدأ سعرها من 15 جنيه للجرام، وهي أقل سعر بالسوق، ولهذا الإقبال عليها كبير، ويرجع ذلك إلى أنها صناعة محلية، وبسبب تغير لونها بسهولة نتيجة الأكسدة، فعيار 800 يحتوي علي نسبة فضة 80% ومعادن أخرى منها النحاس بنسبة 20%". وتابع قائلًا: "الفضة المصرية هي الأصعب في التشكيل مقارنة بالأنواع الأخرى المصنعة عن طريق ماكينات المصانع".
داخل إحدى الورش التقينا "عم ماهر" وهو أحد أمهر الحرفيين الذي قضى 30 عامًا من عمره في نحت وتشكيل قطع الفضة الخام بعد تزويدها بكمية قليلة من النحاس حتي تزداد صلابتها ويسهل تشكيلها، وناشد الرجل العجوز الشباب علي تعلم تلك الحرف التراثية حتي لا تندثر، وناشد أيضا الدولة بالتوسع في إنشاء مدارس فنية لتعليم الشباب الصناعات اليدوية والحرف، والاستعانة بالخبرات الموجودة في منطقة الحسين، في تعليمهم وتدريبهم، وتوفير الإمكانيات اللازمة.
وأضاف أن "ريشة نحت الفضة"، التي تستخدم في تشكيل الفضة تستوردها مصر من سويسرا، وفي الآونة الأخيرة تضاعف سعرها من 9 : 25 جنيهًا، مطالبا الدولة بإنشاء مصنع لتوفير أدوات الصناعة لأهميتها، ولاستغلاله في تدريب الشباب أيضا علي العمل بالماكينات الحديثة، فهي توفر الوقت والعمالة وتقديم منتج محلي ذو جودة عالية ما يجعلنا قادرين علي منافسة الأسواق الأخرى وتصدير منتجاتنا للخارج.
سوق الأحجار الكريمة
خلال جولتنا توجهنا إلي أحد متاجر الأحجار الكريمة، وتقابلنا مع أحمد الجوهري، الذي حدثنا عن أغلي 3 أحجار هم الزمرد، والياقوت والزفير، وأنواع الأحجار الكريمة وأشهر الأنواع في مصر والعالم قائلا: "نريد أن نعرف العالم أن في مصر أشياء جميلة.. فمصر تتميز بالزمرد والفيروز السيناوي الذي يعد من أجود الأنواع في العالم من حيث التعريقات والتشبيحات الجميلة التي تزين الحجر، وتجعله أقيم متفوقا في ذلك علي الفيروز الأمريكي"، وأضاف: "يوجد في دول آسيوية مثل إيران وأفغانستان الفيروز النيشابوري وهو من أردأ أنواع الفيروز ورغم ذلك له شهرة عالمية، فيما تشتهر مصر أيضا باللابس اللازوردي الذي يشتكل علي شكل جعران".
كما حدثنا عن أنواع العقيق مشيدا بالعقيق اليمني الذي يعتبر الأجود، مثل العقيق الكبدي الذي يقدر سعر الجرام منه بـ 300 جنيه، ويوجد أنواع أخري أيضًا يبلغ سعر الجرام منها 40 جنيه، مشيرًا إلى أن العقيق الجيد يقاس بدرجة الشفافية، ودرجة صلابة الحجر والنقاء".
وتابع أحمد الجوهري مؤكدًا: "يوجد أيضا أحجار تستخدم في العلاج العضوي والروحاني، مثل حجر عقيق الدم الذي يقال عنه إنه يعمل علي وقف نزيف الدم، والبالغ ثمنه 30 جنيه للجرام، وأحجار الطاقة التي يهتم بها طلاب كلية الفنون التطبيقية والفنون الجميلة، بتشكيلها في فنون خاصة بعلم الطاقة مثل حجر الأماتيست الذي نستورده من البرازيل".
ويضيف متابعًا: "هناك إقبال كبير على بعض أحجار الطاقة من قبل السياح الصينيين، بعدما بدأت السياحة تتعافي على مدار الفترة الماضية، حيث يهتمون بشكل كبير بأحجار الطاقة مثل حجر الروز كوارتز، وحجر اللازورد"، وأشار إلى أن هناك زيادة في أسعار الأحجار المستوردة بنسبة 15%، وهو ما يؤثر على عملية البيع والشراء، كما حدثنا الأحجار المستخدمة في سبح الصلاة مثل الحجر اليمني السليماني الذي يصنع منه السبح ويتراوح سعرها من 200 لـ250 جنيه، وأيضا حجر الهايلايت فهو حجر طبيعي ولكن لونه غير طبيعي، ونستورده من البرازيل.
في عدد من الورش الفنية، كانت خطوتنا التالية في جولتنا بالحي العتيق، وهي ورش متخصصة في تشكيل الأحجار الكريمة، هناك التقينا "شيخ النحاتين" الحاج هشام وهو أقدم من عملوا بالمهنة وعمره 65 عامًا، وقال لنا: "تعلمت الحرفة منذ صغري علي يد أحد النحاتين ثم انفصلت عنه ودشنت ورشتي الخاصة"، واستعرض أمامنا مهارته وهو ينحت الحجارة، مؤكدًا أن عملية التشكيل تتم علي 3 مراحل بداية بتقطيع القطعة الخام من الحجارة علي الصاروخ، ثم نحتها لصنع منها شكل الحجر ثم مرحلة الصنفرة لتنعيمها وتلميعها وصولًا للشكل النهائي المتعارف عليه بالسوق.
وأكد شيخ النحاتين، أن الأحجار تباع بالجرام ويتوقف سعره علي حسب نقاء الحجر، ويتفاوت وفقًا لدرجة النقاء، ويري ضرورة تدريب الشباب علي مهارات هذة الحرفة حتي لا نلجأ للاستيراد، وإنشاء مصانع لزيادة الإنتاج بجودة عالية لمنافسة الصناعات الصينية التي تغزو السوق المصري، وتسويق إنتاجنا بالخارج.
تحكي الروايات أن الملكة شجرة الدر سحقت أحجارها الكريمة "بالدق عن طريق الهون"، وألقت بها فى حديقة قصرها الملاصقة لسوق لما أحست بمؤامرة قتلها، وكأن الزمن تعمد أن يصبح المكان الذى شهد تألقها وجمالها في يوم ما جزء من سوق قاهري تجارى لكل مستلزمات المرأة من زينتها من حلى وإكسسوارات وأحجار كريمة وشبه كريمة.
ويقول التجار إن منطقة الصالحية التي تعتبر قلب سوق الأحجار الكريمة، تعود تسميته إلى زوجها السلطان الأيوبي نجم الدين أيوب، فهناك أمر ببناء أول مدرسة سميت "الصالحية" سنة 1243م، وبعدها أمرت زوجته شجرة الدر بدفنه فيها، وبالتالي اكتسبت المنطقة اسمها من كونها ملاصقة لسور مدرسة الصالحية، وحتى الآن لا تزال المنطقة محتفظة بأغلب معالمها الأثرية مثل أبواب الكتاتيب العريقة والجدران وقطع البلاط البازلتى، كما تحتفظ البيوت بالمشربيات على نوافذها والأبواب الخشبية الضخمة بالحلقات النحاسية المحتفظة بنقوشها التي عبرت مئات السنين حتى الآن.
الفيروز السيناوي شهرته عالمية ويحتاج تسويق
ورش نحت الفضة والأحجار الكريمة في منطقة الحسين
أحمد الجوهري تاجر الأحجار - محمد جمال توفيق تاجر الفضة