التكاليف الباهظة وقائمة المنقولات من أشهر عادة الزواج في مصر، ومن أكثر أسباب الخلافات التى تحدث بين الزوجين وبين الأهل، وبسببهما دمرت العديد من البيوت وفشلت الكثير من مشاريع الزواج، وأخيرا كانت القائمة سببا فى جدل كبير داخل المجتمع وعلى صفحات التواصل الاجتماعى ما بين رافض لها ومؤيد لوجودها كأحد أهم شروط الزواج؛ بدعوى أنها تحفظ حقوق المرأة فى حالة الطلاق، حيث تصدر وسم #حوار_القايمة صفحات السوشيال ميديا، وبحسب وسائل الإعلام المختلفة سبب إثارة هذا الجدل منشور لأستاذ أكاديمى تم نشره على حسابه الخاص على فيسبوك قال فيه: «ألف مبروك للرجالة، القايمة سقطت في مصر»
موضوعات مقترحة
وبرغم عدم صدور قرار من أى جهة رسمية يؤكد هذا الإلغاء فإن الجدل تزايد على السوشيال ميديا، وانتشرت آلاف المنشورات التي عبر خلالها المصريون عن آرائهم حول موضوع إلغاء قائمة المنقولات الزوجية، ومن هذه الآراء التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ورصدتها نصف الدنيا.. منار ربة منزل تقول:
أنا ضد القائمة لأنها سبب خراب بيوت كثيرة لتهديد الزوج بها من قبل الزوجة وأهلها.
ويقول المهندس ساجد : الزواج نية ومن تكون نيته أن يعمر بيتا ويكون أسرة يكرمه الله، والقضية ليست في فكرة إلغاء القائمة، ولكن الفكرة فى التيسير من قبل الأهل؛ مما يساعد الزوج في أن يبدأ حياته الزوجية من غير دين يرهقه ويرهق أهلها.
بينما تتساءل إيمان مدرسة: ماذا يضمن حق المرأة غير القائمة.. إلغاء القائمة يسهل على الرجل التعدد، وبالتالي تجبر الزوجة على الحياة الزوجية حتى إذا كانت تعانى فيها .
وعندما استطلعنا آراء المتخصصين قالت الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس : كل شيء فى الحياة بالاتفاق ومن ضمنها القائمة، حيث يتم كتابة ما أسهمت به الفتاة وأسرتها من فرش فى عش الزوجية، وما أتى به الزوج، فالموضوع مشاركة بين الطرفين وإذا حدث ولم يتفقا ويتوافقا ولم يوفقا فى حياتهما الزوجية لأى سبب يتم الانفصال فى هدوء ودون مشكلات، لأن كل شيء متفق عليه ومسجل فى هذه القائمة، وتنشأ الخلافات والمشكلات بسبب عدم تسجيل الأشياء والممتلكات فى أوراق رسمية تثبت حق كل واحد منهما، وهذا ليس معناه عدم وجود الثقة أو الحب بين الطرفين، وهذا للأسف ما يجعلنا نخطئ ولا يتم تسجيل الممتلكات ونستيقظ على كارثة، للأسف لدينا أمية فى المعاملات، وما يضمن الحقوق بعكس الدول الأخرى كل شيء يسجل منعا للمشكلات .
ويقول الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق : قديما وما يزال فى بعض البلدان الرجل من يجهز منزل الزوجية من الألف إلى الياء ويعطى للفتاة مهر (الصداق) ولا تتكلف الفتاة أو أهلها أى شيء، وبالتالى لم يكن هناك قائمة منقولات، ولكن الآن الأمر اختلف وأصبحت الفتاة وأهلها يتكلفون مثل الرجل وربما أكثر من باب التعاون؛ لذا أصبح كل ما فى الشقة حقا للزوجة، ولضمان الحقوق صار فيه قائمة توثق بها كل محتويات الشقة، وليس للولى الحق فى التنازل عنها بل هو حق مطلق للزوجة فقط، فالقائمة شرعية ومن يرفض كتابتها نقول له: هذا حقك أيضا ولكن عليك أن تتحمل تأثيث المنزل من كل شيء ثم تدفع لها مهرا ولا تطلب منها المشاركة بأى شيء وتأتيك بحقيبة ملابسها فقط.
