المستشعرات الذكية.. الحماية الإلكترونية للثروة الحيوانية
موضوعات مقترحة
تسابق على ابتكار أجهزة استشعار الجيل الخامس لحل أزمة ندرة العمالة الفنية المدربة وتوفير الطاقة البشرية
بينما تقاتل الدولة للنهوض بالثروة الحيوانية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني، بما يوفر اللحوم بكل انواعها وبأسعار مناسبة للمواطنين، قررت الكوادر البحثية بمصر السير في طرق موازية للطرق التقليدية لزيادة الإنتاج الحيواني والداجني، مستفيدة بالثورة التكنولوجية بهدف خدمة مجتمع المربين، وذلك من خلال مستشعرات الجيل الرابع.
فريق بحثي توصل إلى ابتكار أجهزة استشعار تستخدم لقياس ومعالجة ونقل البيانات عن طريق إشارة سلكية أو لاسلكية، ونسَب الفريق مستشعرات الجيل الرابع إلى الثورة الصناعية الرابعة الحالية وهي التحول السيبراني المادي للتصنيع، وذلك بتطوير ما بدأ في الثورة الصناعية الثالثة من الاعتماد على أجهزة الحاسوب وتقنيات الاتصالات المتطورة، وتوصف هذه المستشعرات بالذكية نظراً لتعزيزها بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، حيث تلعب الثورة الصناعية الرابعة دورًا حيوياً في التحول الرقمي من خلال دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فيما يعرف بإنترنت الأشياء، والأنظمة السيبرانية، والحوسبة السحابية، وتبادل البيانات واسترجاعها وتخزينها.
ويتكون الفريق البحثي من أشرف وحسام عزالدين سيور الفريق المتخصص في المحاكاة الحيوية الجزيئية بمعهد بحوث الصحة الحيوانية في مركز البحوث الزراعية، وأشرف هندام من فريق محاكاة الحيوية الجزيئية بمركز معلومات تغير المناخ والنظم الخبيرة في مركز البحوث الزراعية، وأحمد رشاد من قسم هندسة الميكاترونيات والروبوتات بكلية الهندسة في الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، وهاني فكري رجائي من قسم هندسة الإلكترونيات والاتصالات الكهربية بكلية الهندسة جامعة عين شمس.
كان الشغل الشاغل أمام الفريق مواجهة تحدي الأمن الغذائي، ومواكبة التوجه العالمي بإدارة الإنتاج الحيواني والداجني بطريقة دقيقة وذكية تلبي الاحتياجات الغذائية المستقبلية المتزايدة من البروتين مع الزيادة المضطردة في عدد سكان العالم، حيث يجب أن تتكيف هذه الصناعة الأساسية لتوفير المزيد من المنتجات الحيوانية بكفاءة أكبر والتعامل مع المشاكل المتعلقة برعاية الحيوان وسلامة البيئة والصحة العامة، وتُشكل المستشعرات الذكية في شتى المجالات العمود الفقري للنمو الاقتصادي لأي بلد، وفي مجال الثروة الحيوانية لم يَعُد ممكناً النهوض بها وتحسين الإنتاج الحيواني بدون إدخال التكنولوجيا الحديثة كاستخدام أجهزة استشعار ذكية لكشف المؤشرات المبكرة للمشاكل الطبية وجمع بيانات دقيقة لحظة حدوثها حتى يمكن تحليلها لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً.
وأكد الفريق أن التقدم في تكنولوجيا الاستشعار والتوسع في استخدامها يجعل التربية الذكية للحيوانات على نطاق واسع بأعداد كبيرة أكثر فعالية وأسهل من ذي قبل، لأنه يساعد المربين على تحسين صحة حيواناتهم وزيادة أرباحهم وتقليل الآثار البيئية الضارة والتغيرات المناخية، كما يمكنهم من إنتاج مزيد من الحيوانات على مساحات محدودة من الأرض وكميات أقل من المياه وغيرها من الموارد الطبيعية بعكس الوضع الراهن من تفتت حوالي 80 ٪ من الثروة الحيوانية على هيئة حيازات محدودة ومتفرقة.
دراسة الفريق البحثي أظهرت أن العالم سيحتاج إلى رفع الإنتاج الحيواني بنسبة 70 ٪ خلال العقود الخمسة المقبلة، ونظراً لأن الأراضي والموارد الطبيعية محدودة لتلبية هذا الطلب المتزايد فإنه يتحتم إيجاد طرق أكثر ذكاءً وكفاءةً لتربية مزيد من الحيوانات في الفدان الواحد لأن الاعتماد على التربية التقليدية لن يصبح كافيًا، وهو ما فطنت إليه الحكومة المصرية التي أنشئت بدورها مراكز لتربية الثروة الحيوانية تعتمد على الجيل الثالث من التكنولوجيا بكل من الفيوم والمنوفية كبداية لسلسلة مراكز في باقي المحافظات، مضيفة أن المستشعرات الذكية من الجيل الرابع التي تتصدر قائمة مبيعات الأسواق العالمية، هي تلك القابلة للثتبيت على الحيوانات من الخارج مثل أنظمة تحديد الهوية الإلكترونية (وهي إلزامية في الاتحاد الأوروبي)، ومنها علامة الأذن وطوق الرقبة وعلامة الساق وعلامة الذيل وكبسولة الكرش (المعدة)، ومقياس التسارع وأنظمة تحديد الموقع وأجهزة تسجيل النشاط الاجتماعي، والتقنيات المتعلقة بالمحلب الآلي، وغيرها، وذلك لمراقبة سلوكها ونشاطها وحالتها الصحية عن طريق تتبع موقعها والكشف المبكر عن أي اضطرابات صحية.
وأشارت الدراسة إلى أن نظام الرؤية الحاسوبية، يستخدم كمستشعر من الجيل الرابع مكون من كاميرات ثابتة على أبعاد متساوية أو محمولة على أجهزة متحركة على سكة حديدية أو على روبوتات أو طائرات بدون طيار، ووحدات تسجيل فيديو تلتقط صورًا أو فيديوهات من زوايا مختلفة يتم حفظها ونقلها لوحدات المعالجة وهي أجهزة كمبيوتر أو خوادم حاسوبية سحابية تقوم بمزيد من التحليل باستخدام نماذج معالجة يتم إنشاؤها باستخدام طرق معالجة الصور أو خوارزميات التعلم الآلي أو كلاهما وذلك لاستخراج المعلومات ذات الأهمية، وبالتالي فهي من المكونات الأساسية في أنظمة الرؤية الحاسوبية، والنظام متصل بإنترنت الأشياء لتتبع وتحليل نشاط قطيع حيواني مثل الأبقار الحلابة لأنها حيوانات اجتماعية حيث يؤثر هيكل القطيع على رفاهيتها لدرجة أن سلوك الحيوانات وتفاعلاتها الاجتماعية مع بعضها البعض يضطرب بوجود مراقب بشري.
وأوضحت أن هذا النظام يضمن عدم إزعاج الأبقار تجنباً للتأثير السلبي على إنتاجية الحليب، وقد تستخدم كاميرا أو روبوت لكل القطيع بدلاً من مستشعر لكل حيوان أو طائر، على حدة وضربت الدراسة مثالًا على ذلك بنقر الريش في الدجاج البياض، وأنه من السلوكيات الضارة التي لها تبعات اقتصادية كبيرة، وعن طريق تتبع سلوك الدجاج يمكن استخدام التربية الانتقائية لاختيار الدجاج الذي لا يسلك هذا السلوك الضار على الدجاج المحيط به، كما يمكن استخدام مزيج من تكنولوجيا الاستشعار الذكي والفحص الجيني لتحديد الدجاج نقار الريش بدقة أكثر، وبصفة عامة فقد ركزت تكنولوجيا التربية الدقيقة للدواجن بشكل كبير على تربية دجاج التسمين يليها الدجاج البيّاض، وتشمل بصورة أساسية استخدام المستشعرات البيئية والقابلة للارتداء على الطائر وكذلك الكاميرات.
وذكرت الدراسة أنه قبل اختراع الطائرات بدون طيار، كانت صور الأقمار الصناعية هي المصدر الوحيد لتحقيق رؤية واسعة النطاق للمزرعة والبديل هو التخمين، وكانت الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية باهظة الثمن ولا توفر الدقة المطلوبة، بعكس ما تتيحه الطائرات بدون طيار اليوم، من استقبال لقطات لحظية متناهية الدقة ورسم الخرائط والمسح الجغرافي بسهولة بالغة واتخاذ قرارات بناءً على المعلومات التي يتم الحصول عليها في الوقت الفعلي.
وأضافت أن من استخدامات المستشعرات أيضًا، الكشف عن التسلل حول المزرعة لتوفير الحماية من هجمات الحيوانات البرية واللصوص بالتقاط صورة الدخيل وتصنيفها باستخدام معالجة الصور واتخاذ الإجراء المناسب بناء على نوع الدخيل غالباً بإرسال إشعار إلى مالك المزرعة، فعلى سبيل المثال قد تتسبب الثعالب في نقل مرض السُعار بين الحيوانات وقد ينتقل للإنسان مما يسبب خسائر فادحة، وقد تتسبب القطط والكلاب الضالة في نشر أمراض خطيرة بين الحيوانات كالسل والإجهاض المعدي وغيرها.
أما بالنسبة للاستزراع السمكي من الجيل الرابع، تؤكد الدراسة أن العلماء ابتكروا مزرعة أسماك مغلقة باستخدام نظام الاستزراع بالماء المعاد تدويره من خلال عملية معالجة متعددة المستويات، وتشمل المزرعة درجة عالية من التشغيل الآلي أو الأتمَتة ودورات التحكم ذاتية التنظيم والذكاء الاصطناعي داخل نظام معلومات إدارة المزرعة لتحقيق إنتاجية فائقة صديقة للبيئة، وتضمن المستشعرات جودة المياه ومستوى الأكسجين لإتاحة بيئة صالحة لمضاعفة نمو الأسماك، وتقوم خوارزمية التعلم الآلي بتحليل الفيديوهات المصورة لحساب الكتلة الحيوية ومستوى الجوع بدقة لتحسين التغذية وتقليل الهدر في العلف، وتكشف الكاميرات أي اختلاف غير طبيعي في الجلد وأي سلوك غير طبيعي في سباحة الأسماك للكشف المبكر عن الاضطرابات الصحية ومنع تفشي الأمراض.
ولا يقتصر استخدام المستشعرات الذكية على الحيوانات الحية فقط بل على اللحوم والأسماك من أجل تحليل خصائصها الفيزيائية والكيميائية وقابليتها للتخزين والإفراج الصحي عنها، ومن أمثلة تلك المستشعرات الأنف الإلكتروني واللسان الإلكتروني رغم أن استخدامهما مازال محدوداً حتى الآن، ويمتاز الأنف الإلكتروني عن اللسان الإلكتروني أنه لا يتطلب تجهيز عينات سائلة وتوجد منه إصدارات حديثة محمولة للتحليل السريع عن بُعد للحوم والأسماك دون الحاجة إلى نقلها أو نقل عينات منها إلى المختبرات للفحص.
وبالنسبة لتقييم طزاجة الأسماك، تؤكد الدراسة أن الطرق التحليلية التقليدية لا تزال تعتمد على قياس الصفات الفيزيائية والكيميائية المتعلقة بمظهر الأسماك ولونها ومرونة اللحوم وملمسه ورائحته وطعمه، وجميعها مما يعرف بالطرق المُدَمّرة التي تقتطع جزءًا من أو السمكة بأكملها كعينة للفحص علاوة على أنها مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً، والحل الأمثل للتغلب على هذه العيوب هو اللجوء إلى المستشعرات الحيوية الحديثة غير المدمرة التي توفر قدرًا كبيرًا من المعلومات باختبار واحد فقط كما أنها لا تتطلب أي تحضير للعينات مما يجعلها مناسبة لخطوط الإنتاج الضخمة.
ووفقًا للفريق البحثي في دراستهم، فقد ابتُكر مؤخراً جهاز استشعار يساعد الصيادين على الحصول على أفضل صيد ويوفر لهم معلومات كافية في الوقت الفعلي عن جودة المياه باستمرار ونقلها لاسلكياً عبر الإنترنت حيث يمكن للمستخدمين تحميلها عبر تطبيقات متخصصة على الهواتف الذكية تتضمن معلومات عن السلوك المتوقع للأسماك وعن الطُعم الذي يجب استخدامه، كما يمكّنهم من رصد التغيرات في نوعية المياه والاستعداد لاتخاذ خطوات احترازية إذا لزم الأمر.
وأكدت الدراسة أن المستشعرات الذكية من الجيل الرابع، تعد واحدة من أهم صور التكنولوجيا الحديثة التي تقوم عليها المزارع الدقيقة بهدف تحقيق عدة إنجازات، أهمها تجنب الأضرار الصحية بالمراقبة الدقيقة المستمرة للحيوانات والكشف المبكر والتنبؤ بالأمراض قبل حدوثها، والتنبؤ الدقيق بالمدخلات ككمية الأعلاف والأدوية واللقاحات وبالمخرجات لأهميتها الاقتصادية مثل وزن الجسم وإنتاجية الحليب والبيض وغيرها وكذلك التنبؤ بنتائج القرارات التي يتم اتخاذها لتعظيم الربح وتقليل الخسائر، والاستغلال الأمثل للموارد الجينية والتنوع بين وداخل السلالات الحيوانية للحصول على سلالات عالية الإنتاج.
وأشارت إلى أن المستشعرات الذكية من الجيل الرابع، تؤدي وظيفتها مرورًا بعدة خطوات أهمها الملاحظة بتسجيل بيانات الرصد من الحيوانات أو التربة أو الغلاف الجوي، والتشخيص بتغذية قياسات المستشعر إلى منصة إنترنت الأشياء على السحابة الإلكترونية مع قواعد ونماذج قرارات محددة سلفاً للتأكد من حالة الحيوان الذي تم فحصه وتحديد أي أوجه قصور أو احتياجات، وإتخاذ القرار بعد الكشف عن المشكلات حيث يحدد المستخدم أو المكونات المبنية على التعلم الآلي في منصة إنترنت الأشياء، ما إذا كانت المعالجة بالموقع ضرورية وبأي الطرق ستتم، والتعامل مع المشكلة بواسطة المُشغّل الميكانيكي أو العنصر البشري حسب ما تقتضيه الحالة.
وقالت الدراسة إن معهد بحوث الصحة الحيوانية التابع لمركز البحوث الزراعية، يسعى لتطوير إمكاناته البشرية والتقنية لمواكبة المتطلبات المستجدة على الساحة المحلية والعالمية ذات الصلة بالنهوض بصحة الحيوان والتي تنعكس بدورها على صحة الإنسان، وأن إدارة المعهد أدركت أنه لمواجهة التحديات الحالية في الترصد الوبائي والسيطرة على الأمراض الحيوانية خاصة التي تنتقل إلى الإنسان لابد أن يحدث تحول فارق في كيفية الكشف عن الأمراض بدعم الفحص اللحظي داخل المزرعة بحيث يكون دور المعهد رقابياً بجانب فحص عينات من المزارع لتأكيد التشخيص، لذلك قام المعهد بتكوين فريق المحاكاة الحيوية الجزيئية من خبراء بارزين في عدة مجالات ليأخذوا على عاتقهم تبني تكنولوجيا الجيل الرابع وما يليه وتوظيف العلوم البازغة للوصول بالمخرجات البحثية إلى مستوى الإنتاج والتطبيق، وذلك بالتعاون مع الكيانات الإنتاجية المصرية لتنمية الابتكارات الوطنية لتقديم منتجات يحتاجها السوق المحلى ودفع عجلة التنمية والإرتقاء بالصناعة المصرية ضمن التوجيهات الرئاسية نحو دعم الابتكار وتوطين التكنولوجيات العالمية الحديثة وريادة الأعمال في المراكز البحثية القومية والجامعات المصرية وربطها بوزراة الصناعة والتجارة والإنتاج الحربي لإنشاء نظام مؤسسي متكامل لتلبية الاحتياجات الصناعية المحلية وإيجاد حلول علمية عملية لها.
وأكد الفريق البحثي أن من أولوياته، صناعة المستشعرات التشخيصية من الجيل الرابع للتنبؤ بالمشكلات الصحية التي قد تؤثر سلبًا على الثروة الحيوانية من حيث تعدادها أو إنتاجها المتوقع كأحدث تكنولوجيا تشخيصية يمتلكها عدد محدود من الدول المتقدمة بهدف ترسيخها بمركز البحوث الزراعية، تماشيًا مع خطة الدولة للرقمنة في الزراعة، ضمن العيادة البيطرية الإلكترونية الذكية ومواكبة المبادرة الرئاسية «مصر تصنع الإلكترونيات»، لمضاعفة صادرات الالكترونيات المصرية والنهوض بالاقتصاد القومي، ومما هو جدير بالذكر أن الغالبية العظمى من مستشعرات الجيل الرابع المتوفرة حالياً على مستوى العالم تكشف عن السلوك والحيوية والاضطرابات الصحية ولكن نادراً عن الأمراض المعدية.
ولذلك أكد فريق المحاكاة البحثي، أنه بدأ بعمل مستشعر للكشف الفوري المباشر عن البروسيلا غير المتوفر عالمياً، وذلك بالتعاون مع الجهات البحثية المحلية والدولية كبديل عن الاختبارات السريعة المتاحة التي تكشف بشكل غير مباشر عن البروسيلا عن طريق قياس الأجسام المضادة التي قد تكون موجودة نتيجة إعطاء لقاحات البروسيلا وليس العدوى بها، ولذلك فالكشف المباشر لتلك البكتيريا الخطرة أدق بكثير من الكشف غير المباشر حيث تُسبب الإصابة بالبروسيلا، أو مرض الإجهاض المعدي فقدًا في الماشية والأغنام والماعز، وقد تصيب الإنسان بالدرجة الأولى عن طريق استهلاك الألبان غير المبسترة أو أحد منتجاتها، وينتوي الفريق استكمال المسيرة في تصنيع مستشعرات أخرى للأمراض الخطيرة الأخرى التي تهدد الحيوانات والدواجن والأسماك على مراحل حتى تمتلك مصر هذه التكنولوجيا المتقدمة ولا تضطر إلى استيرادها بل ستقوم بتصديرها.
ونسَبت الدراسة أجهزة استشعار الجيل الخامس إلى الثورة الصناعية الخامسة، أو الأتمَتة الذكية للتصنيع بآلات أكثر ذكاءًا، تؤدي عمليات معقدة من تلقاء نفسها بشكل أسرع وأكثر كفاءة دون تدخل بشري يُذكر ودون الجزء الخاص بالاستشعار اعتمادًا على ما يعرف بالواقع المُعَزز، وستصبح مستشعرات المستقبل ذاتية التعلم دون الحاجة لصيانة أو معايرة، وسيصبح بالإمكان إدارة مزارع الثروة الحيوانية آليًا بالكامل، ولكن مازال هناك احتياج إلى المزيد من الابتكار نحو الرعاية الصحية الخامسة التي مازالت تحبو للوصول إلى عصر الاكتشاف المبكر والسيطرة الذكية على الأمراض والعناية الفائقة بصحة الحيوان.
وتوقعت الدراسة أن تُسهم التقنيات الرقمية المتطورة بمجال الرعاية الصحية الخامسة، مثل تكنولوجيا النانو في صورة مواد جديدة ذكية أو أجهزة مصغرة للغاية، وتقنيات الـ«5G» والطائرات بدون طيار وسلسلة الكُتل (وهي شكل من أشكال قواعد البيانات القادرة على إدارة قائمة متزايدة من السجلات المعروفة بالكتل) والروبوتات والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء وأنظمة الرؤية الحاسوبية القائمة على الشبكة العصبية الالتفافية لتنفيذ المهام المعقدة بواسطة الذكاء الاصطناعي خاصة ما يعرف بالتعلم العميق.
وأكدت أن الذكاء الاصطناعي ببساطة، هو محاكاة التفكير الآدمي والتعلم وحل المشكلات بناءً على البيانات المتاحة، والتعلم العميق هو تقنيات تعلّم تمثيلية يتم تطويرها بشكل أكبر من التعلم الآلي التقليدي ويمكنها تمثيل البيانات تلقائياً من البيانات الخام، والشبكة العصبية الالتفافية هي شبكة عصبية للتعلم العميق مصممة لمعالجة مصفوفات منظمة من البيانات مثل الصور.
وأسهمت التطورات الحالية، وفقًا للدراسة، في إدارة البيانات المتعلقة بالثروة الحيوانية على ازدهار المزارع الذكية بشكل كبير حيث أصبحت البيانات العنصر الرئيسي في التربية الحيوانية الحديثة، ورغم الكم المتزايد من البيانات فإن حجم البيانات لا يصل إلى المستوى الذي يمكن تصنيفه على أنه بيانات ضخمة، لأن مفهوم البيانات الضخمة لم تتحقق صفاته بَعد مثل الحجم والسرعة والتباين والدقة والتثمين، فحجم البيانات لم يتجاوز قدرة برمجيات قواعد البيانات المتاحة على التقاط المعلومات وتخزينها وإدارتها وتحليلها، وسرعة البيانات مازالت غير قادرة على فهم الأحداث وتفسيرها عند حدوثها، وتباين البيانات بمعنى تنوع طبيعتها كمقاطع الفيديو والنصوص والصوت وغيرها مع تنوع درجات تعقيدها مازال غير كافٍ، ودقة البيانات وجودتها وموثوقيتها تحتاج إلى مزيد من التمحيص، وأخيرا تثمين البيانات أو القدرة على نشر المعرفة وتقييمها مازال قيد البحث.
وكشفت الدراسة عن أن الذكاء الاصطناعي يمْكنه تغيير وجه التربية الذكية والرعاية الصحية للحيوانات، وذلك بدعم التقنيات القائمة بالفعل لتسهيل المهام الروتينية المعقدة عن طريق جمع ومعالجة البيانات الضخمة على منصة رقمية والتوصل إلى أفضل خطة سير للعمل والبدء في التنفيذ عند دمجه مع تقنيات أخرى، ورغم فوائد الذكاء الاصطناعي فإن تطبيق هذه التكنولوجيا يستغرق وقتاً لنقص المعرفة بها.
وتوقعت الدراسة أن تلحق مصرنا الحبيبة بهذا الركب الهائل من التطور وهي مؤهلة لذلك بما حباها الله من موارد بشرية وطبيعية وقيادة سياسية واعية، وذلك لأن لكل عصر متطلباته فكما أسهمت الثورات الصناعية المتتالية من الأولى إلى الثالثة من استخدام الميكنة بالبخار مروراً باستخدام الكهرباء وخطوط الإنتاج الضخمة إلى استخدام الحواسيب والأتمَتة، فإن الدول المتقدمة تتسابق الآن في إنتاج أجهزة استشعار الجيل الخامس تلبيةً لمتطلبات الحاضر والمستقبل القريب لندرة العمالة الفنية المدربة ولتوفير الطاقة البشرية لوظائف أخرى وزيادة كمية وكفاءة الإنتاج.
مستشعرات ذكية تحمي الحيوانات إلكترونيا باستخدام تقنيات الجيل الرابع
مستشعرات ذكية تحمي الحيوانات إلكترونيا باستخدام تقنيات الجيل الرابع
مستشعرات ذكية تحمي الحيوانات إلكترونيا باستخدام تقنيات الجيل الرابع
أشرف وحسام عزالدين سيور الفريق المتخصص في المحاكاة الحيوية الجزيئية
أشرف هندام من فريق محاكاة الحيوية الجزيئية بمركز معلومات تغير المناخ والنظم الخبيرة في مركز البحوث ا