"كم أخاف أن يأتي الربيع القادم صامتاً بلا طيور تغرد في الغابة، وتعج الصحراء بالجراد ويتشوه منظر النجوم والقمر".. هذا ما قالته العالمة راشيل كارسون في كتابها (الربيع الصامت) في ستينيات القرن الماضي عن أهمية البيئة وضرورة المحافظة عليها.
موضوعات مقترحة
وعلي الرغم من الهجوم الشديد الذي تعرض له الكتاب إلا أنه يعد أول صافرة إنذار صارخة تقول أيها الإنسان استيقظ من سباتك لأن الأرض في خطر، لأننا سنشهد سنين بلا ربيع لا تصدح فيها البلابل والعصافير ولا نسمع تغاريدها العذبة لأنها مقضي عليها بالموت.
كانت اليقظة الأولى للحكومات عندما عقدوا مؤتمر كيوتو في منتصف التسعينات الذي لم يعمل إلا قليلا إلى أن أصبح مؤتمرا عالميا يعقد كل عام.
وفي هذا الصدد، استطاعت مصر بأن تفوز باستضافة ورئاسة أهم مؤتمر عالمي فيما يخص قضية تغير المناخ ولأول مرة في تاريخها تقوم باستضافة هذا المؤتمر.
ويحظى المؤتمر بزخم دولي وسياسي كبير جدًا بسبب أهمية القضية والتحدي الذي يشهده العالم كله الآن دون التفرقة بين الدول النامية والدول المتقدمة.
"بوابة الأهرام" تستعرض أهمية قمة المناخ COP27"" من خلال الدكتور محمد علي فهيم مستشار وزير الزراعة للتغيرات المناخية.
ما هو مؤتمرCOP27 ؟
يقول الدكتور محمد فهيم، إن الـ COP، هو مؤتمر سنوي يعقد في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، لتقييم التقدم المحرز في التعامل مع التغير المناخي- بدءًا من منتصف التسعينيات- للتفاوض بشأن اتفاقية كيوتو لوضع التزامات ملزمة قانونًا للدول المتقدمة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
أهمية استضافة مصر للـ COP27
واستطرد مستشار وزير الزراعة للتغيرات المناخية، أن استضافة مصر لهذا المؤتمر يعود بكثير من النفع والمزايا لها؛ سواء من حيث الشراكات والتي تصل لتمويلات كبيرة تستفيد منها الدول المستضيفة والزخم للإعلام الدولي الذي يتم تسليطه على الدولة المستضيفة للمؤتمر، كما يختلف الشكل العام لتناول القضية على المستوى الوطني واهتمام غير المتخصصين بهذا الملف.
اتفاقية "باريس للمناخ"
والجدير بالذكر أن مصر وقعت على اتفاقية "باريس للمناخ" ضمن 194 دولة، وكانت أهم بنودها تعهد المجتمع الدولي بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها "دون درجتين مئويتين"، قياساً بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وبمتابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، والسعي لتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري واتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات، والسعي لوضع آلية مراجعة كل 5 سنوات للتعهدات الوطنية.
وفقًا لما اتفق عليه جميع أصحاب المصلحة ، وتم التأكيد عليه في مؤتمر جلاسكو COP26، يعد هذا عقدًا حاسمًا، حيث يتم توسيع نطاق العمل على أرض الواقع ، والتنفيذ الكامل للالتزامات والتعهدات، والأحكام الجديدة والإضافية وتعبئة التمويل، وهناك حاجة إلى نتائج واضحة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس، توفر مثل هذه الإجراءات التحويلية الطموحة نقلة نوعية نحتاجها جميعًا إلى مستقبل أكثر استدامة ومرونة مع تغير المناخ وانبعاثات منخفضة ومستقبل محايد للكربون يرتكز على العلم والمبادئ.
ولهذا السبب، فإن الرئاسة المصرية لأجندة عمل COP27 المنظمة مع التركيز بشأن التنفيذ، بهدف حشد الجهود الجماعية من أجل التخفيضات الطموحة للانبعاثات من مختلف القطاعات، وتعزيز جدول أعمال التكيف على أرض الواقع، وتمكين تدفقات التمويل المناسب والتنفيذ على أرض الواقع في الوقت المحدد وعلى نطاق واسع.
ويجب أن نتوقف عند ما قالته عالمة البيئة العبقرية " راشيل كارسون" في ستينيات القرن الماضي في كتابها "الربيع الصامت" "Silent Spring" الذي يعتبر أثرا كلاسيكيا في مجاله، يعتبره أرباب الاختصاص من الكتب التي غيرت مجرى التاريخ.
لقد لعبت كارسون دوراً هاماً وحاسماً من خلال كتابها هذا في إطلاق حركة حماية البيئة والحفاظ عليها من التلوث والاندثار، لم يقتصر الأمر على حركات أنصار البيئة فحسب، بل تعدى ذلك كله إلى قيام علم البيئة Ecology ، حتى صار موضوع البيئة وحمايتها ودراستها والاهتمام بها يؤلف جزءاً من الذخيرة اللغوية لدى كل فرد من الناس.
حيث قالت (كم أخاف أن يأتي الربيع القادم صامتاً بلا طيور تغرد في الغابة، وتعج الصحراء بالجراد ويتشوه منظر النجوم والقمر) راشيل كارسون
هل سيكون هناك ربيع صامت مثل ربيع عالمة الأحياء راشيل كارسون وهو الربيع الأسود الذي حذرت منه في كتابها ؟
(الربيع الصامت) ليس قصة للاستئناس في قراءتها والإنسان مستلق على الأريكة الوثيرة، وليست من كتب الخيال والقصص العلمية، إنه كتاب ثقة منذر ومنبه استقبلته حركات انصار البيئة في كل مكان في العالم بفرح.
لكن في زمن كان العالم فيه نائما حيث لم تكن هناك في القواميس مفردات كالتلوث أو البيئة أو تغير المناخ بمدلولاتها الحالية، كانت البيئة غير منظورة للناس، حتى جاء الطوفان الذي نشاهد بداياته الآن، البحار تنقلب في ربع دائرة الأرض، العواصف تتكاثر وتزداد عنفا، الأمطار تتساقط في مكان وتشح في أمكنة أخرى كل هذه هي تداعيات التغيرات المناخية.
الآن في مصر ليس لدينا ربيع صامت بل ربيع وصيف وخريف وشتاء، ولكن القادم أصعب بكثير وسوف تتقلص الاختيارات جدا، إن لم يتدارك الأمر وينظر إلى البيئة حولنا بقدسية بعيد عن الاستهتار بها وأن يكون موضوع تغير المناخ والتنوع الحيوي في سلم الأولويات.
الدكتور محمد فهيم