وفى المقابل أيضا على ولى أمر الفتاة ألا يبالغ فى القائمة ومحتوياتها وأسعارها وتسجيل الأشياء التى قدموها بأسعارها الحقيقية دون مبالغة فنحن لسنا ضد القائمة والتعاون ولكن بالمعروف، وذلك لمصلحة الشباب الذى ليس أمامه إلا أن يتزوج ببساطة وبالمعروف أو يعزف عن الزواج وقد ينحرف لأننا نعانى من خلل كبير فى المجتمع .
وتضيف الدكتورة ريهام عبدالرحمن الباحثة في الإرشاد النفسي والأسري جامعة القاهرة. والمدربة المعتمدة في علوم تطوير الذات:
- أعتقد أن إلغاء قائمة المنقولات الزوجية أمر في غاية الصعوبة؛ وبخاصة مع ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع، الأمر الذي جعل الأسر تنظر للقائمة وكأنها وسيلة لإيقاف الزوج عن أخذ قرار الانفصال بسهولة.
- ولكن وبالرغم من أهمية قائمة المنقولات كضمان لحق المرأة المادي وبخاصة في حالة الانفصال، فإنها لا تعد ضمانا للتعامل الإنساني بين الزوجين فالعلاقة الزوجية علاقة مقدسة تقوم على احترام الحقوق والواجبات والتكافؤ النفسي والاجتماعي بين الطرفين، وبالتالي فمهما كان المبلغ المتفق عليه في قائمة المنقولات إلا أن ذلك ليس مقياسا على السعادة المطلقة أو ضمان الاستقرار في الحياة الزوجية معا؛ لأن الضمان الحقيقي هو وجود زوج يتحمل المسئولية ويقدر زوجته ويتفاهم معها. إلغاء القائمة سيؤدي إلى زيادة حالات الانفصال وبخاصة عندما يتوافق ذلك الأمر مع وجود زوج لا يتحمل المسئولية ولا يقدر زوجته، بل يرى في إلغاء القائمة وسيلة لعدم الالتزام بالحقوق تجاه زوجته في حالة الانفصال.
- أيضا من الممكن أن يؤدي إلغاء القائمة إلى زيادة تكليف الشباب فوق طاقتهم من حيث متطلبات الحياة الزوجية؛ حيث إنه وفي ظل ارتفاع الأسعار من الصعب قيام الشباب بتحمل مسئولية تأسيس منزل الزوجية بمفرده دون أي مشاركة من قبل شريكة الحياة.
- ولهذا أقترح ضرورة التخفيف من قيمة القائمة؛ وذلك بسن قوانين جديدة تضع حدا أقصى لقيمة قائمة المنقولات الزوجية ضمانا لحق المرأة وتجنبا لإقدام الزوج على قرار الانفصال بسهولة، وكذلك تخفيفا من أعباء الزواج.
- أرى أيضا أنه ينبغي على الأهل ألا ينساقوا وراء تكاليف الزواج الباهظة، والتي أصبح الشباب يعزف عن الزواج نتيجة لها، فلنعمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم-: «أقلهن مهرا أكثرهن بركة». وتوعية الشباب والفتيات المقبلين على الزواج بقدسية العلاقة الزوجية وأنها علاقة حب غير مشروط أو مقيد بقيد مادي أو معنوى. وذلك لضمان وجود حياة مستقرة بين الزوجين تخلو من المنغصات، حياة تقوم على مبدأ السكينة والاحتواء.
- حياة يعلو بداخلها صوت الرحمة والمودة فوق صوت المادة والأنانية والتربص بالطرف الآخر.