Close ad

فى ظل العقوبات المفروضة على موسكو.. الذهب ملاذ روسيا الآمن

2-8-2022 | 20:57
فى ظل العقوبات المفروضة على موسكو الذهب ملاذ روسيا الآمنذهب - أرشيفية
ميرفت فهد
الأهرام العربي نقلاً عن

منذ اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية، توقع الاقتصاديون انهيار الاقتصادى الروسى، واليوم بعد مرور نحو أربعة أشهر على الحرب، ظل الاقتصاد الروسى صامدا أمام تلك العقوبات التى فرضتها أوروبا وأمريكا، كما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين فى الشهر الماضى، أن التضخم تباطأ ومعدل البطالة استقر. ويعود صمود الاقتصاد الروسى إلى عدة عوامل أهمها الذهب حيث عملت موسكو على رفع الاحتياطى من الذهب، والمعروف أنها قبل اندلاع الأزمة كانت خامس أكبر دولة فى العالم لديها احتياطى ضخم من العملات الأجنبية والذهب بقيمة تقدر بنحو 630 مليار دولار.

"أعاد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، تشكيل الاقتصاد الروسى لمواجهة الصدمات الخارجية"، هذا ما تؤكده فيوريكا كاربون، الباحثة الاقتصادية فى جمعية المصرفيين الأمريكية. كما يقول أندرو لوهسن، الزميل فى برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا فى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: من الواضح أن لدى الحكومة الروسية حافزا لمحاولة إخفاء الأثر الاقتصادى للعقوبات الغربية.

لكن بعض الخبراء مازالوا يشككون فى مصداقية الإحصائيات الروسية منذ بداية الحرب، لكن الاقتصاد الروسى فى ذروة هذا الصراع، أظهر مرونة غير متوقعة فى مواجهة العقوبات التى تم فرضها عليه، وذلك بفضل مجموعة تدابير منها، تكديس الاحتياطيات وتخزين الذهب الذى يعد الملاذ الآمن فى الأزمات. وقبل الحرب، كانت روسيا تمتلك خامس أكبر احتياطى من العملات الأجنبية والذهب فى العالم بقيمة تقدر بنحو 630 مليار دولار، حيث تضاعفت حيازات الذهب فى روسيا ثلاث مرات منذ عام 2014. ووفقا لمعهد بنك فنلندا الاقتصادات الناشئة، فإنه يمكن لهذا المخزون أن يغطى الميزانية العمومية للحكومة ويدعم الروبل، وبرغم أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على المعاملات الروسية باستخدام الذهب، لكن ذلك لم يمنع “الدول الانتهازية” - على حد وصفه - من التعامل مع موسكو.

كما تواصل روسيا حشد بعض الاحتياطيات فى شكل أموال طارئة، بفضل مكاسب غير متوقعة من مبيعات النفط والغاز، فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، كشفت الحكومة الروسية عن أنها أضافت 12.7 مليار دولار إلى احتياطيات الطوارئ لديها، حيث ستستخدم هذه الأموال لضمان تنمية اقتصادية مستقرة وسط العقوبات.

كما عملت روسيا على النأى بنفسها عن رأس المال الأجنبى وتسديد الديون. فعلى حد قول الخبير الاقتصادى جيان فيريتى، بمركز هتشينز للسياسة المالية والنقدية، قامت روسيا فى مارس الماضى، قامت روسيا إلى جانب الادخار بالنأى بنفسها عن رأس المال الأجنبى عن طريق سداد ديونها على مدى السنوات الثمانى الماضية، حيث لدى الرئيس الروسى حساسية من اقتراض المال. يذكر أن ديون روسيا الخارجية منخفضة للغاية، أما بالنسبة للديون الوطنية الإجمالية لروسيا، فتبلغ 17% فقط من الناتج المحلى الإجمالى، وهى أقل بكثير من الأرقام المكونة من ثلاثة أرقام للعديد من البلدان المتقدمة ومعظمها مقوم بالروبل. فعلى سبيل المثال يبلغ الدين القومى للولايات المتحدة نحو 130% من الناتج المحلى الإجمالى.

يقول أنطون تاباخ، كبير الاقتصاديين فى وكالة التصنيف الروسية والخبير بمؤسسة كارنيجى للسلام الدولى أن روسيا لا تحتاج إلى الاقتراض، وأن أكبر مشكلة تواجهها الآن تتمثل فى سداد ديونها الخارجية بسبب القيود الناجمة عن العقوبات، وأنه بمجرد حل ذلك ستتمكن روسيا وشركاتها من سداد ديونها، وستكون موارد البلاد الخاصة كافية لتغطية احتياجات الميزانية والبنوك والشركات. كما تتجه روسيا نحو الداخل نحو الاكتفاء الذاتى الاقتصادى، فهى واحدة من الدول القليلة فى العالم التى يمكنها المشاركة فى الاكتفاء الذاتى لأنها بلد منتج رئيسى، للنفط الخام والغاز الطبيعى والقمح والمعادن.

 ورغم ذلك يظل الوضع الاقتصادى معرضا لمواجهة الكثير من الصعوبات مع استمرار أمد الأزمة الحالية مع أوكرانيا، فقد صرح الرئيس الروسى بوتين نفسه الشهر الماضى قائلا: إن استبدال الواردات بالسلع المنتجة محليا “ليس حلا سحريا”، وعليه البحث عن شركاء تجاريين جدد لمواصلة تطوير صناعاته واقتصاده بشكل عام.

ومما لاشك فيه أن الحرب الروسية - الأوكرانية فرضت تكاليف باهظة للغاية على الاقتصاد الروسى لاتساع نطاق العقوبات الحالية، الذى يتجاوز بكثير تلك التى فرضت فى عام 2014، كما توقع صندوق النقد الدولى فى تقرير أبريل الماضي، ولذا من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الروسى بنسبة 8.5% فى عام 2022، مع مزيد من الانخفاض بنسبة 2.3% فى عام 2023، سيكون هذا أكبر تراجع للاقتصاد منذ السنوات التى أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتى فى عام 1991.

بينما يتوقع خبراء البيت الأبيض، أن ينكمش الناتج المحلى الإجمالى لروسيا بنسبة تصل إلى 15%هذا العام، مما يقضى على السنوات الخمس عشرة الماضية من المكاسب الاقتصادية، حيث ارتفع معدل التضخم فوق 15%، ومن المتوقع أن يزداد، كما تعطلت سلاسل التوريد فى روسيا بشدة. وستفقد روسيا على الأرجح مكانتها كاقتصاد رئيسى، وستستمر فى الانحدار طويلا نحو العزلة الاقتصادية والمالية والتكنولوجية، كما لا يزال هناك عدد من الشكوك مثل ما إذا كانت روسيا ستضطر إلى التخلف عن سداد ديونها وما إذا كان سيتم حظر تجارتها الخارجية ولا سيما فى النفط والغاز، وما إذا كانت ستستمر فى الاعتماد على الهند والدول النامية الأخرى للحصول على الدعم الاقتصادى وخرق العقوبات. ومدى ضخامة احتياطيات روسيا من العملة.

علاوة على ذلك، شدد القادة الغربيون على استمرار معاقبة روسيا فى المقام الأول من خلال العقوبات الاقتصادية الضارة، ومنطق العقوبات هو أنه كلما ازداد الوضع الاقتصادى الروسى سوءا زادت احتمالية حدوث رد فعل سياسى من الداخل، من شأنه أن يتحدى قيادة بوتين.

فى غضون ذلك، تواصل الدول الأوروبية شراء الوقود الروسى حتى بعد أن توصل قادة الاتحاد الأوروبى إلى اتفاق لخفض نحو 90% من واردات النفط من روسيا بحلول عام 2022، لكن ليس لديها خطط حتى الآن لوقف واردات الغاز الطبيعي.

ومن الجدير بالذكر ان الاتحاد الأوروبى يعتمد عادة على روسيا فى نحو ثلث احتياجاته النفطية وما يصل إلى 40% من غازها الطبيعي. وأظهر تقرير أن ألمانيا كانت ثانى أكبر مستورد للوقود الروسى بعد الصين، حيث اشترت ما قيمته 12.6 مليار دولار، فى حين أن المستوردين الرئيسيين الآخرين للاتحاد الأوروبى هم هولندا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا وبولندا، دفعت هذه الدول مجتمعة 40 مليار دولار مقابل مزيج من الفحم والغاز الطبيعى والنفط الخام والمنتجات المكررة من 24 فبراير إلى أوائل يونيو.

ويعد النفط الروسى أرخص من الأنواع الأخرى فى الوقت الحالى حيث أدت العقوبات الغربية وتجنب التجار لتلك الصادرات إلى خفض قيمة خام الأورال الرئيسي. ويتم تداول برميل خام الأورال حاليا بخصم قياسى قدره 30 دولارا عن معيار خام برنت العالمى الذى بلغ نحو 120 دولارا للبرميل، ومن المتوقع أن تصل مبيعات النفط والغاز الروسى إلى 285 مليار دولار فى عام 2022 بزيادة قدرها 20% على أرباحها من النفط والغاز فى عام 2021 وذلك وفقا لوكالة “بلومبيرج إيكونوميكس” حيث يعود ذلك إلى مشتريات الصين والهند التى تمثل الآن نصف صادرات النفط الروسية المنقولة بحرا.

وبينما ظل الطلب من الصين ثابتا، زادت الهند من مشترياتها لتصل إلى نحو 800 ألف برميل يوميا، وقفز إنتاج النفط الروسى، الذى توقع الكثيرون تراجعه تماشيا مع الطلب بنسبة 5% حتى الشهر الماضى، وبلغ متوسط إنتاج النفط اليومى، بما فى ذلك المكثفات 1.46 مليون طن خلال أول 13 يوما من يونيو الماضى بزيادة 68 ألفا على مايو الماضى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة