موضوعات مقترحة
- من المتوقع بحلول عام 2040 أن معظم اللحوم لن تأتى من الحيوانات
- التوفو مصدر مثالى للبروتينات ويصنع من حليب الصويا
كثير من القلق يطفو على السطح فى الآونة الأخيرة فيما يتعلق بالاستزراع المعملى للحوم، ويدور فى الكواليس سؤال غاية فى الأهمية، هل تشكل اللحوم المستزرعة فى المعمل تهديداً للتربية التقليدية للماشية؟ ومن الأمور التى باتت تثار فى المجتمع البريطانى حالياً ضرورة وضع كلمة "معملى" على أى منتج لحوم سوف يتم إنتاجه فى المعمل، هذه العبارة على ما يبدو أنها لم تتناسب مع المستهلكين البريطانيين، وفى ذات الوقت فإن الشركات هناك تتسابق لتكون أول من ينتج ويبيع اللحوم المستزرعة فى المعمل، وهى تعتمد على أسباب بيئية لإقناع الناس بشراء منتجهم، حيث تطلق هذه الشركات للمستهلكين سؤال مربك، وهو إذا كان بإمكانك شراء منتج له طعم ومذاق اللحوم، وكان أرخص ثمناً ولا ينطوى على موت حيوان سواء بالقتل أو الذبح، فلماذا لا تشتريه؟.
وللوقوف على حقيقة الأمور ومعرفة أنماط استهلاك اللحوم المستقبلية، كان هذا اللقاء السريع مع الدكتور فوزى أبو دنيا المدير السابق لمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى، والذى يشير إلى أن بعض الأصوات التى تعارض هذا التوجه ترد على تلك التساؤلات بأن هناك أسباباً واضحة جداً لعدم حدوث ذلك الأمر- حيث إن الدعوة إلى "طريق صناعى" للخروج من أزمة المناخ، عن طريق إنتاج الغذاء فى المصانع، لا ينبغى أن يحل محل الزراعة الطبيعية وإنتاج الغذاء، إلا أن الشركات التى تتبنى هذا الأمر ترى أن المهم فى هذا الشأن هو أن لحوم الأبقار والضأن المنتج فى المعامل عبارة عن بروتين طبيعى، ويتم إنتاجه مع مراعاة صحة البيئة والمستهلك.
شرٌ لا لزوم له
ويضيف بأن ذلك يحدث فى الوقت التى تشير فيه بعض التقارير العلمية إلى أن ازدياد تعداد السكان وتأثيرات التغيرات المناخية فى العالم سوف يؤدى بحلول عام 2040 إلى أن معظم اللحوم لن تأتى من الحيوانات كما كان معهوداً سابقاً، حيث ينظر من قبل الكثيرين والمؤيدين لإنتاج اللحوم معملياً أن صناعة الثروة الحيوانية واسعة النطاق "شرٌ لا لزوم له"، وذلك على الرغم من أن هناك العديد ممن يختلفون مع هذا التوجه، بيد أن اللحوم المستزرعة فى المعمل غير متاحة للشراء فى أى مكان فى العالم حالياً على الرغم من التوقعات المسبقة للمطورين بأنها ستكون معروضة للبيع تجارياً فى وقت قريب، ومع ذلك يتنافس العلماء المدعومون من قبل الشركات الكبرى على خلق وتحديد موقع فى السوق فى المستقبل، ولكن هل تعد اللحوم التى ستتم زراعتها فى المعمل خطوة بعيدة المنال فعلاً بالنسبة للمستهلكين، كما رأينا ذلك فى الجدل الذى دار حول الأطعمة المعدلة وراثياً؟
المنافسة النباتية
ويضيف د. فوزى أبو دنيا، أنه وعلى الجانب الآخر تواجه صناعة الثروة الحيوانية بالفعل منافسة من اللحوم النباتية، لكن الدلائل تشير إلى أن هذا القطاع قد يتعثر، أو بالتأكيد طموحات بعض الشركات المصنعة سوف تتراجع، ففى هذا العام شهدت كبرى الشركات المنتجة للحوم النباتية من الصويا انخفاضاً فى قيمة حصتها، بعد أن خفضت الشركة إنتاج تلك اللحوم وتوجيه إيراداتها فى الموازنة إلى جوانب أخرى.
وأوضح أن اللحوم المستزرعة فى المعامل تختلف عن البدائل النباتية من حيث أنها متطابقة وراثياً مع نوع اللحوم التى تستزرع منه، سواء كان ذلك لحم البقر أو الدجاج أو لحم الخنزير، إنه ليس بديلاً للحوم مثل التوفو المصمم ليحل محل اللحوم.
مصدر مثالى
فالتوفو هو أحد منتجات فول الصويا، ويعتبر مصدراً مثالياً للبروتينات، خاصة للذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً، وتتم صناعة التوفو من حليب الصويا فى عملية تشبه إلى حد كبير عمليات تصنيع الجبنة من الحليب البقرى، وقد تم تصنيع التوفو لأول مرة منذ قرون عديدة فى الصين فى عملية يقال إنها كانت مصادفة، كما يعرف التوفو أيضاً باسم خثرة الفول الصويا، هو طعام يتم تحضيره عن طريق تخثر حليب الصويا ثم ضغط الخثرة الناتجة إلى كتل بيضاء صلبة ذات نعومة متفاوتة، يمكن أن يكون حريرياً أو ناعماً أو ثابتاً أو متماسكاً جداً أو شديد الصلابة.
وهناك العديد من أنواع التوفو التى لها نكهة خفية، يمكن استخدامها فى الأطباق المالحة أو الحلوة، وغالباً ما يكون مخللاً أو متبلاً ليناسب الطبق ونكهاته، وبسبب القوام الإسفنجى للتوفو فإنه يمتص النكهات جيداً، ويعتبر التوفو مكوناً تقليدياً من مطابخ شرق آسيا وجنوب شرق آسيا، وقد تم استهلاكه فى الصين لأكثر من 2000 عام، وفى المطبخ الغربى الحديث غالباً ما يتم التعامل معها كبديل للحوم، لافتاً لكن يجدر بنا التنويه هنا إلى أن التوفو هو أحد المنتجات التى تثير الكثير من الجدل حولها، فرغم أنها منخفضة السعرات والدهون وغنية بالبروتينات إلا أنها قد تحمل أضراراً للصحة، خاصة إذا ما تم استعمال الأنواع الخاطئة من التوفو، وأفضل أنواع التوفو صحياً هو التوفو المخلل.
آلية الاستزراع
وأوضح أن استزراع اللحوم يتم عن طريق أخذ الخلايا الجذعية الدهنية أو العضلية من حيوان حى أو مذبوح، أما بالنسبة للدجاج فيمكن أخذ خلايا من البيض، وبعد ذلك يتم إكثار الخلايا فى أوساط غذائية، وذلك تحت بيئة معقمة ومُتحكم بها، وتستغرق العملية أسابيع قليلة قبل نمو الخلايا لتصبح قطعة كاملة من اللحم يمكن تشكيلها حسب الحاجة، مضيفاً: وتحاول الشركات المنتجة لهذا النوع من اللحوم بشتى الطرق تحويل الانتباه عن الأصول المعملية لهذه المنتجات بأوصاف مثل "نظيفة" و"مزروعة" و"مستزرعة"، وإلى حد كبير فإن إطلاق لحوم نظيفة عليها يلاقى قبولاً أفضل بدلاً من اللحوم"المستزرعة فى المعمل"، مشيراً وبالعودة إلى لائحة المعلومات الغذائية للمستهلكين وكذا المعايير القانونية ذات الصلة لوضع التعريفات لتكوين المنتجات الغذائية، فإن توصيف أو تعريف اللحوم ينص على أنها تأتى من حيوان تم ذبحه وأن التعريفات التى تستخدم فى هذا الشأن تكون مثل "الهيكل العظمى والعضلات"، مضيفاً وهذه التعريفات تعطى انطباعاً بأن اللحوم تأتى من حيوان كان حياً فى يوم من الأيام، إلا إنه من المحتمل أن تستبعد التعريفات الحالية التى لدينا عن اللحوم (اللحوم النقية) كما تم تعريفها على هذا النحو.
معركة الملصقات
وقال أبو دنيا: فى الواقع إن كيفية وصف هذه الأطعمة للمضى قدماً سيكون لها تأثير كبير على كيفية استقبال المستهلكين لها، وأن المعركة الآن تدور حول كيفية وصف هذا المنتج على الملصق وهذه المعركة ستكون "مهمة جداً" لمدى نجاح الأعمال التجارية فى تطوير هذه المنتجات، وهذه المعركة ستخوضها مجموعات الزراعة فى كل من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، حيث توجد حركة لتحديد لحوم البقر بحيث تكون أصولها من الماشية واضحة، ولا يمكن تطبيقها على منتج تم استزراعه فى المعمل.
ويتابع قائلاً: وفى الولايات المتحدة، يتبنون وجهة نظر مفادها أن اللحوم الحقيقية هى فى الواقع شىء يأتى من الحيوان، ويضغطون بشدة لحماية ذلك، وحماية كلمات يجب أن تبرز على ملصق العبوة مثل لحم البقر، وذلك حتى لا تكون هناك أى فرصة للتضليل على المستهلكين، مشيراً وقد لوحظ هذا بالفعل فى صناعة الألبان، حيث كافحت مجموعات الزراعة لحماية مصطلحات الألبان مثل الجبن والحليب، للتأكد من أنها تنقل فوائد منتجات الألبان ولا يمكن استخدامها لوصف البدائل.
مساحات شاسعة
وأوضح أن زراعة اللحوم من الخلايا تعنى توفير مساحات هائلة كانت تخصص لزراعة الأعلاف اللازمة لتغذية الحيوانات، وبالتالى فإن هذا يعمل على تقليل استخدام الأرض بنسبة 99 %، حيث يتحول جزء من الأرض المنتجة لأعلاف الماشية الخاصة بالتسمين إلى إنتاج محاصيل نقدية ذات أهمية استراتيجية، كما أن إنتاج الميثان سوف ينخفض بانخفاض تربية حيوانات التسمين من الماشية، إلا أن فرص العمل فى قطاع الإنتاج الحيوانى سوف تتقلص وجزء كبير من الأسمدة العضوية أيضاً سيفقد، كما أن بعض الصناعات مثل الجلود سوف تتأثر كذلك المجازر ونواتج المجازر.
وفى الختام يقول المدير السابق لمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى: على الرغم من أن علم "اللحوم المستزرعة فى المعمل" مثير للاهتمام إلا أننا نعتقد أن هناك إمكانات كبيرة لتربية المواشى لمواصلة رحلتها لإنتاج لحوم أبقار وأغنام عالية الجودة، وصديقة للمناخ ومغذية للبشر، وأنها ستواصل القيام بذلك طالما أن المستهلكين يطالبون بذلك.