وزير التعليم السابق الدكتور طارق شوقي، ووزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج السفيرة نبيلة مكرم لا تربطني بهما أي علاقة شخصية أو منفعة خاصة، فلم أعمل يومًا محررًا لشئون التعليم ولا محررًا لشئون الهجرة.. لكني أرصد بحكم عملي المهني نشاط الحكومة والوزراء بشكل عام.
الوزيران خرجا مع آخرين من الحكومة في التعديل الأخير، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد وجه الشكر لجميع من خرجوا وأنهوا فترة عملهم في ظروف صعبة وضاغطة في كل المجالات وأثني عليهم.
ولأن التغيير وارد ومطلوب وسنة الحياة يؤكد الرئيس فضيلة الشكر لكل من قدم مجهودًا في عمل، وليس كما تعودنا دائمًا نهيل التراب والركام علي كل من خرج من عمله بنظرة ضيقة وقاصرة بعيدًا عن الموضوعية.
الدكتور طارق شوقي كان قدره أن يخوض معركة تطوير التعليم – وهي رؤية ومشروع وهدف دولة – بعد طول انتظار، وأن يبدأ عمله في ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد حيث بدأت مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي لا يقل أهمية عن ضرورة تطوير التعليم، وبدأ المشوار حثيثًا، وفجأة اجتاحت العالم جائحة كورونا وتداعياتها التي فرضت علينا وعلي العالم أوضاعًا لم تكن في حسابات أعتى الدول والنظم، وما حدث نعرفه جميعًا.
في المشروع بدأنا لأول مرة نمارس عملية التعليم عن بعد، وعن طريق وسائل الاتصال الحديثة والإنترنت كضرورة وقوة قاهرة حتى لا تتوقف عملية التعليم، وأعتقد أننا نتذكر ضغوط الرأي العام وأولياء الأمور في هذه المرحلة "هتموتوا ولادنا لو ذهبوا للمدارس.. الدراسة لازم تتأجل.. إحنا زهقنا من تواجد الأولاد في البيوت.. لازم الدراسة ترجع للمدارس.. لازم تخففوا المناهج.. شيلوا الحشو.. إزاي ولادنا يمتحنوا ثانوية عامة في وجود كورونا.. الولاد اتخنقت من الإجراءات.." وهكذا الكثير!
بهذا النمط واجه الوزير صعوبات وضغوط لا يمكن لوزير أن يتحملها لولا إيمانه بأهمية تطوير التعليم وخلق عقلية نقدية لأبنائنا وبناتنا تكون قادرة علي التعاطي مع وظائف المستقبل.
طارق شوقي واجه أقاويل وأباطيل روج لها أصحاب المصالح والمنتفعون سواء أباطرة الدروس الخصوصية أو أعضاء مافيا الفساد في الوزارة وملف التعليم أو من يروجون لفكر التخلف مع نظام التعليم الذي يعتمد علي الحفظ والغش والاستسهال .. "
مشروع التطوير بدأ من القاعدة من مرحلة ما قبل الابتدائي.. لكن ذلك لم يلفت نظر المترصدين لمشروع التطوير الذي يفقدهم كثيرًا من مكاسبهم التي نعرفها جميعًا ويعرفونها قبلنا!
في تقديري إذا كان هناك من فشل - كما يرى قصار النظر- فإن طارق شوقي فشل في معركة أنيميا الوعي وفشل في مواجهة كارتيلات الفساد في مواقع كثيرة، وفي الهجوم الشرس من السوشيال ميديا وممن يدعون أنهم خبراء تعليم وهم فشلوا على مدار عقود في اقتحام القضية، وبسبب جانب كبير من إعلام يخضع لضغوط رأي عام يحب الاستسهال في مستقبل أولاده وأحفاده!
ربما يستريح الرجل من هذا الصداع المزمن لكن تبقى التجربة قائمة ويكفيه أنه تصدى لقضية من أهم قضايا الوطن "التعليم" ومحاولة علاج أنيميا الوعي الذي يصيب هؤلاء الذي يرون أن تطوير التعليم هو الثانوية العامة والحصول علي أعلى الدرجات.
شكرًا.. دكتور طارق شوقي علي جهدك وصبرك وقوة احتمالك في مواجهة منصات الجهل.
أما السفيرة نبيلة مكرم فإنها تستحق الشكر والتقدير على جهد وفير بذلته باحترافية عالية وصدق شديد في تعزيز دور مصر قيادة وحكومة تجاه كل المصريين العاملين بالخارج.
السفيرة نبيلة مكرم غيرت الصورة الباهتة التي كانت قائمة للوزارة منذ سنوات طويلة وحولتها إلي صورة ناصعة بإحداث نقلة نوعية في عمل الوزارة.. فقد استطاعت اجتياز أزمات المصريين بالخارج بنجاح في جائحة كورونا، وأزمة الطلاب الدارسين في منطقة النزاع بسبب الحرب الأوكرانية، ولم تترك مصريًا في أزمة أو قضية إلا وسارعت بالتواصل معه ومع أسرته ومع الجهات المعنية في أي مكان في العالم؛ سواء باللقاءات الشخصية أو عبر وسائل التواصل الرسمية.
المبادرات التي أنجزتها كثيرة ومتنوعة بدأت بمبادرة "مصر تستطيع" بكل تنويعاتها لربط طيورنا المهاجرة التي تشرف العالم بالوطن الأم لتستفيد مصر من كفاءات وخبرات منسية بسبب عدم الاهتمام والتواصل مرورا بمبادرات "العودة للجذور" و"خلينا سند لبعض" و"اتكلم عربي" و"أصلك الطيب" و" نورت بلدك" و"مصرية بـ 100راجل " و "مراكب النجاة" حتي "أطفالنا نجوم في الخارج".
كل هذه المبادرات وغيرها تعزز قيمة الانتماء لمصر فعلا لا قولا وتجعل من الأجيال الثانية والثالثة سفراء لمصر في الخارج.
السفيرة نبيلة مكرم خاضت معارك شرسة في ظروف صعبة انتصرت فيها بفضل دعم مباشر من القيادة السياسية وترحيب من المصريين بالخارج.. رغم ما كانت تعانيه من هجوم عليها في الفترة الأخيرة بسبب ظروف خاصة بها، وظلت تعمل حتي اللحظة الأخيرة وتستعد لمؤتمر الكيانات في نسخته الثالثة.
شكرا للوزيرة السفيرة نبيلة مكرم، وشكرًا للصورة المشرفة والإيجابية في التعامل مع مشاكل المصريين بالخارج.