أجهد الخبراء البحث عن أفضل الطرق وأيسرها لجذب النشء الصغير إلى القراءة، سعيًا منهم للوصول إلى مجتمع محب للقراءة، واستخدامها كأحد أهم الروافد في تهذيب فكر المجتمع وتفعيل طموحاته على أرض الواقع بشكل بسيط، ونوه الباحثون إلى أن التشجيع المجتمعي على القراءة يعد أسلوبًا ناجعًا لاستقراره وشيوع الأمان.
وكان من بين هذه الأطروحات فعاليات لندوة أردنية كبيرة استمرت لعدة أيام ناقشت تأثير القراءة منذ الصغر في عملية التعلم، وعُقدت الندوة تحت عنوان "نحو مجتمع قارئ"، وشارك فيها نخبة من المثقفين الأردنيين والأجانب المهتمين بأبحاث القراءة لدى الأطفال.
وأهم ما جذب انتباهي في قضايا الندوة تحفيز الطفل على القراءة في سنواته الأولى من خلال إلقاء ولي أمره وقائع القصة بتأثير صوتي جذاب، يجعل الطفل يصغي بجدية، وهي عودة للزمن الجميل في طريقة حكي الأم والجدة لصغارهم، والذي افتقده أبناؤنا لانصراف الأم إلى السوشيال ميديا، أو انكفائها على عملها وأمور البيت، ولذا من الضروري توزيع دور الحكي للأطفال على الوالد والأشقاء الكبار.
واشترطت الندوة عاملًا رئيسيًا في آليات بناء القصة الموجهة للطفل، وهي جلب متعة القراءة له، وثانيًا يجب أن تتناول فيها مشكلة قريبة المدى بصورة ضمنية.
وعملية تعليم النشء الصغير في العديد من دول العالم تعتمد على طرح المعلومة من بين سطور القصة والحكايات، وتستطيع بذلك تبسيط مفردات مناهج التعليم، والوصول بالطفل إلى الأهداف المرجوة من الرسالة التعليمية بوسيلة جذابة.
والسؤال لماذا لا نسعى لتوظيف إقبال الأطفال والمراهقين الجارف على منصات التواصل الاجتماعي، وجذب اهتمامهم تدريجيًا إلى قراءة الكتاب الإليكتروني ذي المحتوى الشيق والسهل؟ وبمرور الوقت يمكن قبولهم الفكرة وانخراطهم في البحث عن الكتب التي تنال إعجابهم، وبالتالي توقظ فيهم ملكة الإبداع والابتكار.
وحاليًا أتاحت الدراسات الحديثة كيفية تلقين الطفل أحداث القصة أو ما يعرف بالحكي، وبدأت بأهمية تحديد الشريحة العمرية، وبناء عليه يختار الملقن طبيعة القصة والوقت المناسب، ثم يحرص الملقن على اختيار ما يحبه الطفل، ومن الأفضل كما تقول الأبحاث تدعه ينتقي موضوع القصة.
وعلى سبيل المثال مشكلة العنف في المجتمع وقضية الإدمان، يمكن معالجتهما عبر معرفة الطفل بآثارهما المدمرة على الإنسان مع الاستعانة بالصور، وعرضها بأسلوب قصصي مثير وممتع.
وأثار عالم الاجتماع جان جاك روسو أهمية أدب الأطفال في العملية التعليمية وفي تنمية ذكاء الطفل، ولاقت دراسته رد فعل كبير في المجتمع الغربي على ضرورة تطوير قصص الأطفال.
وناقشت الكاتبة الأمريكية ماري لينك جالونجو في مقال لها بعنوان "القصص التي تعلم دروس الحياة" استحواذ القصص على خيال الطفل، وأنها أسهل الطرق فعالية لتوصيل الرسالة، وتقول ماري الصورة المرئية في القصة تترك انطباعًا ثابتًا في المخ، وتمثل أداة ممتازة لمعالجة عواطف الأطفال الحادة.
Email: [email protected]