الحياة بدون ارتباط قد تبدو خيارا مفضلا لدى البعض ممن يرفعون شعار "السنجلة حرية وجنتلة"، خاصة في ظل ارتفاع نفقات الزواج، فضلا عن حالة الإخفاق التي أصبحت معتادة بين الطرفين نتيجة ضغوطات الحياة المادية والاجتماعية والنفسية، وقد كشفت بعض الدراسات والإحصائيات الحديثة عن ارتفاع معدلات العزوف عن الزواج بين الشباب والفتيات في مصر بصورة كبيرة عما مضى.. فماذا وراء هذه الظاهرة؟ وهل هناك مخاطر صحية واجتماعية ونفسية ناتجة عن رفض الزواج؟التحقيق التالي يحاول أن يلقي الضوء على هذه المشكلة،وإليكم التفاصيل:
عزوف إرادي
في البداية، نشرت صحيفة الديلي ميل البريطانية، مؤخرا دراسة علمية حول مخاطر العزوف الإرادي عن الزواج حتى سن متأخرة من العمر، فقد أكدت الدراسة أن العزوبية أو السنجلة تتسبب في إصابة الأشخاص بأزمات نفسية وجسدية مع بلوغ سن الخمسين دون زواج.
ووفقا لتقرير الصحيفة البريطانية حول هذه الدراسة فإن الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم عند تقدمهم في العمر يعتمدون علي تناول الأطعمة السريعة لأنه ليس لديهم الرغبة أو القدرة على طهي الأطعمة،أولأنهم ليس لديهم شركاء في الحياة يتناولون الطعام معهم، وبالتالي يكونون أكثر عُرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين كما أنهم يعانون من العزلة ويكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الحاد.
يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه دراسة طبية جديدة لجامعة"كوينز لاند"الأسترالية أن الشعور بالوحدة الناتجة عن غياب شريك الحياة يزيد من خطر الوفاة بنسبة 30% عند الذين يعانون منها في سن الـ 35 مقارنة بمن لديهم علاقات اجتماعية وأسرية ناجحة.
جروبات السناجل
هناك حالة من الانتشار المريب لجروبات السناجل والعزاب على مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا قررنا أن نخترق بعض هذه الصفحات التي تملأ الفضاء الإلكتروني، ويحتشد بها آلاف الأعضاء من الذين أعلنوا أنهم يرفضون الارتباط رفضا كليا وبعض هذه الجروبات تضع شروطا صارمة للمنضمين إليها. وأهم هذه الشروط ألا يكون الشخص متزوجا وفي حالة العلم بزواجه يتم حذفه فورا من الجروب إلا أن هناك جروبات كثيرة وهمية هدفها اصطياد الفتيات ، وهذا ما يؤكده حسين غريب (33 سنة) أعزب وعضو بأحد هذه الجروبات، ويقول: هناك سناجل تخطوا سن الثلاثين ويرفضون الزواج تماما رغم قدرتهم المادية وهؤلاء ينشطون علي هذه الجروبات بسبب أن لديهم فكرة سلبية عن الزواج حيث يعتقدون أن الزواج هو مجرد سجن سيحرمهم الدخول فيه من الحرية ومتع الحياة ومن التقاء الأصحاب والجلوس علي الكافيهات، فمثلا بعضهم كان لديه أصدقاء وتزوجوا ومن وقتها وهم لا يجلسون على المقاهي مثلما كانوا يفعلون وهم عزاب.
أما أحمد السيد (34 سنة) أعزب وعضو بجروب السناجل، فيقول: أخشى من الارتباط في ظل الظروف المادية الصعبة، وعدم قدرتي على توفير نفقات الحياة أو تحمل مسئوليات إقامة أسرة ورعايتها، ولذلك أفضل أن أكون مسئولا عن نفسي فقط، والحقيقة أن هذه الجروبات تشجع الشباب العزاب على استمرار العزوبية لأن فوائدها كثيرة أهمها الحرية والانطلاق، لكن المشكلة أنه مع تقدم العمر سنشعر بالوحدة وربما ندفع ثمنا باهظا لعدم وجود أسرة ترعانا وتحتوينا.
أضرار نفسية وصحية
من الناحية النفسية والسيكولوجية يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن للعزوبية أضرارا لا حصر لها حيث يقول الدكتور إبراهيم مجدي أخصائي الطب النفسي: إن السناجل هم شباب أعجبتهم حياتهم الفردية دون زواج وبلا مسئوليات أو نكد أو ضغوطات مادية وحياتية، لكن هؤلاء سيدفعون ثمنا فادحا عندما يتجاوزون سن الخمسين حيث تتفكك شبكة التواصل الاجتماعى التي كانوا يستندون عليها في حياة العزوبية فمثلا يتوفي أغلب أقاربهم كالأم والأب وبعض أشقائهم كما يفقدون أغلب الصداقات التي كونوها على المقهي نتيجة ارتباط كل الناس المحيطين بهم بأسر ناجحة بحيث أصبح لديهم أبناء ومسئوليات وأحفاد وأصبحوا غير متفرغين للجلوس مع أصدقائهم القدامي. وهكذا يجدون أنفسهم وحيدين في الحياة وفي السكن وحتي في كل مصلحة يريدون أن يقضوها كما أنهم مع الوقت يفقدون الإحساس بالحرية التي عاشوا من أجلها.. حيث إنهم أكلوا ما يريدون وجلسوا على الكافيه بما يكفي وقضوا سهرات طويلة دون مسئولية وعملوا كل ما كانوا يتمنونه من فسح وسفريات وخروجات، ومن هنا يشعرون بالملل الشديد لأنهم تشبعوا من هذه الحياة.
ويضيف مجدي، أنه بعد سن الخمسين يجد الرجل الأعزب نفسه وحيدا تماما، بل إنه يحاول أن يصاحب شبابا أصغر منه فيفشل ويحاول إقامة علاقات اجتماعية أخرى فلا يجد من يشاركه حياته أو همومه، فيصاب مع الوقت بالعزلة الشديدة وتبدأ هرموناته تتأثر بشكل سلبي، وذلك لأن الزواج جزء منه هرموني وجزء آخر بيولوجي، وبالتالي فإن طاقته ستتراجع ويُصبح مع الوقت غير قادر على أن يخدم نفسه ويضطر أيضا لشراء طعامه وشرابه من الخارج في صورة وجبات سريعة، وهذا معناه أنه سيكون عُرضة للكوليسترول والدهون الثلاثية والضغط والسكر وانسداد الشرايين،ومن هنا فإن الزواج خير علاج لهذه الحياة مهما تكن المسئوليات فالارتباط بأسرة ناجحة ووجود شريكة حياة وأولاد يجعل الإنسان يشعر بقيمته ودوره في الحياة