Close ad

بعد نجاح إقرار الدستور الجديد.. تونس تواجه تحديات العبور إلى المستقبل

9-8-2022 | 20:17
بعد نجاح إقرار الدستور الجديد تونس تواجه تحديات العبور إلى المستقبلصورة أرشيفية
كتب - أحمد إسماعيل
الأهرام العربي نقلاً عن

محسن النابتى: استكمال الانتقال السياسي أهم أولويات المرحلة المقبلة

موضوعات مقترحة

خليفة سالم: مطلوب محاسبة الفاسدين لتطهير المناخين السياسي والاقتصادي

عبد الله القلالى: ننتظر القانون الانتخابي الذي لا يقل أهمية عن الدستور

جمال مارس: يجب تشكيل مجالس محلية مؤقتة لحين إجراء انتخابات البلدية

بعد إقرار الدستور الجديد للجمهورية التونسية، تؤكد كل المؤشرات على الأرض، أن هناك تحديات أساسية وصعبة، تواجه الدولة التونسية، للعبور الآمن إلى المستقبل وبناء الجمهورية الثالثة، على الوجه الذى يتمناه الشعب التونسى، بعد العشرية السوداء، ومن أهم هذه التحديات، يأتى استكمال الانتقال السياسى فى البلاد، ومحاسبة كل الفاسدين، الذين أجرموا فى حق الشعب التونسى، خلال المرحلة الماضية، إلى جانب الإجراءات الاستثنائية للإصلاح الاقتصادى فى البلاد.

كما يؤكد محسن النابتى، المتحدث الرسمى للتيار الشعبى، إن القيادة السياسية فى تونس، ممثلة فى الرئيس قيس سعيد، مطالبة بثلاثة استحقاقات تمثل أولوية قصوى، وهى أولا: استكمال الانتقال السياسى بتشكيل المحكمة الدستورية، وإصدار القانون الانتخابى مبكرا، والتحضير الجيد لإنجاز الانتخابات التشريعية فى موعدها فى 17 ديسمبر، وذلك حتى تكتمل المؤسسات ويدخل الدستور الجديد حيز التنفيذ، ونخرج نهائيا من المرحلة الاستثنائية إلى الدائمة،‪ ‬أما الاستحقاق الثانى، الذى يمثل مطلبا من مطالب الشارع، هو المحاسبة، فعموم الشعب على قناعة، أنه إذا لم تتم عملية محاسبة المجرمين، إخوان ومجموعات فساد على جرائمهم، فإن الجمهورية الجديدة لن تختلف عن سابقاتها فى شىء، فسياسة الإفلات من العقاب هى المدخل الذى خرب تونس، وضيع حقوق الشعب، وجعل الدولة ضعيفة ترزح تحت سطوة الجماعات واللوبيات.

ويضيف النابتى: أن الوضع الاقتصادي، يبقى الشغل الشاغل والحلقة الذى يتوقف عليها نجاح أو فشل أى منظومة حكم، فالرئيس مطالب بإجراءات استثنائية لمعالجة الوضع الاقتصادى، وهى معالجات ممكنة، وتتمثل فى تحرير الاقتصاد من عائلات الريع واللوبيات التى احتكرته، ومقاومة التهريب، وتعبئة الموارد الذاتية بدلا من الاعتماد الكلى على الاقتراض، إلى جانب إعادة تفعيل القطاع الصناعى القادر على استيعاب اليد العاملة، وإصلاح زراعى عميق، لتحقيق مشروع الأمن الغذائى، ومعالجة أزمة الطاقة من خلال الطاقات البديلة، وأزمة المياه، إلى جانب استعادة نسق التصدير، بأعلى مستوى فى الفوسفات، ويبقى خيار الانفتاح خارجيا على القوى الصاعدة، أمرا حيويا لتونس.

ويتابع أنه إذا نجح الرئيس قيس سعيد، فى تنفيذ هذه الاستحقاقات سياسيا، بالالتزام بالمواعيد وتركيز المؤسسات، وفتح باب المحاسبة، وإنقاذ الاقتصاد، فأعتقد أن تونس ستكون تجاوزت الأزمة وبدأت فى إعادة البناء.
ويرى خليفة سالم، المحلل السياسى التونسى، أنه لا شك أن الرئيس قيس سعيد، تمكن من المرور بخارطة الطريق، التى عبر عنها فى 17 ديسمبر الماضى، وفى ذكرى انطلاقة الثورة من بوزيد، من القول إلى الفعل، وبكل تفصيلاتها من الاستشارة التشاركية الشبابية، إلى حل المجلس الأعلى للقضاء، وتنصيب مجلس جديد مؤقت، ثم إعادة تشكيل هيئة الانتخابات بتركيبة جديدة، مرورا بتشكيل لجنة استشارية لوضع دستور جديد، وصولا إلى إصدار الوثيقة المقترحة، فتنظيم الاستفتاء، جاء بانتصار فى اعتقادى  للرئيس على حساب معارضيه وخصومه، الذين حاولوا استغلال أرقام العزوف عن الصندوق، وتحويل وجهتها كما لو كانت مقاطعة، لم تجد صدى وآذانا عند التونسيين، الذين - فى اعتقادى - تخطوا مرحلة الجدل حول الدستور، والذى صار أمرا واقعا، وإنما الجدل صار الآن يتمحور حول ثلاث نقاط،‪ ‬أولا: جدل النخبة السياسية حول القانون الانتخابى، وحظوظ الاحزاب فيه، ثانيا: جدل عموم المواطنين حول مستقبل الاقتصاد، والتعافى الممكن للمقدرة الشرائية، وتحريك عجلة النمو والتنمية، ثالثا: متى وكيف ستتم محاسبة المسئولين على كل أشكال الفساد، ودور هذه المحاسبة فى تطهير المناخين السياسى والاقتصادى، وهذا - من وجهة نظرى - أحد أبرز التحديات أمام الرئيس.

ويضيف سالم: المحاسبة وتطهير المناخ السياسى، يؤكدان مصداقية الرئيس، قولا وفعلا، ويزيدان من ثقة الناس فيه، أما النجاح فى تخطى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فسيحقق شرعية جديدة للرئيس، تعرف بشرعية الإنجاز، إذ إن الرئيس استطاع حتى الآن أن يحافظ على الجزء الأبرز من الدعم الشعبى، بالاستناد إلى المصداقية فى الخطاب والسلوك، وبقدرته على إزاحة طبقة سياسية كرهها التونسيون، فى انتظار الإنجاز الاقتصادي، وعلى الرغم من أنه لم ير منه التونسيون شيئا، فإنهم لم يفقدوا الثقة فى الرئيس، بل يعتبر جزءا كبيرا من الشعب أن الأزمة من افتعال جيوب الفساد والمافيات واللوبيات، التى تسعى جاهدة لتخريب المسار، لذلك منح الناخب الثقة للرئيس عبر التصويت للدستور، حتى يتمكن من المحاسبة والفعل والإنجاز، وهى مهمات أساسية، ينتظرها التونسيون بفارغ الصبر، بالتوازى مع إجراءات تعديل قوانين اللعبة السياسية، عبر قانون انتخابات جديد، ومراجعة محتملة لهيئة الإعلام، وقانون استطلاع الآراء، والمحكمة الدستورية، وفى نفس الوقت العمل على إنجاح المفاوضات مع صندوق النقد، كلها خطوات ومهمات وتحديات، أمام الرئيس وفريقه الحكومى فى ظل تمسك المعارضة بمواقفها، وإن كانت ضعيفة، وفى ظل تحفظات بعض الحكومات فى الغرب، وإن كانت كذلك مجرد بيانات دون قرارات تعكس توترا فى العلاقات.
أما عبد الله القلالى، مدرس بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، وناشط فى المجتمع المدنى فيقول: إننا ننتظر الآن القانون الانتخابى، والذى لا يقل أهمية عن الدستور، فهو سينظم الحياة السياسية المقبلة، من تشكيل البرلمان بغرفتيه، وأيضا القوى السياسية الجديدة التى ستظهر على الساحة، كذلك مستقبل الأحزاب فى تونس، خصوصا أن الرئيس قيس سعيد، أبدى تحفظه كثيرا تجاه عمل الأحزاب.

ويرى القلالى، أن القيادة التونسية الآن أمام عدة تحديات، أهمها إعادة تفعيل الحياة السياسية دون الدخول فى صدامات مع الأحزاب، وهل سينجح فى إقناع الأحزاب بالمشاركة على ضوء القانون الانتخابى الجديد؟ ومن أهم التحديات المطروحة هل سيكون للإسلام السياسى مكان فى الحياة السياسية مستقبلا؟، وهل سيكون فى إمكان حزب النهضة المشاركة؟ وإذا تحدثنا عن الثقل السياسى للأحزاب، فمثلا الحزب الدستورى الحر، الذى كان متربعا خلال الفترة الأخيرة، على مستوى استطلاع الرأى، فهل سيظل محتفظا بمكانه، فهذه عدة تحديات مطروحة، وأتمنى أن تستطيع القيادة التونسية، التعامل مع هذه الملفات بشكل جيد، من أجل استقرار تونس.

ويؤكد جمال مارس، المحامى الحقوقى التونسى، أنه لا بد من استكمال مسار 25 يوليو بنسق حثيث، وبخطوات أسرع، بعد المصادقة على دستور الجمهورية الجديدة، وأن أولى المحطات هى القانون الانتخابى، الذى يتحتم أن يتم إعداده فى أقرب وقت ممكن، ومع إشراك أكثر عدد من الأحزاب السياسية، والمنظمات الوطنية، والمجتمع المدنى، والشخصيات الوطنية، باعتباره سيحدد قاعدة اللعبة السياسية خلال المرحلة المقبلة، ونؤكد كحزب - التيار الشعبى - ضرورة التخلى عن نظام التصويت بالقوائم، فى الانتخابات التشريعية، باعتباره قد انتهى إلى نتائج كارثية على الحياة السياسية، والشعب التونسى، واستبداله بنظام الانتخاب الفردى فى دورتين، وهو نظام أكثر واقعية وأكثر تجسيدا لإرادة الناخب.

ويتابع: من جهة أخرى فإن موضوع السلطة المحلية بشكلها الحالى، لابد أن يكون محل قرارات عاجلة، بالنظر إلى الدور السلبى والسيئ، الذى تلعبه المجالس المحلية الحالية فى مسارات 25 يوليو، خصوصا أن الإخوان وحلفاءهم يسيطرون على النسبة الأكبر من هذه المجالس، والحل فى تصورى يكون بحل هذه المجالس، واستبدالها بمجالس مؤقتة تتولى تسيير العمل المحلى إلى حين توفر الظروف المناسبة لانعقاد انتخابات البلدية،‪ ‬كما أن المسالة الاقتصادية والاجتماعية، تستدعى بدورها خطوات عاجلة، خصوصا فى ظل المد والجزر، الذى يميز علاقة الدولة التونسية بصندوق النقد الدولى، وأمام وجود نقص كبير فى موارد الدولة، نتيجة التخريب الممنهج، الذى تعرض له الاقتصاد التونسى خلال العشرية السوداء.

ويقول مارس:‪ ‬إنه لا يمكن إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، دون إتمام مسار المحاسبة فى حق كل من أجرموا فى حق الشعب التونسى، خلال العشرية السوداء من إرهاب، وغسيل أموال، وتسفير الشباب لبؤر التوتر، والتمويل الأجنبى للانتخابات، إلى جانب تزويرها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: