لا تخفي رأسك في الرمل، وتكذب على نفسك أنك "زي البمب"، ولا تعاني من أي توتر ولا قلق، برغم أنك كثيرا تشتكي من الخمول والإرهاق فور بذلك جهدًا بسيطًا، وتتوقف عن إتمام عملك، بسبب شعورك المفاجئ بالإحباط.
ويرجع علماء النفس هذا الشعور لما يعايشه الإنسان حاليًا من احتراق نفسي بشكل مبالغ فيه، وخطورته تكمن في أنك قد لا تفطن بإصابتك به إلا بعد فوات الأوان، وتبدأ علاماته بالإحساس بالإجهاد العقلي والجسدي والعاطفي، ويصاحبه اعتقاد سلبي تجاه نفسك والآخرين.
وترتفع حالة خطورة الاحتراق النفسي إذا تركت له العنان بداخلك، بمعنى آخر تحميل نفسك فوق طاقتك، وبذلك جهدًا ضخمًا، حتي تفي بجميع احتياجات أفراد أسرتك على أفضل وجه، وفي النهاية تقع في دوامة لا تستطيع الفكاك منها.
وفي حالة نجاحك في "فرملة" هذه الدوامة قليلا، تتمكن من التقاط أنفاسك وإعادة ترتيب أوراقك، ويكون بمثابة مساعد لك لأخذ قسط من الهدوء، وهو يشابه عودتك إلي الجنة، لكي تنعم بحياتك وسط ذويك، والتي حرمها منك وسواس الاحتراق النفسي.
وتلك الظاهرة النفسية مازالت لا تجد توصيفًا طبيًا دقيقًا، وهناك فرق شاسع بين الذي يعاني الضغط النفسي وبين المصاب بمتلازمة الاحتراق النفسي، أما أصحاب الضغط النفسي فعلى دراية كاملة بأعراضه، ويملكون قدرة السيطرة عليه.
وهذا على النقيض تمامًا بمصابي الاحتراق النفسي، ومن يتملكه الضغط النفسي لا يفقد الحافز والأمل أثناء مشوار حياته، كما هو حال المحترق نفسيًا، فالأخير كالوسواس يتغلغل داخل الإنسان، ويحرمه من الأمل في الحياة، ويحول حياته إلى نار وعذاب ويعيش قانطًا.
وطوق النجاة لهؤلاء المحترقين نفسيًا من خلال عودتهم فورًا إلى ممارسة حياتهم الاجتماعية واندماجهم فيها، وثانيًا في سعيهم الحثيث بحثًا عن صحبة مخلصة صادقة، تمنح لهم الدعم النفسي، وفي نفس الوقت تفرض الضرورة عليهم التواصل المستمر معهم ليبقوا أحياءً في جنة الأمان.
ولا مفر من الاعتراف بأن الأحداث المتلاحقة حولنا أكثرها مؤلمة، ولكن حين نحدد الهدف لأنفسنا، ونضع خطة لتنفيذه قبل البدء في تحقيقه، يجعلنا نختصر وقتا طويلا، ويرشّد من ناحية أخرى في مجهودنا وأموالنا، ولا ننسى أن يتضمن شرطًا مهمًا بين بنود هدفنا، وهو الاستعانة بصفة دائمة بالمقربين لك والرجوع إليهم.
ولن نجد الآن وظيفة أو مهنة على سطح الأرض إلا وأصحابها يعانون من الاحتراق النفسي، ونستثني منهم فئة محدودة لديها هدف وطموح، وقد تتعثر في بعض خطواتها غير أنها سرعان ما تعود إلى سيرتها الأولى، وتتمسك بجنة الأمل.
Email: [email protected]