من حق الزوج ألا يكتب قائمة المنقولات فى حالتين فقط
موضوعات مقترحة
الافتراء وأكل الأموال بالباطل.. جعلا الكتابة والتوثيق الضامن الحقيقى لحقوق الزوجين
قائمة المنقولات الزوجية.. قضية من القضايا المهمة التى أثارها المواطنون فى وسائل التواصل الاجتماعى مؤخرا، فصارت مثارا للسخرية والجدال.. فهناك من حرم فرضها على الشباب، ومنهم من أوجبها عليهم حفظا لحقوق العروس، وآخرون جعلو منها «ترند» يلهو بها على الانترنت.. «الأهرام التعاونى» توضح لقرائها حقيقة وضع «قائمة المنقولات الزوجية» فى السطور القادمة.
يقول الدكتور عوض إسماعيل عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بالقاهرة: إنه فى الآونة الأخيرة فكر كثير من المخلصين من علماء الأزهر الشريف فى طرح حلول مناسبة لما آل إليه حال الأسرة المصرية على جميع مستوياتها فى الفقر والغنى، والتعليم العالى ودونه؛ فى شأن التجهيز للزواج ومتطلباته؛ فكانت هذه المبادرة الرائعة (لتسكنوا إليها) والتى -مع الأسف الشديد- لم يُلقِ لها الإعلام بالًا، رغم أنها تمس واقع الناس وحياتهم بصورة مباشرة، وتُعَد بابًا من أهم أبواب الاستقرار والأمن الأسرى والمجتمعي.
وتابع إسماعيل: غير خافٍ على أحد ما وصل إليه مدى الإرهاق المادى الذى يعانيه طرفا الزواج فيُحمَّل الشاب ما لا يطيق عند التقدم لمن وقع عليها اختياره خاطبًا، ويُحمَّل أهلها فوق طاقتهم فى استقبال الخاطب وأهله، ويدلف الجميع إلى الحديث عما ينبغى تقديمه من ذهب وخلافه من هداي، ثم ينتقل عن مكان الاحتفال بالخطبة ومن يتحمل أعباءها، وينتهى الجميع إلى أن وليها يتحمل ذلك ترحابًا بالعريس وذويه، ثم ينتقل الحوار إلى الجهاز وما يحتويه، ويكون فيما بين الجميع أخذ ورد، ورضا وغضب، وكلمة هادئة وأخرى شرسة، ويُختم الاتفاق -بخيره وشره- بالحديث عن المؤخر وعن قائمة المنقولات ومن يوقع عليها، وكأن الحديث -فى الجلسة- عن اتفاق على مقاولة إنشاء طريق، أو عمارة سكنية، أوشركة تجارية.
وأضاف: كل هذا، وكلمة الدين فى كل الاتفاقات والمحاورات غائبة، بل وكلمة العقل والمنطق لاوجود لها، الحاضر-فقط- التنظير بالقاصية والدانية، والقاصى والداني، ويستبق الطرفان فى إرهاق بعضهما، فى تجهيزات واجبة بأعلى درجاتها، وأخرى ثانوية بأحط درجاتها، وهم بين هذا وذاك مهمومون بتنفيذ المتفق عليه، وإلا اهتزت صورة المقصر أمام الآخر، ورُمى بالبخل والتقتير، واتُّهِم بالتقصير، فيدفع بعضهم بعضًا إلى الاستدانة، والاقتراض من يمين وشمال، وكتابة الإيصالات والشيكات بمستحقات التجهيزات التى تفوق القدرات والموارد والدخول، وليت الأمر يقف عند حد التجهيزات، ومايقدم من شبكة وهدايا وخلافه، بل يزداد الطين بلة عند الاتفاق على العرس، وحفل الزفاف، ومكانه، وتكاليفه، وتجهيز العروس، من زينة وفستان، وتصوير، ووليمة وووو.....
وبعدما يتم هذا كله وينتهى الأمر بغلق الباب على الزوجين، تذهب السكرة وتأتى بعدها الفكرة -كما يقولون- الكل يبدأ فى تجهيز كشف الحساب المتعلق بشئونه ويجد نفسه -مع الأسف- متورطًا فى مطالبات طويلة عريضة، كان من الممكن تجاوزها بقليل من التريث وإعمال العقل والمنطق، والاكتفاء بما هو ضرورى لا يمكن الاستغناء عنه، وتأجيل أمور أخرى كثيرة تحتمل التأجيل وربما الاستغناء عنها بالمرة، وأقسم لى أحد الآباء أنه لا يزال يسدد ما عليه من ديون فى تجهيز ابنته وقد أنجبت طفلين أولهما كانوا يستعدون لإلحاقه بالمدرسة.
ونادى قائلا: أيها الآباء الكرام، رفقًا بأنفسكم، رفقًا بأبنائكم وبناتكم، اقتصدوا فى تجهيزات أعراسكم، لا تدخلوا فى دائرة المسرفين المبذرين، أنفقوا على قدر طاقتكم، ولاداعى للتنافس المحموم المذموم الذى لايُجنَى من ورائه إلا كل تعب وعنت ومشقة، اسلكوا جانب التيسير، لاتشقوا على أنفسكم، ولا على أحبابكم، ولاتكدروا أعراسكم بهذه المكدرات؛ فتُحرَموا جميعا فرحة السعادة بأبنائكم وبناتكم فى ظل وجاهة كاذبة، وتذكروا أن البركة فى الزواج قليل المؤنة يسير التكاليف.
إن الاقتصاد المعقول فى الزواج وتكاليفه يلقن الزوجين وأمثالهما درسًا فى الاعتدال فى حياتهم المقبلة من غير تزيد أو ادعاء كاذب أوبهرجة جوفاء يعيشون حياتهم وأقدامهم على الأرض دون عناء، لايطيرون فى الهواء بكذب وادعاء.
أما الدكتور على عثمان شحاتة الأستاذ بكلية الدعوة الاسلامية- جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، فقال: الشرع الحنيف أكد صيانة حقوق المرأة المادية بعقد الزواج، فأوجب لها المهر، لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحلَةً}، فتعارف الناس على إعطاء المهر حالا أو بعضه يدفع عند تحرير العقد والباقى مؤجلا، مع ضعف الاهتمام بالحال منه، على أن يتشارك الزوجان فى تجهيز بيت الزوجية، ووضع ذلك فى قائمة مكتوبة يوقع عليها الزوج على أنها دين للمرأة تطلبه عند الطلاق، أو عند موت زوجها كالمهر، وهذه القائمة لأنها خاضعة للعرف فقد دخلها من التعديلات والإضافات الكثير والكثير، ووقع بشأنها -بناء على ذلك - كثير من الخلافات، فبعد أن كانت أداة لتيسير الزواج والتشارك فيه، صارت عاملا خطيرا لهدم البيوت، وإفساد كثير من العقود، قبل الدخول أو بعده، أو حتى فى فترة الخطبة.
ويرى أن ترجع القائمة إلى يسرها وسهولتها وبساطتها، بأن تقتصر على الأمور الضرورية فقط، وأن تخلو من مظاهر البهرجة والإضافات المستفزة، حتى لا تقصم ظهر الزوج عند الفراق، أو تضيع حقوق المرأة كذلك، على أن يعاد الاعتبار للمهر؛ بتوثيقه وضمان حصول المرأة عليه حالا ومؤجلا، وأن نطمس سيئ العادات التى نقلت الزواج من حيز المودة والرحمة، إلى معارك تكسير العظام، الفائز فيها هو من يخرج بأكبر قدر من المكاسب المادية، بل علينا أن نتقى الله فى أبنائنا وبناتنا، بأن نضمن الحقوق برحمة ومحبة، لأنها بيوت جديدة بأبناء وذرية وليست معركة حربية.
وأشار إلى أن بعض الشباب يفكر فى الزواج على أنه صفقة، إذا فشلت أفشلت حياته كلَها، وهذا تفكير غير صائب؛ فلا بد من وضع احتمالات القبول أو الرفض، وأن يعلم الشاب أو الفتاة أنه فى الحالتين تقدير من الله تعالى، وأن الخير فيما اختاره الله له، بل الصواب أن أتعلم من تجاربي، وأن أقلل الخسائر ما أمكن، وألا أدخل بابا إلا إذا أعددت له عدته المادية والمعنوية، ووضعت احتمالات القبول أو الرفض، أما أن تضيع حياتى لفشل مشروع ما، أو أدمِّر نفسى والآخرين، فهذا لا يتفق مع العقل ولا المنطق، ولا مع ما أمرنا الله به.
وأوضح أن الله تعالى وضع لنا احتمالات الفشل أو النجاح، فى وضع أخطر من فشل الخِطبة؛ من ذلك فسخ العقد قبل الدخول، قال تعالى: {لَّا جُنَاحَ عَلَیكُم إِن طَلَّقتُمُ النِّسَاءَ مَا لَم تَمَسُّوهُنَّ أَو تَفرِضُوا لَهُنَّ فَرِیضَة}، بل وضع الاحتمالات كذلك بعد الزواج فقال: {الطَّلاقُ مَرَّتَان فَإِمسَاكُ بِمَعرُوفٍ أَو تَسرِیح بِإِحسَـان} مع أن مخاطر الانفصال بعد الزواج أشد، ومع ذلك قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} قال ابن كثير: فقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمَا إِذَا تَفَرَّقَا فَإِنَّ اللَّهَ يُغْنِيهِ عَنْهَا وَيُغْنِيهَا عَنْهُ، بِأَنْ يُعَوِّضَهُ بِهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْهَا، وَيُعَوِّضَهَا عَنْهُ بِمَنْ هُوَ خَيْرٌ لَهَا مِنْهُ: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} أَيْ: وَاسْعَ الْفَضْلِ عَظِيمَ الْمَنِّ، حَكِيمًا فِى جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْدَارِهِ وَشَرْعِهِ.
فالفشل فى الاختيار ليس نهاية الدنيا، ولعل الله يفتح به بابا هو الأوفق والأحسن والأدوم، فلا تنساقوا خلف الأفكار والقصص والروايات الخادعة التى تسبح فى عالم الخيال والرومانسية، والتى لا تقدر الواقع، ولا تتعامل مع متغيرات الحياة ومشكلاتها.. هدانا الله وإياكم لمرضاته ولما فيه الخير والصلاح.
وتقول الدكتورة روحية مصطفى الجنش أستاذ الفقه بجامعة الازهر الشريف: قائمة المنقولات الزوجية.. ليس فيها ظلم للرجل، فبين الحين والآخر نرى ونسمع جدالا واسعا حول قائمة المنقولات الزوجية، وفى الغالب من يثير هذه القضية هو الرجل، الذى ترتعد فرائصه أمام حقوق المرأة التى كرمها بها الإسلام، ولو تدبر قليلا لوقف على سر المسألة وحمد الله تعالى حمدا كثيرا.
وتابعت الجنش: المهر من الحقوق الثابتة للمرأة فى الشريعة، لا يملك أحد إسقاطه إلا إذا طابت نفس المرأة منه بشيء للرجل، فيثبت لها بالعقد فإن طلقت قبل الدخول كان لها نصفه والإنصاف يقتضى أن تستحق نصف ماجهزه الزوج فقط أما ماساهمت به فهو حقها كاملا؛ لأنها متبرعة به؛ فالمهر فى شريعتنا هو مايدفعه الزوج للزوجه لا العكس، وإن طلقت بعد الدخول كان لها كل المهر، سواء كان الترك منها أم من الزوج بخلاف ما لو طلبت المخالعة، وإن دخلت بلا مهر ثبت لها مهر المثل شرعا، أما بالنسبة لتقدير المهر فهذا من المتغيرات التى تخضع لاختلاف الزمان والمكان وأعراف الناس.
كذلك المهر فى الغالب مبلغ من المال يدفعه الزوج للزوجة وقد يكون شيئا عينيا مثل بيت أو حديقة أو سيارة، وقد يكون منفعه مثل تعليمها القرآن الكريم، أو زراعة أرضها وغير ذلك، وهذا المهر تقبضه المرأة وهو ملك لها ليس للولى فيه حق بحال.
وتضيف: وبما أن الزوج فى أعرافنا المصرية لا يدفع مهرا للزوجة إلا الجزء الذى خرج على سبيل الشبكة، بل يقوم بشراء عفش بيت الزوجية حسب الاتفاق مع عائلة العروس، وبأعرافنا المصرية التى أقرها الشرع لأنها تترتب عليها مصلحة تيسير الزواج تقوم البنت بالمساهمة فى تجهيز منزل الزوجية حسب الاتفاق بين الطرفين، وبما أن الزوج لم يقدم مهرا وجعله فى صورة عفش الشقة فمن حق البنت شرعا أن يكتب لها قائمة يوضع فيها ما اشتراه الزوج من اثاث لمنزل الزوجية وكذلك من باب أولى ما اشترته العروس، وليس فى هذا التدبير ظلما للرجل، بل لو فهم أن قائمة المنقولات هى مهرها التى ساهمت فيه ربما بضعف ما ساهم، ومن زوج بنات يعرف هذا لن يجد غضاضة فى هذا الأمر، وفى رأيى الشخصى أن المرأة فى أعرافنا المصرية هى التى يقع عليها الظلم إذا ما طلقت خاصة إذا كان الطلاق بعد عشرات السنين، فلن تأخذ مهرا ارتفعت قيمته مع الوقت، بل أثاث متهالك لا يساوى تكلفة حمله إلى الأسواق.. (فاتقوا الله فى النساء).
وعن قائمة المنقولات قانونا يحدثنا المستشار محمد الطوخى المحامى بالنقض والإدارية والدستورية العليا قائلا: بادى ذى بدء، ونحن بصدد التنويه عن قائمة المنقولات، لابد ان نشير ان التوثيق للمحررات الكتابية فى امور الزوجية تسلسل واستجد على المجتمع الاسلامى، ففى عهد رسول الله [ لم يكن هناك توثيق بالكتابة لا لعقد الزواج ولا قائمة المنقولات ولا قسيمة الطلاق، لأن الناس حينها كانوا يؤتمنون على الأموال والأعراض، أما الآن بعد أن تعود الناس على الافتراء وأكل أموال الناس بالباطل، صار الضامن الحقيقى لحقوق كل من الرجل والمرأة هو الكتابة والتوثيق، خاصة حقوق النساء المعنوية والمالية.
وعن أصل القائمة يوضح الطوخى: ذائع بين المجتمع المصرى أن قائمة المنقولات الزوجية ظهرت تزامنًا مع تمسك عدد كبير من الرجال بحق التعدد، فكان يجوز للرجل الزواج من مسلمة وأخرى يهودية فى آن واحد، بينما لم يكن هذا ما تنص عليه الشريعة اليهودية، وهذا ما كان يمثل تهديدًا لاستقرار الحياة الزوجية للمرأة اليهودية حال اعتراضها على زواج الرجل مرة أخرى، لم تجد الزوجة اليهودية حلًا لما يؤرق دوام حياتها الزوجية سوى إجبار الزوج على كتابة قائمة منقولات زوجية تضمن جميع المنقولات والمشغولات الذهبية الخاصة بها، ويحق لها أن تستردها حال طلاقها عند رفضها التعدد، فأصبحت تلك الورقة هى الحائل بين الرجل والزواج مرة أخرى، وانتقل هذا العُرف من العائلات اليهودية إلى المسلمين الذين كانوا يقطنون مع بعضهم البعض وتجمعهم الجيرة، ولم يندثر مع رحيلهم عن مصر عام 1952 بل صارت هذه الورقة التى ابتدعتها طائفة صغيرة جزءًا أساسيًا تتوقف عليه زيجات داخل مجتمع بأكمله.
ونوه بأن الإسلام جعل للمرأة ذمة مالية خاصة بها وفرض لها الصداق أو ما يسمى بالمهر، وهى الوحيدة صاحبة الحق بالتصرف به، ولكن اختلف الوضع الآن، إذ تشارك الزوجة فى تأسيس منزل الزوجية، لذلك يصبح كل ما جاء به الزوج من أثاث وأدوات، بالإضافة إلى كل ما جلبته هى من مالها الخاص أو مال أبيها، حق لها دون غيرها ولابد أن يكتب ويوثق هذا حتى نحافظ على حقوق المرأة، إذ تعتبر المنقولات التى آتى بها الزوج هى مهر لها، ومن حق الزوج ألا يكتب قائمة منقولات زوجية، ولكن فى حالتين فقط وهى (أن يقوم هو بتأسيس منزله كاملًا من ماله، أو يعطى الزوجة مهرًا خالصًا لها)، وفى هذه الحالة لا يحق لها أن تطلب شيئًا لأنها حصلت على حقها الشرعى من المهر كما أنها لم تنقل من مالها أو مال أبيها إلى منزل الزوجية شيئًا، كما أن دار الإفتاء وضحت حكم الشرع فى قائمة المنقولات الزوجية بحكمها: «لا حرج شرعا فى الاتفاق على قائمة العفش عند الزواج، ولا بأس بالعمل بها، فهى مما تعارفت عليه الناس فى بلادنا».
ويؤكد المستشار محمد الطوخى أنه من الناحية القانونية لقائمة المنقولات، وفيما يتعلق بوجود تنظيم تشريعى لقائمة المنقولات الزوجية، لم ينص القانون صراحة على ما يسمى بقائمة المنقولات الزوجية، ويتم معاقبة الزوج على جريمة تبديد المنقولات الزوجية بموجب نص المادة ٣٤١ من قانون العقوبات والتى تنص على (كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقودا أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضرارا بمالكيها أو أصحابها أو واضعى اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلا بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري).
ودفع الجدل الدائر إحدى نائبات البرلمان إلى اقتراح مشروع قانون بشأن تسجيل قائمة منقولات الزوجية فى الشهر العقارى قبل الزواج وأن تكون تلك القائمة الموثقة ضمن الأوراق الإلزامية لتوثيق عقد الزواج، وهذا معناه أن قائمة منقولات الزوجية كما هى عقد من عقود الأمانة الواردة بنص المادة ٣٤١ من قانون العقوبات وفى حالة تبديد المنقولات من الزوج يتم عقابه بالحبس، وحتى تاريخه «لم يتم إلغاء قائمة المنقولات الزوجية.. فقط تم تقديم مقترح لتوثيق قائمة المنقولات فى الشهر العقاري، وإثبات ذلك فى وثيقة الزواج (القسيمة)، وذلك لضمان حق الزوجة إذا ضاعت القائمة، ولمنع الدخول فى لغط (قائمة المثل) وضياع الحقوق، وأيضا لضمان حق الزوج بعدم التجنى عليه بقائمة أخرى خلاف التى وقع عليها، أو التى وقع عليها على بياض، والخلاصة فى ذلك أنه لا يوجد فى القانون حتى الآن ما يسمى بقائمة المنقولات الزوجية، ولا يوجد إلزام قانونى على الزوج بتحرير قائمة المنقولات الزوجية، الموضوع كله عبارة عن عرف وإتفاق بين أهل الزوجة والزوج ولهم مطلق الحرية فى تحرير قائمة المنقولات الزوجية أو عدم تحريرها».
وتحت هذا العنوان يحدثنا فضيلة الدكتور عزمى عبدالبديع الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف قائلا: من العادات والتقاليد والأعراف السلبية التى توارثها الناس فى بعض البلدان مشاركة الزوجة فى تأثيث بيت الزوجية وبالغ الكثير من الناس فى هذا الأمر، خاصة فى ريف وقرى مصر حتى وصل الحال ببعض الناس إلى المداينة من أجل تجهيز العروس، وأصبحت البنت حملا ثقيلا يشغل بال الأهل من أول يوم تستهل فيه صارخة.
وتابع عبدالبديع: ما زلت أستنكر هذا الأمر وأستقبحه وأراه لا يتناسب مع فلسفة العقل والدين والشرع والرجولة ومكارم الأخلاق، إنه عار يلحق بالمرأة حين يلزمها العرف أن تأتى بأدوات المطبخ وأثاثه وجميع لوازمه من الأوانى والأطباق والأباريق والملاعق والكؤوس والمطاحن والمروحة والمكنسة والمكيف والغسالة والثلاجة والنجف والمَوقد واسطوانات الغاز والفرش والأسرّة حتى المناشف التى سيستعملها الزوج حين يخرج من الخلاء بعد قضاء وطره وغير ذلك مما يندى له الجبين.
وجر هذا الصنيع الوبال على الناس وأوقع فيما بينهم، فتراهم يختلفون ويختلقون العداوات عند كتابة هذه المنقولات التى أثقلت كاهل الأب أو ولى الأمر فيما يسمى (بالقائمة)، يعنون بها قائمة المنقولات وما يتبعها من ضلالات وسخافات، وزاد الطين بلة ما يفرض على أهل العروس من مواصلتها بعد أن تذهب إلى بيت زوجها بالأعطيات من أصناف الطعام واللحوم والفواكه والشراب، وقد يصل الخلاف بسبب من ذلك فى كثير من الأحيان إلى الطلاق، وفشل الحياة الزوجية من أول يوم تقوم فيه، وفى الحديث الشريف (من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، والباءة لفظ واسع الدلالة يشمل المقدرة الزوجية والجسدية والتكاليف المادية والصحة النفسية والنفقة والحياة الكريمة التى تحفظ للمرأة شرفها وعفتها وكرامتها، هذا هو الصحيح عقلا وشرعا ودينا وخلقا.
وقال: من مستتبعات القوامة تجهيز مسكن الزوجية بكل متطلباته اللازمة ودفع مهر يليق بالزوجة واستحلال أمانتها بكلمة الله، ولو كان الصداق يسيرا أو قليلا، فهذا أضعف الإيمان وهو من الحقوق الواجبة على الرجل، وبه كانت القوامة ودوام العشرة وكمال الطاعة، وحينئذ نتجنب كثيرا من المعضلات ولا يقع الخلاف بين العائلات حول قيمة تسجيل فاتورة المنقولات.