Close ad

الثروة الحيوانية في العالم العربي.. موارد وفيرة واستثمارات ضخمة

3-8-2022 | 18:05
الثروة الحيوانية في العالم العربي موارد وفيرة واستثمارات ضخمةصورة أرشيفية
سلوى سيد
الأهرام العربي نقلاً عن

في كل عام يذبح المسلمون حول العالم ملايين الأضاحى، من المواشى والأغنام إحياءً للسنة النبوية، هذه الماشية بأنواعها هى ثروة بأيدى دول، وهدف مكلف لدول أخرى، وتؤدى دوراً مهماً فى تحقيق الأمن الغذائى والتغذية وفى اقتصادات الدول.
يبلغ عدد الماشية فى العالم نحو مليار رأس فى عام 2022، الذى يشهد ارتفاعًا من نحو 996 مليونًا فى عام 2021، بحسب موقع الإحصاءات العالمى “Statista”. هذا العدد الهائل تستفيد منه الدول عبر صادرات تستحوذ على حصص رئيسية، من إجمالى صادرات اللحوم حول العالم، وعلى رأس تلك الدول البرازيل كأكبر الدول المصدرة للحوم على مستوى العالم فى عام 2020، تليها أستراليا فى المركز الثانى، ثم الولايات المتحدة حلت ثالثة.
على المستوى العربى، تتنافس الدول العربية فى تعزيز ثروتها الحيوانية لتحقيق الاكتفاء الذاتى أولاً، وللتصدير للخارج والمنافسة على كعكة أكبر المصدرين عالمياً.
ووصلت كل من السعودية والإمارات، إلى مستوى متقدم بفضل الاستثمارات الضخمة فى قطاع الإنتاج والصادرات الحيوانية، فيبلغ حجم ما تملكه المملكة العربية السعودية من الأبقار فقط 400 ألف رأس، بينما تملك إحدى الشركات السعودية، ما يقارب 13 ألف رأس من الأبقار وتنتج تقريباً 275 ألف لتر من الحليب يومياً، أما الإمارات العربية المتحدة، فتملك 3.75 مليون رأس من الأبقار، ويتراوح إنتاج البقرة الواحدة ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف لتر سنوياً، وأصبحت تلك المعدلات هدفاً لكثير من الدول العربية الأخرى، تسعى للوصول إليها بل وتخطيها عبر إستراتيجيات واعدة.
تبنت منذ عام 2014، خططا قوية لدعم قطاع الإنتاج الحيوانى بهدف تلبية جميع احتياجات السوق المحلى وخفض الأسعار، وكذلك توفير فرص عمل للشباب، إلى جانب تقليل فجوات الاستيراد، كان من بين أبرز التحديات التى تواجهها الدولة، عدم وجود قاعدة بيانات عن توزيع الثروة الحيوانية فى المحافظات المختلفة، وقلة وجود المراعى الطبيعية، وارتفاع أسعار الأعلاف العالمية ومكوناتها، وتنامى ظاهرة التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة عدد السكان.
وفى طريق الوصول إلى ما تم تحقيقه اليوم من إنجازات، عملت وزارة الزراعة على إنشاء قاعدة بيانات، عن توزيع الثروة الحيوانية فى المحافظات المختلفة، بالإضافة إلى التوسع فى المشروع القومى للبتلو، الذى بلغ إجمالى التمويل الممنوح لصغار المربين والمزارعين فى إطاره أكثر من 7 مليارات جنيه، استفاد منه أكثر من 41 مربيا صغيرا بعدد رؤوس بلغت 461 ألف رأس لكل محافظات الجمهورية.
لم تقف الوزارة عند هذا الحد، فقامت بتطوير مراكز تجميع الألبان وأيضاً مزارع الإنتاج الحيوانى التابعة لوزارة الزراعة، إلى جانب إجراء تحسين وراثى وتوفير سلالات محسنة، مع توفير الرعاية البيطرية التى تضمن صحة وسلامة الحيوانات.
