راديو الاهرام

الاختيار الوجودي ما بعد 2040.. إنهم يصنعون عالمًا جديدًا

17-8-2022 | 15:55

أنتم تتحركون الآن، وتتابعون ما يحدث في العالم من حولكم، يجب ألا تلهيكم الحروب الآنية الحادثة حولكم، بحيث تنسيكم المستقبل المقبل، لا تنغمسوا في أزمة الطاقة العالمية، أو الغذاء، الناجمة عن الحروب، والكوارث المتتابعة، لا تجعلوا أزمة أوكرانيا، تلهيكم عما سيحدث في العالم، لا تجعلوا جائحة كورونا، وبعدها جدري القرود، يشلان التفكير أو يقصرانه حول الأزمة، لا تجعلوا الفتن الدينية الإخوانية، حول الآخرة والوجود ما بعد الحياة، تعطلكم عن رؤية العالم الآن.
 
تركيا، تحل بين الروس والأوكرانيين لتصدير الحبوب الأوكرانية، والزيوت الروسية، فلا تجعلوا ما يحدث في بحر الصين الجنوبي - وهو خطير جدًا، والصراع المرتقب بين الصين وتايوان - ينسيكم التطورات الجارية والمستقبلية، أو مخاوفنا في الشرق الأوسط من حرب إسرائيلية مع الفلسطينيين، أو حول السلاح النووي، كل هذا خطير ويحتاج إلى المراقبة اللصيقة والمتابعة، لكنه ليس المستقبل.
 
حتى تستطيعوا قياس العالم الجديد، ما بعد 2040، إنهم يصنعونه الآن على أيديهم، وبسرعة، والتخطيط يومي، له جدول قد ترونه بعد سنوات قليلة، تايوان العاصمة أو الدولة، ذات الاقتصاد الكبير، تم تفريغها من تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي المؤثر على الاقتصاد العالمي، خصوصًا إنتاج الرقائق الصغيرة لأجهزة الكمبيوتر، التي انتقلت إلى أمريكا أو للعواصم الأخرى في الشرق والغرب، أو إحدى قارات العالم الجديد، فالقرار صدر: اتركوا تايوان للصين.
 
هل تذكرون جزيرة هونج كونج، وتأثيرها في الاقتصاد العالمي، تركت للصين، ولمصيرها الراهن، وبالرغم من أنها حصلت على نظام منفصل، تحت السيادة الصينية، لكن تأثيرها في الاقتصاد وصل إلى أقل درجة ممكنة وتقلص إلى حد كبير، هكذا ستكون تايوان بعد سنوات قليلة تترك للصين، لكن على مستوى مختلف من الاقتصادات العالمية، والطاقة والغاز والبترول، بعد سنوات قليلة تأثيرها سيتبخر وستصعد طاقة أخرى ذات بريق جديد، وذات جودة وكفاءة قد تكون أعلى وأرخص وأفضل للبيئة.
 
ترقبوا تغييرات كبيرة في العالم، هناك قوى صاعدة ومكتوبة على جدار العالم: المكسيك والهند، وإندونيسيا وغيرها، ستأخذ جزءًا أكبر من رصيد الصين الحالي، قوى أخرى في آسيا ستصعد ستكون ندًا لاقتصادات الصين، مع صعود جوهري لليابان وسيطرتها كقوة حاكمة، اقتصاديًا وعسكريًا، في هذه المنطقة من العالم ومثله سيحدث حول روسيا، مع أوروبا جديدة. 
 
أحذركم في الشرق العربي، وفي إفريقيا، لا تنزلقوا في أي صراعات أو حروب، وخذوا اقتصاداتكم وسياساتكم بالحزم والشدة، لكي تلحقوا بآخر عربة في آخر قطار، في شكل العالم المقبل، والذي يتكون الآن، أعتقد أن هناك بعض المقاعد الباقية في آخر قطار لعربة التقدم.
 
نستطيع أن نلحق به بشرط، لا حروب جديدة، لا صراعات مصنوعة نندفع إليها ونحن معصوبو الأعين، لا ندري من أمرنا شيئًا، وأن نحصل على ما تبقى من اقتصاداتنا، ونترك الاقتصادات العائلية، أو الاقتصادات غير الحديثة، ونتجه إلى تكريس روح المواطنة، في الإنسان العربي.
 
تلك قصة أخرى طويلة: كيف نحجز بطاقتنا لعصر ما بعد 2040، وربنا يوفق العرب جميعًا في هذا الاختيار الوجودي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصر السيسي التي نحلم بها

بعد 10 سنوات على ثورة 30 يونيو التى لم تشهد مصر مثيلا لها فى تاريخها كله، تمثلت فى خروج الشعب، دفاعا عن تاريخه وهويته، التى كادت تسلب منه، وتسقط تحت أقدام

أنس جابر وزيرة السعادة لكل العرب

فتاة تونسية من سوسة بنت الطبقة الوسطى، سحبت البساط من تحت أقدام كرة القدم، وشعبيتها الأسطورية وملايينها، أنس جابر أعادت لنا الأمل فى أن تنتعش كل اللعبات