إنشاء أكبر مصنع بالمحلة على مساحة 62 ألف متر مربع مجهز بأحدث التقنيات العالمية
موضوعات مقترحة
تأسيس شركة لتسويق المنتجات.. و5 منافذ بيع جديدة بالقاهرة الكبرى والإسكندرية
مطالب بتوحيد مجمتع الأعمال لضبط المنظومة.. وضرورة إعادة النظر فى التدفقات النقدية للقطاع الخاص
ما تفعله الدولة على أرض الواقع يؤكد أن صناعة الغزل والنسيج فى مصر بدأت عصر جديد من التطوير الشامل، يستهدف النهوض بالقطاع، ويحقق قيمة مضافة على المنتجات القطنية بالتزامن مع خطة قومية متكاملة تبنتها الحكومة المصرية الفترة الأخيرة، التى تستهدف تحقيق أعلى استفادة من الأصناف المصرية فائقة الجودة والمتميزة عالميًا فى منظومة التصنيع، وإعادة القطن المصرى إلى مجده.
المحصول الإستراتيجى المكون الأساسى للصناعة ضمن مخطط تطوير هذه المنظومة الضخمة التى توفر الآلاف من فرص العمل، وتدعم تصدير المنتجات المصرية لأسواق العالم، كما توفر العملة الصعبة خاصة فى ظل عدم استقرار أسعار العملات.
خطة التطوير الجديدة التى تبنتها الدولة ممثلة فى وزارة قطاع الأعمال وبتوجيهات مباشرة من رئيس الجمهورية تستهدف إعادة إحياء الصناعة الوطنية، وإعلاء عبارة «صنع فى مصر» على كل المنتجات القطنية بالمنظومة الجديدة، كما تدعم إعادة تصنيع المنتجات العريقة التى كانت تنتمى إلى شركات الدولة، منها على سبيل المثال منتجات «الشوربجي» أحد أهم العلامات التجارية المصرية العريقة لشركة النصر للغزل والنسيج والتريكو المملوكة للدولة المصرية، بعد التراجع الذي أصاب الصناعات المحلية فى الآونة الأخيرة، وسيطرة المنتجات المستوردة.
وقد تنبأت الدولة الآونة الأخيرة لأهمية إحياء هذه الصناعة، وإعادة الريادة للمنتجات القطنية المصرية لسابق عهدها، حيث قررت مؤخرًا تطبيق حزمة إجراءات جديدة للارتقاء بصناعة الغزل والنسيج، وقد كان ذلك على رأس الملفات التى وجه بها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال اجتماعه مؤخرًا برئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، حيث ناقش خلاله مستجدات إنشاء أكبر مصنع غزل عملاق فى مدينة المحلة، مجهز بأحدث التقنيات العالمية، ومقام على مساحة 62 ألف متر مربع، وسيتم افتتاحه خلال العام المقبل، كما يضم خبرات عالمية واستشارية عالمية متخصصة فى منظومة الغزل والنسيج، وذلك لتطبيق برنامج الدولة للنهوض بالصناعة فى مصر.
ووفقًا للمخطط الذى حددته الدولة لتشغيل هذا المشروع العملاقة فهو يتضمن خطوط إنتاج حديثة لديها القدرة على التعامل مع كل أنواع الأقطان، خاصة القطن طويل التيلة، كما تتبنى الدولة لتطوير صناعة الغزل والنسيج إستراتيجية متكاملة لتسويق المنتجات، من خلال تأسيس شركة مصرية لأعمال التسويق والبيع وإدارة سلاسل الإمداد لكل منتجات الشركات فى قطاع القطن والغزل والنسيج والملابس.
مصادر مطلعة بوزارة قطاع الأعمال أكدت أن مصر أول شحنة قادمة من سويسرا من الماكينات الحديثة للغزل والنسيج ضمن خطة تطوير منظومة القطن والغزل والنسيج والملابس، حيث تعتبر سويسرا من الدول الرائدة حول العالم فى تصنيع آلات الغزل والنسيج، ومتخصصة فى معدات النسج والغزل العالمية، كما من المقرر أن تستهدف هذه الشحنات مد مصنع «غزل 1و 4 و6» بالمحلة الكبرى ضمن خطة تطويره، كما تم الانتهاء من الأعمال الإنشائية والإلكترونية لأكبر مصنع للغزل والنسيج فى العالم بمدينة المحلة الكبرى بعد مصنع الهند، وهو واحد من ضمن 65 مصنعًا، يتم تجهيزه بأحدث المعدات والآلات الأوربية وتغيير المعدات التى يقترب عمرها منذ الخمسينيات وتعمل داخل مواقع الغزل والنسيج دون توقف.
وحسب المصادر، فإن وزارة قطاع الأعمال تبنت الفترة الأخيرة إستراتيجية متكاملة لتحديث وتطوير الماكينات القديمة والإدارة القائمة على إدارة ملف الغزل والنسيج فى مصر، بما يتماشى مع منظومة التطوير التى يشهدها العالم والأصناف التى تنتجها مصر من الأقطان، كما قررت الوزارة دمج 23 شركة غزل ونسيج فى 7 شركات بإدارة موحدة تحقق إستراتيجية الوزارة فى تطوير المنظومة، بعد أن تم تغيير مجالس الإدارات والمديرين التنفيذيين لهذه المواقع، مؤكدًا أن مصر لديها خطة متكاملة لتحقيق المنافسة العالمية مع المنتجات القطنية المصرية واستغلال جودة الأصناف المصرية العالية فى دعم منظومة التصنيع وتحقيق قيمة اقتصادية للمنتج المحلي.
وعن منظومة تسويق المنتجات القطنية الفترة المقبلة، أكدت المصادر، أنه يوجد لدينا نوعان من «البراند» أو العلامة التجارية، النوع الأول «نت» وهى منظومة جديدة مختصة بتسويق المنتجات المصنعة محليًا وعالميًا من الأقطان طويلة التيلة وفائقة الطول، والصنف الثانى «محلة» للتسويق المحلى للأقطان الأخرى التى يتم إنتاجها فى مصر، كما استعدت الوزارة لافتتاح رسمى لـ5 منافذ جديدة بالقاهرة والإسكندرية لبيع المنتجات الجديدة، موضحًا أن المنتجات المصرية من الأقطان فى طريقها إلى الريادة خلال الفترة المقبلة وغزو الأسواق العالمية فى فترة وجيزة بعد تحديث المنظومة.
في السياق نفسه، أكد الدكتور أحمد مصطفى رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، أن التكلفة المبدئية المقررة لتطوير الصناعة فى مصر تتجاوز 23 مليار جنيه، كما تتضمن تحديث شامل لخطوط إنتاج المصانع والأعمال الإنشائية للمباني، كما تستهدف توفير طاقم درب من الفنيين والخبراء فى صناعة الغزل والنسيج لتنفيذ مخطط الدولة فى تطوير هذا الحلم، مضيفًا أن ما يقرب من نحو 65 موقعا سيتم تجهيزها بأحدث المعدات المميكنة، كما يوحد برنامج شامل بتدريب العمالة وتأهيلها للتعامل مع الأجهزة والمعدات الحديثة بالمنظومة الجديدة، كما يشارك فيها كبار الفنيين والمتخصيين بصناعة الغزل والنسيج.
وأشار رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، أن الشركة سبق وأن تعاقدت على توريد معدات وآلات بقيمة 540 مليون يورو، ومن المقرر أن يتم وصول شحنات أخرى خلال هذا الشهر والشهر المقبل أيضًا للانتهاء من تجهيز وتطوير مصنع المحلة العملاق، موضحًا أن صناعة الغزل والنسيج ستشهد تطورًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة.
أما مجدى طلبة، الرئيس التنفيذى السابق للمجلس الأعلى للصناعات النسيجية وعضو مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بوزارة التجارة والصناعة، فقال إن منظومة تطوير صناعة الغزل والنسيج فى مصر خطوة غاية فى الأهمية تأخرت كثيرًا، وتحتاجها مصر بشكل عاجل جدًا لإحياء ثرواتها القومية الممثلة فى صناعة الغزل والنسيج، خاصة وأن مصر تمتلك المقومات التى تدعم هذه الصناعة وتجعلها من الصناعات الرائدة فى هذا المجال، مضيفًا أن نقل التجارب الرائدة فى قطاع الغزل والنسيج حول العالم من أهم الخطوات التى تستحق الإشادة فى المنظومة الجديدة التى تبنتها الدولة، وعلى رأسها تجربة الهند وفيتنام، والتى أثبتت نجاحها وحققت طفرة كبيرًا الفترة الأخيرة فى سوق المنسوجات العالمي.
وأضاف طلبة، أن القطاع الخاص فى مصر قوة كبيرة لا يستهان بها، وقادر على إنجاح المنظومة الجديدة التى تنتبها الدولة فى أسرع وقت ممكن، خاصة مع وجود خبرات كبيرة وعمالة مدربة قادرة على الارتقاء بالصناعة فى مصر، وبالتالى فإن وجود تنسيق متكامل بين الدولة والقطاع الخاص الفترة المقبلة من أهم الخطوات التى يجب أن تتم، لإنجاز المهمة، خاصة مع تعدد الجهات التى تتحدث باسم الصناعة، من مجالس تصديرية وغرف واتحادات، وبالتالى فإن المهم أن يتم توحيد مجتمع الأعمال فى كيان واحد يكون ممثل لهذه الصناعة، ويشارك الدولة فى خطوة التطوير العملاقة للنهوض بالصناعة، مضيفًا أن هناك عجز كبير بالتدفقات النقدية للشركات العاملة فى صناعة الغزل والنسيج وهو أمر يحتاج إلى تدخل من الحكومة المصرية لحل هذه الإشكالية ودعم العاملين بهذا القطاع.
وأوضح أن التكلفة المبدئية التى وضعتها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بوزارة قطاع الأعمال بلغت قرابة الـ 25 مليار جنيه، وبالتالى فإن هناك محاور رئيسية يجب أخذها فى الاعتبار لإتمام مهمة التطوير وتحقيق العائد المطلوب والمستهدف من المنظومة الجديدة، أهم تلك المحاور، دعم السوق المحلى والعالمى بنسب تحقق الاتزان والتنافسية بين السلع والمنتجات العالمية، المحور الثاني، وجود إدارة قومية تدير خطة التطوير الجديدة يوفر لها كل الإمكانيات لتحقيق الهدف المطلوب، المحور الثالث، ضخ نماذج بشرية مدربة على التعامل مع الماكينات والمعدات الحديثة وتحديث منظومة العمل بالوحدات والمعامل والمراكز البحثية بقطاع المنسوجات، والأهم توفير الخامات بأسعار تنافسية للقطاع الخاص لتحقيق أعلى إنتاجية وجودة عالمية.
وأشار طلبة إلى ضرورة التفكير مقترح طرح أسهم للقطاع الخاص ضمن خطة دمجه وإشراكه فى منظومة التطوير الجديدة، قائلًا: “تقدمت منذ فترة بإستراتيجية متكاملة لتنفيذ إستراتيجية التطوير التى تسعى الدولة لتحقيقها خلال هذه الفترة، وقد تضمنت هذه الإستراتيجية عدة محاور، كان أهمها بدء برنامج متكامل لتطوير مليون عامل بقطاع العزل والنسيج فى مصر على أهم الفنون الحديثة المعمول بها عالميًا، المحور الثانى توفير التمويل المطلوب لشركات القطاع الخاص بتسهيلات تضمن تحقيق الاستدامة، المحور الثالث ضرورة ربط السياسات النقدية بالسياسات الاقتصادية للتعامل مع كل المتغيرات وتقليل حجم الخسائر التى بتعرض لها القائمين على القطاع الخاص، إعادة النظر فى أزمة زيادة تكاليف الإنتاج من وقود وكهرباء ورسوم ضريبية، لدعم هذه الصناعة، تحقيق أكبر استفادة من العنصر البشرى باعتباره المكون الرئيسى لصناعة الغزل والنسيج فى مصر.
وطالب الرئيس التنفيذى السابق للمجلس الأعلى للصناعات النسيجية، بضرورة التوسع فى إنشاء مدارس التعليم الفنى وربطها بشركات القطاع الخاص، بحيث تكون قادرة على تدريب وتأهيل أكبر عدد من العمالة الماهرة بالصناعة، خاصة وأن العديد من الدول الرائدة فى هذا القطاع استطاعت أن تنمى منظومة التعليم الفنى وتحقيق اكتفاء ذاتى من العمال الرائدة بالسوق فى كل القطاعات، إضافة إلى ضرورة توفير أحدث المعدات المعمول بها عالميًا بنفس الجودة والكفاءة لتحقيق التنافسية للمنتج الأخير بالأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص فى مصر ومع الأسف يعمل فى جزر منعزلة عن منظومة الدولة وهو ما يعيق أى تطوير يطرأ على أى قطاع، فى الوقت الذى يوجه الرئيس عبد الفتاح السيسى دائمًا بضرورة دعم القطاع الخاص باعتباره شريك أساسى مع الدولة فى تنفيذ كل المشروعات الاستثمارية والقومية.
وحول ما يثار بشأن تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج لدعم تسويق المنتج المحلى، أكد طلبة أن من السياسات الخاطئة أن نتحدث عن تحجيم استيراد السلع من الخارج فى ظل الحديث عن تحقيق التنافسية بين المنتجات المصرية والعالمية، قائلًا: “الاستيراد ميزان تجارى لا يؤثر على عملية الإنتاج طالما توفرت كل الإمكانيات المطلوبة والحديثة لإنتاج السلع.. وعلى سبيل المثال سويسرا دولة تستورد منتجات بقيمة 360 مليار دولار، فى حين أن قيمة تصديرها للسلع بلغت 480 مليار جنيه.. وهو ما يؤكد أن منظومة الاستيراد لا يمكن أن تعيق تصدير السلع طالما تتوافر فيما الجودة والقيمة المضافة والأسعار التنافسية فى نفس الوقت.
وأكد أن من المهم أن تعمل الحكومة على تذليل كل الإمكانيات للاستفادة من الأصناف طويلة التيلة وليس العكس، السعى لتغيير نظام الزراعة لأصناف قصيرة التيلة، لأن المناخ المصرى يتميز بهذا الصنف وبالتالى أى أصناف أخرى سوف لا تحقق أى جدوى اقتصادية ولا عائد إنتاجية حقيقي، مشيرًا إلى أن فى ظل الظروف والأزمات الاقتصادية التى شهدها العالم مؤخرًا فإن مصر كان لديها فرصة كبرى لتحقيق الريادة فى قطاع الغزل والنسيج، لو كانت قد انتهت من خطة التطوير خاصة وأن الدول الكبرى تأثرت بهذه الأحداث وتراجعت إنتاجيتها وأسواقها العالمية، فى حين أن دول أخرى استفادت من هذه الفرصة وحققت طفرة كبيرة خلال الفترة الأخيرة منها الصين والهند وفيتنام وباكستان، وحققت نجاحات كبيرة فيما عرف بالحرب التجارية بنسب نمو من 20 – 30 ٪ فى حجم صادراتها النسيجية بكل أنواعها.
وأكد أحمد نصار، خبير صناعة الغزل والنسيج أن المنظومة الجديدة التى تبنتها الدولة المصرية خطوة مهمة جدًا، فى ظل التطور الكبير الذى يشهده العالم فى هذه الصناعة الكبيرة، لكن من المهم أيضًا أن يقابل ذلك إجراءات جديدة فى المنظومة حتى لا تتكرر أخطاء الماضى والتى تسببت فى تراجع الصناعة، قائلًا: “البرازيل عندما فكرت فى تحديث الصناعة قررت إسناد الإدارة والمسئولية على العمال، حيث قامت بتقسيم المصانع إلى «باكيات»، وقررت منح كل عامل باكية مخصصة بماكينات الغزل والنسيج لإدارتها وتشغيلها”، مطالبًا بتطبيق التجربة فى مصر لدعم المنظومة وإنجاحها، لأن تحويل العامل إلى مالك يساهم فى الحفاظ على جودة المنتجات.
وأضاف، أن الدولة وفرت «التمويل» للقطاع الخاص، وهذا بالطبع خطوة مهمة وطالب بها القائمون على الصناعة منذ فترة طويلة، لكن القطاع الخاص لا يزال يحتاج المزيد من الإجراءات والدعم لمواكبة هذا التطور الذى يشهده قطاع الغزل والنسيج فى مصر، منها تخصيص مجمع عملاق تشرف عليه الدولة لعرض المنتجات المصنعة فى مصر لعرضها على المستهلكين سواء داخل مصر أو خارجها، خاصة وأن المستورد الأجنبى عندما يزور مصر لا يجد مكان موحد للاطلاع على النماذج المصرية، كما أن القطاع الخاص يحتاج أيضًا إلى إنشاء مصنع متخصص لتصنيع «البوليستر»، وهى أحد أهم الخامات التى تدعم صناعة الغزل والنسسيج فى مصر، حيث يتم استيرادها من الخارج بأسعار عالية ضمن خامات الصناعة التى تقدر بنحو 30 مليار دولار تقريبًا.