وجاء وضع خريطة توزيع الثروة الحيوانية، بهدف تحديد أماكن تمركز السلالات المحلية والمستوردة وتحديد احتياجاتها، مع رسم خريطة الاحتياجات من الرعاية البيطرية من الأمصال واللقاحات، وتحديد احتياجات صغار المربيين الأولى، بالرعاية فى القرى وتوابعها سواء من الخدمات التمويلية أم التأمينية، مع تنمية أساليب الرعاية والتربية، بهدف مساعدتهم على زيادة الإنتاجية، وتحسين دخولهم لتحقيق حياة كريمة.
ويعتبر “تحسين السلالات”، من أهم الملفات التى عملت عليها الدولة، حيث ضع خطة استهدفت رفع مستوى إنتاجية الرؤوس المحلية من اللحوم والألبان، ورفعت كفاءة بعض الوحدات البيطرية ودعمتها بالأجهزة اللازمة، وتطوير مراكز التلقيح الاصطناعى التابعة للوزارة وتوفير احتياجاتها من الأجهزة اللازمة، وتجهيز أكثر من 630 نقطة تلقيح اصطناعيا جديدا فى القرى بهدف الوصول إلى صغار المربين، وتدريب وإعداد ملقحين اصطناعيين وإكسابهم الخبرات اللازمة، لنشر الوعى والإسراع فى تنفيذ الخطة.
كل تلك الجهود لابد، أن يتماشى معها تقديم تدريب لصغار المربيين على برامج التغذية والرعاية، بما يتناسب مع نوعية السلالات والغرض من التربية، وبلغ عدد الحالات المستفيدة من هذا البرنامج أكثر من 2.6 مليون جرعة أعطت نتائج إيجابية لأكثر من مليون رأس، خلال الفترة من 2020 حتى الآن، وكشفت نتائج المتابعة حدوث تغيربالفعل فى صفات الولادات من السلالات المحلية.
تم هذا بالتزامن مع استيراد سلالات عالية الإنتاجية، حيث تم تشجيع صغار المزارعين على إحلال سلالات الأبقار عالية الإنتاجية، من الألبان واللحوم محل السلالات المحلية، وبلغ عدد الرؤوس المستوردة أكثر من 35 ألف رأس ذات إنتاجية عالية منذ أوائل 2020 حتى الآن.
كما تم منح قروض ميسرة بقيمة 10 مليارات جنيه، لدعم محاور تنمية الثروة الحيوانية، وتحسين مستوى معيشة هؤلاء المربيين وزيادة دخولهم. خلال السنوات الثمانى الأخيرة، شهدت مصر تطوراً ودعماً غير مسبوق لقطاع الزراعة باعتباره أولوية أولى للدولة تمكنها من توفير الغذاء الآمن والصحى والمستدام.
السودان.. كنز كبير
يعتبر السودان ثروته الحيوانية، بمثابة الكنز الذى يؤمن له احتياجاته الداخلية ويعول عليه كأحد أهم أركان الاقتصاد فى البلاد، وتتراوح مساهمة الثروة الحيوانية فى الدخل القومى السودانى، بين 15% - 20%، فيما بلغت قيمة صادراته من الثروة الحيوانية نحو 605 ملايين دولار فى عام 2021، وبلغت عائدات صادرات الثروة الحيوانية والسمكية خلال الفترة من يناير، حتى إبريل من العام الحالى 2022 نحو 83.7 مليون دولار.
بينما سجلت صادرات الماشية الحية، فى الشهور الأربعة الماضية من العام الجارى نحو 473.2 ألف رأس منها 386 ألفاً من الضأن، و2593 ماعزاً و42.6 ألف من الأبقار، و42.4 ألف من الإبل، بالإضافة إلى تصدير 5.4 ألف طن من اللحوم و398.1 ألف قطعة من الجلود.
تلك الأرقام الجيدة، جاءت رغم التحديات التى يواجهها السودان وتقف عائقاً أمامه لدفع مزيد من النمو فى هذا القطاع، بسبب ضعف البنى التحتية للمحاجر البيطرية بشقيها، فضلاً عن بعض المشكلات فى المعامل البيطرية، وعدم وجود مسالخ حديثة تقدم منتجات لحوم متوافقة مع المعايير والاشتراطات الخاصة بالتصدير، الأمر الذى يمكنها من خفض الصادر الحى بإضافة قيمة مضافة للصادرات.
ولا يوجد معمل حديث فى السودان كمرجع لثروة الحيوانية، سوى معمل “سوبا” وهو المعمل الوحيد فى البلاد، ولم يحظ بأى تطوير منذ تأسيسه عام 1972، وعلى الرغم من كل تلك التحديات، فإن وزارة الزراعة السودانية لديها خطة تطوير، تستهدف من خلالها زيادة الإنتاج والتصدير وفتح أسواق جديدة للتصدير فى الخليج، وآسيا وأوروبا خلال العام الحالى.
وفى عام 2021، كانت السعودية فى صدارة أكبر الدول المستوردة من السودان، حيث صدرت إليها أكثر من 90% من إجمالى صادراتها الحيوانية، لتتمكن من الوفاء بالالتزامات الموسمية لموسم الأضحية فى المملكة.
وتعتبر مصر وقطر، إلى جانب السعودية، أكبر المستوردين للحوم السودانية الحية، كما أن لها مكانة مميزة فى الأسواق الخليجية، والعربية والصين، ويأتى السودان فى المركز السادس عالمياً من حيث تعداد الثروة الحيوانية فى عام 2020.
وبحسب آخر الإحصاءات، يقدر حجم أعداد حيوانات الغذاء بها - أبقار - أغنام - ماعز - إبل - بنحو 103 ملايين رأس (30 مليون رأس أبقار، و37 مليون رأس أغنام، و33 مليون رأس ماعز، و3 ملايين رأس من الإبل)، إضافة إلى 4 ملايين رأس من الفصيلة الخيلية.
شهدت الإمارات طفرة فى حجم الثروة الحيوانية، نتيجة استخدامها أحدث التقنيات فى التربية، والخدمات البيطرية والإنتاج والتصدير، فنمت خلال العام الماضى، وحده نحو 8% كان 70% منها فى إمارة أبو ظبى بحسب تقديرات وزارة التغير المناخى، والبيئة الإماراتية.
ووصلت أعداد قطعان الماعز والأغنام، حتى الآن إلى نحو 5 ملايين رأس، فيما سجل عدد رؤوس الإبل 450 ألفاً، وأوضح المركز الاتحادى للتنافسية والإحصاء أن بنهاية عام 2020، أعداد رؤوس الماشية فى الدولة فى عام 2020 سجلت نحو 5.054 مليون رأس ماشية، وتوزعت على 2.054 مليون رأس من الضأن بنسبة 40.6%، إضافة إلى 2.399 مليون رأس من الماعز بنسبة 47.4%، يضاف إليها 103.102 ألف رأس من الأبقار، و497.524 ألف رأس من الإبل.
مع تحقيق أرقام قوية، تواصل الدولة جهودها لتطوير سياساتها بما يحافظ بشكل أكبر على هذه الثروة الحيوانية، التى تعد أحد أعمدة الأمن الغذائى المحلى، حيث تستهدف تطوير وتنفيذ برامج الوقاية من الأمراض والأوبئة الحيوانية ورصدها، وتطوير آليات ومعايير التفتيش والمراقبة فى المزارع المحلية وعبر المنافذ الحدودية، إضافة إلى تطوير وتعزيز آليات تبادل المعلومات على المستوى المحلى والعالمى.
وبرغم ذلك لم تستغن الإمارات عن الاستيراد من الخارج، حيث بلغ إجمالى الحيوانات الحية المستوردة 284.265 ألف رأس، خلال الربع الأول من عام 2021، مقابل 232.662 ألف رأس خلال الفترة نفسها فى عام 2020، وهو ما يعنى زيادة قدرها 22% تقريباً.
ودائماً ما تولى الإمارات اهتماماً خاصاً بالقطاع الخاص، لذا وضعته نصب أعينها فى خطتها عبر تشجيع المستثمرين، المحليين أو الأجانب على الدخول لهذا السوق الواعد، ودعم مواصلة الاتجاه الصعودى للنمو فى الإنتاج الحيوانى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة