<ul> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">رأيتها قبل أيام من وفاتها على كرسي متحرك أمام العمارة سلمت عليها بحرارة وأخذت أمازحها، شعرت بمدى المعاناة الصحية التي تمر بها، شعرت أنه آخر لقاء لنا على الأرض، دخلت المستشفى فالعناية المركزة فجراحات ثم ماتت، كانت تعاني من أمراض عدة تحتاج صبر الجبال.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">إنها جارتنا الغالية رمز الإحسان والرحمة الحاجة/ هناء السحراوي، التي تعد نموذجًا رائعًا وفذًا للمرأة المصرية التي تعطي بغير حساب ولا تردد ولا منَّ ولا أذى.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">لم تترك هذه السيدة صنفًا من الخلائق إلا وأحسنت إليه أحسنت للأيتام والمرضي الفقراء والأرامل حتى القطط والعصافير دخلت في منظومة إحسانها تلخصت حياتها بكلمتين "ذكر الحق سبحانه، والإحسان للخلق".</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">قبل أن تسكن في عمارتنا إلي جوار ابنها الأستاذ الجامعي كانت لها شقة واسعة ربت فيها 20 قطة، أما في شقتها الحالية فظلت 13 عامًا تضع الحبوب للطيور يوميًا وتتبنى قرابة 30 طائرًا يفدون إلي بلكونتها، كانت تتأمل هذه الطيور يوميًا وتفحص طباعهم وتتأمل أخلاقهم.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كان هناك طائر شرس ينزل للطعام فيتركه الجميع وحده إما خوفًا أو كراهية، وترى البعض الآخر يتشارك سويًا في حب وصفاء وزقزقة، أدركت أن البغي والعدل والحب موجود حتى في دنيا الطيور الرقيقة، كانت تراقبهم من خلف الزجاج.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كانت تشرف على إحدى دور الأيتام بالإسكندرية لسنوات طويلة تبدأ باليتيم صغيرًا حتى تدخله الجامعة، كانت تهتم بكل شئونهم، تغذيه، ملابس وخاصة قبل المدارس وفي الأعياد، الكتب والكراسات، الشنط، كل ما يحتاجه اليتيم في الدار تفكر فيه وتجهزه مسبقًا.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كانت لا تختار لهم إلا أجود الطعام والملابس، وتعطي سائق الدار طعامًا وكساءً مثلهم.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كان الأيتام في الدار ينادونها "ماما هناء" كانت أمًا للجميع، للقريب والبعيد، كانت تهتم بالمرضي الفقراء دائمًا، كل من يحتاج لعلاج تحضره لهم، كانت ترسلهم لأقاربها ومعارفها من الأطباء ليهتموا بهم ويحلوا مشكلاتهم الطبية بأيسر سبيل.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">تعلمت من زوجها الإصلاح بين الناس عامة والأزواج خاصة، ولم تتركه بعد وفاته، كانت توصي الجميع بالجنوح للسلم في حل مشكلاتهم، تكره الطلاق وتحب لم الشمل وإصلاح ذات البين.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">تعرضت في حياتها لصعوبات جمة كان أشدها على نفسها وفاة ابنتها بعد صراع طويل مع سرطان المخ، ظلت معها شهورًا في مستشفى المعادي، ما بين جراحات وعناية مركزة وغيرها، سنوات وهي ترعاها حتى توفيت فكسرت قلب والديها، ثم توفي زوجها بعدها بتسع سنوات فعاشت علي ذكراهما في حزن لا حد له.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كان بيتها مفتوحًا للجميع، عامل النظافة يفطر معها، الأحفاد والأولاد والأشقاء وأولادهم، الجميع يتحلق حولها.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كان لا يمر يوم إلا وشقيقها الضابط الكبير بالمعاش يزورها وشقيقها الآخر وشقيقتها كذلك، إنها محور الأسرة، بائعة المخلل في الشارع تأتي أحيانًا لتفطر معها، تنزل الطعام لأفراد الأمن في العمارة، أحفادها وأولاد أحفادها في حالة إقامة شبه دائمة في الإجازات والعطلات.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كانت مسئوله تمامًا عن كل أحفادها، تعليمًا وتربية وتثقيفًا وتوجيهًا وانضباطًا، كانت بالنسبة لهم مثل القائد العسكري الرحيم.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">عندما تزوج الأحفاد كانت ترسل لهم مثلما ترسل لأبنائها أكياس الخضار، والطماطم، والصلصة الجاهزة والثوم والبصل لأنهم موظفون، وكل كيس تكتب عليه كلمات رقيقه، إلي العروسة الجميلة فلانة إذا كانت حديثة الزواج، إلى الدكتورة فلانة، إلى ابني الغالي د/أسامة بالهنا والشفا.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">ربت معظم أشقائها بعد وفاة والدتهم، كان أشقاؤها يعدونها أمهم لا أختهم، كانت لا ترد سائلًا، كان لها معروف عظيم يغلفه الستر فلم يعرف تفاصيله أحد من أسرتها إلا ما عرفوه صدفة أو بعد موتها.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">سرقها بعض الذين أحسنت إليهم فلم تقبل أن تعاقبهم أو تسجنهم أصرت على العفو عنهم، ولكنها كانت تحزن بعمق لصنيعهم.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كانت كثيرة العبادة والذكر والدعاء كان من أهم دعواتها لأسرتها "يكفيكم شر الطريق والمستخبي"، ربنا يسهلكم الطريق، ربنا لا يرقد لكم جسدًا يا أولادي وأحفادي، ربنا ما يحوجك لأحد أبدًا، ربنا يقويك على أولادك، ولمن كان في عمل مؤقت "ربنا يرزقك بعمل ثابت"، ربنا يهديهم هداية الصالحين "وذلك لأحفادها" ودائمًا ما تضيف ولا أحد من أمة النبي الصالحين، كان أجمل ذكر لديها "يا ودود يا مجيد برحمتك نستغيث"، تقرأ القرآن بعد الفجر يوميا.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كانت تشتري الخبز من الفرن للأسرة وتوزعه عليهم في أكياس مكتوب عليها كلمات جميلة.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">شاركت في مشروع سقيا الماء بإحدى قرى الهند الفقيرة ظن البعض هناك أنها متوفاة وعجبوا لحياتها على غير المألوف في مثل هذه الصدقات، وذلك حينما كتب البئر باسمها دون لقب المرحومة.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">أدارت من قبل مشروعًا خيريًا لتعليم الفتيات اليتيمات والفقيرات حرف الحياكة والتطريز، كانت تبيع إنتاجه وتوزع الأرباح عليهم.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كان توزيع أكياس رمضان ولحوم الأضاحي شيئًا مقدسًا لديها، لم تتركه أبدًا حتى ماتت، أسرتها الكبيرة من الأشقاء والأبناء والأحفاد لديهم عزيمة كبيرة علي صنع كل ما كانت تصنعه بدءًا من الإصلاح بين المتخاصمين ورعاية الأيتام وصلة الرحم والبيت المفتوح للجميع وانتهاء بطعام الحمام اليومي، هذه كانت وصاياها.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">كانت تكرم كل الناس، دائمة الابتسام رغم جديتها ودقتها، توجه بطريقة رقيقة، تدعو وتشجع.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">حينما اشتد بها المرض كانت تقبل يديها وجهًا وظهرًا قائلة "الحمد لله" عمق الحمد وشكر الله لدى الشعب المصري في أجياله القديمة لا حدود له ولا تعرفه هذه الأجيال التي لا تمل من الطلب ولا تعرف قيمه عبادة شكر الله ثم الناس.</span></li> <li dir="RTL"><span style="font-size:18px;">رحم الله"ماما هناء" رحمة واسعة، وخالص العزاء لأسرتها. </span></li> </ul>