أوضح الدكتور منير القادري رئيس مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام، أهمية الدعاء ومناجاة الله عز وجل، وكيف نظر الإسلام إليه؟ وما مدى الحاجة إليه؟ وما هي ثماره وفوائده ؟ وماهي شروط قبوله؟.
موضوعات مقترحة
وقال القادري: إن الدعاء وسيلة العبد الضعيف الملهوف، يتوجه بها إلى الله تعالى طلبا لإصلاح دينه ودنياه ، وأضاف أنه من أفضل العبادات الجليلة التي يتقرب بها الإنسان من الله عز وجل طلبا للعون منه وأن يشمله برحمته ولطفه في سائر أحواله وفي عاجله وآجله، وأنه طريق معرفة الله تعالى بالتذلل والخضوع، مذكرا بقوله تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} (سورة الأعراف، الآية:64) وبالحديث النبوي الشريف الذي رواه رواه النعمان بن بشير أنه صلى الله عليه وسلم قال: «الدُّعاءُ هوَ العِبَادَةُ ».
وأبرز رئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام، مقاصد الدعاء في الإسلام بأنه وسيلة لربط الإنسان بالله سبحانه وتعالى والتوجه إليه والاعتراف بين يديه بالذنوب، والتذلل إليه، وإظهار فقره ورغبته في إصلاح نفسه، وتعريفه بحقيقة ذاته وإشعاره بضعفه وحاجته إلى خالقة، مستشهدا بمجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة منها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «ليسَ شيءٌ أَكْرَمَ على اللَّهِ تعالى منَ الدُّعاءِ ».
وتابع خلال كلمته بفاعليات ندوة عقدتها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال في إطار فعاليات ليالي الوصال " ذكر وفكر "، موضحا أن يدفع البلاء لقوله صلى الله عليه وسلم:. «لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة » ، وقول ابن القيم: "الدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفع أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح الؤمن".
وذكر بعض شروط قبول الدعاء ومنها: أن لا يكون القلب خاليا أجوف، مذكرا بمجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة منها بقوله الله سبحانه وتعالى في هذا المعنى: { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (سورة غافر، الآية:14)، مفسرا الآية بقول الإمام المناوي: « أي لا يعبأ سبحانه بسؤال سائل غافل عن الحضور مع مولاه مشغوف بما أهمه من دنياه، والتيقظ والجد في الدعاء من أعظم آدابه ».
وبين القادري، أركان الدعاء وأجنحته وأسبابه وأوقاته انطلاقا مما جاء في تفسير القرطبي: « إن للدعاء أركان وأجنحة وأسبابا وأوقاتا فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه نجح» ، موضحا أن أركانه حضور القلب والرأفة والاستكانة والخشوع، وأجنحته الصدق ومواقيته الأسحار وأسبابه الصلاة على المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم.
كما فصَّل في بيان أسباب قبول الدعاء، ذاكرا منها: تحري المأكل الحلال وترك الذنوب وسيء الأفعال، وفعل الصالحات من الأعمال موردا مجموعة من أقوال السادة العلماء منها قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "التوَسُّلُ والتوَجُّهُ إلَى اللهِ وسؤَالُهُ بالأعمال الصالحة التي أمر بهَا هُوَ كدُعَاءِ الثلَّاَثَةِ الذين آووا إلى الغار بأعمالهم الصالحة، وبدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم، فهذا مما لا نزاع فيه، بل هذا من الوسيلة التي أمر الله بها في قوله تعالى:{ يَا أيُّهَا الذْينَ آمنوا اتَّقُوا اللهَ وابْتَغُواْ إليْهِ الوَسِيلَةَ}. (سورة المائدة، الآية:35.) ، وقوله سبحانه وتعالى: {أولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (سورة الإسراء، الآية:57) ".
واختتم مداخلته بالإشارة إلى أن المتأمل في غايات ومقاصد النبوة يجد أن التربية الروحية المتوازنة والمثمرة واللجوء إلى الله تعالى في السراء والضراء هي من المقاصد الجليلة والغايات الكبيرة التي يتوخاه ديننا الحنيف، موضحا أنها تربية تعنى بمعالجة القضايا الأخلاقية والتنمية الروحية للإنسان بتوازي مع معالجة مشكلات الحياة الأخرى لأن التنمية الروحية هي جوهر بناء الإنسان وأساس نهضة المجتمع بل هي مرجع العمران البشري في الأرض.