راديو الاهرام

الأزمة العراقية.. القانون هو الحل

22-8-2022 | 20:05

كنت أشرت في مقال سابق إلى استمرار الأزمات السياسية والاحتقان السياسي في الدولة العراقية في الوقت الذي بدأ فيه العراق يخطو خطوات ثابتة وواثقة تجاه الاستقرار والصعود وتبوأ مكانته الحضارية والتاريخية والاستفادة من موارده وثرواته وقدراته الطبيعية والبشرية، في ظل حكومة قوية تعمل لمصلحة الجميع ومصلحة الوطن، بعيدا عن دعاوى التفرقة بكل صورها سواء الفكرية أو الطائفية والتي عانى منها العراق طويلا في السنوات الماضية، فما إن هدأت الحروب والاقتتال والصراعات وكدنا نرى في الافق عراقا قويا، حتى عاد إلى الأجواء شبح الصراعات والاحتقان بين فريقي التيار الصدري والإطار التنسيقي مما دفعا بأنصارهما للاحتشاد والتظاهر والاعتصام، لتحقيق أهداف الأقطاب المتواجهة والمختلفة حول مسألة حل البرلمان الذي دعا مقتدى الصدر أنصاره للاستقالة منه، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وعلى الرغم من حالة الانسداد السياسي التي تبدو بالأفق العراقي، فإن هناك عديدًا من الأصوات التي تتسم بالحكمة والعقل ووضع أطر واضحة بإمكانها تذويب تلك العقدة خصوصًا بعد مبادرة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي التي دعا من خلالها لانعقاد جلسة حوار بين القوى السياسية العراقية، ولأن هذه المبادرة يبدو أنها تواجه مشكلة عدم  وجود أرضية لمصالح مشتركة بين أحزاب تأبى أن تقدم أي تنازلات لإخراج البلاد من ازمتها، لفت انتباهي رؤية سماحة الشيخ قيس الخزعلي الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" التي تعد جزءًا من الإطار التنسيقي وتؤمن بالعمل السياسي وأدواته، كما أنها هي ترغب في وجود عراق مستقل وقوي مزدهر يقوده الاكفاء، حيث يرى الخزعلي أن التعددية الخلاقة واحترام رأي الآخر هي السمات الأصيلة للعراق في ثوبه الجديد، وأن التعدد الحزبي لا يعني الانقسام، حيث توجد مشتركات عدة بين هذه الأحزاب، وعن وجود خارطة طريق لحل الأزمة الراهنة، فيرى سماحة الشيخ أن يكون ذلك وفقًا للدستور والقانون والاتفاق الوطني واحترام مؤسسات الدولة والقضاء،  فإذا وصلنا إلى اتفاق جميع الأطراف على هذه الأسس سيكون الحل في المتناول، فالتيار الصدري  بعد انسحابه الطوعي من مجلس النواب يرغب في العودة إلى المجلس ولا أحد يمانع ذلك، ولأنه لا يوجد سند قانوني للعودة فالتيار يطرح فكرة حل مجلس النواب لإجراء انتخابات مبكرة ليعود إلى المجلس، وهذا أيضا لا خلاف عليه شرط أن يتم وفق الأطر الدستورية والقانونية ومن خلال حكومة ذات صلاحيات وبتوافق وطني، إذ لابد من احترام قرار المحكمة الاتحادية التي أوجبت تعديل قانون الانتخابات وكذلك لابد من تغيير مفوضية الانتخابات لضمان نزاهة الانتخابات ولضمان أن تعكس هذه الانتخابات رأي الناخب.
 
إن التفكير بهذا المنطق الموضوعي الذي يحمله على عاتقه سماحة الشيخ قيس الخزعلي في تلك الأزمة المعرقلة لمسيرة العراق، قد يتجاوز حل الازمة إلى إخماد نيران  الانقسامات التي تتحرك تحت رماد متأهب، فهناك انقسام سني وآخر شيعي وثالث كردي ونتج عن ذلك كثرة الأحزاب والتنظيمات، وقد آن الأوان أن تكون تلك الاختلافات عامل قوة لا ضعف مثلما أراد للعراق وللوطن الجانب الأمريكي منذ أن وضع الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر طريقة المحاصصة الطائفية التي كانت تعمل على تغذية الانقسامات، فاللجوء للدستور  والقانون في إجراء الانتخابات وكذا في الرغبة بتعديل  الدستور، سيسهم كثيرا في قطع الطريق على أي تأثير خارجي يسعى إلى إزكاء النيران في أزمات بلاد الرافدين، التي نتمنى لها حاضرا ومستقبلا يليق بتاريخها التليد.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة