راديو الاهرام

تكلفا الملايين وافتتحا ثلاث مرات.. سوقان جديدان في رشيد تسكنهما الأشباح !

31-8-2022 | 18:20
تكلفا الملايين وافتتحا ثلاث مرات سوقان جديدان في رشيد تسكنهما الأشباح سوق الأسماك في مدينة رشيد
تحقيق - إمام الشفى
الأهرام التعاوني نقلاً عن

من المسئول عن الإهدار الواضح لملايين الجنيهات؟ من المؤكد أن هذا السؤال شغل أذهان أهالى رشيد لنحو عقد كامل من الزمن.. ففى هذه المدينة السياحية يوجد سوقان حضاريان للخضر والأسماك كاملي التجهيز بسعة 180 محلا وشادرا وبتكلفة 19 مليون جنيه حيث تم تشييدهما ليقضيان على الاشغالات ويضمنان حياة كريمة للباعة ويحافظان على المظهر الحضارى والانضباط العام داخل شوارعها إلا أنهما باتا يشكلان أزمة كبيرة بسبب عدم تشغيلهما بالرغم من افتتاحهما ثلاث مرات.. 

يأتى ذلك فى الوقت تشهد فيه بعض المناطق الأثرية برشيد حالة من الفوضى والارتباك بعدما احتل الباعة أرصفة الشوارع والميادين التاريخية مما أدى لإعاقة حركة المشاة والسيارات بشكل يؤثر على سمعة مصر أمام الوفود الأجنبية أثناء تواجدهم لزيارة رشيد.

وليد الكفراوى أحد مواطنى رشيد قال أنه تم إنشاء سوقين تجاريين للأسماك والخضروات مجهزين بشكل نموذجى الأول بطاقة استيعابية 30 محلا و84 شادرا بتكلفة بلغت 9 ملايين و200 ألف جنيه والثانى يتضمن 22 محلا 42 شادرا بواقع 7 ملايين و800 ألف جنيه لمختلف الأغراض ومظلات معدنية تسع 192 بائعا ودورات مياه ومبان خدمية ومبنيان للإدارة وملحقاتهما على الوجه اللائق حيث كان من المقرر أن يكونا بدلين للأسواق العشوائية المنتشرة فى شارع دهاليز الملك الأثرى وتفريعاته الأعلى كثافة سكانية إلا أنهما لم يجدا طريقهما لدخول الخدمة حتى الآن وظلا طيلة نحو 11 عاما ينتظران التشغيل وتجاهل الباعة السوقين وتركهم المسئولين يحتلون الشوارع والميادين حتى أصبح زائر المدينة لا يشعر بقيمتها التراثية، مشيرا إلى أن الأجهزة التنفيذية التى تعاقبت على مدينة رشيد والمحافظة عجزت عن وضع حلول لهذه الأزمة وأن اللائمة هنا تقع على مسئولى المحليات الذين أهدروا هذه الملايين التى أنفقت على إنشاء السوقين اللذين أقيما على مساحة تجاوزت ألفى متر ولابد أن يقف المحافظ على أسباب عدم قيام الوحدة المحلية لتحقيق حلمنا الكبير بنقل الباعة الذين تسببوا فى خنق قلب المدينة.

أما السيد حميدة شيخ صيادى برج رشيد فيقول ان سوقي الأسماك والخضروات والفاكهة تحولا لمبان فارغة من العمل لم يتم تشغليهما بالفعل بالرغم من قص شريط افتتاحهما فى عهد ثلاثة محافظين سابقين فباتت أبنيتها تسكنها الأشباح وزيارة واحدة لأى مسئول تكشف عن سوقين كبيرين مزودين بالمرافق والتندات الحديدية التى تحمى الباعة من الشمس معطلين لأسباب غير معلومة للأهالى، لافتا إلى أن هذا المشهد الذى يعيشه أكثر من نصف مليون مواطن يؤكد أن المحليات كثيرا ما تتخذ قرارات غير صائبة تكلف الدولة ملايين الجنيهات، وموضحا أن المسئولين لم يراعوا أن هذه الملايين المهدرة التى تأخذ من دافعى الضرائب كفيلة بمحاسبة المسئولين فى المحليات خاصة بعد تحول السوقان إلى خرابة وعدم استغلالهما على النحو الأمثل رغم مرور أكثر من 10 سنوات على إقامتهما واستلمتهما المحافظة والوحدة المحلية لرشيد ليستفيد منهما الأهالى إلا أن ذلك لم يحدث حتى اللحظة وهو ما يثير العديد من التساؤلات بشأن عدم تشغيلهما.

وتساءل إسلام حجر خبير تربوى برشيد لماذا لا تتم المبادرة بتسليم السوقين الرسميين ونقل الباعة إليهما حتى الآن مما يقلل من معاناة المواطنين ويحقق قدر من المظهر الجمالى والحضارى والسيولة المرورية فى بلد المليون نخلة علما بأن الوحدة المحلية التى أنفقت الملايين على إنشائهما تسلمتهما بالفعل بعد أن أقامت حفلا لافتتاحهما فى إطارا احتفالات عيد البحيرة القومى فى سبتمبر 2015 بحضور المحافظ الأسبق الدكتور محمد سلطان بالرغم من افتتاحهما من قبل فى عهد المحافظ الأسبق اللواء مصطفى هدهود ومن بعد فى عهد نادية عبده المحافظ السابق إلا أنه لم يتم استغلالهما دون وجود مبرر لذلك. كما تساءل حجر عن المسئول عن إقامة هذين المشروعين وتأخر نقل الباعة إليهما كل هذه السنوات وأين دراسة الجدوى؟ مطالبا بمحاسبته قضائيا بشأن عدم تسليمهما للأهالى إهدار ملايين ضائعة على الدولة مع ندب مكتب استشارى هندسى معتمد لتحديد مدى مطابقتهما للمواصفات الفنية من عدمه.

بينما لم نعد نسأل عن تشغيل السوقين ليأسنا من ردود المسؤولين هكذا قال إبراهيم صديق أحد صانعى السفن برشيد مضيفا سألنا أكثر من مرة بعض مسؤولى المحليات خاصة أن موقعهما متميز بجوار محطة القطار والإدارة التعليمية ولا ينقصهما شيئا وفى كل مرة يخبرنا المسئولون فى مجلس المدينة مازلنا فى انتظار التعليمات ولكثرة أسئلتنا أصبحت إجابتهم اسألوا المحافظ ولذلك يئسنا من الوضع واعتبرناهما غير موجودين.

ويستنكر أنيس سعيد سائق تاكسى عدم تشغيل السوقين اللذان تم انشائهما بهدف جمع الباعة به والقضاء ظاهرة الأسواق العشوائية التى تضرب قلب المدينة ومازال الباعة يحتلون الشوارع ويتسببون فى التكدس المرورى فى الوقت الذى تلتزم فيه إدارة المرافق الصمت وعدم التحرك لفض هذا الاختناق زاعما أن مهمة إعادة الروح لرشيد تقع على عاتق المحافظ.

وبنبرة مرارة ألمح مسعد عجمى تاجر أسماك أن رشيد مازال يعانى أهلها من الأسواق المليئة بالاشغالات وعربات الباعة التى أغلقت مداخل الشوارع لافتا إلى أنهم سيطروا على النواصى والأرصفة وكأنهم قاموا بتمليكها بسند قانونى حتى بات الأمر يحتاج إلى نظرة شمولية تعالج فوضى انتشار الباعة ونقلهم إلى الأسواق الجديدة لأن هذا فيه الخلاص نهائيا من الأزمة الخانقة بالإضافة إلى المتابعة التى تتم داخل الأسواق الرسمية من مديريتى الصحة والتموين للسلع المعروضة والتأكد على سلامتها.

وعلى النقيض أمضى أحمد خميس بائع متجول يفترش بضاعته على رصيف جانبى بميدان الحرية ذاكرا أن أى بائع يتمنى أن يخصص له مكان يرحمه من مطاردة البلدية ومشكلات الشارع المتعددة وأن مبادرة انتقالنا إلى الموقع الذى تم تخطيطه كسوق تجارى طرحته أجهزة المحليات وحدث بيننا وبينهم حالة من الشد والجذب وباءت فى النهاية بالفشل حيث رفض الباعة الانتقال إليه خشية تعرضنا لخسائر كبيرة نظرا لارتفاع القيمة الإيجارية التى تفوق طاقتنا المادية بالإضافة لقلة المارة الموجودين فى السوق الجديد فهى منطقة مهجورة على حدى تعبيره ولا يوجد بها أى حركة للبيع والشراء أما وسط البلد فهى منطقة حيوية تشهد تكدسا من المارة الذين يقبلون بكثافة على شراء مستلزماتهم.

بدورها أكدت المهندسة نور الهدى عبدالواحد رئيس مركز ومدينة رشيد أنها عازمة على التعامل مع الملفات الصعبة والشائكة انتصارا لمستقبل هذه المدينة الأثرية وحفاظا على طابعها الأثرى المتفرد لتكون مدينة تاريخية وتراثية من الدرجة الأولى خاصة بعد تحويلها لنقطة مضيئة ومتحف مفتوح للفن الإسلامى وبقدر هذا التطوير الذى سيزيد من رونقها جمالا وسحرا سيكون الفكر الجديد وهو دراسة أمر هذين السوقين التجاريين دراسة وافية ضمن خطة تطوير رشيد من خلال تشكيل لجان معنية من الوحدة المحلية إما بتسكين الباعة الجائلين فيهما خاصة أنهما متكاملين المرافق ومجهزين بمختلف الإمكانات الحديثة ووسائل الأمان والخدمات المتنوعة للعمل على راحة المواطنين أو بالبحث عن خطة جديدة لكيفية الإستفادة منهما واستغلالهما الاستغلال الأمثل أما فى حالة تعذر الأمر فسيتم الإعداد لاستثمار الموقعين فى إقامة مشروعات نفع عام لصالح شعب رشيد وفق توقيات زمنية محددة، بالإضافة إلى خلق بدائل أخرى بحصر المنتفعين الذين يشغلون بعض الشوارع القديمة وهى شوارع أثرية لنقلهم إلى أماكن لائقة تتوافر بها مقومات النظافة والتنظيم بعيدا عن نهر الطريق حرصا من الدولة على البعد الاجتماعى لهذه الشريحة المجتمعية وأيضا ترسيخ مبدأ هيبة الدولة والتصدى للعشوائيات ليأتى ذلك استمرارا لجهود محافظة البحيرة فى الحفاظ على الرونق والمظهر الحضارى لرشيد والعمل على استكمال المشروع القومى لتطويرها ووضعها على خريطة السياحة العالمية مع تيسير الخدمات للناس وتحقيق رغباتهم.

وشددت نور الهدى على أنها لن تسمح بأى اشغالات فى الشوارع وستواجه بكل حسم إزالة أى تعديات أولا بأول لتحقيق السيولة المرورية وتوفير بيئة نظيفة للمواطنين لافتة أنه سيتم القيام بحملات نظافة مكثفة لإزالة كل العوائق وذلك فى إطار التواجد الميدانى للمسئولين بالشارع لحل مشكلات المواطنين والارتقاء بمنظومة النظافة.

كلمات البحث