معظم دول أوروبا تعلن حالة الطوارئ وتحذر السكان باللون الأحمر
موضوعات مقترحة
حريق «ديكسى» في أمريكا يدمر مدينة جرينفيل بالكامل ويعد الأكبر في تاريخ الولاية
تقف كثير من دول العالم عاجزة هذه الأيام أمام التقلبات الجوية العنيفة وغير المعتادة، وخصوصا قارة أوروبا التى تشهد موجة غير مسبوقة فى درجات الحرارة واشتعال الحرائق بالغابات، مما دفع معظم دولها إلى إعلان حالة الطوارئ، وعلى الجانب الآخر من أوروبا تشهد بعض الدول أعاصير وسيولا وفيضانات غير المعتادة فى هذا الوقت من كل عام أودت بحياة مئات الأشخاص وتسببت فى تشريد الملايين.
تتعرض القارة الأوروبية لموجات حر شديدة متلاحقة منذ مطلع فصل الصيف الجارى، وسجلت درجات الحرارة ارتفاعات قياسية بلغت 40 درجة مئوية فى دول مثل ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وأيرلندا والتى لم تشهد صيفا مثل هذا من قبل، ولم تجد هيئة الأرصاد الجوية البريطانية مفرا من إعلان حالة الطوارئ المناخية وتحذير السكان باللون “أحمر” وهو مصطلح يعنى أن هناك خطرا يتهدد حياة الناس، مع اضطراب كبير فى السفر وإمدادات الطاقة وربما أضرار واسعة على الممتلكات والبنى التحتية”.
كما شهدت المستشفيات هناك زيادة فى حالات الدخول المرتبطة بالإجهاد الحراري. فى حين تسببت الحرارة المرتفعة لأكثر من 45 درجة فى اشتعال النيران بغابات فرنسا والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا واليونان، وتركيا، وروسيا، وتدمير مساحات شاسعة من الأراضى وإخلاء الآلاف من منازلهم، وأجبرت العديد من المصطافين هناك على قطع إجازاتهم والعودة إلى المنازل.
كما تواجه مناطق فى شمال إيطاليا خطر فقدان حتى نصف إنتاجها الزراعى نتيجة الجفاف، فى خضم درجات حرارة شديدة الارتفاع تجتاح أوروبا. وأرجع العلماء فى مراكز الأبحاث الأوروبية تلك الظواهر الجوية إلى أنها ناجمة عن الاحتباس الحراري، وأن السنوات المقبلة قد تشهد ظواهر مناخية أكثر حدة.
كما تشهد العديد من دول قارة آسيا موجة من الطقس السيئ أبرزها فى فيتنام والفلبين وإندونيسيا وسجلت الحرارة أخيراً فى كل من الهند وباكستان 51 درجة مئوية محطمة الأرقام القياسية، بينما فى بنجلادش، تسببت الفيضانات فى تشريد عشرات الآلاف من السكان وتدمير المحاصيل الزراعية وباتت البلاد تعانى نقصا حادا فى الغذاء. وبحسب الأمم المتحدة، إن أكثر من 1.5 مليون طفل فى البلاد يتهددهم خطر متزايد للإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، إضافة إلى الغرق وسوء التغذية بسبب الفيضانات.
كما تواجه دولة اليابان منذ مطلع الصيف الجارى أسوأ موجة حر منذ بدء التسجيل فى عام 1875، حيث زادت درجة الحرارة عن 36 درجة مئوية، وحذرت السلطات هناك السكان من أن إمدادات الكهرباء لا تزال تعانى الضغوط وطالبتهم بترشيد الاستهلاك لتجنب انقطاع التيار. كذلك تعانى المستشفيات من ارتفاع الحالات المصابة بضربة شمس.
أما فى الصين فقد تعرضت عشرات المدن الصينية لحرارة شديدة تسببت فى ذوبان أسطح المبانى وهبوط الطرق ودفعت الناس للفرار إلى الملاجئ تحت الأرض بحثاً عن البرودة، حيث رفعت 68 مدينة، بما فى ذلك شنغهاى مستوى التحذير إلى اللون الأحمر، وهى الدرجة الأعلى فى نظام التحذير من الموجات الحارة الذى يتألف من ثلاث درجات. ومنذ أن بدأ حفظ السجلات فى عام 1873، لم تتعرض شنغهاى لدرجات حرارة أعلى من 40 درجة مئوية إلا فى 15 يوما فقط. فى حين تعرضت أجزاء أخرى من دولة الصين، لفيضانات عارمة ناجمة عن هطول أمطار غزيرة.
وتعانى قارة إفريقيا هى الأخرى من ظواهر مناخية أكثر حدة، حيث تشهد دول شرق القارة لاسيما منطقة القرن الإفريقى موجة من الجفاف الممتد بسبب سقوط مياه الأمطار فى المحيط الهندى قبل وصولها لليابسة، ما تسبب فى أزمات غذائية للسكان هناك، كما تعانى دول جنوب الصحراء الكبرى ووسط أو غرب إفريقيا من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة. كما تشهد دول مثل الجزائر المغرب ارتفاعا كبيرا فى درجات الحارة واشتعال الحرائق المدمرة بالغابات. كما تشهد سلطنة عمان واليمن من تزايد وتيرة الأعاصير الموسمية القادمة من المحيط الهندى.
وفى أمريكا تعانى عدد من الولايات الأمريكية أبرزها «نيو مكسيكو» من ارتفاع غير مسبوق فى درجات الحرارة، واشتعال الحرائق والتى دمرت مساحات شاسعة من الأراضى، وأتت النيران هناك على أكثر من 341 ألف فدان. كما اشتعلت النيران فى مناطق شاسعة من الساحل الغربى لولاية كاليفورنيا، ويعد حريق «ديكسي»، الذى دمر مدينة جرينفيل بالكامل، ثانى أكبر حريق فى تاريخ الولاية.
كذلك تعانى دول قارة أمريكا الجنوبية لاسيما بوليفيا من أن حرائق الغابات بدورها ستدمر مساحات كبيرة من الغطاء الأخضر على كوكب الأرض وذلك سيؤدى إلى نتائج أكثر تدميراً على المناخ وتقلباته الأكثر حدة.
فى حين أشار تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وقاعدة بيانات الموارد العالمية – أريندال، إلى أنه من المتوقع أن يؤدى تغير المناخ وتغير استخدام الأراضى إلى زيادة تواتر اندلاع حرائق الغابات وشدتها، مع زيادة عالمية فى الحرائق الشديدة بنسبة تصل إلى 14 % بحلول عام 2030، وإلى 30 % بحلول نهاية عام 2050 وإلى 50 % بحلول نهاية القرن.
ومنذ مطلع الألفية الجديدة والعالم يعانى من تفاقم الكوارث الطبيعية المرتبطة بأزمة المناخ بصورة غير مسبوقة حيث أودت موجات الجفاف والفيضانات، بحياة نحو 410 آلاف شخص فى العقد الماضى. ووفق ما تؤكده دراسة صادرة عن «معهد ستوكهولم للبيئة» أن العالم عند نقطة الغليان، فى ظل الارتفاع المستمر الذى تسجله انبعاثات غازات الدفيئة العالمية ووصولها إلى مستويات قياسية فى الغلاف الجوي، وتزداد سوءاً، ودعت الدراسة دول العالم إلى العمل معاً من أجل مستقبل يتضمن حماية البيئة وخفض الانبعاثاث الحرارية والالتزام بالحياد الكربونى.