على مدى حلقتين سابقتين؛ تم فيهما الحديث عن فقدان الشغف؛ وجدت منا من يرى أن الشغف رفاهية لا يجب العيش بها؛ وصدمني هذا التصور؛ لأنه لا يوافق الحقيقة على الإطلاق.
الشغف هو الجاذبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ وليست الجاذبية التي تجعلنا واقفين على الأرض؛ ولكنها الجاذبية التي تشُدنا صوب شيء ما؛ فنقترب منه؛ أو نسعى إليه؛ أو ننبهر به.
في كل الأحوال؛ دائمًا هناك ما يحرك العواطف؛ فيجعلها تتحرك سلبًا أو إيجابًا صوب هدف أو شخص أو وظيفة أو.. في النهاية لابد من وجود عنصر جذب ما يحرك لديك حافز القرار.
لذلك من الطبيعي أن يكون الشغف متقدًا بشكل دائم منذ لحظة الولادة؛ حتى الممات؛ وعلى مدار العمر تتغير عناصره؛ ما بين اللهو واللعب أيام الطفولة؛ إلى العمل والزواج وتكوين الأسرة؛ ثم السعي لتحقيق النجاحات؛ في كافة المجالات؛ ولكل منا اهتمامه وشغفه الخاص.
في المقال السابق؛ تحدثنا عن فقدان شغف متابعة وسائل الإعلام عندنا؛ والانصراف عنها ومتابعة وسائل أخرى؛ سواء قنوات تليفزيونية؛ أو قنوات يتم بثها عبر اليوتيوب؛ وتحدثنا باستفاضة؛ وخلصنا إلى أن تلك المعضلة من شأنها تكبيدنا خسائر يصعب تقدير قيمتها المادية على مدى قادم؛ ويجب علينا الانتباه لتلك الكارثة والاحتياط قبل فوات الأوان.
أختم مقالي اليوم بفكرة الشغف في العمل؛ البداية السليمة والمبشرة على تحقيق النجاح في العمل؛ بزوغ الشغف نحو هذا العمل؛ فمثلًا أن تتخرج في كلية الهندسة تخصص ما؛ يكون من الطبيعي أن تعمل في نفس التخصص؛ هذا بداية الشغف؛ أما قمته أن تعمل في أفضل مكان في هذا المجال.
وهكذا؛ إلى أن تتدرج من مبتدئ؛ وصولًا لأعلى درجات السلم الوظيفي؛ كل ذلك يكون من داخل السياق الطبيعي؛ وما دون ذلك غير طبيعي على الإطلاق.
وهذا هو هدف المقال؛ إذا فقدت شغف الذهاب للعمل؛ وأمسيت لا تحبه ولا ترغب بالعمل؛ فمن المؤكد أن تلك أزمة كبيرة؛ لأنها تعني في النهاية أمرين؛ الأول؛ أداء العمل بالحرفية غير المنضبطة؛ ثانيًا؛ عدم تحقيق المستهدف من العمل؛ فتكون النتيجة ضياع قيم كثيرة؛ بما يأتي بنتائج سلبية على المحصلة النهائية.
أما النوع الأكثر خطورة فهو فقدان شغف العمل؛ فتذهب لعملك كل يوم؛ ولكن بلا إقبال عليه وبلا هدف من الذهاب إليه؛ غير أخذ المقابل المادي فقط.
أثق أن هناك من حضراتكم من يقول إن عدد من يفعل ذلك في ازدياد يومًا بعد يوم؛ وتلك هي الكارثة الحقيقية؛ لأننا بتلك الكيفية في سبيلنا لأن نفقد ما يصعب تعويضه؛ بداية من الولاء؛ نهاية بتحقيق عجز كبيرٍ في الإنتاج.
وبات من الضروري البحث عن أسباب فقدان الشغف التي تؤدي إلى ما تم الإشارة إليه؛ حتى يتم الوقوف على أول درجات النجاح في وقف كل هذا الهدر في قيم الوقت والجهد والإنتاج.
وعلينا العلم أن كل يوم نتأخر فيه في وضع الحلول الحاسمة؛ سيؤخرنا أيامًا في حصد النتائج المأمولة.
،،،، والله من وراء القصد
[email protected]