راديو الاهرام

باحثة بـ «تكنولوجيا الأغذية» تكشف عن علاجات ثورية لمرضى التوحد بتنظيم الغذاء فقط

9-8-2022 | 12:12
باحثة بـ ;تكنولوجيا الأغذية; تكشف عن علاجات ثورية لمرضى التوحد بتنظيم الغذاء فقططفل مصاب بمرض التوحد
حسن محمد
الأهرام التعاوني نقلاً عن

التوحد مرض حير العلماء فى علاجه، خصوصًا وأنه أحد الأمراض الاضطرابية العصبية والتى تؤدى إلى مشكلات تطورية ونمائية، ولكن مؤخرًا تم التوصل إلى طرق مبتكرة جديدة لعلاج مريض التوحد عن طريق الغذاء، وثبت من خلال التجربة بأن للغذاء ونوعه وكمياته نتائج إيجابية على تقدم مستوى شفاء الأطفال والبالغين من المصابين بهذا النوع، نظرًا لمراعاة وجود حساسية عند تناول بعض أنواع الطعام أو صعوبة فى تناول الطعام بشكل عام.

موضوعات مقترحة

على سبيل المثال، قد يرفض الأشخاص المصابون بالتوحد تناول الطعام ما لم يجلسوا فى نفس المكان على الطاولة، ويأكلون على نفس الأطباق، ويستخدمون نفس مفرش المائدة، ويأكلون نفس الأطعمة كل يوم دون تغيير، ومجرد تغير بسيط فى الروتين يمكن أن يسبب كمية هائلة من القلق أو الخوف لدى الطفل أو الشخص المصاب بالتوحد، ويمكن أن يؤدى فى كثير من الأحيان لرفض تناول الطعام.

تقول الدكتورة رحاب محمد أحمد إبراهيم، الباحث بقسم الأغذية الخاصة والتغذية فى معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية بمركز البحوث الزراعية، إن اضطراب التوحد من الإعاقات التى تحظى باهتمام الباحثين والمختصين، إذ إن تأثيره لا يقتصر على جانب واحد فقط من شخصية الطفل ذو الإعاقة بل يتجاوز ذلك ليشمل جوانب مختلفة منها المعرفي، والاجتماعى واللغوى والانفعالي، ولا يتوقف هذا التأثير عند هذا الحد بل يمتد ليشمل أسر هؤلاء الأطفال والمجتمع كله.

وتضيف أنه من بين الاضطرابات التى قد يصاب بها الطفل التوحدي، هى اضطرابات الأكل وإنتقاء الطعام، بحيث لا يأكلون إلا طعامًا له لون معين وملمس معين ومن ماركة محددة وهذه هى السمات الشائعة بين حالات التوحد، مشيرة إلى أنه نظرا لكون مرض التوحد حالة صعبة جدا ومستعصية ليس لها علاج شاف، يلجأ العديد من الأسر للحلول التى يقدمها الطب البديل. حيث أفادت بعض العائلات أنها حققت نتائج إيجابية فى تقليل الأعراض المصاحبة لمرض التوحد، وذلك بواسطة إتباع نظام غذائى خاص وعلاجات بديلة أخرى مثل الوجبات الخالية من الجلوتين والكازين.

وتوضح الدكتورة رحاب إبراهيم، أن أهم المؤشرات الإيجابية لتطبيق هذه الوجبات، والتى ظهرت على مجموعة من مرضى التوحد، ازدياد معدل التركيز والانتباه وتقليل النشاط الزائد والسلوك العدواني، وتحسن عادات تناول الطعام والنوم، وأن الحميات باتت من العلاجات البديلة لمريض التوحد ولو لفترة قصيرة، طالما أنه ليس هناك أى أثار جانبية قد تحدثها هذه الحميات إذا ما تم مراعاة موضوع البدائل الغذائية فى تغذية مرضى التوحد وسد أى نقص فى الاحتياجات الغذائية المختلفة.

وتؤكد أن التوحد مصطلح إغريقى من شقين الأول يعنى النفس أو ذاتى أو ذاتى الحركة، والثانى يعنى الحالة غير السوية أو غير المستقرة، ويعرف بالتوحد أن الشخص المصاب بهذه الحالة متوحد بخياله يعانى من ضعف الترابط الاجتماعى مع الغير، موضحة أن اضطراب طيف التوحد عبارة عن إعاقة فى التطور يتعلق بالنمو عادة، وتظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، خاصة بين الشهر 15-22 من العمر، حيث يفقد هؤلاء الأطفال وظيفة عصبية مكتسبة، مثل اللغة وغيرها من المهارات والقدرات التفاعلية، أى هو اضطراب فى التطور العصبى مرتبط بسلوكيات تقييدية أو متكررة وصعوبة فى التواصل اللفظى والشخصى بما فى ذلك انتقائية الطعام.

وتقول الدكتورة رحاب محمد إبراهيم، إن مرضى التوحد ليسوا على وتيرة ونمط سلوكى واحد، بل هم مختلفون فمنهم شديد التوحد ومنهم فى حالة اضطراب توحد أقل شدة، مضيفة أنه أعراض مرض التوحد تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من الحياة، ولديه التحيز بين الجنسين بنسبة 5 من الذكور إلى 1 من الإناث، وأن معدل الانتشار العالمى للمرض هو حوالى 1 ٪.

ولفتت إلى أن أعداد الأطفال المصابون بالتوحد تتزايد باستمرار، رغم كونه اضطراب نادر الحدوث، حيث أنه خلال عقد الثمانينيات كان يحدث فى 3-4 فى كل 10000 شخص، بينما التقديرات الحالية تشير إلى أن 10 إلى 15 من كل 10.000 طفل مصاب بالتوحد، وأن هناك طفل واحد من كل 88 طفل بالولايات المتحدة الأمريكية، يظهر شكل من أشكال ASD وفى فرنسا هناك 1/ 150 طفلا مصابا بالتوحد، وفى مصر هناك 1/ 160 طفلا مصابا بينما فى السعودية هناك 200-400 طفل مصاب بالتوحد فى العام.

أعراض التوحد

وتوضح الدكتورة رحاب محمد إبراهيم، أن الأعراض الأساسية لمرض التوحد، تتمثل فى خلل شديد فى الاتصال والوعى أو التفاعلات الاجتماعية فى اللغة والتواصل والخيال والمهارات، ووجود تقييدية والنماذج النمطية للسلوكيات والاهتمامات والأنشطة، مضيفة أن هناك بعض الاضطرابات السلوكية الأخرى، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل ونوبات الغضب والعدوان أو إصابة النفس.

العوامل المسببة لمرض التوحد

وتشير الدكتورة رحاب إبراهيم إلى أن هناك عوامل مسببة أولها «وراثية»، حيث تم إنفاق أكثر من مليار دولار على الأبحاث الوراثية الخاصة بالتوحد فى السنوات العشر الماضية، وقد وجد العلماء أن المئات من الجينات تلعب دورًّا فى الإصابة بالتوحد، وأنه لا يوجد جين واحد يمثل أكثر من 1-2 ٪ كسبب للتوحد. بينما تختتم معظم الدراسات الجينية أن كل سبب وراثى للتوحد يجب أن يعامل بشكل مختلف، وغالبا ما يرتبط التوحد مع عدد من الاضطرابات الوراثية مثل متلازمة دارون والصرع، وأن نسبة الوراثة فى التوحد تصل إلى 90 ٪ من الحالات، وأن معدل الإصابة فى التوائم أحادى الزيجوت من 36-96 ٪ مقابل 0-27 ٪ فى التوائم ثنائى الزيجوت.

وتضيف أن هناك «عوامل غير وراثية»، وهى عوامل مختلفة تشارك فى اضطراب طيف التوحد (ASD) مثل ضعف الاستجابات المناعية، التهاب العصبى غير طبيعي، الإجهاد التأكسدي، ضعف الميتوكوندريا، اضطرابات الغدد الصماء، الضغوط، التطعيمات، المواد المضافة للأغذية والسموم البيئية (الرصاص، الزئبق، مركبات ثنائى الفينيل متعدد الكلور، مبيدات الفوسفات العضوية، مبيدات الآفات العضوية، الزرنيخ)، عوادم السيارات، الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، ثنائى الفينيل متعدد البروم، الاثيرات والمركبات المشبعة بالفلور.

مشكلات أطفال التوحد

وتكشف الباحثة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، أن المشكلات التى يعانى منها أطفال التوحد، تتمثل فى مشكلات الجهاز الهضمى، مثل الإمساك، الإسهال، انتفاخ المعدة أو الارتجاع المعدى المرئ، فضلًا عن مشكلات سلوكيات الأكل أو الانتقائية الغذائية، موضحة أن 67 ٪ من الآباء قالوا إن الانتقائية الغذائية فى أطفالهم مرتبطة مع الملمس (69 ٪) والمظهر (58 ٪) والطعم (45 ٪) ورائحة (36 ٪)، أو درجة حرارة الطعام (22 ٪)، فضلا عن عدم الرغبة فى محاولة تجربة الأطعمة الجديدة (69 ٪)، ومجموعة محدودة من الأطعمة المقبولة (60 ٪). دراسات أخرى تشير إلى أن أكثر من نصف العينة (53 ٪) كانوا مترددين فى تجربة الأطعمة الجديدة، فى حين أفادا 83 ٪ من الآباء أن أطفالهم لديهم طعام محدود.

احتياجات غذائية

وتؤكد الدكتورة رحاب إبراهيم، أن هناك عدة نظريات غذائية متعلقة بالتوحد، أولها نظرية عملية الكبرته، ونظرية تسرب الأمعاء، ونظرية الأفيون الزائد، مؤكدة أن العلماء لاحظوا وجود نسبة عالية من نقص الحديد لدى الأطفال المصابين بالتوحد، وأن 69 ٪ من الأطفال فى عمر ما قبل المدرسة و35 ٪ من أطفال المدارس الذين يعانون من التوحد، يعانون من نقص الحديد، مشيرة إلى أن هذه النتائج مدعومة بدراسات محكمة من علماء وجدوا أن تناول الحديد كان أقل بكثير فى عينة من الأطفال الذين يعانون من التوحد أكثر من بالأطفال الطبيعين فى سن ما قبل المدرسة.

وتشير الباحثة إلى دراسات أكدت أن المتناول من الكالسيوم وفيتامين (د) أو كليهما، بالإضافة إلى الألياف الغذائية غير كافية فى أطفال التوحد، وأن دراسات أخرى أكدت أن الوجبات الغذائية اليومية للأطفال المصابين بالتوحد، تميزت بآثار منخفضة من الألياف الغذائية، الكالسيوم، البوتاسيوم والحديد وفيتامين (د)، ومستويات مفرطة من البروتينات (وخاصة من أصل حيواني) والصوديوم، والفوسفور، المغنيسيوم وفيتامين (أ).

كما لاحظت دراسة أخرى، وفقًا لمحدثتنا، انخفاض تناول فيتامين «د»، وكذلك B12 والبروتينات والكالسيوم، وأن المأخوذ من الطاقة الكلية والبروتينات والدهون والكربوهيدرات أعلى من تلك التى أوصى بها معهد الطب.

العلاج المتوافر

تؤكد الدكتورة رحاب إبراهيم، أنه لا يوجد علاج للتوحد حتى الآن، ولكن العلاج الموصى به يشمل علاجات تثقيفية «تعليمية»، مثل علاج النطق، وعلاج التكامل الحسي، علاج الكلام، والعلاج السمعى، مشيرة إلى أن الأساليب الحديثة لعلاج التوحد شملت العلاج غير الدوائى والدوائى مثل التدخلات الغذائية والمكملات الغذائية، وعلاج اضطرابات الجهاز الهضمى وإزالة السموم، وعلاج الالتهاب العصبي، والعلاجات المناعية والأدوية العقلية والتى وجدت لتكون فعالة فى علاج مختلف الأعراض السلوكية للتوحد.

أدوية تكميلية وبديلة

وتقول الباحثة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، إنه يجب أن يحتوى الغذاء المقدم لمرضى التوحد على فيتامين «C»، الذى يلعب دورا هاما فى مختلف وظائف الجسم وفى العديد من المسارات الأيضية، حيث تبين أن تناول حمض الأسكوربيك (فيتامين C) يؤدى لتقليل نشوء سلوكياتهم النمطية، فضلًا عن البيريدوكسين والماغنيسيوم، التى لها تأثيرات مفيدة لمرضى التوحد، والميلاتونين، وهو مفيد فى اضطرابات النوم فى المرضى الذين يعانون من اضطرابات النمو، فضلًا عن «البروبيوتيك»، حيث تتواجد فى بعض الأطفال المصابين بالتوحد، مستويات أعلى نسبيا من الكائنات المسببة للأمراض، وأن عديد من الدراسات ذكرت أن استخدام البروبيوتيك يوفر آثار مفيدة فى هذه الأطفال، حيث تشتمل البروبيوتك على سلالات تشكل استراتيجية لعلاج سلامة الأمعاء والغشاء المخاطي، كما أن لها تأثيرات مفيدة فى التخفيف من أعراض التوحد.

وتضيف أن الغذاء لا بد أن يحتوى على فيتامين «ب»، للحفاظ على الميثيلين الطبيعى ومضادات الأكسدة، كما أنه مهم فى دورة الميثيونين، حيث اقترحت عديد من الدراسات أن فيتامين «ب» مساعد فى مكافحة الإجهاد التأكسدى لدى أطفال اضطراب التوحد، فضلًا عن الأحماض الدهنية «أوميجا – 3»، وهى مكمل وبديل شائع الاستخدام فى العلاج الطبى (CAM) للتوحد، حيث وجد أن حوالى 27.8 ٪ من الأسر يستخدمون «أوميجا 3» لعلاج الطفل، وذكرت الدراسات المختلفة أن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم مستويات منخفضة من أحماض أوميجا 3 مقارنة بالأطفال الطبيعيين.

وتتابع الدكتورة رحاب إبراهيم، مؤكدة أن كل المرضى المصابين بالتوحد تقريبًا، يعانون من نقص الأحماض الدهنية الأساسية، وخاصة الأحماض الدهنية «أوميجا 3»، ورغم الآلية المحتملة لعمل «أوميجا 3» لتحسين أعراض ASD غير معروفة، لكن وجد أن النسيج العصبى يحتوى على تركيز عالى من حمض DHA (حمض الدوكوساهيكسانويك)، وأن هذه الأحماض الدهنية ضرورى للنمو وتطور الدماغ البشري.

ونوهت الباحثة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، بأن هناك مضادات للأكسدة مفيدة فى حالات التوحد، لأن التدخل الغذائى قد يكون استراتيجية مهمه لخفض الإجهاد التأكسدى فى مرضى التوحد، واتباع نظام غذائى مرتفع وتناول النباتات العضوية والفواكه والخضروات الطازجة مناسبة للحد من الإجهاد التأكسدى فى مرضى التوحد، مع استبعاد جميع المواد الغذائية التى تحتوى على القمح والشوفان والشعير، كذلك لا يجب تناول أيُ من منتجات الألبان مثل الحليب، اللبن الزبادي، الجبن، الزبدة، القشدة أو الآيس كريم وغيرها. وختمت حديثها مؤكدة أن الأغذية المسموحة لطفل التوحد، هى الفواكه الطازجة والمجففة والخضروات الطازجة والبطاطس والبطاطا والذرة والأرز والفاصوليا واللحوم والدجاج والأسماك.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة