راديو الاهرام

بوادر حرب إعلامية بين اليابان والصين

22-8-2022 | 10:07

نغمة تراشق إعلامية لافتة، بدت تطفو على مسار العلاقات اليابانية - الصينية، وتتناقلها وسائل الإعلام المحلية بكلتا الدولتين، في الآونة الأخيرة، تتفاوت بين التلميح باحتمال وقوع اشتباك مسلح، والدعوات الجادة للتوقف عن الاستفزازات.
 
الحديث عن احتمال وقوع اشتباك مسلح بين القوات اليابانية والصينية، نقلته وكالة أنباء "جيجي برس اليابانية" يوم الخميس الماضي، وجاء فيه نصًا: "صرح أوهارا بونجي، الباحث في مؤسسة ساساكاوا اليابانية للسلام، بأنه إذا قامت الصين بغزو تايوان بالقوة، فإنها ستفرض حصارًا بحريًا وجويًا على مساحة واسعة، لذلك ستوضع جزر ريوكيو تحت سيطرة الجيش الصيني".
 
في مقابلة حديثة مع الوكالة، قال أوهارا: "لأن سفن وطائرات قوات الدفاع الذاتي اليابانية ستحتاج إلى دخول منطقة الحصار لإجلاء الناس في سلسلة الجزر الواقعة في أقصى جنوب اليابان والممتدة باتجاه تايوان، لا يمكن استبعاد احتمال وقوع قتال".
 
وشدد الخبير الدفاعي الياباني على أن "الجهود الدبلوماسية ضرورية بالطبع، لكنها تحتاج إلى دعم بقوة عسكرية"، مؤكدًا "على طوكيو أن تستعد لمساعدة القوات الأمريكية في إمداد تايوان بالأسلحة عبر اليابان".
 
تصريحات الخبير أوهارا تتزامن مع قيام عضوين بارزين في مجلس النواب والحزب الحاكم الياباني بزيارة تايوان اليوم، الإثنين، هما: فورويا كييجي وكيهارا مينورو، ومن المتوقع أن يلتقيا مع حاكمة المقاطعة الصينية، تساي إينج وين.
 
يوم أمس، الأحد، نقلت صحيفة إيوموري اليابانية عن مصادر في الأوساط العسكرية، "أن حكومة كيشيدافوميئو تدرس احتمال امتلاك البلاد لنحو ألف صاروخ مجنح بعيد المدى، ومع أخذ الوضع حول تايوان بعين الاعتبار، من المتوقع نشر هذه الصواريخ في المرحلة الأولى بالمنطقة بين جزر نانساي وجزيرة كيوشو، ويهدف ذلك إلى تخفيض الفجوة في عدد الصواريخ العاملة مع الصين، التي لديها عدد كبير من الصواريخ الباليستية".
 
أيضًا، ومما يثار في الميديا اليابانية، تناولها بالتحليل لما جاء في الكتاب الأبيض، لوزارة الدفاع اليابانية، الصادر في يوليو الماضي، وإشارته الواضحة والصريحة إلى قلق اليابان من التقارب المتزايد بين بكين وموسكو في مواجهة واشنطن.
 
يكشف الكتاب الأبيض لوزارة الدفاع اليابانية عن أن غزو الصين لتايوان هو احتمال حقيقي، بل إنه يوضح كيف يمكن أن يحدث ذلك، أولا: سيحتشد الجيش الصيني على طول الساحل بحجة إجراء تدريب، وينشر معلومات مزيفة في محاولة لإثارة الذعر بين سكان الجزيرة، وتتضمن المرحلة الثانية هجمات صاروخية وهجمات إلكترونية على منشآت تايوانية رئيسية، وفي الخطوة الثالثة والأخيرة، ستقوم القوات الصينية بإنزال في تايوان.
 
هذه هي المرة الأولى التي تدرج فيها الحكومة اليابانية مثل هذا السيناريو في وثيقتها السنوية، الكتاب الأبيض، ولذلك تخطط لإجراء تحديثات رئيسية لقطاعها الدفاعي، بما يتضمن مراجعة ثلاث وثائق رئيسية متعلقة بالأمن بما في ذلك المراجعة الأولى لإستراتيجية الأمن القومي التي تمت كتابتها في عام 2013، وتسعى الحكومة -كذلك- لمناقشة سبل تعزيز القدرات الدفاعية لليابان، مشددة على الحاجة إلى ما تسميه "قدرات الهجوم المضاد" للرد على العدو في حال تعرض اليابان لهجوم صاروخي.
 
يشير الكتاب الأبيض لوزارة الدفاع اليابانية إلى أن زيادة ميزانية الدفاع ضرورية، مقارنة بالإنفاق الدولي على الدفاع الوطني بين الاقتصادات الكبرى، ويمثل الإنفاق الدفاعي للولايات المتحدة 3.12% من ناتجها المحلي الإجمالي. وبلغت النسبة في كوريا الجنوبية 2.57%، أما في اليابان فهو أقل من 1%.، ويدعو الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان إلى زيادة ميزانية الدفاع واضعًا في اعتباره الوصول لهدف إنفاق أكثر من 2% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث من المرجح أن تجري المناقشات حول ذلك في وقت قريب.
 
الصين انتقدت محتويات الكتاب الأبيض الجديد لوزارة الدفاع اليابانية، وصرح وانج وينبين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بأن الكتاب يوجه اتهامات ويشوه سياسة الصين الدفاعية، وتنمية اقتصاد السوق، والأنشطة البحرية المشروعة، مؤكدًا أن ما يسمى بالتهديد الصيني هو تدخل في الشئون الداخلية للصين.
 
في أحد تعليقاتها الرسمية، حثت بكين جارتها طوكيو على التصرف بحكمة وعلى التوقف عن الاستفزازات، وذكر التعليق: "عندما تضخم اليابان ما يسمى بـ"التهديد الصيني"، فإن تجارتها واستثماراتها مع الصين ستتأثر بشكل كبير، لن تسمح الصين لليابان بـ "كسب الأرباح من الصين والإضرار بمصالحها في الوقت نفسه".أوضح التعليق: "اليابان –اليوم- بحاجة ماسة إلى إعادة فحص علاقاتها مع الصين، ويجب عليه أن يراه كجار قريب للصين، وإن انتهاز الفرص بين القوتين الرئيسيتين لن يجلب أي فائدة لمصلحتها الوطنية".
 
في تعليق رسمي آخر، تحدثت بكين عن التشويه المتعمد لصورة الصين من قبل اليابان والولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يكشف عن خططهما الخبيثة لاحتواء الصين وتقسيم المنطقة.
 
دعا التعليق اليابان أن تلعب دورًا بناء في السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي، بدلا من تحالفها مع الولايات المتحدة لتعزيز ما يسمى بـ "إستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ" المتمثلة في خلق المواجهة وتقسيم المنطقة، وإدخال "الذئب إلى البيت" بشكل صارخ، مما يعرض السلام والاستقرار الإقليمين لخطر جسيم، وسيضر بالتأكيد مصالحها.

فيما يتعلق بمنطقة تايوان الصينية، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانج ون، أن اليابان ارتكبت جرائم لا حصر لها خلال عدوانها على الصين والحكم الاستعماري لتايوان لمدة نصف قرن، وبالتالي فهي تتحمل مسئوليات تاريخية جسيمة تجاه الشعب الصيني.
 
أضاف "خلال الحرب العالمية الثانية، هُزمت اليابان وعادت تايوان إلى الوطن الأم، لكن بعض القوى في اليابان لا تزال تطمع في تايوان، لقد فشلوا في تقبل وتأمل سجل اليابان الحافل بالقتال والعدوان والتوسع والاستعمار والاستعباد الوحشي، والأسوأ من ذلك أنهم يحاولون استغلال وتضخيم الوضع في المنطقة لتحقيق اختراق عسكري".
 
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: