Close ad

أسواق الطاقة تحدد مصيره.. ‪الحرب الروسية - الأوكرانية سبب أزمة اليورو

3-8-2022 | 20:38
أسواق الطاقة تحدد مصيره ‪الحرب الروسية  الأوكرانية سبب أزمة اليوروصورة أرشيفية
ميرفت فهد
الأهرام العربي نقلاً عن

قبل أيام قليلة، حدث أمر نادر فى أسواق الفوركس: لأول مرة منذ عقدين من الزمن، حقق اليورو التكافؤ مع الدولار الأمريكي، فقد أدى الانهيار الملحمى لليورو إلى إضعافه بنسبة 12 ٪ تقريبا منذ بداية العام مقابل الدولار، مما يضعه فى طريقه لواحد من أسوأ الأعوام فى تاريخه الممتد 23 عاما، حيث أدت حرب روسيا على أوكرانيا إلى تفاقم أكبر أزمة طاقة عالمية فى العصر الحديث‪.‬

موضوعات مقترحة
الفوركس عبارة عن تحويل عملة إلى أخرى، ويعتبر واحدا من أكثر الأسواق المتداولة نشاطا فى العالم، حيث يبلغ متوسط حجم التداول اليومى 5 تريليونات دولار‪.‬

يتم تحديد سعر اليورو حاليا عند 1.01 دولار كانت آخر مرة انخفض فيها اليورو - ثانى أكثر عملة احتياطى شعبية فى العالم بعد الدولار - إلى هذه المستويات فى عام 2015، بعد أن أطلق البنك المركزى الأوروبى العنان لحافز ضخم، لكن المحللين يحذرون من أنه قد يزداد سوءا بالنسبة لليورو، حيث من المحتمل أن يؤدى المزيد من الاضطرابات فى إمدادات الغاز الطبيعى فى القارة، إلى انخفاضها إلى 0.90 دولار، للأسف بالنسبة لليورو، فإن روسيا هى التى تحمل مصيرها بأيديها فى هذا المنعطف‪.‬

وجاء أحدث هزيمة لليورو بعد إغلاق تدفق الغاز عبر خط أنابيب نوردستريم 1 الروسى لمدة 10 أيام للصيانة مما أدى إلى قطع تدفق الغاز الطبيعى من روسيا إلى ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبى الأخرى، ومع ذلك هناك مخاوف من أنه إذا قررت موسكو تمديد الإغلاق، فإنها ستجبر ألمانيا - بالفعل فى المرحلة الثانية من خطة الغاز الطارئة ثلاثية المستويات - على تقنين الوقود وفرض مزيد من الضغط على اليورو. تعتبر جى بى مورجان، وهى واحدة من أقدم المؤسسات المالية فى العالم التوقف الكامل لتدفقات الغاز الروسى إلى ألمانيا هو السيناريو الأسوأ، وفى هذه الحالة قد ينهار اليورو إلى 0.90 دولار‪.‬
وقال كريستيان كيلر، رئيس البحوث الاقتصادية فى باركليز لرويترز: “إذا لم تتم إعادة فتح خط أنابيب الغاز الذى أغلق لمدة 10 أيام، وحصلنا على المزيد من ترشيد الغاز، فى هذه الحالة ربما لم نشهد أضعف مستويات اليورو.‪ ‬
بدأت تكاليف الطاقة المتصاعدة بالفعل فى إلحاق خسائر فادحة بالاقتصادات الأوروبية، أبلغت ألمانيا، الاقتصاد الرائد فى المنطقة، عن أول عجز تجارى لها منذ عام 1991، مع عودة معنويات المستثمرين إلى أدنى مستوياتها‪.‬

وفقا لـ “بى. إن. بى. باريبا”، وهى مجموعة بنكية عالمية فرنسية مقرها الرئيسى فى باريس، ولديها مقر آخر عالمى فى لندن، يميل اليورو إلى المعاناة أكثر من العملات المتقدمة الأخرى فى أوقات أزمات الطاقة، حيث انخفض بمعدل 4.5 فى المئة خلال هذه الأوقات، يشير هذا إلى أن صدمات الطاقة المستمرة أسوأ بكثير من المتوسطات التاريخية‪.‬
ولكى نكون منصفين، من المحتمل أن تلعب العوامل الفنية وأسواق الخيارات دورا كبيرا فى إملاء مسار اليورو على المدى القصير فى الوقت الحالي، أفادت رويترز أن الخيارات التى تتراوح قيمتها بين مليار دولار و 1.5 مليار دولار تنتهى الأسبوع المقبل، وهناك مخاوف متزايدة من أن التكافؤ المستمر مع الدولار سيؤدى إلى طلبات بيع المزيد من اليورو، مما قد يرسله إلى 0.95 دولار، لكن هذا له علاقة إلى حد كبير بارتفاع أسعار الطاقة إلى جانب التضخم الجامح‪.‬
‪وتوقع محللون اقتصاديون أن يؤدى وقف الإمدادات الروسية إلى ارتفاع أسعار الغاز بشكل كبير فوق المستويات الحالية التى تبلغ نحو 170 يورو لكل ميجاواط/ ساعة، ويرى المحللون أن اليورو ينخفض إلى 0.98 دولار إذا وصل سعر الغاز إلى 200 يورو، و 0.95 دولار إذا ارتفعت أسعار الغاز إلى 250 يورو. و لا يتوقعون أن يأتى البنك المركزى الأوروبى هذه المرة لإنقاذ اليورو‪.‬

من الناحية النظرية، يمكن للبنك المركزى الأوروبى أن يخفف بعض ضغوط البيع على اليورو عن طريق بيع الدولار لدعم العملة، كما حدث فى عام 2000 عندما انهار اليورو إلى 0.83 دولار. ومع ذلك، فقد أشار بالفعل إلى عدم الرغبة فى التدخل المباشر، ربما بسبب حقيقة أن سعر الصرف الحقيقى لليورو لا يزال أعلى بكثير مما كان موجودا فى المرة الأخيرة، التى وصل فيها التعادل بين اليورو والدولار فى عام 2002‪  
لحسن الحظ، قد تكون أوروبا قادرة على تجنب الانهيار الكامل بفضل انخفاض أسعار النفط، على مدار الأسبوعين الماضيين، تباطأ ارتفاع أسعار النفط إلى حد كبير، حيث يحوم النفط الخام حاليا عند 100 دولار/ برميل من أعلى مستوياته الأخيرة عند 120 دولارا/ برميل إلى حد كبير بسبب مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي‪.‬
كما أن المخاوف من المزيد من تدمير الطلب على الأسواق تلقى بثقلها على الأسواق، بعد أن بدأت شنغهاى وبعض المدن الصينية الأخرى فى سن قيود جديدة لتتراوح من إغلاق الأعمال إلى عمليات الإغلاق الأوسع، فى محاولة للسيطرة على انتشار أحدث متغير كوفيد19‪ -  
أدت عمليات البيع الأخيرة إلى تمديد سلسلة الخسائر لقطاع الطاقة، ودفعته إلى منطقة هابطة للمرة الأولى منذ شهور، لقد عكس أيضا اتجاها حديثا، حيث كان القطاع يتفوق على جميع قطاعات السوق العشرة الأخرى إلى وضع يكون فيه أداء ضعيف لكل شيء تقريبا.

كانت عمليات البيع عميقة للغاية، لدرجة أن الأسعار انهارت على طول منحنى العقود الآجلة. على سبيل المثال، انخفض خام برنت فى ديسمبر 2023 بنسبة 8.8% ، ليتداول عند أدنى مستوى له منذ مارس الماضى تقريبا مثل الأسعار القريبة. كما فسر خبراء السوق هذا التراجع أنه إشارة إلى أن بعض منتجى النفط يبيعون عقودا طويلة الأجل للتحوط من إمداداتهم، على الرغم من أن هذه الأحجام كانت متواضعة إلى حد ما حتى الآن، فإنها لا تزال قادرة على مضاعفة الضغط على العقود الآجلة القريبة.
لم يساعد الدولار القوى أيضا أسعار النفط والسلع، حيث لا تزال العملة الرئيسية هى الملاذ الآمن المفضل فى العالم خلال هذه الأوقات المضطربة، كما كشف بعض خبراء الأسواق عن أن ارتفاع الدولار أدى إلى هبوب رياح معاكسة أمام أسعار السلع.

الأخبار السيئة للمضاربين على ارتفاع أسعار النفط هى أن هناك القليل من الراحة فى الأفق، حيث أظهرت أحدث البيانات أن تضخم فى الولايات المتحدة قد وصل إلى 9.1% فى يونيو، وهى أعلى قراءة منذ عام 1981، مرة أخرى تجاوزت التوقعات ورفع الاحتمالات. سيواصل بنك الاحتياطى الفيدرالى نظام رفع سعر الفائدة العدواني.
قد تكون هذه أخبارا جيدة للاقتصاد الأوروبى، حيث إن ارتفاع أسعار الطاقة هو السبب الرئيسى فى سوء حالة الاقتصاد فى الواقع، توقع مجلس المؤتمر أن الناتج المحلى الإجمالى فى منطقة اليورو سيستمر على الأرجح فى التوسع فى النصف الثانى من عام 2022 وفى عام 2023، للهروب من الركود على الرغم من الرياح المعاكسة الناتجة عن الحرب الروسية - الأوكرانية‪ .‬

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة