راديو الاهرام

هوس الترند نعمة أم نقمة؟.. اللهث وراء المشاهدات وغياب المحتوى الهادف كارثة يجب التصدى لها

21-8-2022 | 20:04
هوس الترند نعمة أم نقمة؟ اللهث وراء المشاهدات وغياب المحتوى الهادف كارثة يجب التصدى لهاهوس الترند
همس عادل

بدأ ازدهار وسائل التواصل الاجتماعي في العقد الأول من القرن الحادي عشر وظل ازدهاره يستمر بوتيرة سريعة إذ ظهرت مواقع إلكترونية حديثة تعد هي الأكبر والأشهر في الوقت الحالي منها يوتيوب الذي ظهر في عام ٢٠٠٥ ليتبعه انطلاق فيس بوك بعام واحد وهو أشهر موقع تواصل اجتماعي، وصل عدد مستخدميه ما يزيد على ١.٧ مليار مستخدم إلى جانب موقع التدوين الأشهر تويتر.

تميزت هذه المواقع بخصائص مختلفة للتواصل مع الآخرين، جعلت من عالم التكنولوجيا طفرة غير مسبوقة؛ حيث جمعت بين العالم أجمع داخل شاشة إلكترونية تُمكن المستخدمين من التواصل مع الأقارب والأصدقاء بسهولة من خلال شاشات إلكترونية صغيرة كما الالتقاء باشخاص من دول أخرى والانفتاح على الثقافات الأخرى وتقليل الحواجز التي تمنع الاتصال، بالإضافة إلى كونها وسيلة فعالة لتشكيل رأي عام فعال لنقل الأفكار المختلفة وتبادل الآراء وتوسيع فرص المشاركة في التعبير عن الرأي بطريقة سهلة ومن أي مكان حول العالم فاصبحت السوشيال ميديا بوابة من العالم الداخلي إلى العالم الخارجي.

تطور أساليب الدعاية

تمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من إضافة ميزة جديدة لها؛ حيث أصبحت أحد أساليب الدعاية الحديثة ومحطة مهمة في مجال التسويق فاصبحت الحملات الإعلانية المدفوعة على السوشيال ميديا تجعلك على علم بالمزيد من المعلومات حول عملائك، والوصول إلى عدد أكبر من جمهورك إلى أن لها مساوئ عديدة فانقلب هدفها إلى ضدها فبعد أن كانت وسيلة للتواصل مع الآخرين انقلبت إلى أن أصبحت أحد أكبر أسباب التباعد الاجتماعى بين أفراد الأسرة والأهل والأصدقاء والانشغال بعلاقات افتراضية ورفض العلاقات الواقعية المحيطة بنا.

وظيفة من لا وظيفة له

طغى على مصر والعالم أجمع، مؤشرات تنذر بالخطر نحو قضية واجب التصدي لها، وهي هوس الترند واللهث وراء المشاهدات وهي حصيلة الانخراط في مجتمع افتراضي، بات مصدر ربح للبعض فأصبحت قضية مثيرة للجدل ليصير غاية وهدفًا للبعض الذين على استعداد لتقديم محتوى كاذب هابط لا قيمة له، يهدر الوقت، يكبح الابتكار يُقبل بانتقاد لاذع، يلقى تفاعلا كبيرا سواء بالسلب أو الإيجاب، تنهال عليه التعليقات، يحظى بنسبة مشاهدات، يتصدر مؤشرات البحث لفترة مؤقته، الآن أنت ملك الترند.

أين المراقبة على المحتوى المنشور والعقليات الناشرة؛ حيث لم يعد ضروريًا أن يكون المحتوى الذي يلقى رواجًا ذا قيمة وهدف؛ حيث علق في أذهان بعض الناس أن الظهور المكثف يعتبر بمثابة وصول للنجاح، لكن يكمن النجاح الحقيقي في تقديم إنجازات ذات قيمة، وذلك لجهل البعض بأن الترند ما هو إلا أداة لقياس رواج المحتوى وليس مقياسا للنجاح، إلى أن وصل الأمر بالبعض إلى ممارسة الجنون واختلاق المشاكل وافتعال أعمال مبتذله ليصبح ترندا، حتى إن البعض اتخذ السوشيال ميديا وظيفة له بعد أن أصبح مصدرا لربح مادي كبير، وهذا الفكر أظهر إلينا العديد من «اليوتيوبرز» الذي جنوا أموالًا ضخمة وشهرة واسعة بسبب بثهم فيديوهات تافهة فمن منا لا يتذكر ترند «شيماء» الأشهر لعام ٢٠٢١ بظهور مهرجان شعبي للمغني «يوسف سوستة» يحكي عن ضياع شيماء منه لتظهر شيماء في آخر الفيديو كليب المبتذل كـ «بطة» مما أثار تفاعل رواد السوشيال ميديا ليثير سوسته الجدل من الجديد ليصرح بأن شيماء كان من المفترض أن تكون «معزة» وليس «بطة» في محاولة لتصدر قائمة الترند مرة أخرى ليكون نصيب كليب يوسف سوستة من المشاهدات على اليوتيوب ٥٤ مليون مشاهدة. 

 صاحبة ترند «بابي» مثال آخر لعمل ساقِط، «يارا» فتاة التيك توك، تقدم محتوى صنفه البعض على أنه محتوى كوميدي استطاع أن يجذب العديد من المشاهدات في وقت قصير، وما الحقيقة إلا أنه استهزاء بعقول رواد مواقع التواصل، حيث لقى فيديو يارا الأول انتشارًا واسعًا مع تعلقيات ناقدة لأسلوبها وطريقتها وهو ما فسرته يارا بأنه محتوى كوميدي أعجب الناس فقررت تكرار المحتوى ذاته لمزيد من الشهرة وجني الأموال من وراء نسب المشاهدات العالية. 

المحتوى عديم القيمة يزاحم المحتويات الأخرى الإيجابية الهادفة التي تستحق الإشادة والانتشار، كترند بائع الطفاية؛ حيث ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي في أواخر العام الماضي فيديو لرجل يدعى «أيوب» يستقل قطار يبيع منتجات بسيطة يروج لها بطريقة طريفة قائلًا «الطفاية دي» لتنال طريقته البسيطة إعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعي وقدرته على أقناع الركاب في شراء منتجاته.

كما استغلت الشركات الترويجية مبدأ أيوب في تسويق المنتجات ليلقوا انتشارًا كانتشاره، بالإضافة إلى ظهور بعض التريندات التي تظهر مواهب حقيقة وتساعدها في الخروج إلى النور كما هو الحال في الترند المتصدر حاليًا لشاب يُغني للفنانة الجزائرية «وردة» بصوته العذب أثناء تأدية عمله ليبحث عنه الفنان «رامي جمال» رغبةً في العمل معه ليكون الترند فرصة حقيقية لذلك الشاب.

كلمات البحث