ما يحدث على أرض القلعة من بهجة وموسيقى وغناء يؤكد بأن الجمهور يبحث عن الأصالة أينما وجدت، فمنذ أول ليلة لمهرجان القلعة للموسيقى والغناء التي أحياها هشام عباس وفرقة عمان، ووأوركسترا الأنامل الصغيرة، والإقبال على حفلاته يبعث على التفاؤل بأن الموسيقى والغناء والأصوات التي تؤمن بالكلمة واللحن لا زالت في المقدمة.
ليلة علي الحجار تفاعل معه جمهور المهرجان باعثا الروح في حفلات الهواء الطلق التي تكاد تقتصر حاليًا على حفلات الساحل الشمالي، وإن كان في مصر ما يسمى حفلات الساحل الشرير ففي القاهرة حفلات قلعة الخير والبسطاء ممن يحتفون بالفن الأصيل، وبتذكرة 20 جنيهًا فقط، وليس كما يحدث في الساحل والتي تصل إلى العشرة آلاف جنيه، بل بمبلغ بسيط يستمتع الجميع بأصوات نقية مثل علي الحجار ومدحت صالح، ونسمة عبدالعزيز ومصطفى حجاج، ومي كمال وأحمد جمال.
وتأتي ليلة المديح والإنشاد الديني مع الشيخ ياسين التهامي، والتي تم إعادة بثها على قناة الحياة بناء على طلب الجمهور، ليلة أبدع فيها بأن قدم مدائح من أشعار عمر بن الفارض، والحلاج، والسهروردي، ومحيي الدين بن عربي، وغيرهم من أقطاب الصوفية الكبار.
تنوعت ليالي القلعة ما بين الكبار ومنهم هاني شاكر، ونادية مصطفى، وحنان ماضي ونسمة عبدالعزيز وغيرهم وبين الشباب والعرب نوال الزغبي ودينا الوديدي، ويختتم بحفل الموسيقار الكبير عمر خيرت.
ما يقدمه مهرجان القلعة للموسيقى والغناء يحتاج إلى نظرة وتحليل سر هذا النجاح، ومحاولة تعميمه في الأقاليم، فلا يكتفي فقط بأن تقام الحفلات في القاهرة والإسكندرية، فلماذا لا ينتقل المهرجان إلى بعض المحافظات وبخاصة النائية ومنها الأثرية التي يمكن أن تحظى باهتمام مصري وغير مصري؛ حيث تقديم حفلات للفن الشعبي للسائحين في الأقصر وأسوان وتدرج ضمن حفلات المهرجان.
وهنا أشيد بما يقوم به الدكتور مجدي صابر رئيس دار الأوبرا فهو يعمل بالفعل في صمت ودون ضجة وبهدوء يسعى إلى تنويع فنون الأوبرا ومهرجاناتها التي تعد الأكثر نجاحًا في مصر، فهي تصنع حالة من البهجة بين الناس ومفتوحة لجميع الناس، وليست فئة ممن ترسل إليهم الدعوات لحضور الحفلات والفعاليات، قد تكون حفلات الأوبرا ومهرجاناتها هي المتنفس الأكثر تاثيرًا في الناس، ومن ثم علينا دعم مثل هذه الفعاليات؛ لأنها مهمة جدًا وتقدم بأسعار رمزية.
المطربون ممن يشاركون في مثل هذه المهرجانات يستحقون الشكر لأنهم يعلمون جيدًا أنهم يتقاضون أجورًا رمزية، ولكنهم لا يبخلون على جمهورهم بشيء، فرق موسيقية مثل فرقة عمرو سليم تعزف خلف مدحت صالح، وغيرها من الفرق، هي بالفعل حالة فنية تستحق أن تدعم من الجميع.
فريق إعلامي بمكتب الإعلام بالأوبرا هو أيضًا جزء مهم من تلك المنظومة، يسهم كثيرًا في نشر أخبار الحفلات والترويج لها على وسائل التواصل الاجتماعي، تشعر بأنك أمام حالة متكاملة تعمل دون كلل، فتحية إلى الدكتور مجدى صابر وإلى كتيبة الأوبرا التى تعمل لإسعاد الناس.